تطهير قيفة.. سقوطٌ جديدٌ لآمال العدوان
علي الدرواني
ملحمةٌ أُسطورية جديدة سطّرها أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة في محافظة البيضاء، وأسفرت عن تطهير منطقة قيفة بشكل كامل من قُطعان القاعدة وداعش، بعد معاركَ شرسة استمرت قرابة أسبوع كامل، خسرت فيها التنظيمات التكفيرية عشرات من عناصرها بينهم قيادات الصف الأول في التنظيم، وعدد من العناصر الأجنبية.
الملحمة البطولية في البيضاء تمت بتنسيق كامل بين وحدات الجيش واللجان الشعبيّة، والقوى الأمنية والاستخباراتية، وبدعم كبير من أبناء القبائل الشرفاء في المحافظة، وتضاف إلى العمليات السابقة في وضع لبنات الانتصار القريب على تحالف العدوان ومرتزِقته، بالإضافة إلى أهميّة كبيرة تتمتع بها هذه العملية، يمكن إجمالُها في الآتي:
أولاً: تأمين محافظة البيضاء وأهلها من العمليات الأمنية الداعشية التي أقلقت أمنهم وسكينتهم طوالَ السنوات الماضية، بالعشرات من العمليات والاغتيالات التي طالت الشخصيات الاجتماعية والقبلية، ووصلت في مراحل سابقة إلى السيطرة على مدينة رداع أهم مدن محافظة البيضاء، وأظهرت الأنظمةُ السابقة أمامَها حالةً من العجز النابع من التشجيع لهذه العناصر؛ بغرض تنفيذ مشارع خارجية في المحافظة الاستراتيجية.
ثانياً: هذه العملية الملحمية أبرزت ضعفَ وهشاشة التنظيم الذي تصوره القوى الغربية والأمريكية بالتحديد على أنه بعبع مخيف عصيٌّ على الانكسار، إلَّا بتحالفات دولية وإمْكَانات عسكرية كبيرة ومتطورة، وهو الأمر الذي سقط بنجاح هذه العمليات بأدنى الإمْكَانات والتجهيزات العسكرية، وأظهر أن الإرادَة والعزيمة والالتفاف الشعبي قادرة على إفراغ هذا البالون المنفوخ وتنفيسه.
ثالثاً: انعكاس التطور والتنامي في القدرات القتالية والخبرات العسكرية والخطط الحربية للجيش واللجان الشعبيّة، وتوظيفها بطرق جديدة ومبتكرة، رغم الإمْكَانات المتواضعة، حقّقت إنجازًا كَبيراً بتطهير ألف كم مربع، من المساحة التي كانت تسيطر عليها مجاميع القاعدة وداعش، بواسطة ١٤ معسكراً تضم المئات من المقاتلين العقائديين، المدربين والشرسين والمستميتين، في أكبر بؤرة لهم في الجزيرة العربية بشكل عام.
رابعاً: تحويل جهود دول العدوان واستثمارها في الجماعات التكفيرية طوالَ أكثرَ من خمس سنوات، تدريباً وتسليحاً وتمويلاً، إلى هباء تذروه الرياح، ما ينعكس بحالة من الخيبة والخذلان ويتبعها الحسرة والندامة، ويفقدها ورقة لطالما راهنت عليها، لتحقيق مشاريعها الخبيثة، لإضعاف الجيش واللجان الشعبيّة، والانتقام من اليمنيين بممارسات العناصرِ التكفيرية التي لا ترقُبُ في مؤمن إلًّا ولا ذمة.
خامساً: القضاء على ما تبقى من أحلام العدوان باستخدام محافظة البيضاء قاعدة للانطلاق نحو صنعاء، باستخدام القاعدة وداعش، وقد كشفت مصادرُ أمنية، الجمعة، عن ترتيبات لتحالف العدوان بهذا الصدد، وبدأت بتنفيذها منذ العام ٢٠١٨، بمحاولات التقدم من أربعة محاور، أحدها محور مكيراس باتّجاه جنوب محافظة البيضاء، والثاني محور قيفة باتّجاه ذمار، والثالث من بيحان باتّجاه ناطع ونعمان وعقبة القنذع، والرابع من ردمان حيث بدأ الخائن ياسر العواضي العمل عليها بمساعدة داعش والقاعدة وتحالف العدوان، قبل أن تتعامل معه قوات الجيش واللجان وتقوم بتحرير المديرية.
سادساً: انكشاف الترابط الوثيق بين تحالف العدوان وتنظيمات داعش والقاعدة في الساحة اليمنية، كما بقية الساحات في العراق وسوريا وغيرها، حيث ساندتهم طائراتُ العدوان السعودي بعشرات الغارات؛ لمحاولة إفشال تقدم الجيش واللجان لتطهير المنطقة، وإنقاذ عناصرهم ومشروعهم المعتمد عليها، وقد رأينا في مشاهد الإعلام الحربي أنواعاً من الأسلحة السعودية والأمريكية بحوزة العناصر التكفيرية، بما لا يدعُ مجالاً للتشكيك بالترابط العميق ووحدة المشروع، وكذلك زيف ادِّعاءات دول العدوان بمحاربة هذه التنظيمات.
سابعاً: وهو المهم، ما يترتبُ على تحرير وتطهير محافظة البيضاء وأكبر أوكار داعش والقاعدة، وما يمهد ويعزز العمليات العسكرية الجارية لتحريرِ مأرب من العدوان ومرتزِقته، بعد تحرير الجوف، ونهم، قانية وردمان، واستكمال تطويق مأرب شمالاً وغرباً وجنوباً، وتأمين ظهر الجيش واللجان الشعبيّة والقضاء على التهديدات باستخدام هذه العناصر والجبهات للالتفاف والانشغال بها عن التقدم صوب مأرب.. والمهمُّ هنا هو انعكاسُ هذا الإنجاز سلباً على معنويات المرتزِقة في مأرب، لا سِـيَّـما أن هذه العناصرَ العقائدية وَالشرسة والمستميتة والمدربة قد انهارت تحت ضربات الجيش واللجان خلال أسبوع واحد فقط، وهذا يفسر محاولات العدوان وإعلامه التقليلَ من هذا الإنجاز وإنكاره، والتبرؤ من دعم عناصر القاعدة وداعش، بما يحافظُ على معنويات مرتزِقتهم المنهارة أصلاً منذ عمليات البُنيان المرصوص، وأمكن منهم، وقبلها عملية نصرٌ من الله، وما بينها من عمليات نوعية حرّرت العديد من المناطق في الجوف ومأرب والبيضاء.
هذه العملية إذن تحطّم آمالَ الغزاة، وتفضح المشاريع الأمريكية، وتفتحُ الأبوابَ الواسعة أمام الجيش واللجان الشعبيّة لتحرير مأرب، وصناعةِ النصر الكبير الذي ينتظره أبناء اليمن وقدموا في سبيله دماءَهم وأرواحهم، وما ذلك على الله بعزيز.