هل فُتِحت الطريقُ أمام تحرير مأرب؟
هل فُتِحت الطريقُ أمام تحرير مأرب؟
شارل أبي نادر*
لم تكن عمليةً مفاجئةً ما قام به الجيشُ واللجان الشعبيّة اليمنية في محافظة البيضاء ضد المتشدّدين من “داعش” و”القاعدة”، حيثُ تم دحر هؤلاءِ من أغلب مناطق نفوذهم والتي طالما كانوا ينتشرون فيها طيلة فترة الحرب على اليمن تقريبًا، في منطقة قيفة بمديرية القريشية وفي قرية يكلا، بل كانت عملية منتظرة ومقدرة، استنادًا لمسار العمليات القتالية الأخير في الميدان اليمني.
فمناورةُ الجيش واللجان الشعبيّة الأخيرة، وخلال السنتين الأخريين تقريبًا من الحرب على اليمن، كانت هجومية بامتياز، لناحية العمل على تحرير ما أمكن من مناطق يسيطر عليها المرتزِقة أَو الجماعات المتشدّدة برعاية من تحالف العدوان ومن الدول الغربية الداعمة لهذا التحالف، عبر عمليات قتالية منسقة، رأينا أكثر من عملية صاعقة منها، كعمليات (نصر من الله والبنيان المرصوص وفأمكن منهم)، والتي ساهمت بتحرير القسم الأكبر من مناطق الجوف ونهم وصرواح والحزم والبيضاء والضالع، بالإضافة لخلقها أكثر من نقطة ارتكاز أَسَاسية، صالحة لتشكل أكثر من قاعدة انطلاق نحو تحرير مأرب.
من هنا، وبعد تقدم الجيش واللجان الشعبيّة اليمنية إلى تخوم مأرب، وتمركزها على الخط النهائي قبل إكمال عملية تحرير الأخيرة، رأينا أكثر من محاولة لعرقلة وتأخير ومنع هذا التحرير، وحيث اكتشف الجميع، من التحالف وداعميه أَو من المرتزِقة والمتشدّدين أَو حتى من جبهة صنعاء الوطنية (الجيش واللجان الشعبيّة) أن المرتزِقةَ ووحدات هادي أَو الإصلاح، أصبحوا عاجزين بالكامل عن تشكيل جبهة متماسكة بالحد الأدنى قادرة على وقف تقدم جبهة صنعاء المذكورة نحو مأرب، فقد تكفل أكثر من فريق خارجي بدعم وتثبيت جبهة الدفاع عن مأرب، وذلك على الشكل التالي:
فريق الأمم المتحدة:
فقد رأينا التحَرّك المتوتر لمبعوثها في اليمن بعد الاقتراب الوطني من مأرب، في محاولة لتأخير الهجوم، وذلك من خلال طرح العامل الإنساني، على أَسَاس أن مأرب تحتضن عددًا كَبيراً من المواطنين اليمنيين والذين كانوا قد هجروا إليها بعد سلسلة المعارك في محيطها، غربًا وجنوبًا وشمالًا، في الوقت الذي كانت وما زالت غائبةً فيه بالكامل النظرة الإنسانية عن هذا الفريق الأممي، أمام الحصار القاتل على المواطنين اليمنيين، وأمام عشرات أَو مئات المجازر التي طالت المدنيين والأطفال والعجزة والبنية التحتية الضرورية للحياة، بالإضافة للسكوت المخزي للأمم المتحدة أمام استخدام أسلحة محرمة ومحظورة دوليًّا من قبل تحالف العدوان ضد الشعب اليمني.
فريق الرُّعاة الدوليين للعدوان:
– كانت لافتة منظومة الدعم الجوي التي قدمها الداعم الغربي لتحالف العدوان؛ دعمًا للتغطية الجوية للأخير في تأمين حماية مأرب من الهجوم الوطني. وقد رأينا مؤخّراً إدخَالاً غير عادي لقاذفات جديدة ولصواريخ متطورة ولقنابل ذكية حديثة، عملت المستحيل لإبعاد وحدات الجيش واللجان الشعبيّة عن التقدم نحو الخط النهائي قبل الإطباق على مأرب.
– من ناحية أُخرى، فقد ظهرت مؤخّراً في الميدان القريب من مأرب والبيضاء، أسلحة أمريكية تحت شعارات منظمات إنسانية، واللافت في تلك الأسلحة والتي توزعت بين مدافع عيار 105 ملم الأمريكية الدقيقة، بالإضافة لرشاشات 7.62 ومدافع هاون متوسطة أمريكية، وهي من الأسلحة المتطورة والمناسبة للدفاع ولإقفال الجبهات المتقاربة.
فريق تحالف العدوان: طبعًا، هذا الفريق هو الأكثر انخراطا بالكامل في دعم الدفاع عن جبهة مأرب؛ لأَنَّه في حال خسارتها، يخسر آخرَ نقطة ارتكاز داخلية، كان يمكن أن تثبت أَو تقوي آخر معقل للمرتزِقة في الوسط الشرقي لليمن، من هنا، حاول التحالف المذكور وعمل المستحيل لدعم وتثبيت جبهة مأرب وذلك على الشكل التالي:
– تأمين تغطية جوية واسعة ومتواصلة لجبهة الدفاع عن مأرب، وقد بلغت هذه التغطية مستوى متقدما جِـدًّا في عدد الطلعات وفي عدد القاذفات في كُـلّ طلعة، تجاوز بنسبة كبيرة أغلب عمليات التغطية الجوية للمرتزِقة في جميع الجبهات الأُخرى، وحتى أكثر من التغطية الجوية التي استفاد منها العدوان في محاولاته المتكرّرة للسيطرة على الحديدة الاستراتيجية.
– إبقاء معابر اليمن الشرقية والشمالية مع السعودية مفتوحة لدخول العدد الأكبر من المرتزِقة والمتشدّدين، وذلك عبر معابر “شرورة” نحو الداخل السعودي ومعبر “عبر” نحو حضرموت ومعبر “عتق” نحو شبوة والساحل الجنوبي الشرقي لليمن.
– دعم وتثبيت المتشدّدين في عمق البيضاء وفي مأرب وشبوة بكل الوسائل، من دعم لوجستي ومالي، إلى الدعم المفتوح بالتغطية الجوية، تماماً كما حصل مؤخّراً بعد عملية تحرير قيفة ويكلا من هؤلاء.
الآن، وبعد أن تمت هزيمة المجموعات المتشدّدة في قيفة ويكلا بمديرية القريشية التابعة لمحافظة بيضا، وحيث كان تمركز هؤلاء يشكل نقطة ارتكاز قوية تعرقل تقدم الوحدات الوطنية (الجيش واللجان الشعبيّة) من الجهة الجنوبية والجنوبية الشرقية باتّجاه مأرب، وحيث كان تمركز هؤلاء أَيْـضاً يشكل رابطا ميدانيا مسهلا لدعم مأرب بالمرتزِقة وبالمتشدّدين من اتّجاه شبوة ومن اتّجاه مدينتي المكلا وزنجبار الساحليتين، يمكن القول إن أهم نقطة كانت تعرقل إكمال عملية تطويق مأرب من الجهة الجنوبية والجنوبية الشرقية قد تحرّرت وأصبحت تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبيّة، وأن هؤلاء على الطريق لاستكمال الخطة النهائية نحو تحرير مأرب الاستراتيجية.
* كاتب لبناني لبنان