الإمارات ومفتاحُ العصيان
سعاد الشامي
أصابعُ الشيطان تلعَبُ، ونارُ الشر تسري وتدُبُّ، ورائحةٌ جهنمية لخطيئة كبرى تُطبَخُ في بطون أمراء وملوك مشبعين بالرذائل، وتصفيق علماء برُتبة عملاء يشدون أزرَ الضلال، ويرفعون صوتَ الرياء في التكبير؛ ليحتموا به عن عيون الرقابة، وتمتماتٌ جوفاءُ لدين مفصول عن مصادر الهداية، وطقوسٌ جاهلية عادت إلى الظهور ولكنها أبشع من سيرتها الأولى في الوجود، وصورٌ لقيم مصلوبة في ترهات الانحلال، وأنينُ أوطان تآكل قوامُها جراء تسوس مبادئ أبنائها، وهذيانُ أعراب قلوبُهم مليئةٌ بندوب النفاق، وقصةٌ حزينةٌ لعروبة شابت وانحنى ظهرُها فركبها اليهودُ لقضاء حوائجهم.
ماذا بعد أيها الغارقون في لجج الظنون؟!
هل تعتقدون أنكم في برنامج الكاميرا الخفية؟!
ألم تشهد أعينُكم خطيئةَ الراقصين مع إسرائيل فوق طاولات التطبيع الممنوع؟!
ألم ينهَنا الله سبحانَه وتعالى وهو الحكيم العليم عن توليهم والسير في دروبهم؛ كي لا نكونَ منهم قائلاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء، بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ، وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}؟!.
ألم يكشف الله مخبآت صدورهم ومكنون غيظهم ومشاعر العداوة الشديدة التي يحملونها لنا دائماً وأبدًا قائلًا: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا، وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى، ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}؟
هل أخذت توجيهات الله بعين الاهتمام والحرص وبروح الجدّية ومن منطلق السمع والطاعة ليصل صداها إلى قرارة النفوس ونرى أثرها في واقع الحياة؟!
كلا، فلم تصادف إلا الجحود والنكران والذي تطور مع السنين إلى أن جعل الإمارات الحقيرة تسجل سقوطَها العاهر وقد انفلت من عقلها زِمامُ هواها وتبسُطُ ذراعيها على مرأى من الجميع لتحتضنَ اليهود وهي عارية من دينها وأصلها وعروبتها، ولم تكتفِ كغيرها بالعلاقات السرية في الأماكن المغلقة والظلامات الدامسة، فالكثير يمتطي ركب الخيانة ولكن شرور الإمارات امتدت لدرجة أنها أصبحت تؤاماً روحياً لإبليس وجاهرت بالإثم، وأصرت على حمل مفتاح العصيان وفتح أبواب الغواية أمام المسلمين وإعطائهم تأشيرة الدخول وتصريح المرور، واختارت أن تكون هي كبش الضلال الذي تقدمه أمريكا في أقذر عملية ترويجية وأحقر دعوة عربية لهدم معاقل الدين وضرب قضية الأُمَّــة الأولى وتهويد العرب.
مع أن الهدف الرئيسي من هذا التطبيع الرسمي هو تجميل صورة اليهود في نفوس المسلمين، بحيث تناقض الصورة القرآنية التي رسمها الله عنهم، إلّا أن الإمارات عمدت أَيْـضاً إلى التطبيع مع إسرائيل لتسترَ به سوءَ هزيمتها أمام الأسود اليمانية التي كشرت عن أنيابها، فكان فتكها لا يصد وعزمُها لا يرد، فكان لا بد من زرع الثقة مجدّدًا بقدراتها المتناهية في خدمة دول الاستكبار العالمي.
أمام هذا الواقع السيء والمهين وفي ظل تجلي الحقائق وكمؤمنين أراد الله لكم العزة والكرامة.. لا داعي أن تعيشوا مجدّدًا صراعاً مريراً مع الظنون وتساؤلات الشك، فتغمضوا أعينكم وتفتحوها ولا تجدوا أنفسكم إلا وقد أصبحتم يهوداً بالروح، بل عليكم رفض هذا التطبيع ورفض واقع الذل والهوان.
ولا تجعلوا من خيبة الأمل بما حصل ويحصل استعاراتٍ مؤلفةً في أذهان بائسة.. بل اجعلوا منها الوقودَ الذي سيحرق جسدَ المأساة ويخنق روحَ الغواية.