خيانة النظام السابق للقضية الفلسطينية ليست مستغربة وأقاربُ صالح يقاتلون اليوم تحت الراية الصهيونية
مسؤولون وسياسيون وإعلاميون ومواطنون لصحيفة “المسيرة”:
المسيرة| خاص
تتكشّف الحقائقُ يوماً بعد آخر حول خيانة النظام السابق في عهد علي عبد الله صالح لليمن وللقضية الفلسطينية، ما يدلُّ على أن مسار اليمن كان سيقود إلى الإعلان الرسمي لهذه العلاقات الخفية التي استمرت لسنوات لولا اندلاع ثورة 21 سبتمبر المجيدة.
ويرى عدد من المسؤولين والإعلاميين والسياسيين، أن علاقة التطبيع مع الكيان الصهيوني لم تكن مستغربة من نظام صالح ولا من الأنظمة العربية في عهده؛ لأَنَّ البلادَ حينها كانت ترزح تحت حكم السفارات والوصاية الخارجية.
إن ما كشفه المتحدّثُ الرسمي باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع، يوم أمس، هو ما كان يتداوله الناس في الخفاء، هكذا يفتتح العلامة محمد مفتاح مستشار المجلس السياسي الأعلى بصنعاء حديثه لصحيفة “المسيرة” للتعليق حول ما تم كشفه.
ويؤكّـد العلامة مفتاح، أن أحرارَ وشرفاء شعبنا اليمني كانوا يتحدثون في الخفاء بأن المخابرات الصهيونية هي من جندت صالح من فترة مبكرة لاغتيال إبراهيم الحمدي، وتنصيبه رئيساً على اليمن، فكانت هذه الحقيقة تتداول على أنها إشاعة.
ويشير مفتاح إلى أن الواقع كشف أنها ليست إشاعة، بل هي حقائق دامغة، وما تم كشفُه من وثائق يعتبر الشيء اليسير، مما يدين النظام السابق ورأس النظام وأعوانه ومساعديه وأقاربه، وما خفي هو أعظمُ بالتأكيد.
ويقول مفتاح إنه لولا ثورة 21 سبتمبر المباركة لكانت اليمن مرتعاً لكل جريمة بعد أن أدخلوا إليها عناصر المخابرات الأمريكية والصهيونية القاعدة وداعش وأخواتها، وكانوا يفجرون في الطرقات والأسواق والمدارس والجوامع.
ويحمد اللهَ العلامةُ محمد مفتاح أن أنقذ الشعب اليمني بهذه الثورة المباركة التي حقنت دماء اليمنيين، وصانت أعراضهم، وأخرجت اليمن من دوامة لا نهاية لها، حيث كان الذبح والسحل والنهب جرائم لا اعتبار لها ومنتشرة في كُـلّ محافظات اليمن.
ويدعو مفتاح قيادة حزب المؤتمر إلى تبيين موقفهم أمام هذه الحقائق المخزية، وقال: “لا يزال في حزب المؤتمر الشعبي العام الكثير من الشرفاء الذين بدورهم سيقودون الحزب إلى الاتّجاه الصحيح ونحو العمل الوطني المشرف، ومن يدعي أنه ينتمي إلى حزب المؤتمر ولا يزال يوالي عفاش فهو يوالي الصهاينة الذين والهم عفاش”، كما حثّهم على التحرّر من التبعية لعملاء الكيان الصهيوني ليصبح حزباً وطنياً، لافتاً إلى أن فيه الكثيرَ من الوطنيين الأحرار الذين بمقدورهم اليوم أن يعلنوا موقفاً مشرفاً تجاه هذه الحقائق.
وفي هذا الصدد، يقول مستشار المجلس السياسي الأعلى محمد طاهر أنعم: إن الضغوط الأمريكية على الأنظمة العربية نحو التطبيع لم تكن مستغربة، بقدر ما هو مستغرب من نظام كان يدعي أنه يقف إلى جانب فلسطين وقضيتها المقدسة، مستدركاً بقوله: “لقد كان اندفاعُ الأنظمة نحو التطبيع بالترغيب أَو الترهيب”.
أما الباحث في الشؤون السياسية والعسكرية العميد عبد الغني الزبيدي، فيرى أن كشفَ الوثائق يستوجب أن يكون هناك وعي مجتمعي بما يتعلق بسياسات الحكام، سواء في الماضي أَو الحاضر والمستقبل، مُضيفاً: ‘‘أُولئك الذين كانوا يخادعون الشعب اليمني بأنهم لا يقبلون بالكيان الصهيوني افتضح أمرُهم، وكانوا يريدون أن يكون الشعبُ اليمنيُّ ضمن الدول المسارعة نحو التطبيع مع إسرائيل”.
