خفايا التطبيع الإماراتي الإسرائيلي
د. محمد بكر*
في ”إسرائيل” ينظرون إلى الهدف التالي وهو الغاية المركزية إنها السعودية، وخطوة محمد بن زايد لم تكن إلَّا بالتنسيق والتشاور مع محمد بن سلمان، هكذا قال مسؤول إسرائيلي رفيع لصحيفة يديعوت أحرنوت، الاتّفاق يتجاوز أن يكون فقط جسراً لعبور ترامب وتخطيه مرحلة الانتخابات بنجاح، وكذلك يتجاوز بعمق متقدم أن الحاصل هو تطبيع للعلاقات مع الكيان الصهيوني، وجعل الأخير واقعاً مُتقبّلاً ومرحبًّا به على الخارطة العربية.
ضاحي خلفان -القائد الأسبق لشرطة دبي- شرح البُعد المتقدم للاتّفاق، في تصريح له دلالته العميقة في مقابلة مع القناة الإسرائيلية الثانية، هو قال إنه لو كان يعلم أثناء اغتيال القائد في حماس محمود المبحوح في الإمارات عام 2010، بوجود ما سماها عناصر تخريبية في الداخل الإماراتي، لكان أبلغ الإسرائيليين عنهم، هنا تبرز الغاية المتقدمة الأولى من الاتّفاق، وهو أن يتحول دور الدول المطبعة في المنطقة لأداة أمنية رديفة للمؤسّسة الأمنية الإسرائيلية، وتكون عيناً من عيون الموساد في كامل المنطقة، وتحديداً القريبة جغرافياً من محور بعينه.
أليكس فيشمان -محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرنوت- كان واضحًا وضوح الشمس، عندما قال وهو المقرب من المؤسّسة الأمنية، إن الاتّفاق سيجعل من مهمة إسرائيل في مراقبة إيران، مهمةً سهلة ويجعل من طهران هدفاً واضح المعالم، وهي الغاية المتقدمة الثانية من الاتّفاق.
فيشمان نفسه أوضح أن الرابح الأكبر من الاتّفاق هو شركة السلاح الإسرائيلي رافائيل، ولا سيما أن هناك نية للإمارات للتحول من دولة مستوردة للسلاح إلى دولة منتجة له، هذا يقود بالضرورة لفهم الغاية المتقدمة الثالثة من الاتّفاق، لجهة أن التطبيع المرتبط بإغراق أسواق الدول المطبعة بالسلاح الإسرائيلي، هو ليس فقط على طريق صفقات مربحة للكيان الصهيوني، وإنما على طريق تشكيل تحالف عسكري استراتيجي بين إسرائيل والدول العربية للتصدي لمهمات مستقبلية.
حديث مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين عن ما سماه زخماً في المنطقة لتطبيع دول عربية تباعاً مع إسرائيل، ومنهم السعودية والمغرب والبحرين، هو على سكة التحشيد الإسرائيلي ومراكمة القدرات المالية لهذه الدول، لتصفية القضية الفلسطينية وكل من يدعمها بالمال والسلاح.
ما يجري في هذه المرحلة هو خطير وخطير جِـدًّا يتطلّب من الشعوب العربية صحوة عارمة للتصدي لسلوك أنظمتها السياسية، وفي ذات الوقت على محور بعينه تحمل المسؤوليات الوطنية والقومية على طريق مراكمة العقيدة القومية في الذهن العربي والإسلامي، هذه العقيدة التي أُصيبت في مقتل عندما تحول المسار وتغيرت الخيارات من صراع محوري مع الكيان الصهيوني، إلى صراعات داخلية مع الإرهاب وغير الإرهاب.
ليس ثمة مرحلة أكثر حساسية وخطورة من هذه المرحلة يبدو فيها الكيان الصهيوني وهو يقف على أرض ثابتة وليس على رجل ونصف، وكلما تأخرت مهمة إنقاذ ما أصاب العقيدة القومية، كلما ثبتت الأرض أكثر تحت الأقدام الإسرائيلية.
* كاتب صحفي فلسطيني