مخطّط السيطرة على الجزر اليمنية وتجفيف منابع الثروة السمكية (ج 1)
جحيم العدوان الأمريكي السعودي في البحر الأحمر
المسيرة | عباس القاعدي
وضع العدوان الأمريكي السعودي القطاع السمكي على قائمة الأهداف الرئيسية للعدوان، ولجأ خلال السنوات الخمس الماضية إلى التدمير الممنهج للثروة السمكية، وقصف الموانئ وقتل واختطاف الصيادين وجرف وتلويث المياه الإقليمية بمخلفات السفن وبالسموم التي يلقيها الاحتلال الإماراتي وإهمال سفينة صافر من الصيانة والتي قد تحدث كارثة إذَا انفجرت ستؤثر بالدرجة الأولى على هذه الثروة القيمة للشعب اليمني.
وتزخر السواحل اليمنية الممتدة على أكثر من 2500 كيلو متر، بتوافر نحو 450 نوعاً من الأسماك والأحياء البحرية النادرة وذات القيمة الغذائية والمالية العاليتين، وسبب هذه الوفرة في أنواع الأسماك هي وجود المواد الغذائية بكثرة في سواحل الجزر التي يبلغ عددها أكثر من 181 جزيرةً، منها 125 جزيرةً في البحر الأحمر.
ويساهم القطاع السمكي بـ 1.7 % من الدخل القومي، مما يؤهل اليمن لأن تكون دولة رئيسية في إنتاج الأسماك في المنطقة، ولهذا فقد تم وضعُ القطاع السمكي على قائمة الأهداف الرئيسية للعدوان.
تجفيفُ منابع الثروة
ويقول وزير الثروة السمكية محمد الزبيري: إن اليمن يمتلك ثروة سمكية لا تملكها أية دولة أُخرى، وما يميزها بذلك هو الشريط الساحلي الذي يبلغ طولة 2500 كيلومتر ويقع على تسع محافظات ساحلية (ثلاثٌ على البحر الأحمر وستٌّ على خليج عدن وبحر العرب)، إضافةً إلى الجزر التي يصل عددها إلى 182 جزيرةً، وكل جزيرة لديها نوع خاص من الأسماك، وهذا سببٌ رئيسي في وجود ما يقارب 500 ألف طن سنوياً من الأسماك الموجودة في البحر، حيث كان ينتج منها ما يقارب 250 ألف طن سنوياً للتصدير، وتعتبر الأسماك في البحر من الناتج المحلي المتجدد.
ويضيف الوزير الزبيري في حديثه لصحيفة “المسيرة” أنه إذَا كان الشريط الساحلي يبلغ طوله 2500 كيلومتر فهناك ناتج كبير من تلك الكمية حيث تحتوي المياه الإقليمية لبلادنا على أكثر من 450 نوعاً من الأسماك والأحياء البحرية وتزخر بموارد بحرية غنية مثل الرخويات والقشريات ذات القيمة التجارية المرتفعة وهناك ما يقارب 125 جزيرة في البحر الأحمر، وهذه الجزر توجد في سواحلها المواد الغذائية بكثرة، مما أَدَّى إلى تواجد حولها أسماك كثيرة ومهمة مثل الجمبري والحبار وغيرها، وهذا ما جعلها ثروة واعدة بالحياة.
