السيد عبدالملك الحوثي في خطابه بذكرى استشهاد الإمام الحسين:
المسيرة / متابعات
الشعب اليمني يأبى الاستسلام والخنوع للطغيان اليزيدي المتمثل بأمريكا وإسرائيل ويأبى الانضمام إلى معسكر النفاق في الأُمَّــة المتمثل في النظامين السعودي والإماراتي
خيار الأُمَّــة الذي يحقّق لها الاستقلالَ والخَلاصَ من التبعية للأعداء هو النهجُ الحسيني الذي يمثل الامتدادَ الأصيل للإسلام
الشعبُ اليمني العزيز يمن الإيمان يمن الأنصار حسم خياره في التمسك بالإسلام في أصالته التي ثمرته الحرية والاستقلال والكرامة
بحُكمِ اقترانِ الحسين عليه السلام بالقرآن الكريم فقد اتخذ قراره في مواجهة الطغيان الأُموي، الذي يمثِّلُ تهديداً للأُمَّـة في هُـوِيَّتها الإسلامية وَفي كُـلّ واقعها
حفظ اللهُ بتلك الجهود والتضحيات التي قدَّمها الإمامُ الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- وأنصاره الأوفياءُ “رضوانُ الله عليهم” في كربلاءَ استمراريةَ الإسلام الأصيل، وامتداد الحق قولاً وفعلاً
المسيرة- خاص
أكّـد قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن الشعبَ اليمنيَّ العزيزَ يمن الإيمان يمن الأنصار قد حسم خيارَه وقرارَه في التمسك بالإسلام في أصالته التي ثمرته الحرية والاستقلال والكرامة.
وقال السيد عبد الملك في خطاب بمناسبة ذكرى عاشوراء استشهاد الإمام الحسين عليه السلام للعام الهجري 1442هـ: إن الشعب اليمني يأبى الاستسلامَ والخنوع للطغيان اليزيدي المتمثل بأمريكا وإسرائيل، ويأبى الانضمام إلى معسكر النفاق في الأُمَّــة المتمثل في النظامين السعودي والإماراتي، مُشيراً إلى أن خيار الأُمَّــة الذي يحقّق لها الاستقلال والخلاص من التبعية للأعداء هو النهجُ الحسيني الذي يمثل الامتداد الأصيل للإسلام.
وتطرق السيد عبد الملك إلى جُملةٍ من مناقبِ سيد الشهداء في خروجه ونضاله ضد الطغيان اليزيدي، كما اختتم خطابَه بالتأكيد على مواقف الشعب اليمني الثابتة والمبدئية في التصدي للعدوان وفي مواجهة الغطرسة الأمريكية الصهيونية.
إلى نص الخطاب:
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ.
وارضَ اللَّهُم برِضَاكَ عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المُنْتَجَبين، وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصَّالحِين.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ..
السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.
وَعظَّم اللهُ لنا ولكم الأجرَ بمُصَابِ سيِّد الشهداء، أبي عبد الله الحسين، سبط رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم”، وابن عليٍّ أمير المؤمنين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-، وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله “صلى الله وسلم عليه وعلى آله”.
إنَّ هذه الذكرى المؤلمةَ والفاجعةَ الكبرى في تاريخ الأُمَّــة لها علاقتُها المستمرَّةُ بواقع الأُمَّــة، مهما تعاقبت الأجيال، ومهما امتد الزمن، ومن جوانبَ كثيرةٍ، بدايتُها فيما يعنيه لنا الإمامُ الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-، وهو الامتدادُ لجَدِّه المصطفى رسول الله محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- خاتم الأنبياء، وهو أَيْـضاً وريثُ هديه، وقرينُ القرآن، وحاملُ راية الإسلام، وهو كما قال عنه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-: (حسينٌ مني وأنا من حسين، أحبَّ اللهُ مَن أحبَّ حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط)، فهو من هداة الأُمَّــة، ودورُه في مسيرة الهداية لهذه الأُمَّــة هو دورٌ رئيسيٌّ وعظيمٌ ومُهِـمٌّ ومفصلي، وممتَّدٌ لكل الأجيال.