ويبين العميد الزبيدي أن التطبيع كان منذ القدم منذ التسعينيات، وهي فترة زايد وليس الأبناء، وَأن غالبيةَ الأنظمة العربية كان لديها هذا التماهي وفي التسابق حول من سيحظى برضا الأمريكي والصهيوني لتحقيق أجندته في المنطقة.
أما الأمين العام للجبهة الثقافية لمواجهة العدوان محمد العابد، فيقول إن الحديثَ عن التطبيع في الماضي لم يكن مشاعاً، لكن اليوم تم كشفه وفضحه بالوثائق وَالأسماء، وهذا يكشف إلى أي مدى كانت مسارات التطبيع تتجه.
وبين العابد أن التطبيع كان منذ وقت بعيد، وأن النظام السابق كان متوقعاً منه ذلك.
أما أمين عام حزب العدالة والتنمية بكيل الحميني فيقول إن ما تم الكشف عنه، أمس الأول، حول الوثائق السرية التي كانت بين النظام السابق والكيان الصهيوني عبر قناة المسيرة، فاجأ الكثيرَ من أبناء شعبنا اليمني، وربما الكثير من النخب السياسية، حول الأنظمة العربية بالكامل بما فيها نظامنا السابق الذين كانوا في علاقات غير مباشرة مع الكيان الصهيوني.
ويقول الحميني في تصريحه لصحيفة “المسيرة”: إن الكثيرَ ممن كانوا يعتقدون أن علي عبدالله صالح أنه آخر القلاع القومية العربية عبر مزايدته التي كان يستخدمها ضد الكيان الصهيوني، وفجأة بعد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر واستيلاء الثوار على مفاصل الدولة وعلى الوثائق التي كانت موجودة، في مقرات ومكاتب السفارات والدوائر الحكومية بشكل عام، وحصلوا على الكثير من الوثائق التي من ضمنها الوثائق التي نُشرت، يوم أمس، ونتوقع أن هناك وثائقَ أُخرى ستكشف عنها خلال الأيّام القادمة.
ويضيف: “ما تم كشفه، يوم أمس، يؤكّـد صوابية ثورة 21 سبتمبر، ويؤكّـد كذلك مدى الحرب التي تُشن على هذه الثورة، وتكشف من يقف خلفها”، لافتاً إلى أن هذه الثورة قطعت أذيال الكيان الصهيوني وأمريكا وبريطانيا، والكثير من الجهات التي كانت تملك غرف عمليات داخل العاصمة صنعاء، منها الكثير من العمليات الإرهابية والأمنية، وكذلك عرقلة المشاريع الاستثمارية، بتوجيهات من العدوّ الخارجي وعلى رأسهم إسرائيل، وأدواتها في الداخل.
ويشير الحميني إلى أن حزب المؤتمر الشعبي العام -الذي يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة وفيه الكثير من الشرفاء والأحرار-، مُلزم اليوم بأن يكون له موقف مما نشر، يوم أمس.
كما قال: “ما أريد أن أؤكّـد عليه أن بعض الأسماء التي ذكرت، يوم أمس، ليست لوحدها من كانت ضالعة في هذا المشروع التطبيعي، بل كان هناك قوى قبلية وقوى دينية لها ارتباطاتها بالكيان الصهيوني، وكان النظام الرباعي للدولة في اليمن مرتكزاً على الجناح السياسي، والجناح الديني، والجناح القبلي، والجناح العسكري”، مُشيراً إلى أن عبدالله بن حسين الأحمر كان ممثل الجناح القبلي، فيما الخائن علي عبدالله صالح وطاقم إدارته السياسية بالكامل من يمثل الجناح السياسي، وعبد المجيد الزنداني ممثل الجناح الديني، وعلي محسن الأحمر ممثل الجناح العسكري.
كما أكّـد الحميني، أن الوثائق التي نُشرت أبعدت الكثيرَ من الأقنعة المزيفة، وكشفت الحقيقة للجميع، وهذا ما أكّـده العدوان الأمريكي الصهيوني، داعياً الخونة والمرتزِقة إلى سرعة مراجعة حساباتهم والعودة إلى جادة الصوب.
وبين أمين عام حزب العدالة والتنمية المناهض للعدوان، أنه لولا ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لكان نظامنا السابق هو أول الأنظمة المهرولة للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
نجاح الصهاينة في اختراق الأنظمة العربية
ويأتي الكشفُ عن هذه الوثائق في ظل ما تشهده المنطقة من موجة تطبيع مع الكيان الصهيوني، حسب ما يراه المدير التنفيذي لمركز الدارسات السياسية والاستراتيجية اليمنية عبد العزيز أبو طالب.
ويجزم أبو طالب بأن خطورة هذه الخطوة أنها تأتي في سياق محاولة جر الشعوب العربية الأصيلة الرافضة للتطبيع إلى هذا المستقنع.