ويؤكّـد وزيرُ الثروة السمكية أن العدوانَ استهدف قطاعَ الثروة السمكية؛ لأَنَّها تعتبر أحدَ أعمدة الإيراد الوطني الذي يعتبر من الناتج المحلي الذي يخلُقُ نوعاً من الاستقرار وعدم الاعتماد على الدول الخارجية، التي تسعى إلى إنهاء تلك الثروة وعدم الاهتمام بها والاستفادة منها، وأن تبقى حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي والجهات المختصة مكتوفي الأيدي وتترك الثروة السمكية والمياه الإقليمية وعائداتها لتلك الدول وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل التي تتفهم أن قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي وحكومة الإنقاذ يعولون على هذا القطاع بثروته الهائلة؛ ولهذا كانت أولى غارات للعدوان في عام 2015م على الموانئ والجزر التي دمّـر بعضها واحتل البعض الآخر وفرض الحصار البحري على الشعب اليمني، وهذا تم بموافقة المرتزِقة والخونة الموجودين في فنادق الرياض، كما أكّـد الوزير الزبيري أن دول العدوان تريد تجفيف هذه الثروات نتيجة الأهداف الخَاصَّة بها والمتمثلة في تدمير الموانئ والسيطرة على البحار وجزرها ونهب الثروة السمكية وهذا ما تقوم به السعودية والإمارات حَـاليًّا في البحار؛ مِن أجلِ تجفيف منابع اليمن بشكل عام وتجفيف وإنهاء قطاع الثروة السمكية بشكل خاص، حتى لا يستقرَّ اليمنُ ويبقى ضعيفاً وتابعاً للنظام السعودي وللمشروع الأمريكي والإسرائيلي ولا يمتلك أي قرار.
وكذلك نتيجة الأهداف العامة لأمريكا وإسرائيل التي تنفذها الإمارات حَـاليًّا وتحاول السيطرة على الجزر والموانئ وتستخدمها سياسيًّا لخدمة المشروع الصهيوني والضغط على حكومة الإنقاذ؛ مِن أجلِ الحصول على تنازلات وهذا من المستحيل الحصول عليها.
ويشير وزير الثروة السمكية الزبيري إلى أن الإمارات تسيطرُ على البحار في المياه الإقليمية اليمنية، بما فيها من المواقع والجزر والموانئ الاستراتيجية منها ميناء عدن التجاري الذي تسيطر عليه منذُ عهد الحكومات السابقة التي عقدت مع الإمارات اتّفاقيات آخرها في عهد حكومة الفنادق، وسلمته لها تحت ضغوط دولية ومقابل نسبه بسيطة أَو إيجار شهري؛ مِن أجلِ مصلحة الإمارات التي عملت بدورها على تجميده وعدم تشغيله مقابل تشغيل ميناء جبل علي؛ لأَنَّ ميناء عدن هو أقربُ للسفن من جبل علي لتموينها وإعادة صيانتها؛ ولهذا فإن الشعب اليمني لم يستفد من عائدات الموانئ ولا من عائدات الثروة السمكية؛ لأَنَّ الأسرة الحاكمة في عهد حكومات الفساد السابقة والتي كانت تحت الوصاية الدولية تقاسمت البر والبحر، ودمّـرت الشعب.
كما تسيطر الإمارات على جزيرة “ميون” المطلة على مضيق باب المندب الذي يستمد أهميته من أنه المنفذ الوحيد المتحكم في البحر الأحمر من الناحيتين التجارية والعسكرية، وهو أهمذُ مضيق عالمياً للسفن التجارية، وكذلك تستخدمُ الإمارات الموانئَ جغرافياً؛ للحصول على موارد مالية يتم بها شراءُ أسلحة لقتل الشعب اليمني، وكذلك الثروة السمكية التي تستخدم في نفس الهدف، إضافة إلى الأهداف الاستراتيجية التي تنفذ مشروع الشرق الأوسط الذي هو التقسيم والتوزيع وإضعاف الدول العربية والإسلامية؛ مِن أجلِ التمكّن من السيطرة على المياه الإقليمية لصالح المشروع الصهيوني.
وللتأكيد على أن قطاع الثروة السمكية أصبح من ضمن الأهداف الرئيسَة للعدوان يقول مدير عام الرقابة والتفتيش البحري بوزارة الثروة السمكية المهندس محمد عباس الفقيه: إن هذا القطاعَ جزءٌ من منظومة الأمن الغذائي للشعب اليمني المحاصَر من البحر ومنع وصول أية مساعدات له بتدمير ما يمكن من البنية التحتية التي تمتلكها اليمن في الجانب السمكي حتى تستعصيَ عليه تنمية واستغلال ثرواته الحية المساهمة في تنمية وتطوير الاقتصاد الوطني مستقبلاً.