وعندما تحَرّك الإمامُ الحسينُ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- في تلك المرحلة الخطيرة والحسَّاسة، فهو تحَرَّكَ بمقتضى إيمانه العظيم، وبمقتضى الهداية الإلهية، وبمقتضى المسؤولية التي يستشعرها، وبمقتضى الدورِ المنوطِ به فمن واقعِه الإيماني العظيم، ومن موقعِه في القُدوةِ والقيادة والهداية، وبحُكمِ اقترانِه بالقرآنِ الكريم اتخذ الإمامُ الحسينُ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- قراره وحسم خياره في مواجهة الطغيان الأُموي، الذي يمثِّلُ تهديداً للأُمَّـة في هُـوِيَّتها الإسلامية؛ وبالتالي في كُـلِّ واقعها، وفي كُـلّ مسيرة حياتها، فإذا غُيِّبت رسالةُ الإسلام من واقع الأُمَّــة، فيما تقدِّمه من هدايةٍ ونور ومعرفةٍ صحيحة، وفيما تصنعُه من وعيٍ وبصيرة، هل يكونُ البديل إلَّا الضلال، والمفاهيم المعوجة الظلامية، والباطل الذي يلبسُ ثوبَ الحق ويحمل عناوينه، وَإذَا غيِّبت رسالةُ الإسلام من واقع الحياة كمنهجٍ تربويٍ وأخلاقيٍ يزكِّي النفوس، ويطهِّرُ القلوب، ويقوِّمُ السلوكَ، ويصلِحُ الأعمالَ، هل يكونُ البديل إلَّا السياسات والممارسات المفسدة للنفوس، والهابطة بالإنسان، والمنتجة للرذائل، وَإذَا غيِّبت رسالةُ الإسلام من واقع الحياة كمنهجٍ للعدل، هل يكونُ البديل إلَّا الظلم والجور، والإجرام والطغيان، وَإذَا غيِّبت رسالةُ الإسلام من واقع الحياة كمشروعٍ حضاريٍ يرتقي بالناس، ويبني الأُمَّــة لتؤدِّي دورها في الاستخلاف في الأرض، وعمارتها، وبناءِ الحياة في كُـلّ مجالاتها، على أَسَاسِ المبادئِ والقيم الإلهية، والتعليمات والشرع الإلهي، هل يكون البديلُ إلَّا التخلُّف والضياع، وغياب الهدف في مسيرة الحياة، وَإذَا غيِّبت الرسالةُ الإلهية من واقع الحياة في دورها الرئيسي الذي يحرّر الإنسان من العبودية للطاغوت، ومن الاستغلال لمصلحة الأشرار والمستكبرين، هل يكون البديل إلَّا الاستعباد، والإذلال، والقهر، وامتهان الكرامة الإنسانية، والاستغلال الظالم، ومن هنا نعرفُ قضيةَ الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-، وماذا يعنيه لنا في مشروعِه وحركته، فهو لم يقبَلْ بالسكوتِ تجاه سعي الطغيان الأموي لتفريغ الإسلام من محتواه، وإحلال الموروثِ الجاهلي بديلاً عنه، مع إلباسِه الأسماءَ والعناوينَ الإسلامية.
