مسيرةُ الألف تبدأ بـ “كلمة”
المسيرة – عابد المهذري *
أن تكونَ صحفياً في اليمن فذلك مصدرُ فخر وإن تعسّر على البعض فَهْـــمُ هذا الأمر؛ لأَنَّ من لا يستوعب قواعد الخبر وصدق الكلمة، فالخللُ عصيٌّ على تقبل الوضع، وحين تكون الصحافة تحارب؛ مِن أجلِ البقاء في زمن الحرب والقصف والعدوان كما هو الحال في اليمن منذ ستة أعوام، فما عليك سوى التصفيق بحرارة لصحيفة المسيرة وهي تشعل العدد رقم ١٠٠٠ بجدارة مهنية لا متناهية، تجسيداً لشعارها البعيد عن الإثارة، القريب من الهدف والمشروع والثقافة للمسيرة الأكبر: صدق الكلمة.
المسيرة الصحيفة.. المعلومة اليومية والخبر من قلب المعركة.. التنوع والموهبة.. الواقعية في الطرح والبعد عن الشطط.. السير بهدوء نحو العقل بمنأى عن ملاحقة القارئ أَو التوزيع مرتفع المبيعات.. الرسالة القائمة على قضية وطن ومظلومية شعب ومقارعة تحالف آثم أوغل في دماء الأبرياء.. مفترق طرق تعاملت معه صحيفةُ المسيرة بنجاح لافت طيلة سنوات مضت، ولا تزال بذات الرصانة تواصل مهنيتها حتى وقد غدت نسخة إلكترونية اقتضتها ضرورة التحول في هذا المجال حتى لدى كبريات الصحف العالمية، غير أن تأثيرَ المسيرة الصحيفة باق ويتسع ويكبر ويستمر ويثير قدراً وافراً من الوعي والانحياز للحقيقة مهما كان الثمن مضاعفاً، انتصاراً لمبدأ التضحية؛ مِن أجلِ كرامة وعزة المستضعفين اليمنيين في عالم يعج بالجلاوزة ويحكمه ويتحكم به طغاةُ الاستكبار.
في عددها الألف، أتذكر المسيرةَ في عددها صفر.. ذات لقاء مع الزميل العزيز صبري الدرواني قبيل وقت قصير من خروج العدد الأول من المطابع، لنصحوَ على إضافة أنيقة الشكل ثرية المحتوى لساحتنا الصحفية، ومن يومها والزميل الدرواني يدور في دوائر الصبر والمثابرة مع فريق التحرير لترجمة الجهد المبذول نقشاً على صخر التفرد والاستمرارية، وقد نجحوا بكفاءة، أنجزوا الكثير ببراعة، قضموا تجربة خلاقة، كانوا بحجم المسؤولية الملقاة على عقولهم وأقلامهم وأسمائهم، شخوصاً وأفراداً، كياناً يعبرون عنه وأمة يتحدثون بلسانها، وهي المسؤولية الجسيمة بالغة الصعوبة والتعقيد التي لا يدركها إلّا من يشتغل في هذا الحقل ويرتبط بتفاصيله عن قرب.
المسيرة.. الصحيفة الأثيرة على الحرف.. وقع له شجن وإن بدا سياسيًّا في غالب القوالب وحرباً يساير الحرف شعراً وخبراً، غلاف وقور العناوين.. وصورة تليق بالمانشيت العريض.. أعمدة ثابتة وكُتّاب من كافة المشارب.. تحقيقات استقصائية وقصص إخبارية.. كوكتيل شامل يمضي للألفيَّة الثانية بخطوات ثابتة الهدوء، كما هي منذ البداية، ومسيرة الألف بدأت بكلمة فكانت صدقَ الكلمة وستظلُّ.
* رئيس مجموعة اللحظة الإعلامية