ماكرون وأردغان وجهان لعملة واحدة
محمد الهادي
وصل الحالُ بقوى الاستكبار العالمي اليوم إلى جني ثمار ماضي الترويض لجموح إمبراطورية الدولة العثمانية، التي أصبحت جنة مثمرة من جنان التطبيع المتمثلة ثمارها في أردغان من تعكس في صورته نضارة ثمرة الترويض أمام عيون قوى الاستكبار العالمي.
وفي ظلِّ ما تتعرض له البلاد العربية والإسلامية من مؤامرة مدمّـرة وحروب ظالمة، من عدوان يحمل الحقد المتراكم على الشعب العربي والإسلامي من ينعمون بنعمة الهداية السماوية المترافقة أَيْـضاً بنعمة الطاقة المتمثلة في الثروات النفطية والمعدنية والبحرية، مضافاً إلى ذلك نعمة الموقع الجغرافي المتموضع في قلب جغرافيا العالم كله.
فجدير بنا أن نتساءل لماذا تتخبط الأُمَّــة العربية بين أيدي قوى الاستكبار العالمي والتي تصفع الأُمَّــة بيد الحقد والظلم (قتل الأُمَّــة ونهب الثروات)، وباليد الثانية تتغنى بتقديم زيف المساعدة باليد الأُخرى تحت عناوين تخاطب سطحية العامة من الشعوب (المساعدات ومسميات حقوق الإنسان)؟! وهذا ما يحدث اليوم من استهداف الشعوب المقاومة في المنطقة المثقلة بمتلازمة جور أطماع قوى الاحتلال الحديث والأحدث فالأحدث عبر صفعات قوة الحرب بنوعيها الناعمة والصلبة، فجور الحرب الصلبة هي ما يصل بالشعوب إلى حَــدِّ المعاناة من الجوع والفقر المدقع.
ما نراه اليوم من قوى غازية وبحلة جديدة في رفع صوت لغة المساعدة وبنفس الأُسلُـوب لمن سبقهم من قوى الاستكبار السابق، فقوى الاحتلال الحديث المتمثلة في دخول نظام أردغان وماكرون بأُسلُـوب وطريقة متوازية للهيمنة على الشعوب العربية، هو ما يترجم ويفسّر ظهور أعراض وعلامات جديدة لمتلازمة عدوى جراثيم وطفيليات جديدة متمثلة في مسارعة الاهتمام من الرئيس الفرنسي عبر دخوله للمنطقة تحت مسميات تقديم المساعدات لشعب لبنان المكلوم بالحقد المتغلغل من قوى الاحتلال الصهيوني، العدوّ الأول ضد شعب لبنان المناهض والمقاوم للمشروع الصهيوني.
ماكرون اليوم ظهر بقناع القومية والإنسانية، يتحين الفرصة المناسبة لتحسين صورته الخبيثة المغطاة والمغلفة بمساحيق المساعدات للشعوب الإنسانية، ومثل هذه المصطلحات أصبحت نغمةً لكل غازٍ، وهذا ما يسير عليه ماكرون.
أما الشعب العراقي الذي لا يزال يعاني من عمق جراح الحرب الأمريكية المدمّـرة إلى حَــدّ اليوم، ما زال يعاني من سياسة العبث بالأرض والإنسان، نُهبت كُـلُّ الثروات العراقية عبر من جاؤوا لمساعدة العراقيين وهم الأمريكيون، فحضور واهتمام الرئيس الفرنسي ماكرون اليوم هو ما يحكي اهتمام أسلافه من رؤساء الأنظمة الإجرامية (جرج بوش).
ماكرون وأردغان وجهان للعملة الصهيونية، فحضور ماكرون بمعنويات عالية في الساحة العراقية تحت مسمى مواجهة التدخل التركي عبر الهجمات المتتالية من قوات الجيش التركي على الأراضي العرقية المحدّدة للجغرافيا التركية، هنا ينطق على أردغان وماكرون المثل الشعبي المتداول (مَنْ جنبك؟ قال: الصنو).
النظام التركي هو آخر معاقل جراثيم الإخوان ومعيار للتدخلات الأجنبية التي تخدم العدوّ الصهيوأمريكي في المنطقة بتواجد قوات عسكرية تركية في الأراضي السورية والعراقية، تحت مسميات مواجهة التواجد العسكري لحزب العمال الكردستاني.
وبالإضافة للتدخل التركي في العراق، تتوغل القواتُ التركية في الأراضي السورية، والذي سعى النظام السوري من جانبه للوقوف في وجه التدخلات التركية بشتى الوسائل، عبرت وزارة الخارجية السورية بمطالبة أصحاب السلطات الدولية والأممية بأن تقف أمام التدخلات التركية، بما في ذلك منظومة الأمم المتحدة وخَاصَّة مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية بأن تكون على مستوى المسؤولية وتثبت احترامها لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وذات الشيء ينطبق على دول الاتّحاد الأُورُوبي.
وطالبت وزارة الخارجية السورية في بيانها بالرفع المتكرّر إلى المحافل الدولية، رغم معرفتها المسبقة بخيبة النتائج الأممية والتي تعتبر جزءاً كبيراً من سياسة الاحتلال العسكري التركي والاحتلال العسكري الأمريكي للأراضي السورية، وما تلك التحالفات المترافقة مع تواجد الإرهابيين من داعش وجبهة النصرة وقسد وغيرها من التنظيمات الإرهابية، إلا عدوان على سيادة واستقلال سوريا وانتهاك جسيم لمبادئ القانون الدولي وأحكام مواثيق الأمم المتحدة.
وبعكس تعامل النظام التركي مع الدول العربية ونظام أردغان، يبرم العديد من الاتّفاقيات السياسية والاقتصادية مع حليفهم الأول إسرائيل، ففي عام 2002 تعاقدت تركيا مع العدوِّ الإسرائيلي لتحديث 170 دبابة أمريكية من نوع M-60a1 لتحديثها بالدبابات الإسرائيلية المعروفة صبرا-٢، وَذلك بمبلغ وصل إلى 688 مليونَ دولار.