لقد أراد طغاةُ بني أمية أن يكونَ الإسلامُ مُجَـرَّدَ عنوانٍ قابلٍ للتبديل في يومٍ من الأيّام، وأن يكونَ إسلاماً لا يحقُّ حقاً، ولا يُبْطِلُ باطلاً، ولا يقيمُ عدلاً، ولا يصلحُ واقعاً، ولا يحلُّ مشكلةً، ولا مشروعَ له في الحياة، ولا دورَ له في بناء الأُمَّــة، ولا يزكِّي النفوسَ، ولا يصنعُ الوعيَ، ولا يستبصرُ بنوره المجتمع، ولا يحرّرُ الإنسانَ، فهم أرادوا أن تكونَ الأُمَّــةُ مدجَّنةً لهم، وكانت سياساتُهم التي يعتمدون عليها لتحقيقِ هذا الهدف وفق ما عبَّر عنه الرسولُ -صلى اللهُ عليه وآله وسلم- في تحذيره للأُمَّـة منهم، في عباراتٍ جامعةٍ وعميقةٍ ومهمةٍ وشاملةٍ: (فقد اتخذوا دينَ الله دَغَلًا، وعبادَه خَوَلًا، ومالَه دُوَلًا)، فماذا يمكن أن يبقى للأُمَّـة بعد ذلك؟ وماذا يمكن أن يبقى بعد ذلك للإسلام من أثرٍ في واقع الأُمَّــة؟ وهذه الحالةُ هي التي عبَّر عنها الإمامُ الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- بقوله: (أَلَا ترَون أنَّ الحقَّ لا يُعمَلُ به، وأنَّ الباطلَ لا يُتنَاهَى عنه، ليرغب المؤمنُ في لقاء الله محقاً، فإني لا أرى الموتَ إلَّا سعادةً، ولا الحياة مع الظالمين إلَّا بَرَما)، وعندما يغيبُ الحقُّ عن واقع الحياة فلا يُعمَلُ به، ويحل الباطل بدلاً عنه فلا يُتناهى عنه، يتغير واقعُ الحياة، فيصيرُ مظلماً، ويحل مع الباطل الضلالُ، والظلمُ، والفسادُ، والمنكر، ولا تبقى للحياة قيمةٌ، ويطغى الظلم، ويطغى الشر والإجرام.
لقد وصل تأثيرُ الطغيان الأموي آنذاك في الساحة الإسلامية إلى مستوىً خطيرٍ، تجلَّى ذلك في حالةِ التخاذل، والخنوع، والاستسلام، والذلة، والتنصُّل عن المسؤولية، والرضا بالضعة والهوان لدى الكثيرِ من أبناء الأُمَّــة، وكان الأخطر في ذلك كله أن طغاة بني أمية يعملون على تنفيذ مخطّطاتِهم في الأُمَّــة من موقعِ السلطة، وبمقدراتِ الأُمَّــة، بعد أن تمكّنوا من الوصول إلى هذا الموقع المهمِّ؛ نتيجةً للانحراف الخطير في واقع الأُمَّــة، فعَظُمَ خطرُهم، وتفاقم شَرُّهم، وكَبُرَ إجرامُهم، وخاف الكثيرُ منهم، وباع البعضُ ذِمَمَهم وولاءاتِهم لهم بالمالِ الرخيصِ وبالمناصبِ.
وفي المقابل، كان تحَرُّكُ الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- يُمَثِّــلُ الإسلامَ الأصيلَ في منظومته المتكاملة، ويجسِّدُ مبادئَه وتعاليمَه بالقول وبالفعل، فقدم نورَ الإسلام وبصيرتَه وهديَه إلى الأُمَّــة، وحمل قضيةَ الإسلام للأُمَّـة، وتحَرَّكَ براية هذا الإسلام، وجسّد مبادئَه في موقفه، فإذا بنا نرى الإسلامَ الحَقَّ، إسلامَ القرآن، وإسلامَ محمد، ورسالةَ الله دين حريةٍ وإباء، لا يقبلُ بالعبودية للطغاة، ولا بالخنوع للمجرمين، وكانت صرخةُ هذا الإسلام في ميدان المواجهة، وكان خيارُه الحاسمُ يعبِّرُ عنه الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- بقوله: (لا واللهِ لا أعطيهم بيدي إعطاءَ الذليل، ولا أُقِرُّ إقرارَ العبيد).
