السيد نصرُ الله والأجوبةُ الشافية
ناصر قنديل*
– في لحظة مفصليّة وذكرى تاريخيّة مميّزة، رسم السيد حسن نصرالله لجمهور المقاومة، وعبره للعدو والصديق، إطاراً لقراءة المقاومة للمشهد السياسي المحلي والإقليمي والدولي المحيط بمسار المقاومة، وحدّد الموقف من تقييم عناصر هذا المشهد وكيفية التعامل معها، وَإذَا كان التذكير باستنتاجات ومعاني الانتصار التاريخي في حرب تموز ضرورياً لإعادة رسم الذاكرة وبناء الوعي وتحديد إطار المعادلات الحاكمة للحاضر والمستقبل، فَإنَّ أبرز الجديد الذي قاله السيد نصرالله في التشخيص والموقف، يتلخص بنقطتين، والرسائل المتضمنة فيما لم يقله تتلخص بنقطتين أَيْـضاً.
– في الكلام الواضح والجديد، ما يخص كيان الاحتلال، بتأكيد السيد على أن الردّ على غارة مطار دمشق، وفقاً لمعادلات الردع قادم لا ريب فيه، والمسألة مسألة وقت فقط. وفي الانتظار، ما مضى منه وما سيأتي بعض العقاب، وتأكيد السيد على أن الفرضية الإسرائيليّة في تفجير مرفأ بيروت موجودة على الطاولة، وهي كافية لنفي أي تفكير بتحقيق دوليّ سيتعمدّ تخريب كُـلّ مسار يوصل لكشف الحقيقة إذَا كانت توصل لترجيح هذه الفرضيّة، وفي حالِ ثبوتِ هذه الفرضية فَإنَّ اللبنانيين مطالَبون بسؤال أنفسهم وسؤال بعضهم لبعض عن موقفهم وكيفية تعاملهم مع هذه الفرضية، أما المقاومة فلا تردّد لديها بأن الرد سيكون حتمياً، وبحجم يستحقه هذا الإجرام.
– في الكلام الواضح الجديد، ما يخصّ الداخل اللبناني، بعضه في رسم المشهد وكشف مشروع لإسقاط الدولة في استثمار للتفجير والدمار والخراب والفاجعة، بما يهدّد بأخذ لبنان نحو الفراغ والفوضى والحرب الأهلية، وموقف داعٍ لجمهور المقاومة للصبر على الاستفزاز، ولكن حفظ الغضب ليوم مقبل، والكلام لم يحدّد وجهة لتوظيف هذا الغضب، خُصُوصاً مع تمسك المقاومة بالبقاء تحت سقف حفظ السلم الأهلي، ما يعني فتح البابَ لاحتمال مواجهة مع الاحتلال، في سياق الردّ والردّ المتوقع على الردّ، على قاعدة تلتزمها المقاومة مضمونها أن تغيير الداخل يبدأ بفرض معادلات جديدة تضعف كيان الاحتلال ومن خلاله المشروع الأميركي.
– فيما لم يقله السيد نصرالله، رسائلُ تتصلُ بإبقاء الباب مفتوحاً أمام المبادرات الخارجية، وفي طليعتها المبادرة الفرنسية، التي وصفها بالمسعى الإيجابي في إطلالته السابقة، ولم يتطرق إليها في هذه المرة، ما يعني ارتياحاً للمسار السياسي الجديد الناتج، كما يقول الرئيس الفرنسي في تغريدة جديدة، عن الخشية من خسارة الغرب للبنان، ومما لم يقله السيد هو أن البحث الجاري في التمهيد للحكومة الجديدة مريح وليس فيه ما يقول بخطر الفراغ، ومصدر الاطمئنان واضح في الإشارة لإسقاط مشروع الفراغ.
– وفقاً لكلام السيد، المقاومة ومحور المقاومة من القوة بمكان، ما يجعلهما أصحاب اليد العليا في معادلات المنطقة، وما يجري في الميدان وما سيجري، وما يجري في السياسة وما سيجري، سيؤكّـد مقولة حرب تموز الرئيسيّة، وهي أن زمن الهزائم قد ولّى وجاء زمن الانتصارات، وأن المبادرات في المِلفات كلها نحو لبنان ما كانت لتتمّ لو لم تكن هذه المقاومة بهذه القوة.
– السيد نصرُ الله في ما قاله وما لم يقله قدّم الاطمئنانَ لمؤيدي المقاومة في ذكرى عزيزة على قلوبهم، وقدّم الأجوبة الشافية على الأسئلة الكبرى.
* كاتب لبناني لبنان