الحكامُ المطبعون ودروسُ الماضي
حمود أحمد مثنى
الدولُ العربية المطبِّعة مع إسرائيل أَو التي عقدت “معاهدة سلام” مع العدوّ الإسرائيلي، لم تحقّق لشعوبها كما بشرت به من الآمال المرجوة وطموحات الاستقرار والرفاه، بل على العكس، فوضعُها مزرٍ على المستوى الاقتصادي والسياسي والاستقرار الأمني، والمتابع يجد حالة تلك الدول متدهورة في كُـلّ المجالات.
مصر تمتلك أرضاً خصبة واسعة وسهلة ولديها مياه نهر النيل العظيم، وتتميز بموقع هام جِـدًّا وشعب فتي يبلغ تعداده تسعين مليوناً أو أكثر، ولديها كفاءات علمية بلغ الحاصلون على درجات الدكتورة والماجستير أكثر من مئتي ألف، ومؤسّسات الدولة فيها عريقة، ولكنها تعيش حالةَ عدم استقرار، فعملتها منهارة ولديها ديون ضخمة، فقد ارتفع حجمُ الديون الخارجية المستحقة على مصر إلى نحو 112,67 مليار دولار، ولا تمتلك أي تأثير على محيطها العربي والإسلامي والأفريقي، بعد أن تراجع دورُها وتأثيرها؛ بفعل الاتّفاقية أو معاهدات السلام وتهديدها بأمنها المائي جراء بناء سد النهضة في أثيوبيا.
ومملكة الأردن مهدّدة بالوطن البديل للفلسطينيين، وَقضم أجزاء منها لصالح إسرائيل، ووضعها الاقتصادي معتمد على المساعدات، وإجمالي الدين العام المستحق على الأردن بلغ (44,2 مليار دولار).
أما السلطة الفلسطينية قبل السلام كانت موحدة قوية، ولديها استثمارات مالية ضخمة، ولها احترام وتقدير معظم الدول والحكومات العالمية، وبعد اتّفاقية السلام مع الكيان الإسرائيلي أصبحت سلطة مقسّمة ضعيفة تعتمد على الدول المانحة، مع علم كوادرها خطر ذلك الاعتماد؛ لأَنَّه يجعلها خاضعة للضغوط والابتزاز دوماً.
قيادتها مهدّدة يوميًّا بالعزل والتبديل وإعلان أمريكا نقل سفارتها إلى القدس عاصمة لإسرائيل بتاريخ 14 مايو 2018م، حيث تم نقلُها من تل أبيب إلى القدس بدون أي احترام لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة الخَاصَّة بذلك الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المحتلّة، وهو يعتبر انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية المتعلقة بالقدس، وهو تشجيع للاحتلال الإسرائيلي لمواصلة السير في النهج نفسه، وقد كفلت قرارات الشرعية الدولية قيام دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، وقد اختارت الإدارة الأمريكية ورئيسها الذكرى السبعين لنكبة الشعب الفلسطيني لتقديم هذه “الهدية” للحليف الإسرائيلي، متحدية العالم بذلك ومستهينة بحقوق الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وإصرار المسؤولين الصهاينة عن مشروع ضم الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل بأنه سيتم قريباً.