أمين عام رابطة علماء اليمن في حوار مع صحيفة “المسيرة”:
العدوانُ على اليمن صناعةٌ أمريكية وصفقة القرن مؤامرة كبيرة وأغلب التمويل والتحشيد لزخم التطبيع يتم برعاية سعودية
عملاء أمريكا من آل سعود وآل نهيان أعلنوا العدوانَ على بلادنا؛ مِن أجلِ إخضاعِ جزر وموانئ اليمن للرغبات الصهيونية
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي:
أكّـد الأمين العام لرابطة علماء اليمن، عبد السلام الوجيه، أن الرابطة ليست حكراً على مذهب معيَّن، وهي تضُمُّ نخبةً من العلماء المنتمين إلى الزيدية والشافعية والصوفية وبعض من السلفية.
وقال الوجيه في حوار مع صحيفة المسيرة: إن الرابطة كان لها دورٌ كبيرٌ في مناهضة العدوان، وقد عقدت الكثير من الدورات الثقافية والتوعوية، كما أن بعضاً من العلماء قد سافروا إلى خارج اليمن قبل إغلاق مطار صنعاء الدولي، ووضح الكثير من الحقائق حول ما يتعرض له اليمن من ظلم وعدوان.
وتطرق الوجيه إلى عدد من القضايا من بينها التطبيع وصفقة القرن ودور الرابطة في مناهضة العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا والتصدي له.
إلى نص الحوار:
– بدايةً كيف جاءت فكرة إنشاء رابطة علماء اليمن؟
كان هناك تكتلان، أَو كيانان للعلماء، جمعيةُ علماء اليمن وهيئةُ علماء اليمن، وهما -كما عرفنا- يتبعان المؤتمرَ والإصلاحَ وقتَها، وكُلُّ حزبٍ منهما يريدُ أَو يحاولُ توظيفَ صوتِ العلماء لصالحه وأن يسخّروا ذلك لخدمة أجندتهم، وجاءت الفكرةُ على ضوء ذلك بأنه يجبُ أن يكون هناك تجمُّعٌ علمائي من كافة الأطياف، ففكرنا في سحب البساط وأن نجمع علماء اليمن من شتى مذاهبهم على أن يكونوا علماء مستقلين معبّرين عن صوت الحق، وعن نبض الشعب اليمني وحقيقة الدين الإسلامي والشرع فيما يجري من أحداث، والإسهام في حَـلِّ المشكلات من خلال الفتاوى وتقديم الرأي الشرعي الذي يضمن أن يكون الصوت العلمائي معبراً عن صوت العلماء الرساليين الربانيين الذين يخافون الله وَلا يخشون فيه لومةَ لائم، بعكس ما كانت السلطة تريده آنذاك من أن يكونوا علماء سلاطين وحملة مباخر، والحمد لله بدأت الرابطةُ وأُنشأت بجهود ذاتية من العلماء الربانيين، ومن أول يوم وجدت فيه كان لها الكثير وَالكثير من الإنجازات قبل أن يكون العدوان وقبل أن تكون الثورة وقبل أن تكون الحرب.
– كان للرابطة مواقف للتقريب بين المتحاورين رغم مساعي الرياض لإفشال جهود الحل السياسي آنذاك ومن ثم إعلان العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن ٢٠١٥؟
في المؤتمر الأول للرابطة، تركز الأمر على دعوات لم الشمل والدعوة إلى التقارب ونبذ الفرقة، وقد حضره جل علماء اليمن وصدر عنه الكثير من التوصيات.
لقد بذلت الرابطة جهوداً كبيرة رغم الحرب الشديدة التي شنّت عليها من علماء السلطة، ومن قبل بعض الحزبيين الذين كانوا يخدمون السلطة المنشقة والمتنازعة فيما بينها بين الإصلاح والمؤتمر وقتها، وقد سارت الرابطة سيراً حثيثاً حتى جمعت معظم العلماء الربانيين، ودخل فيها الزيدي والشافعي والصوفي وبعض الأحيان السلفيون وكَثير من العلماء الذين رأوا في هذا التجمع المستقل للعلماء مكاناً مناسبًا للتعبير عن الرؤية والفتوى الصحيحة.
