ثورة 21 سبتمبر كانت بمثابة قارب النجاة والتحَرّك الشعبي البارز لأبناء القبائل أذهل العالم
مشايخ قبليون وعلماء وناشطون ثقافيون لصحيفة “المسيرة”:
المسيرة| أيمن قائد
برز دورُ القبيلة اليمنية بوضوح وكان أحد الأسباب التي ساهمت في إنجاح ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، فقد تحول أبناء القبائل اليمنية إلى براكين متفجرة في وجه الطغاة والمفسدين، وهبوا هبةَ الرياح العاصفة والأمواج الغاضبة لتجتاح معاقل الظلم والاستكبار.
وجسّد الثوارُ الحكمةَ اليمانية عند كُـلّ خطوة تصعيدية ثورية وبكل حنكة وشجاعة واستبسال، رافعين شعارات العزة ورافضين القهر والخنوع والإذلال، فكان كُـلّ فرد من أفراد القبيلة اليمنية له طريقته الخَاصَّة في صناعة الانتصار.
يقول الشيخ فضل مانع -أحد مشايخ قبيلة بني حشيش-: إن أبناء القبائل كان لهم الدور الأبرز في إنجاح ثورة الـ 21 من سبتمبر وذلك بفضل من الله وبحنكة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي وبالتضحيات القائمة على نهج المسيرة ودين الله القويم.
ويضيف مانع لصحيفة “المسيرة” أن قبائل اليمن هبت بإصرار أُسطوري وبإيمان بالله وبعدالة القضية والمظلومية بصدق وإخلاص ومن منطلق الاستشعار بالمسؤولية وتلبية لخطابات السيد العلم، مما جعل مسار الثورة والثوار في المسار الصحيح والمشرف، لافتاً إلى أن فترة النظام السابق “عفاش” الذي عانى منه الشعب الأمرَّين، والى مراحل الثورة العظيمة بعد إقامة الحجج والبراهين.
وبخصوصِ تضحياتِ واستبسال أبناء القبائل يقولُ الشيخ مانع: إن دورَ القبيلة هو ذلك الدور المشرف والداعم للقضية ضد نظام فاسد وقبيح، حيث قدموا دماءهم الزكية في أكثر من مسيرة ووقفة منذ بداية عمل المخيمات في المداخل الرئيسية للعاصمة وحتى حصول اليوم الدامي أمام رئاسة الوزراء حتى تحقّق هروب أزلام ومرتزِقة النظام السعودي والإماراتي، موضحًا أن ثورة الـ 21 سبتمبر هي ثورة يمنية التنفيذ والتخطيط والهدف ولم يكن فيها دعمٌ خارجي ولم يكن فيها ما يشوبها كما حصل فيما سبقها من ثورات.
ويؤكّـد الشيخ مانع أن قبائل اليمن لا زالت تسيرُ على نهج هذه الثورة الكريمة حتى يتحقّق ليمننا الحبيب الاستقلال والرفعة والموقع اللائق والمشرف، وأنها لا تزال صامدة رغم مرور ألفي يوم من العدوان وأنها مستعدة للصمود آلاف الأيّام والشهور، وأننا وبعد كُـلّ يوم مضى من العدوان نجد أنفسنا بالله أقوى وأعز مما سبقه من أَيَّـام مضت من العدوان ونجد انتصاراتنا أكبر بفضل الله الناصر والمعين، ونجد أعدائنا أعداء الله السعودية وأمريكا والإمارات وإسرائيل وأذيالهم في اليمن في خزي وهزيمةً وعار، وهذه نعمه نشكر الله عليها ونثني عليه الحمد كله.
ويوجه مانع رسالتَه لكل مجاهدينا الأبطال في كُـلّ الجبهات قائلاً: سلمت أياديكم وبوركت خطاكم، كونوا إلى الله أقرب ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون، نفوسنا لكم الفداء ولقائدنا العلم إن من خلفكم شعب عظيم وقبائل كريمة هم لكم المدد وهم لكم السند بإذن الله وتوفيقه.
21 سبتمبر أُمُّ الثورات
من جانبه، يقول الشيخ هشام ردمان -أحد مشايخ قبيلة أرحب-: إن أبناء القبائل اليمنية كان لهم دور كبير ومحوري في إنجاح ثورة الـ 21 من سبتمبر متمثلاً في المواكبة لمظلومية الشعب اليمنى والذي تجرع مرارة تصرفات الحكومة في تلك الفترة والتي كانت أعمالها وبرامجها وخططها يتم استقبالها من السفارة الأمريكية، وما كان دور الرئيس والحكومة في تلك الفترة غير تنفيذ أجندة أمريكية إسرائيلية وكان تلك الأجندة هي السبب الرئيسي لما وصل إليه الشعب من جوع ومهانة وإذلال وتركيع في تلك الفترة.
