هل أصبح التطبيعُ متداولاً بين الأنظمة العربية؟!
إكرام المحاقري
منذ أن أعلن الكيانُ الصهيونيُّ الغاصب بنود خطته المشؤومة المسماة “بصفقة القرن”، تساقطت الأقنعة تباعاً، وتجلت حقيقة غالبية الأنظمة العربية ومدى عمالتها للعدوِّ وخيانتها للقضية المركزية للأُمَّـة “القدس”، وعلى قيثارة الخيانة عزفت الإمارات لحن التطبيع، وكشفت عما كان يظهر على استحياء منذ زمن، ويكأن التطبيع بعيد عن الصفقات التجارية والمؤسّسات الاستثمارية والمدن السكنية التي وُجدت في دبي وغيرها من الإمارات الخليجية بفترة زمنية قصيرة.
عن ماذا يبحث النظام الإماراتي بهذا الإعلان؟!
هل يقصد الاستخفاف بعقول العرب التي أصبحت لا تحترم؟!
أم أنهم يريدون لفت الأنظار إلى قضية التطبيع مع الصهاينة بأنها إنجاز دولي عظيم قد يسمى “بالتاريخي”، لننسى تاريخ ما فعلناه بخيبر وبني قينقاع؟!
لم تكن الإماراتُ في مأمن من فضائح العمالة للعدوِّ الصهيوني، ولم تكن تحَرّكاتهم كلُّها خفية، بل إنهم كانوا يتنافسون للارتماء في الحضن الصهيوني وتقديم المبادرات، أما النظام السعودي فقد آثر ألا يعلن التطبيع من العدوّ الصهيوني بشكل رسمي، منعاً للحرج وحتى لا يخسر موقعه، وكأن التطبيع عبارة عن ورقة توقع بين نتنياهو وطرف عربي أولاً، وبعد ذلك يقوم بمباركتها ترامب، وبعدها يقوم الآخرين بالانخراط فيها بحسب النتائج وردود الأفعال، ومن يجهل حقيقة التطبيع فلينظر إلى ما حلَّ بواقع تلك الدول من انحرافات ثقافية وأخلاقية طمست هُويتهم العربية بشكل كلي.
ومن لم يعلن التطبيع أعلن المباركة والتأخر في الإعلان إذَا ما أعلن الجميع ارتماءَهم في الحضن الصهيوني بشكل رسمي لا خلة فيه، عن دولة الكويت الخليجي نتحدّث، والعجب العُجاب هو ما قاموا به من تصريحات رسمية تحدّثت عن موافقتهم على التطبيع مع الصهاينة وخيانة القدس وفلسطين، ولكنهم سيكونون آخر من سيطبع، فأين هي العروبة من ثلة الأعراب الذين لا يتقنون غير لغة النفاق ويطلقون عليها سياسة ومصالح وصلاة سلام؟!
انكشفت اللعبةُ الصهيونية التي اخترقت العقول العربية غير المحصَّنة بثقافة الوعي، ومن أعلن عن التطبيع اليوم فليسأل نفسه ماذا قدم لفلسطين في الأمس، فما حقيقة أصول هذه الأنظمة المطبعة؟! ليست هذه حقيقة العرب بل إنها حقيقة من اندس بلحيته في أوساط العرب، ولبس عباءة العروبة المزخرفة والمرصعة بالذهب والفضة.
لن تقف عقارب الساعة عند هكذا إعلانات، بل إنها بداية الرحلة إلى الفتح المبين، ولتكن ثورة محمد بن عبدالله من جديد، وليفتح باب خيبر، وما لهم غيرُ الذلة والهوان، (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
هذه حقيقة التطبيع، فمن يفقه ذلك بعيدٌ عن سياسية الصهيونية وعملائها..