وكانت صيحتُه المدويةُ وموقفُه الحازمُ يعبِّرُ عنه قولُ الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-: (أَلَا وإنَّ الدعيَّ بنَ الدعي قد ركَزَ بين اثنتين: بين السلة وبين الذلة، وهيهاتَ منا الذلةُ، يأبى اللهُ لنا ذلك ورسولُه والمؤمنون، ونفوسٌ أبية، وأنوفٌ حمية تؤثر مصارعَ الكرام على طاعةِ اللئام)، وَإذَا بنا نرى الإسلامَ يصنعُ الثباتَ والصمودَ، والتفانيَ والاستبسالَ، والتضحية والإيثارَ في أقسى الظروف وأصعب المراحل، وفي مواجهةِ أعتى التحديات، وببصيرةٍ ووعيٍ عالٍ، وفهمٍ صحيح، ونورٍ يكشف كُـلّ الظلمات.
لقد حفظ اللهُ بتلك الجهود والتضحيات التي قدَّمها الإمامُ الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- وأنصارُه الأوفياءُ “رضوانُ الله عليهم” في كربلاءَ استمراريةَ الإسلام الأصيل، وامتدادَ الحق قولاً وفعلاً، وبحسبِ التعبير المعاصِر صوتاً وصورةً، وهي النسخةُ الأصلية التي يفيدُها قولُ رسول الله -صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم-: (حسينٌ مني وأنا من حسين، أحبَّ اللهُ من أحبَّ حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط)، مع عظيم المنزلة عند الله، ورفيع الدرجات لديه، والتي بلغ فيها السبطُ الشهيدُ مع أخيه الشهيد الإمام الحسن -عليهما السلامُ- المقامَ المتقدِّمَ والريادةَ في جنة الخلد، كما قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وَسَلَّـمَ-: (الحسنُ والحسينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنة).
وقد استمرَّت المعركةُ، وامتد الصراعُ إلى اليوم بين معسكر الإسلامِ الأصيلِ ومعسكر النفاقِ والزيف، بين الحق والباطل، وبين الخيرِ والشر، وهي اليومَ تعنينا في عصرنا، وهي معركةٌ لا تقبَلُ الحيادَ، فإما حَقٌّ وإما باطل، وما بينهما باطلٌ، وإن شعبَنا اليمنيَّ المسلمَ العزيزَ، يمنَ الإيمان، يمنَ الأنصار حدَّدَ مسارَه، وحسم خيارَه وقرارَه في التمسُّك بالإسلام في أصالته، التي ثمرتها الحريةُ والاستقلالُ والكرامة، وهو يأبى الاستسلامَ والخنوعَ للطغيانِ اليزيدي المتمثلِ بأمريكا وإسرائيل، ويأبى الانضمامَ إلى معسكر النفاق في الأُمَّــةِ المتمثلِ بالنظامَين السعودي والإماراتي، فيما يعملانِ له من تدجينِ الأُمَّــة لأعدائها، وتطويعِها للمستكبرين، وإنَّ خيارَ الأُمَّــةِ الذي يحقّقُ لها الاستقلالَ والحريةَ والخَلاصَ من هيمنة الأعداء ومن التبعية لهم هو النهجُ الحسيني الذي يُمَثِّــلُ الامتدادَ الأصيلَ للإسلام بكل نقائه وصفائه، ويُمَثِّــلُ تجسيداً للقرآن، واتِّباعاً حقيقياً، واقتداءً صادقاً برسول الله -صلى اللهُ وسلم عليه وعلى آله-، وهو الذي يمكنُ للأُمَّـة بثقافته أن تكونَ واعيةً مستبصرة، وبروحيته أن تكونَ عزيزةً أبيةً قويةً مستبسلة، وبأخلاقه وقيمه أن تحقّقَ إنسانيتها، وترتقي في سلم الكمال الأخلاقي، إنه المنهجُ الذي لا يقبَلُ العبوديةَ للطغاة مهما كان الثمن، ومهما كان حجمُ التضحيات، هو منهجُ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد: من الآية19]، هو منهجُ: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: من الآية8]، وهو منهجُ التضحيات التي تصنع النصرَ، وتصونُ الكرامةَ، وتحقّقُ أسمى الأهداف، قال اللهُ تبارك وتعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[غافر: 51-52]، صدق الله العلي العظيم.
