كونوا سنداً للرئيس
توفيق الشرعبي
في كلمته أمام الأجهزة الرقابية حول تفعيلِ مكافحة الفساد والدور المأمول من الأجهزة الرقابية، وضع الرئيسُ مهدي المشَّاط الإصبعَ على الجرح بأن مكافحة الفساد ليست مُجَـرَّدَ إجراءات هنا أَو هناك أَو نقاشات عدمية لا تخرج بشيء، بل ما يجبُ هو الانطلاقُ من رؤيةٍ تغييرية ترقى إلى مستوى المواجهة الجدية للفساد..
وبكل تأكيد أن الفسادَ ليس وليدَ المرحلة الراهنة، كما أنه لا يقتصرُ على بلادنا فقط، بل هو نتاجُ سياسات نيوليبرالية فُرضت من القطب العالمي على كُـلّ المجتمعات، وعملت الأنظمةُ التابعةُ على المشاركة في هذه السياسات بأدوارٍ مهمةٍ، بحيث سلَّعت كُـلَّ شيء وِفْـقاً لوصفات صندوقِ النقد الدولي والبنك الدولي اللذينِ لعبا أدواراً مدمّـرةً لمكاسب المجتمعات، وتحديداً في دول العالم الثالث، بحيث تبدّى الفسادُ فيها كظاهرة يعملُ عليها البعضُ؛ لتحقيق مصالح قوىً بعينها لا تتوقفُ شراهتُها عن التهامِ أكبر قدرٍ من ثروات الأوطان والأمم والشعوب..!!
ومثلما أشار فخامتُه إلى أن الجديةَ اليومَ متوفرةٌ لمكافحة الفساد، فلا بد من تفعيل القوانين الموجودة وإصدار قوانينَ جديدة تجعلُ الجميعَ خاضعين للمساءلة، حتى لا تتحولَ هذه الجديةُ لمكافحة الفساد إلى مُجَـرَّدِ ورشة نقاش عدمي، خُصُوصاً أننا خلالَ عقود مضت قد شهدنا ادِّعاءاتٍ كثيرةً لمكافحة الفساد، وشُكلت لذلك أجهزةٌ وهيئاتٌ رقابيةٌ وجدت نفسَها عاجزةً أمام مسئولين إداريين وسياسيين يفعلون ما يشاؤون بقوةِ الحصانات التي يحملونها، والتي لا ترقى القوانينُ الصادرةُ إلى مستوى مواجهتهم أَو مساءلتهم، وهذا ما جعل تلك الأجهزةَ والهيئاتِ الرقابيةَ لا معنى لها ووجودُها شكلي فقط..!!
نثقُ أن كلمةَ الرئيس المشاط نابعةٌ من شعورٍ صادقٍ بالمسئولية أمام الله وأمام الشعب وتوجُّـهٍ جادٍّ لوضع حَــدٍّ للفساد مهما كان صغيراً، ولإدراكه -أي الرئيس- أن الفسادَ مهما كان نوعُه أَو حجمُه هو أُسُّ كُـلِّ الشرور التي أصابت بلادَنا بالضعف والوهن والعجز والتخلف وعدم الاستقرار..
وإزاءَ جدية الرئيس لمكافحة الفساد، يتوجَّـــبُ على الأجهزة والهيئات الرقابية التي خاطبها في كلمته أن تتحمَّــلَ المهمةَ باقتدارٍ، وتستوعبَ هذا التوجُّـهَ وتقدمَ رؤيةً قابلةً لأَنْ تُترجمَ إلى قوانينَ وبرامجَ فعالةٍ لمكافحة الفساد؛ لأَنَّ الفشلَ في هذا التوجّـه ستكون له تداعياتٌ كارثيةٌ وسيدفعُ بالأمور نحو فسادٍ أكبرَ وأشدَّ وأنكى سيقضي على كُـلّ أمل أَو طموح لبناءِ دولة يمنية عصرية يسودُها النظامُ والقانون..
كلمةُ الرئيس المشاط واضحةٌ وتحمِلُ التوجُّـهَ الجدي لمكافحة الفساد، وهذا ما يجعلُنا نكرِّرُ ما سبق أن تحدَّثَنا عنه في مقالات سابقة بأن هذا الأمرَ يتطلَّــبُ ثورةً في هذا الاتّجاه؛ ليكونَ الجميعُ سنداً للرئيس إنْ كنا فعلاً نريدُ بناءَ دولتنا المنشودة.