خسائرُ بالمليارات
ولأن القطاع السمكي كان عُرضةً للتدمير الممنهج من قبل قوى العدوان الأمريكي السعودي خلال السنوات الماضية فقد أحدث الكثير من الخسائر والأضرار.
ويوضح وزير الثروة السمكية محمد الزبيري أن خسائرَ بلادنا جراء هذه الاعتداءات تصل إلى 90 % حيث كانت كمية الإنتاج تصل إلى 250 ألف طن سنوياً بما لا يقل عن 320 مليون دولار، وهذا حسب آخر إحصائية في عام 2013م، واليوم الكمية الإنتاجية لا تغطي الاستهلاك المحلي ووصلت إلى الحد الأدنى أي بما يساوي 20%، وأن سواحل البحر الأحمر التي تبلغ طولها 550 كيلومتراً تأثرت ودمّـرت، وكذلك تم تدمير ما يقارب 14 موقع مركز إنزال التي يتجمع فيها الصيادين لبيع منتجاتهم السمكية، كما استهدفت الموانئ الأَسَاسية (موانئ التصدير) في حرض وميناء الحديدة وميدي، وكذلك الموانئ التي خارج سيطرة حكومة الإنقاذ استهدفت وتم احتلالها من قبل الإمارات التي فرضت عليها شروط كبيرة جِـدًّا، مما يودي إلى عدم قدرة الصيادين على الاصطياد.
وبالنسبة لمراكز تصدير الأسماك يقول الوزير الزبيري إنه كان يوجد 5 مراكز وهي مطار صنعاء ومطار عدن ومن سيئون وحرض والبقع، واليوم كُـلُّ ذلك استهدف ودمّـر وأثر على قطاع الثروة السمكية وعلى الاقتصاد الوطني، حيث يصل إجمالي خسائر القطاع السمكي في البحر الأحمر التي تمكّنا من حصرها نتيجة الخمس السنوات من العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا والاستهداف المباشر للصيادين وقواربهم وموانئ ومراكز الإنزال السمكي مبلغ 9 مليارات ونصف مليار دولار، إضافة إلى أن الصادرات 8657 طناً سنوياً من نسبة ما يقارب 65% من الانخفاض الذي يحدث سنويًّا، كما قلت كمية الإنتاج.
من جهته، يقول مدير عام الرقابة والتفتيش البحري المهندس محمد عباس الفقيه: إن العدوان أثّر بشكل واضح على قطاع الثروة السمكية، حيث تم تدميرُ كافة مراكز الإنزال على طول الشريط الساحلي وتوقفت العديد من الأنشطة المصاحبة كصناعة الثلج وغيرها، مما أَدَّى إلى حرمان خزينة الدولة من عائدات الإنتاج والتصدير للمنتجات البحرية، وإغلاق عدد من معامل تحضير الأسماك، وهنا تقدر الخسائر التي تكبدها القطاع السمكي بشكل عام وتعاوني وخاص بأكثر من 10 مليارات ريال، ولا تزال الخسائرُ في ازديادٍ على مدار الساعة.
أما خسائرُ الصناعات والخدمات المصاحِبة للنشاط السمكي وَخسائر الرسوم والعائدات خلال خمسة أعوام من العدوان يؤكّـد وزير الثروة السمكية أن خسائر الصناعات والخدمات المصاحبة للنشاط السمكي بلغت (17,291,209) دولارات، اما خسائر الرسوم والعائدات المستحقة لدولة تصل الى (95,007,126) دولاراً.