ويؤكّـد الشيخ ردمان في تصريح خاص لصحيفة المسيرة أن ثورة 21 سبتمبر هي الثورة التنفيذية لجميع طموحات وتطلعات أبناء الشعب وخروجه من براثن الوصاية الخارجية والاستعمار السياسي ورفع العصا الغليظة عن كاهل الشعب سواءٌ أكانت تلك العصا سعوإماراتية أَو صهيوأمريكية، متبعاً أن هذه الثورة أم الثورات؛ لأَنَّ ما سبقها من ثورات فشلت وأجهضت جميع أهدافها؛ لأَنَّ إدارتها خارجية وما كان الشعب المظلوم في تلك الحقبة من الزمن غير أداة تلاعب بيد من كانوا مرتهنين للخارج.
ومن أهم عوامل إنجاح ثورة الـ 21 من سبتمبر يؤكّـد الشيخ هشام ردمان أنها القيادة المرتهن لتلبية طموحات وتطلعات الشعب اليمني المظلوم، والساعية لإخراج اليمن من براثن الوصاية الخارجية والاستقلال بالقرار السيادي للوطن، والتي لا يغرها كنوز الدنيا وأطماعها في بيع الوطن أرضاً وإنساناً وسيادة، وهي القيادة المتمثلة في السيد عبد الملك بن بدرالدين بن أمير الدين الحوثي رضوان الله عليه وعظم الله قدره وشـأنه.
ويواصل ردمان بقوله: كنا نحن أبناء القبائل جنباً الي جنب في جميع الساحات والميادين خضنا معارك سلمية ومسيرات إنسانية رافعين شعار هيهاتَ منا الذلة، ورافعين شعار الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام، مشيداً بدور مجلس التلاحم الشعبي القبلي بقيادة الشيخ ضيف الله رسام في إنجاح ثورة الـ 21 من سبتمبر وذلك من خلال تحشيد أبناء القبائل الي جميع ساحات الثورة وهذه شهادة مني بذلك كوني أحد رجال ثورة الـ 21 من سبتمبر، يقول الشيخ ردمان.
لقد تمكّنت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر من إخماد العديد من الفتن والثارات المستعصية والتي كانت متراكمة لسنوات عديدة، والتي أثقلت كاهل معظم أبناء القبائل اليمنية؛ نتيجةً للحروب الدامية وعصبية الجاهلية الممقوتة.
وفيما يتعلق بإسهام الثورة في إخماد الثارات بين أبناء القبائل، يقول الشيخ ردمان: إن للثورة المباركة دوراً كبيراً وفعالاً بفضل الله وبفضل أبناء القبيلة في إخماد الثارات والنزاعات المتراكمة، مُضيفاً: ومنذ إنجاح ثورة الـ 21 من سبتمبر وبتوجيهات واهتمام منقطع النظير من قائد الثورة وذلك في حلحلة القضايا وخُصُوصاً قضايا الثارات فقد تم حَـلّ قضايا لم نكن نتوقع أن يتم حلها، ويردف القول: لو نراجع القضايا التي قد تم حلها بنظر وإشراف رئيس مجلس التلاحم الشعبي القبلي، فتأكّـد أنها بالمئات ومن أصعب القضايا.
كما يضيف بالقول: إن القضايا التي يتم حلها بنظر أبو أحمد الحوثي عضو السياسي الأعلى حفظه الله هذا رجل عظيم ومتحَرّك في حلول القضايا لتوحيد الصف وجمع الكلمة، وأن بهذه التحَرّكات في حلحلة القضايا هزمنا أهداف العدوان لاستهدافه جبهتنا الداخلية ومحاولته تمزيق صفنا ووحدة كلمتنا والحمد لله، وهذا الفضل الكبير علينا يرجع لرعاية الله لنا؛ بسَببِ دماء الشهداء ومعاناة الجرحى ومظلومية الشعب اليمني الحر، وأن محتوى هذا كله هو قيادة أهل البيت قرناء القرآن وورثة الكتاب سلام الله عليهم ما تعاقب الليل والنهار.
ثورة شعبيّة مستقلة
من جهته، يؤكّـد الشيخ عبد الولي عاطف المصلي أن ثورة الـ 21 من سبتمبر من أشرف وأنجح الثورات ولم تكن مدعومة من أي طرف خارجي بل كانت ثورة شعبيّة بامتياز.
ويضيف عاطف أن هذه الثورة قضت على الوصاية الخارجية على بلادنا واستأصلت العملاء والخونة، لافتاً إلى دور أبناء القبائل اليمنية في إنجاحها وإسهامهم الكبير والمشرف في تحقيق أهدافها.
ويشير المصلي إلى تضحيات واستبسال أبناء القبائل ومواقفهم العظيمة واستمرارهم في رفد جبهات القتال بالمال والرجال حتى تحقيق النصر.
ومن ناحية إخماد الفتن والثارات بين أبناء القبائل اليمنية يقول الشيخ المصلي: إن ثورة 21 سبتمبر استطاعت القضاء على معظم الثارات المتراكمة والمستعصية وحلها وتوحيد الصفوف والتلاحم الاجتماعي وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية.