وقد أقامت الرابطةُ الكثير من المؤتمرات والندوات والتجمعات التي حضرها الكثير من علماء اليمن ومعظم علمائها الكبار قد توفوا رحمهم الله، وقد كانوا من أعضاء هيئتها الاستشارية، وكان لهم الدورُ الأكبر في محاولة إبراز الرؤية الصحيحة تجاه الوقائع والأحداث التي مرّت بها اليمن، وقد حذروا من كُـلّ المؤامرات التي كانت تهدف إلى النيل من الوطن، وحذروا من الفتن المذهبية ومن المؤامرات التي استهدفت بالإغراء وبالترهيب لتغييب ومنع الصوت العلمائي المعبر عن نبض الإسلام المحمدي الأصيل.
استمرت الرابطة في مسيرتها، وواكبت كُـلَّ ما مر به اليمن منذ ذلك الوقت، ومع كُـلّ الأحداث التي تلت كان للرابطة الرأي الشرعي والتعبير عن الرأي العلمائي من خلال مجلة الاعتصام ومجلة الفتوى.
– ماذا عن دورها في الحشد وَالتعبئة؟
كان للرابطة الإسهام الأكبر في النزول إلى الجبهات وزيارتها وتدريب الثقافيين عبر البرامج التوعوية والثقافية والندوات المساجدية، وَأَيْـضاً النهوض بالتعليم العلمي البعيد عن استلاب السلطات الحاكمة.
– مؤسّسات ومنظمات إسلامية تنظر لكم كرابطة زيدية تعبر عن أنصار الله فقط.. كيف تردون على ذلك؟
الرابطة لم تكن حكراً على مذهب دون غيره، كما أشرت، فهناك علماء الزيدية والشافعية والصوفية وبعض من السلفية وفيها من كبار العلماء، وهي رابطة مستقلة تعبر عن الصوت العلمائي الرباني الذي لا يخشى في الله لومةَ لائم.
مع هذا فقد برز الدور الإيجابي للرابطة في شتى المنعطفات، وكان الأعداء من خلال دعاياتهم وحملاتهم ومن خلال تجمعاتهم العلمية المنضوية حتى تحت مؤسّسات علمائية في الخارج يحاولون النيل منها، مع هذا فقد أجابت الرابطة على كُـلّ الاستفسارات وَالأسئلة التي كانت تطرح حينها.
لقد ناشدنا علماء العالم العربي والإسلامي بالنظر إلى الحقيقة والتبرؤ من العدوان، والأنظمة الموالية لليهود والنصارى.
– كان للرابطة زيارات وجولات لدول عربية وإسلامية وحتى أجنبية.. ما كان هدف تلك الجولات الخارجية؟
قبل إغلاق مطار صنعاء، سافر الكثير من أعضاء الرابطة للكثير من الدول العربية والإسلامية وغير الإسلامية، كإيران ولبنان وعمان وروسيا وتركيا والعراق، وكان للعلماء في تلك الزيارات دور بارز في توضيح الحقائق وبيان الأمور على النحو الصحيح، وكما تعلمون أن منظمات كمنظمة العالم الإسلامي مستلبة للأسف بيد المال الخليجي، كمنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من المنظمات والتي منها “الأزهر الشريف” الذي كان شريفاً وَلم يعد اليوم شريفاً، فقد أصبحت في يد الأنظمة تنبض باسم الأنظمة، وتستنكر أي ردة فعل من مجاهدي اليمن في الدفاع عن أنفسهم مؤيدة للعدوان في جرائمه التي يندى لها جبينُ الإنسانية، وَللأسف فإن المال السعودي تغلغل داخل الأزهر كما تغلغل في غيره، وأصبحت جميعها ترى ما يراه وتسير على نهجه كما يحب ويشتهي.
لقد أوضحنا في تلك الزيارات ما يتعرّض له الشعب اليمني من عدوان وظلم، والذي كله صناعة ومؤامرة أمريكية، في إطار الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط الجديد الذي تريد به قوى الاستكبار العالمي أن تخضع العالم الإسلامي لسيطرة الكيان الصهيوني عبر عملائها ومرتزِقتها العرب، أوضحنا لهم للعلماء المسلمين في شتى المؤتمرات والتجمعات حجمَ المؤامرة على الشعب اليمني، وأن ما يحدث هو امتداد للمؤامرة التي استهدفت أفغانستان أَوَّلًا ثم العراق ثم ليبيا ثم سوريا وكل دولة قوية أَو جيش قوي في العالم العربي والإسلامي، والذي كان مستهدفاً ضمن خطة استراتيجية محدّدة، كانت الأنظمة العميلة هي الأداة لتنفيذ تلك المخطّطات تحت شعارات زائفة، فكيف تسمع أنهم يريدون إعادةَ اليمن إلى الحضن العربي الأصيل ثم ترى أن هؤلاء المتشدقين عادوا إلى الحضن الأمريكي الإسرائيلي، هذا مدعاة للسخرية من هؤلاء العملاء.
