منبر للتوعية الفكرية والثقافية والإيمانية
محمد أمين الحميري*
بدايةً نُبارِكُ لصحيفة المسيرة -إدارةً وهيئةَ تحرير، وعاملين- بمناسبةِ مرور 1000 يومٍ من الانطلاقة، ونتمنَّى للصحيفة ولهم المزيدَ من التميُّز والتألُّق أكثرَ لما فيه الريادة، وإن كان لنا من شيءٍ في هذه المناسبة فسنجملُه في الآتي:
أولاً: من خلال متابعتنا الصحفية، فقد نجحت الصحيفةُ في الالتزام بالمهنية الصحفية، من خلال الالتزام بالمعايير والقيم الصحفية للعمل الصحفي المهني القائم على أَسَاس المصداقية والموضوعية في تناول الأحداث وتحليلها وتغطية ما يلزم منها، وهذا من أهم المقومات التي ربما فشلت فيها مختلف وسائل الإعلام في الساحة اليمنية وبخَاصَّة في المراحل الماضية، حتى ارتبط في أذهان الكثير من الناس أن الصحافةَ تمثلُ الكذبَ والدجلَ والتضليلَ والتزييفَ وقلبَ الحقائق، والقليلُ النادرُ هو ما وافق الحقيقة والواقع، بل إن العمل الصحفي -الرسمي منه والحزبي والمعارض- كان من وسائل تغييب الوعي، بتأجيج الصراعات، وإذكاء الفتن، وكُلٌّ يواجه الآخرَ من خلال صحيفته ووسيلته الإعلامية، هذا هو السائدُ.
وبالنظر إلى أداءِ المسيرة خلال الفترة الماضية، فقد نجحت الصحيفة في سلوكِ مسارٍ مغاير تماماً لما سبق، ونقطة الانطلاق فيه كانت على أَسَاس المهنية الصحفية المعتبرة، وقد كان لهذا ثمارُه في واقع العمل الصحفي، وفي واقع الجمهور المتابع للصحيفة.
ثانياً: لم تكن الصحيفة خلال الـ 1000 يوم مُجَـرّد صحيفة إخبارية بحتة، بل كانت منبراً للتوعية الفكرية والثقافية والإيمانية والاجتماعية والسياسية، كما نجحت في تجييرِ الأحداث وما ينشر من أخبار سياسية وغيرها في اتّجاه تعزيز الوعي ذاته، وما سبق كله شيءٌ مهمٌّ في بناء وعي المجتمع، والارتقاء به، فالصحيفة بهذا السلوك قد مثلت مصدراً من المصادر الموثوقة في تلقي المعلومة الصحيحة، وفي جانب تحليلها، وفي جانب البناءِ الفكري التربوي والذي ركّزت فيه الصحيفة على الكثير من الكتابات ذات الصلة، ومن ذلك ما ينشر من لفتات لقائد المسيرة القرآنية المؤسّس الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي رحمة الله تغشاه، أَو ما ينشر من محاضرات وخطابات وإضاءات لقائد المسيرة القرآنية حَـاليًّا، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-، فهذا الشمولُ الإخباري والسياسي والتربوي قد جعل من الصحيفة مجلةً متكاملةً وعلى مدار اليوم، وقد مثّلت نقلةً نوعيةً للكثير ممن يتابع ويقرأ، وكانت مصدراً للرجوع في مختلف الأمور.
ثالثاً: الصحيفةُ نجحت في كسر العُزلة التي كان يراد فرضُها عليها من قبل بعض المأزومين، فالصحيفة -في نظرهم- لا تمثل سوى جماعة بعينها وهذه الجماعة لها أدبياتُها وَ…، وتقديمُها في الصورة المقززة؛ بغية كسبِ تفاعُلٍ شعبي عريض يخدُمُ هذا التصورَ الخاطئ، لكن الصحيفة وبفعل الأحداث المتسارعة كسرت هذه العزلةَ وأصبحت صحيفةً لكل الشعب، ناطقةً باسمه على الدوام، متبنِّيةً قضاياه وهمومَه، إلى جانب إبراز قضيته الأَسَاس وهي قضيةُ الظلم الذي يتعرضُ له اليمن في ظل العدوان، ونجاحها الباهر في تغطية ما يجب تغطيته، وإبراز الحقائقِ على الدوام، وحشد الطاقات في هذا الصدد، إلى جانب إفساحِ المجال للكُتَّاب من مختلفِ التوجُّـهات، وتفعيل دورهم بما يخدُمُ القضايا الرئيسية للأُمَّـة وفي إطار القواسم المشتركة التي يؤمنُ بها الجميع، وكانت المنبرَ الحُــرَّ الذي من خلاله يُعبِّرُ أُولئك عن رؤاهم وأفكارهم، ومن خلالها يستطيعون إيصالَ ما عندهم، وهذا شيءٌ محسوبٌ للصحيفة، حيث أن الأُمَّــةَ أُمَّـةٌ واحدة، ونحن في هذا الشعب أُمَّـةٌ واحدةٌ كذلك، وهناك مشروعٌ جامعٌ علينا كشعب الالتفاف حوله، وقيادة واحدة صادقة علينا تعزيز الثقة بها ومناصرتها لما فيه تحقيق التطلعات الكبيرة.
رابعاً: نتمنى من إدارةِ وهيئةِ الصحيفة وهي وجهة نظر، إعادةَ النظر في قرار الاكتفاء بالنشر الإلكتروني فقط، وإعادةَ نشر الصحيفة ورقياً؛ فلذلك أثرُه للاعتبارات السابقة التي أشرنا إليها، وذلك مما يتوقفُ على أن تكونَ الصحيفة في متناول الجميع، من مثقفين وعموم مجتمع، فالنشرُ الإلكتروني سيظلُّ تأثيرُه محدوداً وفي إطار بعض النُّخَبِ فقط؛ وكون المرحلة التي نمُـــــــرُّ بها في اليمن اليوم لم نصل فيها إلى الوعي الجماهيري الراقي والرشيد ولم تتوفر الإمْكَاناتُ حتى يكونَ في متناول الكثير المتابعة الإلكترونية، والقراءة الإلكترونية ستظلُّ محدودةً في إطار البعض لو افترضنا، خلافَ النشر الورقي، فلذلك وَقْـــــعُه لسهولة تناول الجميع له، ووصوله إلى المثقف ولعامة الناس على اختلاف مستوى وعيهم.
نتمنَّى للجميع التوفيقَ والسداد، واللهُ الهادي إلى سواء السبيل.
* كاتبٌ سلفيٌّ في قضايا الفكر والشؤون السياسية.