صحيفة (المسيرة) بين ألفيتين
د. أحمد الصعدي
بدأت علاقتي كقارئ لصحيفة (المسيرة) منذ وقت مبكر، حيث تابعتها باهتمام كبير؛ بسَببِ كونها كانت الوسيلةَ المقروءةَ الوحيدةَ التي نتعرَّفُ من خلالها على توجّـهات وسياسات ومنطلقات قوة سياسية صاعدة بسرعة منقطعة النظير، هي حركة أنصار الله.
بعد ذلك بدأت تظهر بعضُ منشوراتي على صفحتي في الفيسبوك في الصحيفة كمقالات، ثم أخذ يتواصل بي مباشرةً رئيس التحرير الأُستاذ صبري الدرواني، طالباً أن أكتب للصحيفة مقالات خَاصَّة، وبالرغم من أن صبري شخص يصعب عدم تلبية طلبه؛ لما يتمتع به من مشاعر الود واللطف ولباقة التخاطب، إلّا أنني كنتُ أشعر أن من الأفضل أن أتركَ له حرية الاختيار مما أنشره في صفحتي، لاعتقادي أن الصحيفة ملتزمة خطًّا محدّداً له أُسلُـوب ولغة خطاب محدّدان بدقة، مما قد يجعل بعض كتاباتي غير مناسبة للنشر فيها، وأخيرًا أخذت أرسل المقالات لرئيس التحرير مباشرة ولا لأعيد نشرها إلّا بعد أن تصدر في الصحيفة.
هنا لا بد من الاعتراف أن كُـلَّ ما نشرته لي الصحيفة قد نشر كما هو من غير أي شكل من أشكال التدخل، بما في ذلك مقال عن الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو بعنوان (كيف كان “الشيوعي الفاضل” يقضي يومه؟) نشر في العدد رقم (304) يوم الاثنين، 27 نوفمبر 2017، باستثناء تغيير في بعض العناوين في حالات نادرة جِـدًّا، وهذا أمر مفهوم ومبرّر من ناحية تحريرية؛ لأَنَّ رؤية الصحفي للعنوان تختلف عن رؤية الأكاديمي.
وبمناسبة ولوج الصحيفة الألفيَّة الثانية، ليسمحْ لي رئيس التحرير وفريقه بإبداء ما أرغب -كقارئ- أن أجدَه على صفحاتها، والذي ألخصه بتنوع المحتوى من خلال:
– الاهتمام بالتحقيقات الصحفية، وفتح الكثير من المِلفات والقضايا مع مراعاة التدقيق والتمحيص والاستمرارية، لا سِـيَّـما وقد تعودنا أن نقرأ في صحافتنا المحلية تحقيقات تسلق سلقاً، ثم تنساها الصحيفة المعنية مهما كان موضوع التحقيق خطيراً، وهذا يعود -كما أتصور- إلى عدم الاهتمام بأقسام التحقيق.
– تنويع المادة الفكرية والاهتمام بالثقافة والأدب والفنون المختلفة، مما سيثري المحتوى الفكري والثقافي للصحيفة، ويوسع دائرة المهتمين بها من القراء، تأتي أهميّة تنويع المحتوى وتوسيع أفق الرؤية من كون المكون السياسي الذي تنطق الصحيفة باسمه أصبح معنياً بإلحاح بالتخاطب ليس فقط مع جميع اليمنيين بل ومع العالم.
– نشر المزيد من المواد المترجمة مما يصدر في الخارج عن اليمن، بما في ذلك ما تصدره مراكزُ الأبحاث والدراسات، وبالخصوص ما يصدر عن القوى الطامعة بالهيمنة على بلادنا؛ لأَنَّ معرفة كيف تفكر تلك القوى وما تخطط له من أهمِّ شروط النجاح في مواجهة مخطّطاتها.
– وأخيرًا أهنِّئُ هيئةَ التحرير بمناسبة بلوغ الصحيفة العدد الألف من عمرها، متمنياً لها المزيدَ من التطور والتقدم والارتقاء في المضمون والشكل.