– تبدو الأحداث في المنطقة متسارعة من الفوضى والدمار.. بداية النهاية لصفقة القرن ومسلسل التقسيم؟
صفقة القرن هي مؤامرة كبيرة يتعرض لها الوطن العربي والإسلامي، وهي خاتمة لتلك المؤامرات التي استمرت قرناً من الزمان، بدءاً من إنشاء إسرائيل ثم قيام مملكة آل سعود برعاية ودعم بريطاني، وكان هذا يستهدف الاستيلاء على مقدسات المسلمين وإفراغها من مضمونها ومحتواها.
– هل كان لكم رأي حول تلك المخطّطات؟
سبق أن أصدرنا عشراتِ البيانات وعقدنا مؤتمراتٍ أوضحنا فيها متعلقات صفقة القرن، وحذرنا من خطر المؤامرة على العرب وَالمسلمين، وما زلنا حتى اليوم نعبّر عن مشاعر الشعوب الإسلامية وصوت العلماء الصادق المحذر من عظيم خطر هذه المؤامرة علينا نحن العرب والمسلمين.
ونحن هنا ندعو كُـلَّ الشعوب لمواجهة ما يحصل من خيانة بعد أن كُشفت الأقنعة التي كان الجميع يدرك مَنْ وراءها من زعماء الخيانة العرب، كنا وما زلنا نصدر الكثير من البيانات والتحذيرات وناشدنا علماء الأُمَّــة في كافة أنحاء العالم أن يتصدوا لهذه المؤامرة ومن يروج لها، وطالبنا ونطالب بالثورة على الأنظمة العميلة التي تروج لهذه الصفقة، والبدء بتحرير الحرمين الشريفين، فلن يتحرّر المسجد الأقصى إلَّا بعد أن يتحرّر الحرمان من آل سعود.
– التطبيع الإماراتي السعودي مع إسرائيل شمر عن ساعديه، وَعرب ينتظرون فرصة مناسبة.. كيف تنظرون إلى ذلك؟
لم يكن من لحق قد سبق، فأغلب التمويل والتحشيد لزخم التطبيع هو رعاية من آل سعود، كان ينقصهم العلن فلم يعد لآل سعود وأي نظام عميل أي ساتر فقد سقط القناع تماماً، والمسألة مسألة وقت، وهذا التوقيت خدمة لنتنياهو والمشروع الصهيوني الذي يحدّد الوقت المناسب لعملائه بما يخدم مخطّطاته وأجندته، لاحظوا ما يجري الآن في السودان وما يجري الآن في جنوب اليمن وقد فجروا هذه الحرب عملاء ومرتزِقة الأمريكان من آل سعود وآل نهيان؛ مِن أجلِ إخضاع ممرات اليمن المائية وموانئها وجزرها للرغبات الصهونية، وكل هذا واضح للعيان.
ومن لم يعرف إلى الآن ويدرك حقيقة المؤامرة، فهو ليس آدمياً وَليس من البشر وليس له عقل يفكر به، بل إنه صار مرتهناً مسلوب الإرادَة.
– إذَاً.. لقد كشفت الأقنعة برأيك؟
الستار منكشف منذ تعيين البريطانيين لعبدالعزيز آل سعود ملكاً تابعاً لهم في الجزيرة العربية، كانت هناك أقنعة تغطي وجوه أُولئك، رواتبهم كانوا يحصلون عليها من السلطات البريطانية، كان الهدف التخلص من الشريف حسين، وأي مشروع عربي إسلامي يتم مع الإمام يحيى، ولو تتبعنا ما صدر من وثائق وما يصدر من وثائق ويكيليكس عن المخابرات الأمريكية والبريطانية، فإننا سنرى أن هذه مؤامرة تسير سيراً حثيثاً مدروساً، وما جرى لحزب الله في لبنان هو جزء منها، وَما جرى في العراق هو جزء منها، وفي أفغانستان كذلك وفي سوريا، كانت كلها مؤامرات مخطّطاً ومرسوماً لها، ومن أهم أدوات تنفيذها أنظمة العمالة في دول الخليج، وكذلك الأنظمة الأُخرى المطبعة التي سارت على ذلك النهج.