القبيلة محور الثورة
من جانبه، يبدأ العلامة عبد الله العزي حديثه لصحيفة “المسيرة” بقوله تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، مُشيراً إلى أن مظاهر تماسك القبيلة وتأثيرها في اليمن أكثر فيه من غيرها مع وجود خصوصياتها ومميزاتها.
ويقول العلامة العزي في تصريح خاص لصحيفة المسيرة: إن للقبيلة اليمنية دورًا مهمًّا ومحوريًّا في إنجاح ثورة الـ 21 من سبتمبر وكذا مواجهة العدوان وصده بعدها، مُشيراً إلى الدور الكبير في المواجهة القتالية في الميدان وإلى رفدها الجبهات بالعتاد والمال ودورها في التكاتف المجتمعي من التكافل والتعاون وكذا التماسك الداخلي والإبلاغ عن أي متعاونين مع العدوان.
ويضيف بقوله: إذَا كان الطائر لا يمكن أن يطير إلَّا بجناحيه فَإنَّ ثورة 21 من سبتمبر من جانبٍ ومقاومة العدوان من جانب آخر تقوم على جناحين أَيْـضاً أحدُهما القبيلة والآخر الجيش ولجانه الشعبيّة، متبعاً “ولولا فضل الله وتوفيقه وتعاون هذين الجناحين لما نجحت 21 من سبتمبر ولما استمر الصمودُ الأُسطوري للعدوان “.
امتدادُ لثورة الإمام الحسين وزيد
الناشط الثقافي الدكتور همدان عسكر القاضي -رئيس اللجان الثورية بهمدان سابقًا- من جهته يقول: إن اليمانيين يحيون ويستلهمون من ثورة الإمام الحسين السبط عليه السلام ومن ثورة حفيده الإمام الشهيد زيد بن علي عليهم السلام، حيث تأتي الذكرى السادسة لثورة المستضعفين ثورة الكرامة والحرية والاستقلال كثمرة طيبة ومباركة من ثمار ارتباط الشعب اليمني والقيادة الحكيمة بتلك الثورات الخالدة وامتدادا لها.
ويؤكّـد القاضي أن ثورة 21 سبتمبر كانت بمثابة قارب النجاة لهذا البلد أرضاً وإنساناً تلافى من خلالها الثوار ما تبقى من سيادة واستقلال وكرامة الجمهورية اليمنية والتي حوّلها النظام السابق إلى بقايا دولة و”حديقة خلفية لدول الجوار”.
ويسرد القاضي جملةً من المميزات التي تميزت بها ثورة الـ 21 من سبتمبر والتي لم يسبق لثورة سابقة أن تميزت بها، وهي أنها تميزت بالتأييد الإلهي العظيم، حيث سهل الله تعالى للثوار في عدة أسابيعَ اقتلاع منظومةٍ متكاملة من الفساد والإجرام والعمالة من جذورها، والتخلص من أجنحتها الثلاثة العسكري والقبلي والديني، ولا يخفى على أحد ما كانت تتمتع به تلك المنظومة من قوة وأموال وترسانة سلاح وعلاقات دولية وإقليمية.
ويضيف أن الثورة تميزت بالتفاف واحتضان ودعم شعبي واسع لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث أَو المعاصر، ما يثبت للجميع أنها ثورة يمنية خالصة قام بها أبناء الشعب بقيادة يمانية وإيمانية حرة ومستقلة وصادقة لا تقبل أية إملاءات أَو تأثيرات إقليمية أَو دولية، وفي نفس الوقت لم تكن موجهة ضد أية دولة سواء من دول الجوار أَو غيرها، فبأي ذنب استعداها الآخرون؟!
ويقول: إن من ضمن المميزات للثورة أنها تميزت بالقيمة الإنسانية والعفو والتسامح حتى مع من قامت الثورة ضدهم، فلم يكن فيها إفراط في الخصومة ولم تنصب فيها المشانق ولم تصدر فيها قوائم سوداء ولم تُسفك فيها الدماء ولم يحصل خلالها فوضى ولا نهب ولا سلب لممتلكات العامة والخَاصَّة، وهذا في الغالب ما يحصل عند قيام أية ثورة، العجيب أن حصل خلال قيام ثورة 21 سبتمبر كان هو العكس تماماً، فكانت حقاً أنظف وأشرف وأنصع ثورة.
ومن المميزات، يقول الناشط القاضي: إنها تميزت بالتضحيات العظيمة والجسيمة التي قدمها الشعب اليمني في سبيل استمرارها ونجاحها حتى يومنا هذا.
ويزيد إلى قوله: سلامُ الله على مؤسّس هذه الثورة ومطلق شرارتها الأولى الشهيد القائد وسلام الله على قائد الثورة وسلام الله على نساء ورجال هذا الشعب المبارك وعلى الشهداء والجرحى والاسرى والمجاهدين المرابطين والثورة مستمرة ولا نامت أعين المتربصين بالثورة أَو المتسلقين على أكتافها.