(ولن ترضى عنك اليهود)
عبدالسلام عبدالله الطالبي*
مفارقاتٌ عجيبةٌ وعلامات استفهام يشيبُ منها الطفلُ، وكأن لسان حال العروبة يقول ما بالُكم أيها الحكام العرب تتساقطون واحداً تلو الآخر بهذه السهولة؟
ما الذي حصل حتى تكشفوا عن أقنعتكم الخفية وأظهرتم ما كنتم تخفونه من عشرات السنين إلى العلن؟
وكيف لكم أن تتعافوا من سقوطكم هذا المخزي أمام شعوبكم؟
ما الذي دفعكم للسباق المتسارع بهذا الشكل على من يكسب الود الأمريكي والإسرائيلي؟
غير خاف بأن معظمكم على علاقة حميمة مع النظام الإسرائيلي، في الوقت الذي تتظاهرون بوطنيتكم وحبكم لشعوبكم وَلأوطانكم، ما يؤكّـد ذلك أنكم أقحمتم أنفسَكم في إثارة الحروب هنا وهناك، واستطاع أئمةُ الكفر أن يميلوا بكم كُـلَّ الميل حتى تخليتم عن عروبتكم وقيمكم ومبادئكم وأخلاقكم، جعلوا منكم تحالفاً يمثل محوراً للشر والعمالة والاستهداف.
وقدّموكم بصورة بشعة تمعن في قتل الأطفال والنساء وتهلك الحرث والنسل وتفرض الحصار وتضيق الخناق على ناسها وجيرانها وأبناء جلدتها، وما عدوانكم الغاشم والظالم على اليمن إلا دليل على ذلك.
ورغم كُـلّ ذلك لم ترضَ عنكم اليهود ولا النصارى، لم يكتفوا بما قد أقدمتم عليه من الجرائم بحق الإنسانية، لم يكفهم أنكم تعاطيتم معهم في كُـلّ ما يريدونه حتى وصل بكم الحال إلى تعطيل فريضة الحج!!
لم يرق لهم ظهوركم في أكثر من مشهد وأنتم تتساقطون إلى أحضانهم وتقدمون على شراء آلاتهم ومعداتهم وتدفعون لهم المليارات تلو المليارات، قدمتم آلاف القتلى وتكبدتم الخسائر الفادحة في ميدان حربكم على اليمن ولكن دون جدوى!!
باركتم صفقة القرن وظهر قرن الشيطان وأولياء الشيطان وجنوده جميعاً لترتفع راية أمريكا وإسرائيل في المنطقة، وتموت القضية المركزية ولا مقام لكم!!
وها هم اليوم يسألونكم تنازلات من نوع آخر، وكما أمعنتم في سفك الدماء فإنكم اليوم معنيون بتنفيذ إجراء عملي يظهر للعلن ويظهر صدق مودتكم لهم علهم يرضون عنكم!!
فكانت الإمارات هي السباقة في إعلانها للتطبيع المكشوف مع إسرائيل، لتكون اليد المكلفة بتطويع بقية البلدان وتنفيذ نفس الآلية، وها هي اليوم جمهورية السودان الذي حشر جنوده في سهول اليمن وأوديتها فنالوا ما نالوا حتى ملأت منهم بطون الكلاب، ها هي تهرول لتحوز المرتبة الثانية في الدناءة والخسة.
ليؤكّـد ذلك التطور الخطير لمن ما زال مرتاباً في عدوانهم وتكالبهم على اليمن والإمعان في قتل رجاله ونسائه، أنهم هم الظالمون والمعتدون والمجرمون، وأن مآلهم إلى الخسران والزوال، وأن شعوبهم ستقذفهم دولة بعد دولة.
وستكشف الأيّام أنهم سينهجون نفس الطريق التي نهجها الإماراتي والسوداني الذي عبّر عن رغبته اليوم بالتحالف مع إسرائيل!!
ورغم ذلك كلِّه، فإنكم مهما عملتم فلن ترضى عنكم اليهود ولا النصارى يا جلاوزة العرب، استمروا فأنتم في بداية النهاية، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
* رئيس الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء