صفقة جنيف تكشف وهن المرتزِقة وصلابة الأنصار
محمد يحيى الضلعي
صفقةُ تبادل الأسرى مثّلت نصراً جوهرياً كَبيراً خطفه الرجال بكل حنكة، فما كشفته الأرقام والإحصائيات أثبت بكل وضوح أن للمعركة رجالَها وللسياسة رجالَها وأن النصر يختار رفقاءه بعناية فائقة، وما أفصح عنه المجاهد المرتضى رئيس شؤون الأسرى بقوله اضطررنا؛ لأَن نتفاوض مع عدة أطراف؛ كونهم مشتتي القول والرأي؛ لكي تنجح صفقة التبادل يعكس مدى ضعف معسكرهم المنهار وقوة معسكر الحق الذي يمهد للنصر الأكبر.
نعم لقد كشف الأبطال بالـ 681 مجاهداً مقداماً هم الأسرى وهم من قدموا أرواحهم الغالية؛ دفاعاً عن كرامتنا وثمناً غالياً عن الأرض والعرض.
إنَّ أسرانا الأبطال الأحرار سطّروا أقوى ملاحم البطولة والفداء دون تنقيص أَو امتنان، فما أصدق ما قاموا به وما أعظم ما قدموا وما أجلَّ صبرَهم على بُغاة العصر في الأسر والمعاملة.
وعندما نتكلم بصدق القول ومنطق الحقيقة التي لا مهربَ منها نخجلُ أمام عطائهم، لكننا في الوقت نفسه نعتز بعزهم ونكابر بعظمتهم، ونفخر أن لنا إخوةً مثلَهم في السجايا والصفات والمبادئ والقيم، فحين انطلقوا إلى مواقع الشرف والبطولة كان انطلاقهم بدافعِ الجهاد ولا سواه وبدافع الدفاع عن الوطن والدين، طلبوا منازل النبيين والصالحين والشهداء وحسن أُولئك رفيقاً.
لله دَرُّكم، فكم هي نفوسكم غالية أيها الأحرار وخسارة الأُمَّــة بخسارة أمثالكم، وحين تم أسركم علم العدوّ منكم الرسالة التي مفادها صامدون حتى آخر رمق، وعلم العدوّ أَيْـضاً صلابة الرجال وعلم العدوّ عزةَ النفس وعلم العدوّ أَيْـضاً أن القضيةَ هي قضيةٌ محقة.
إن صفقةَ تبادل الأسرى المبرمة مع المرتزِقة كشفت لنا الكثير من المعاني وبيّن الكثير من الأمور، فتمثل جانب الأحرار في الصف المعروف وفي المكان المناسب ومن موقع أكثر صلابة وقوة، فحين كانت المعادلة أن يُفرَجَ عن 681 مقابل 400 من المرتزِقة، منهم 15 سعودياً و4 سودانيين، كانت لهذه الأرقام دلالةً واضحةً على قوة الموقف وانهزام العدوّ.
ألا يعي المخدوعون هزالةَ قادتهم وانبطاحَهم؟! أما آن الأوان للتوبة والرجوع إلى جادة الصواب وأن الوطن أغلى وأسمى من كُـلّ الاعتبارات؟!.
ختامُ القول الجلي فَـإنَّ جنيف وغيرها ستسجل المواقفَ للرجال وستنجلي الأيّامُ بالبراهين عظمةً للقضية وصدقاً للكلمة ووفاءً للعهد، وسيكون التنفيذُ لهذه الصفقة مرهوناً بمصداقية المرتزِقة بالوفاء بالعهود، والشهودُ على ذَلك من المجتمع الدولي وبالأخص الأمم المتحدة فما هو بوضوح النهار لا تعتمه ظلمة الليل.
عُمُـومًا تمّت الصفقةُ واتفق الرجالُ مع العملاء وسُلِّمت الكشوفات واتضحت الأمورُ وسيعودُ رجالُنا ورؤوسُهم تعانِقُ السحابَ شُموخاً وعظمةً وكبرياءً، وبقيةُ الرجال لن نتركَهم وسيعودون إلى أسرهم، وهذا وعدُ القائد والمسيرة.