إننا في ذكرى استشهاد الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- في يومِ حسم الخيارات واتِّخاذِ القرارات المصيرية، نؤكّـد على التالي:
- إنَّ موقفَنا في التصدي للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني الغاشم على بلدنا هو موقفٌ مبدئيٌّ من منطلقِ انتمائِنا الإيماني والديني، وبحُكمِ هُـوِيَّتنا الإيمانية، وهو جهادٌ مقدَّسٌ، وواجبٌ دينيٌّ وإنسانيٌّ ووطني، ومن يفرِّط بهذا الواجب، أَو يخون هذا الموقف، فهو يخونُ هُـوِيَّتَه الإيمانية، ويفرِّطُ بها؛ ولذلك فإننا -وبالتوكل على الله تعالى، وبالثقة به- لن نألوَ جهداً في التصدي لهذا العدوان مهما كان مستوى التحديات، ومهما كان حجمُ التضحيات، فاللهُ –سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- هو الأكبرُ والأقدرُ على إنجاز وعده بالنصر طالما استمر شعبُنا في قيامه بمسؤوليته، وأدائه لواجبه، وتوكَّل على الله، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}[النساء: من الآية45]، {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ}[آل عمران: من الآية160].
وإنَّ التضحياتِ مهما بلغت لن تكونَ بمستوى خسائر الاستسلام والخنوع التي تخسَرُ الأُمَّــة فيها كُـلَّ شيء: حريتَها، واستقلالَها، وكرامتَها، وحاضرَها، ومستقبلَها، ودينَها، ودُنياها، ولا بمستوى خسارة التفريط الفادحة التي تمكِّنُ الأعداءَ من السيطرة على الأُمَّــة.
- إنَّ مواقفَنا تجاه قضايا أمتنا وفي مقدِّمتها القضية الفلسطينية، والموقف من العدوّ الإسرائيلي، ومن الغطرسة الأمريكية، وموقفنا المتضامِن مع شعوبِ أمتنا في لبنان، وسوريا، والعراق، والبحرين، والجمهورية الإسلامية في إيران، ومظلومية المسلمين في بورما والهند وكشمير.. ومختلف أقطار العالم، هي مواقفُ مبدئيةٌ إسلامية، ونعتبرها جزءً أَسَاسياً من التزامِنا الديني لا يقبَلُ المساومة.
- إنَّ أُخوَّتَنا الإسلاميةَ مع أحرارِ الأُمَّــة أَيْـضاً هي جزءٌ من التزامنا الإيماني والديني، وفي المقابل فإننا نستنكرُ كُـلَّ أشكال التطبيع والعلاقات مع إسرائيل، ونعتبرُها من الولاء المحرَّمِ شرعاً، والذي بلغ التحذيرَ منه في القرآن الكريم إلى مستوى قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: من الآية51].
وختاماً نَسْأَلُ اللهَ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنْ يوفِّقنا للسير في طريق الحَقِّ لا نزيغُ عنها أبداً، وأن يُثَبِّتَنا في موقف الحَقِّ على نهج الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- في التمسك بالإسلام الأصيل، والاهتداء بالقرآن الكريم، والاقتداء برسولِ الله محمدٍ -صَلَّى اللهُ وسلم عليه وعلى آله-.
وَنَسْأَلُ اللهَ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنْ يَرْحَــمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يشفيَ جرحانا، وَأَنْ يفرِّجَ عن أسرانا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بنصْرِهِ.. إِنَّـهُ سَمِيْـعُ الدُّعَـاء، وهو حسبُنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.
السَّلامُ على الحسينِ سبطِ رسولِ الله، السَّلامُ على شهداء كربلاء، الصلاةُ والسَّلامُ على رسول الله وعلى آله، السَّلامُ على كُلّ الشهداء الأبرار.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ -أيُّها الإخوةُ والأخواتُ- وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..