لبّيك يا حُسين.. صرخةُ الأحرار وقِبلةُ الثوار
مطهر يحيى شرف الدين
السَّلام عليك يا أبا عبد الله، السّلام عليك يا خاتم أولياء الله الصالحين.
في ذكرى استشهادك، نقول: لبيك يا حُسين لبيك يا معدنَ القيم والمبادئ ويا دُرةَ الأرض وضياءَ الكون الفسيح ونورَ هداية البشرية وسبيل صلاح الأُمَّــة وأمنها وأمانها.
لبّيك يا حُسين في مجيئك ورحيلك وَندائك ودعوتك وخروجك، لبّيك في غيابك وأنت الشهيد الحي وَالحاضر الشاهد على طغيان ورموز الظلم والفجور وعلى من استحلوا دمك الطاهر ودم أخيك العباس، على أرضٍ طالما كانت دليلاً ومعرفة الحق من الباطل، وبوصلةً عُرفت بها قبلة الأحرار والشرفاء، ومكاناً يرى فيه الناس الزبد الذي يذهب جُفاء.
لبّيك يا حُسين يا ميزان الله وعدله، يا نذيراً وهادياً ومجاهداً وشهيداً، يا صرخةً في وجهِ المستكبرين ويا صيحةً هزّت عروش الطغاةِ وزلزلَت أركان المتجبرين، ومنذ أن قلتَ “هيهات منا الذلة” فهيهات منا ذلك، وهيهات منا وبعداً كبعد المشرقِ من المغرب.
لبّيك يا حُسين يا رمز الإسلام وعزته، ويا إكليل دين الله القويم ويا قلبَ الإيمان وكرامته وقدسيته، يا من أبيت إلّا أن تذود عن أرضك وعرضك وتحمي دين الله وتدفع بنفسك الزاكية وروحك الطاهرة وجسدك الزكي كُـلّ شرٍّ مستطير، وكل مكروهٍ يتربّص بالأمّة.
لبّيك يا حُسين يا فاتحة الانتصارات ويا إشراقة شمسٍ لا تغيب وما كانت لتشرق إلا بجوهر مبادئك وقيمك وتحَرّكك وجهادك، وما كان فجر يلوح في أُفق الإسلام إلا بإصلاحك أُمَّـة جدّك رسول الله، وما كان عدل ولا استقامة تُذكر إلا بتضحياتك أعظم ما لديك، نفسك وأهلك وأطفالك، فرأيتَ في كُـلّ ثغرٍ منهم هلالاً مستبشراً برضا الله حامداً شاكراً، ورأيتَ حُلمك في كُـلّ عينٍ تتوق إلى بارئها، لبيك يا تاريخاً من الأحداث الجِسام، ويا قصصاً من قصص الأنبياء والمرسلين.
لبّيك يا حُسين يا ابن بنت سيد البشرية، يا سبطَ خاتم الأنبياء، يا روح جدّهِ وبضعةً منه ويا ابنَ الكرّار فاتح خيبر وهازم فرعونهم ومبيد ناموسهم وكاسر شوكتهم، لبّيك يا حُسين نقولها عدد ذراتِ رمال كربلاء الأليمة وعدد حصاة الطف الحزين، وعدد أشعة الشمس المقهورة وصمت الليل المظلم الشاهد على مظلوميتك.
لبّيك يا حُسين جيلاً بعد جيل وإن كُسرت قلوبنا وضَعفت أبداننا وانثلمت صدورنا وجار علينا الزمن، وهدهدتنا نوائب الدهر وتكالبت علينا الأمم وتعاظمت علينا الخطوب.
لبّيك يا حُسين أقولها وكلي أملٌ وتفاؤل بميعادٍ يجمعنا بك عند مليكٍ مقتدر وفي الفردوس الأعلى، وأنا متطلّعٌ إلى فتحٍ قريب ووعدِ الله الصادق لعبادهِ بالتأييد والنصر المبين لمن ثار على يزيد كُـلّ عصرٍ وزمن، وكل كذابٍ أشِر وَكُـلّ مداهنٍ وفاجرٍ ومنافق.
لبّيك قولاً محموداً مباركاً وفعلاً نتقرّب به إلى روحك الطاهرةِ المطهرة، وسمواً نتسامى بك إلى عليائك وشموخك وسلوكاً نقتدي بك ونتأسى، ومنهجاً نسير على دربك لا نحيد ولا نهوي، لبّيك مع كُـلّ تسبيحةٍ آناء الليل وأطراف النهار، ومع كُـلّ سجدةِ شكرٍ أنعمت بها على عبادك الصالحين أن رضيت لنا الإسلام ديناً وخُلُقاً فكنتَ يا “حُسين” نعمَ من حمى دين الله ودافع عنه، ومثّلت خُلق جدِّك رسول الله وقوة وشجاعة وبأس أبيك بن أبي طالب، سلام الله عليكم جميعاً وسلام الله على أرواحكم الطاهرة..
لبّيك في الميدانِ ليس لها محيطٌ أَو حواجز أَو حدود
لبيكَ أسمعتِ الوجود وأسمَعت من في السّماء بلا صُدود
في أُفقِ عالمنا حديثٌ بالقصاصِ وبالوعيدِ وبالوعود
في سُلّم العقباتِ لا نلقى حُتوفاً أَو صعاباً أَو جُحود
لا ينتهي عِشقي ولا يوماً إذَا استدبرتُ أَو لم أجُود
وبنزعتي جِـدًّا إليك سأستظلُّ وأفتديكَ لكي أذود
لبّيك يا بن نبيّنا ووصيهِ يا عابَد الربِّ الودود
ويزيدُ ساعِدهُ عميلٌ للطغاة وللبغاةِ ولليهود
هي صَرخة العباسِ أحيَت كائناتٍ بالثباتِ وبالصّمود
حملتْ لواء الحق وانهار العِدا وتقهقر البغي الحقود
وبوعد طه للحُسين وأمِّهِ وبكل جناتِ الخلود
صلّت عليك نفوسنا يا جَدّ أسباطٍ وأشبالٍ أسود