الخالدون مع الحسين
أمل المطهر
بطولاتٌ نُحتت على جدران القلوب، كان صُنّاعُها عظماءَ عشاقاً للحق، استبسلوا في سبيل الله وساروا في طريقه بكل انتماء وولاء وثقة ووعي.
كانوا هم النصرَ والنصرُ كان بهم، أصبحت الحياةُ كريمةً وزاد العز بوجودهم عِزًّا، يتسابقون في الرحيل، فأمير يتبعه أمير إلى حيث الفوز والخلود.
وفي مملكة الله في أرضه، ينسجون للإنسانية إنسانيتها ويزرعون العنفوان أينما حطوا رحالهم، وتنمو سنابل الخير كلما لوحوا بأيديهم، ويرسمون طريق النجاة بخطواتهم، فهم قبس من نور الحسين، صنعوا سلالم النصر وعرجوا نحو الشهادة عروجاً أزلياً، رسمته السماء عرساً وودعته الأرض نصراً.
وهم من خلالهم لاحت البشارات وازداد اليقين في نفوسنا بأنهم ليسوا هنا ليكونوا هنا، وإنما لنتعلم ونقتفيَ لنرتشفَ وننتهلَ لنصقل ونربيَ نفوسنا على تلك الآثار التي غرست في الأرض هدىً ونوراً وتقىً.
فذلك الأب شهيد خالد يلحقه الابن بروحية الوفاء والشوق، وروح من الله ترتقي نحو العلا، وذلك الذي انطفأت إحدى عينيه وهو يقارع الباطل كالليث في ساحة الوغى، فيهديه الهدى قبلةً على يده المجاهدة، فتزيده نوراً لبصيرته لتدله على طريقه وهدفه، وتكون عينه التي انطفأ نورُها فتزداد قبضته شدًّا على السلاح، ويزداد عزمُه عزماً حتى يحلق شهيداً خالداً، ويلحق بأرواح الله الخالدة الموسمة بوسام العظمة والإباء.
وما زال العطاء مستمراً، وما زالت حكاياتهم تُتلى كُـلَّ يوم فتثبت صورهم في مقلنا، وهم يهدوننا النصرَ مخضباً بدمائهم الزاكيات ويهدوننا العزة والكرامة ممزوجة بتضحياتهم وحكايا مجدهم وبطولاتهم، ففي درب الحسين لا مجال للهزيمة، ولا قبول للتراجع، ومن ها هنا ترسم كربلاء كما صاغها الحسين عزةً ونصراً.
فهل عرفتم الآن كيف تنتصرُ الدماءُ؟
إهداء: إلى روح الشهيد الخالد روح الله زيد علي مصلح، وإلى روح الشهيد الخالد أبو عمار القدمي، وإلى جميع شهدائنا الخالدين العظماء.