في ألفية أصدق صحيفة
منير الشامي
قبل إعلان ثورة الـ 21 من سبتمبر الخالدة بثمانية وثلاثين يوماً وبالتحديد في الـ 13 من أغسطُس 2014 الموافق 17 شوال 1435هـ كان ولادة العدد الأول من صحيفة المسيرة، وكأنما سبقت إعلانَ الثورة بهذه الأيّام لتكونَ لسانَها الناطقَ وصوتَها الصادع في زمن حرجٍ كانت فيه قوى العمالة والخيانة المسنودة والمدعومة من أعداء الوطن تتكالبُ وتحُــدُّ مخالبَها على المسار السلمي للثورة في ساحات الاعتصام بأمانة العاصمة وعلى مسارها العسكري الذي أجبره الأعداءُ والعملاء والخونة على شق طريقه ليلتحمَ بالمسار السلمي بالعاصمة صنعاء رغم أنوفهم، وفي لحظة مفصلية كانت لا تزالُ فيها كُـلُّ منابر الإعلام اليمني بمختلف أنواعها تحتَ جلابيب الوصاية الخارجية ومسخرة بكل طاقاتها لخدمة أعداء اليمن، يحركها ويتحكم فيها أربابُ الخيانة والعمالة من أتباعهم ويستهدفون بها وعيَ الشعب المغلوب على أمره؛ لتوسيع دائرة الفُرقة والانقسام بين أوساطه، وشحن قلوب اليمنيين بالعداوة والبغضاء وقد أصبحوا فِرَقاً متخاصمةً ليجعلوا منهم شِيَعاً يدفعونها ليذيقَ بعضُها بأسَ بعض.
ربما استبشر الخونةُ بها بادئ الأمر واعتقدوا أن هذه الصحيفة لن تكونَ كقناة المسيرة؛ كونها مقروءةً بل ستكون منبراً إضافياً في خدمة أسيادهم؛ ظناً منهم أن هدف قيادة أنصار الله منها هو الرد على خصومهم بنفس أساليب الدجل والبهتان التي يمارسونها ضد أنصار الله.
لم يساورهم الشكُّ في ذلك وكانوا متأكّـدين من أنها ستكون عاملاً فَعَّالاً في توسيع دائرة الشقاق والنفاق وبوقاً من أبواق الباطل يزيد من تأجيج العداوة والبغضاء في قلوب خصوم أنصار الله فوق ما فيها.
فخاب ظنُّهم وتلاشى حلمُهم حينما ظهرت خلافَ ما كانوا يعتقدون وعكس ما كانوا يرجون ورأوها منبرَ الحق في صرح الصحافة اليمنية، وقُدوتها المُثلى مثلُها مثلُ قناة المسيرة تماماً، فكانت عاملاً إضافياً في دعوة اليمنيين جميعاً إلى الله وَإلى الاعتصام بكتابه وإلى التآخي ونبذ الخلافات والنأي عن العصبيات بمختلف أشكالها وفي دعوة الجميع إلى التخلي عن كُـلّ ذلك جانباً وإلى تفرغ الجميع وتوحيد صفوفهم لمواجهة أعدائهم الحقيقيين وأعداء دينهم ووطنهم.
وهذا ما جسدته صحيفةُ المسيرة من عددها الأول، الأمر الذي زاد من صدمة أعداء الأنصار وضاعف من خيبتهم.
وبدأت تشق طريقها على درب الحق وكثاني صوت من أصواته لتخطوَ بخطوات ثابتة في تمهيد قلوب الشرفاء من أبناء الوطن وتبشيرها بأصدق الحروف بقربِ جني شجرة صبرهم ودنو قطف أولى ثمرة من ثمار مشروعهم القرآني الذي تمسكوا به ومضوا في نهجه لإعلاء كلمة الله وضحوا مِن أجلِه، وصارت لسانَ المسار السلمي ولسان المسار العسكري للثورة تصدعُ بصرخاتهم وتهتف بهُتافاتهم وتنادي بأهدافِهم وتعبِّرُ عن إرادتهم وترصُدُ كُـلَّ تحَرّكاتهم حتى يوم إعلان الثورة فكانت يومها صوتَ ثورة الشعب قبل غيرها، واستمرَّت كذلك حتى بداية العدوان الإجرامي وتحولت من أولى غاراته إلى قلعة مقروءة لتعزيز الموقفِ الشعبي ومنبرٍ إعلامي للدفاع عن الوطن ومنارة لكشف مظلومية الشعب وإبراز مأساته تجاوزت الحدود وعززت ثبات الشعب والصمود.
ها هي صحيفةُ المسيرة اليومَ تحتفلُ بألفيتها الأولى لم تهتز يوماً أمام عاصفة العدوان ولم ترجف يوماً تجاه حصاره وطغيانه، تتألقُ في عالم الصحافة والإعلام بمنجزاتها في ألفِ عددٍ لها وثّقت فيها مأساةَ شعب ولخّصت فيها أحداثَ ستة أعوام في أسفار تاريخِها المشرِق.
فمباركٌ لها هذا النجاحُ ومباركٌ لطاقمها وجنودها المجهولين الذين يقفون خلف هذا النجاح والإبداع.