عن مسيرة المسيرة
المسيرة – إبراهيم السراجي
تصلُ اليومَ صحيفةُ المسيرة إلى عددِها رقم ألف، وتتزامنُ هذه المناسبة مع إكمالي للعام الخامس في هذه الصحيفة، التي بالنسبة لي لم يكن الانضمامُ إليها مُجَـرَّدَ فرصة عمل أَو وظيفة براتب شهري، فعندما دُعيت للانضمام إلى هيئة التحرير سعدت جِـدًّا بهذه الدعوة؛ باعتبَار أن هذه الصحيفة كانت الصوتَ الذي انتظرنا حضورَه منذ زمن طويل، والصوت الحر الذي لا يتظاهر بالمعارضة وفي اليوم التالي يذهبُ لاستلام مخصَّصاته من الحاكم الذي كان يضبطُ إيقاعاتِ المعارضة بالشكل الذي لا يهدّدُ الكرسي الذي يجلسُ عليه، وبنفس الوقت يصوِّرُه كحاكمٍ ديموقراطي منح الحرية للمعارضين وكانت تلك حيلةً أسوأَ من تكميم الأفواه.
على مدى ألف عدد كانت هناك قصةٌ تقف خلف كُـلّ عدد وكان هناك فريقٌ متألف يعي كُـلُّ أفراده أهميّةَ الرسالة التي يؤدونها، ويعرفون أن الصعوباتِ لا نهايةَ لها، ولكنها لم تكن يوماً لتقف عائقاً أمامهم؛ ولذلك استمرت الصحيفة في الصدور والإصرار على إثبات نفسها وتثبيت أهميتها رغم المتغيِّرات التي طرأت على مهنة الصحافة والإعلام والتطورات التي فرضتها ثورةُ التكنولوجيا والانترنت التي جعلت من السرعة معياراً رئيسياً في السباق الصحفي إن صحَّ التعبير؛ ولكي تبقى الصحيفة في هذا السباق كان لا بد عليها أن تقدمَ المادةَ الصحفيةَ بمعطياتٍ ومعلوماتٍ تنفرِّدُ بها وتصبحَ المصدرَ الوحيدَ لها، وبالتالي استطاعت في مناسباتٍ كثيرةٍ ضبطَ إيقاع السباق لتكتُبَ اسمَها في وعي المتلقي.
كما أن تطور وسائط الإعلام؛ بفعل شبكة الانترنت جعلنا في الصحيفة الورقية نُركِّزُ على جوانبَ هامةٍ لنقدمها، بما يجعلها تستحقُّ الانتظار، وهي الجوانبُ المتعلقةُ بالرؤية للأحداث القائمة وتحليلها للتنبؤ بالقادم، وهذا الأمر كان ضرورياً، خُصُوصاً مع بدء العدوان على اليمن الذي فتح البابَ أمام سيول جارفة من التحليلات والرؤى وفتح الباب أَيْـضاً أمام الآلة الإعلامية الضخمة لقوى العدوان والتي أغرقت كُـلَّ الوسائط بالحملات الإعلامية التي حاولت النيلَ من معنويات الشعب اليمني وتحطيمِها، وبالتالي وإلى جانب الإعلام الوطني تمكّنا من مواجهة تلك الحرب، الأمر الذي أوصل قوى العدوان ومرتزِقتَها للاعتراف بانتصار الإعلام الوطني رغم أنَّ إمْكَاناته ووسائله لا تصل إلى واحد من عشرة بالمِئة مما يمتلكه تحالفُ العدوان، فكان الانتصارُ الإعلامي الوطني أولَ المعارك التي تشهدُ نصراً حاسماً في المواجهة.
إنَّ المناسبةَ تستدعي اليومَ أن نتذكَّرَ الجوانبَ الإيجابيةَ مما وفقنا الله للنجاحِ فيها، ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن هناك قصور، فالقصورُ موجودٌ ونعترفُ به والمقام ليس لتفسير أسبابه أَو تبريرها، لكننا نأملُ أن تشهدَ المرحلةُ المقبلةُ معالجةَ جوانب القصور ومواكبةَ تطورات وسائط الإعلام؛ لنستمرَّ في تقديم رسالتنا وواجبنا أمام الله تجاه أمتنا وشعبنا وقضيتنا.