وبحسب تقارير وزارة الثروة السمكية فان خسائر القوى العامة لكل الصناعات بلغت ما يقارب 19مليار دولار، ولذا فإن الخسائر المترتبة على توقف تنفيذ المشاريع السمكية في البحر الأحمر بلغت إلى (1,682,178,377) دولاراً، إضافة إلى أن عدد المصانع التي توقف نشاطها نتيجة انخفاض الإنتاج السمكي ما يزيد عن (50) مصنع ومعمل متنوعة بين مصانع ومعامل تحضير وغيرها، اما خسائر البنية التحتية بلغت إلى (13,032,558) دولاراً.
دور تخريبي للاحتلال الإماراتي
وخلالَ السنوات الخمس الماضية، برز الدور الإماراتي التخريبي في السواحل والجزر اليمنية بشكل واضح، والذي استهدفت
الأسماكَ في جزيرة سقطرى والبحر العربي والبحر الأحمر.
يؤكّـد وزير الثروة السمكية محمد الزبيري أن ما تقومُ به الإمارات المحتلّة من تدمير وجرف للأسماك الصغيرة والأحياء البحرية عبر شركاتها التي تقوم بنقلها إلى ميناء جبل علي للتصدير أَو التعليب، إضافة إلى الشركات المصرية التي تمارس العمل نفسه، يؤثر على المخزون الاحتياطي المستقبلي للثروة السمكية، مُشيراً إلى أن تلك الأعمال التخريبية، تنطوي على تداعيات كارثية في الإخلال بالتوازن البيئي؛ نتيجةَ النهب والتجريف العشوائي للأسماك والأحياء البحرية، والتي تهدف إلى تدمير الثروة السمكية التي تزخر بها السواحل اليمنية والقضاء على واحدة من أهم ركائز النهوض التنموي والاقتصادي للبلاد.
وحولَ وجود السفن التي تمارِسُ الجرفَ العشوائي للأسماك في البحر الأحمر خلال الخمسة أعوام من العدوان، يوضح وزير الثروة السمكية محمد الزبيري، أن السفنَ الجارفة ليست حديثةَ التواجد أو متزامنة مع العدوان، ولكنها منذ فترة الحكومات السابقة وكانت تصطاد ولديها مصانعُ فوق السفن وتستخدم الجرف القاري لجميع أنواع الأسماك وتختار نوعاً واحداً فقط والبقية ترميها عرض البحر.
ويضيف الوزير الزبيري، أن الأسماك التي تُطرَحُ على عرض البحر تؤثر على البيئة البحرية، وهذا من جانب، والجانب الآخر إهدار لثروة السمكية، حيث تبدأ الأسماكُ تقل وكذلك ناتج المخزون الاحتياطي المستقبلي يقل؛ لأَنَّها تصطاد في المواسم غير مواسم التكاثر، ونحن في الوزارة نصدر قراراً أنه من الفترة كذا إلى الفترة كذا يُمنع الاصطياد؛ مِن أجلِ مسألة التكاثر، لكن نتيجة العبث والجرف قل المخزون الاحتياطي، وهذا يؤثر على الثروة السمكية، إضافة إلى جرف الشُّعَب المرجانية التي تبلغ تكلفتها عالية، وهذا لا يهم دول العدوان وكل ما يهمُّها كيف تجرف وكيف تدمّـر، ولهذا يقول الزبيري: “أعتقد أن الشُّعَبَ المرجانية قد هلكت ونَضُبَت؛ نتيجةَ هذا الجرف التي تمارسُهُ شركاتُ العدوان والاحتلال”.
وبحسب تقرير وزارة الثروة السمكية، فإن خسائرَ هلاك المرجان فقط تصل إلى ما يقارب 30% من التكلفة التي هي 790 مليون دولار وعلى المخزون 30 % أي 790 مليون دولار، كما أن إجمالي الخسائر؛ بسَببِ الاصطياد الجائر غير المرخَّص تحتَ حماية سفن العدوان تصل (2,625,000,000) دولار.