– هل نشاهد اليوم بداية النهاية لحكم آل سعود على ضوء ما تعيشه المملكة من أزمات وتصدّعات داخل الأسرة الحاكمة، في ظل ولي عهد يوصف بالطائش؟
عندما جاء ابن سلمان وأخلى الكعبة من كُـلّ حاجٍّ وزائر ووقف كالشيطان وسط الكعبة، هذه كانت البداية والرمز، هم يريدون أن يفرغوا بيت الله من قاصديه ورواده، لم يكتفوا أن أفرغوه من مضمونه وجعلوه محطة لإثارة الفُرقة والانقسام بين المسلمين.
وبعد أن اعتدوا بتحكمهم عليه وعلى المسلمين ونشروا فكرهم الضلالي الخبيث في أوساط العالم الإسلامي، لم يكتفوا بهذا بل أرادوا أن يفرغوه من محتواه البشري، وكان كورونا عذراً ومبرّراً لا يقوم على أَسَاس، ألم يجعل الله البيت الحرام مثابة للناس و”أَمْنًا”، فلم هؤلاء جعلوا البارات والمسارح والكبريهات ودور السينما واللهو، جعلوها غير ممنوعة وحلالاً بينما حجاج بيت الله يمنعون من قصد البيت العتيق، لم تمر الأُمَّــة الإسلامية عبر عصر طويل، اللهم إلَّا في وقت حروب شديدة بمثل هذا، اليوم بسيطرة صهيونية ومكر يهودي خبيث جاء على كُـلِّ الآثار الإسلامية ومحاها، ما حصل ويحصل للحرمين هو إيذان بنهاية هذه الأسرة الخبيثة إن شاء الله، وَما تراه من مظاهر قوة زائفة لهؤلاء هو تمهيد لما سيحصل من خلاص من هذه البذرة الخبيثة على أيدي أبناء الأُمَّــة الصادقين الصابرين المجاهدين، وأول هؤلاء أبناء اليمن الأحرار.
– على ضوء ما يحدث اليوم.. هل ما زالت هناك تشعبات للفرز ما بين جناح وخط المقاومة وبين العملاء والمطبعين؟ وهل ما زال هناك فريق آخر غير هذين؟
لم يعد هناك فرز أَو شك، هناك الآن صهاينة ومتصهينون عرب، وهناك غرب غزاة ومعتدون، ومعهم مستضعفون يجنون ثمار سكوتهم وخضوعهم وخذلانهم، وفي الجانب الآخر هناك خط المقاومة وَلا نستثني الكثير من الأحرار في الجزيرة العربية، ولكن لم يأن الأوانُ بعد.
– ما تعلقيكم على التطبيع الإماراتي مع إسرائيل؟
ما فعله ابن زايد لن ينقذه إنما هو تعجيل بزواله، هو يرجو منهم الضمان وهم في حاجة لمن يحميهم، من ينظر للكيان الصهيوني من الداخل يدرك حجم الانقسام والانفصام والضعف الذي يعيشه، كذلك ما يجري في أمريكا التي تعيش مخاضاً سيؤدي إلى نهايتها، وأنا لا أشك أن الدولة عندما تنتهج الظلم والتمييز الطبقي والتفرقة العنصرية وتقوم على مبدأ القوة والغلبة ويغيب مبدأ العدل، فإنها ستنهار كما انهار الاتّحاد السوفياتي فجأة وعلى غير موعد، فهم آيلون للسقوط بل إنهم أوهن من بيت العنكبوت، وأرجو الله أن يعجل بذلك ويخلص الأُمَّــة العربية والإسلامية منهم.
– بماذا تعلق على حديث صحافة إسرائيل حول عملائها في جنوب اليمن وتغريدات بن بريك التي باركت تطبيع أبو ظبي؟
أقرأ ما يقوله هاني بن بريك وأضحك، فهذا الذي يريد أن ينتصر حليفٌ للإمارات ومرتزِق من مرتزِقتهم، والإمارات حليفة للصهاينة وعبدة لها، وعندما تعتمد على عبيد العبيد وترجو أن تحقّق هدفاً فما ذلك إلَّا أضحوكة، ولَكَم رأينا نماذجَ هؤلاء المتلونين المنافقين الذين أصبحوا أحذيةً لأحذية اليهود، بن بريك وغيره من أرذل وأحط المرتزِقة الذين لا قيمة لهم ولا وزناً، وما نهايتهم إلَّا الخسران في الدنيا قبل الآخرة، وتأكّـدوا أن الشعب اليمني سيلفظهم وسيلعنهم التاريخ، ومكانهم مزابل التأريخ عاجلاً أم آجلاً.