ويبين أبو طالب في تصريح خاص للمسيرة، أن الخطة كانت مبنية على مسارين، الأول تزييف الوعي لدى الشعوب العربية وهذا ما فشلت فيه، أما المسار الثاني وهو عبر الأنظمة العميلة التي تقوم بمحاولة دفع الشعوب إلى هذا الحضن.
ويؤكّـد أبو طالب، أن هذه الوثائق تكشف أن الاحتلال الصهيوني نجح في اختراق الأنظمة العربية بعد أن فشل في السيطرة على فلسطين، ومنها النظام اليمني السابق علي عبد الله صالح، حيث كانت موجة التطبيع تأتي بالتدرج، تبدأ بقبول بفكرة التطبيع ثم نقلها إلى المنطقة الرمادية وهي أن إسرائيل ليست عدواً ولا صديقاً، ثم تأتي المرحلة الثالثة أن تصبح إسرائيل كياناً مقبولاً وسط هذه الأُمَّــة وهنا تكمن الخطورة.
ويحذر أبو طالب الشعوب الحرة بألا تنساق وراء دعوات التطبيع التي تقوم بها بعض الدول العربية، مشيداً بكل أحرار الأُمَّــة لمقاومة هذا التطبيع بمختلف توجّـهاتهم، والذي يثبتون بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية.
ثقافة القرآن حصنت اليمنيين من التطبيع
وَيرى ناطق وزارة الصحة يوسف الحاضري، أن من عاد إلى اليمن واشترك بطريقة أَو بأُخرى في العدوان، فإنه مؤيد للتطبيع ومتعاون مع الكيان الصهيوني ويسعى للتطبيع، سواءٌ أكانوا دولاً أَو جماعات أَو أحزاباً أَو تنظيمات أَو أفراداً.
ويؤكّـد أن مصطلحات المنافقين الهادفة إلى التشكيك وخلط الحقائق، باتت مكشوفة وجلية يعرفها الجميعُ، وأنه لم يعد هناك عذر مع أحد.
ويدعو الحاضري كُـلَّ من لا يزال في قلبه شك ولو بمقدار1 % من الوثائق التي تفضح علاقة عفاش ونظامه بالصهاينة، ما عليه إلَّا أن ينظر اليوم إلى أبنائه وأبناء إخوته والقيادات التي رباها وأين موقعهم من الصهاينة والتطبيع معهم والقتال تحت رايتهم والمديح لهم ومحاربة ومناهضة كُـلّ من يرفع شعار الحرية والهتاف ضد الصهاينة.
ويؤكّـد الحاضري، أن الأمن القومي في عهد عفاش كان بالفعل أمناً قوميًّا بكل تفاصيله وإخلاصه وعمله وأدائه، ولكن ليس لأمن اليمن وأهله وإنما لأمن من أنشأه ودرّبه وشكله ووجهه (أمريكا والصهاينة).
واستذكر الحاضري قيام الأمن القومي بتدمير أسلحتنا الاستراتيجية وتنفيذه كافة اللقاءات الخَاصَّة بالتطبيع مع الصهاينة وتهيئة الأرض والجو والبحر لهم.
ويقول الحاضري: ‘‘من فضل الله علينا أبناء اليمن وألطافه وحفظه، أنه جعل ظهور وانطلاق المسيرة مقدماً على ظهور وإنشاء الأمن القومي، فتحصن المجتمع بشعار الموت لأمريكا وَالموت لإسرائيل قبل أن يقدر للأمن القومي قيادته للتطبيع مع الصهاينة’’.
اليمن قبل 21 سبتمبر مستنقع للوصاية والعمالة
من جهته، يعلق الناشط السياسي عبد الغني قايد حول ما تم كشفه من علاقة النظام السابق بالصهاينة، مؤكّـداً بالقول: “لم نتفاجأ أن أنظمة العمالة والوصاية قبل ثورة 21 سبتمبر كانت على تواصل مع الصهاينة، فها هم يقاتلون تحت راية الصهيونية في الساحل وكل الجبهات”، متبعاً “أن الشهيد الملصي قد عرفهم في مقولته المشهورة “اليهودي داخله”.
ويقول الناشط عبد الغني: “في الحقيقة كانت اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر واقعة تحت حكم السفارات الأجنبية، وكانوا يتقاسمون الحكم والنفوذ كما يتقاسمون الحقول النفطية عبر شركاتهم في اليمن فترة حكم السفارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والشركات النفطية التابعة لها”، مُضيفاً أن “مؤسّسات الدولة في عهد النظام السابق كانت عبارةً عن سوق سياسية مستباحة لمن هب ودب لأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، كُـلّ دولة تقرّر وتبسط نفوذها، ولا يزال مخزون الاستخبارات العسكرية يعج بالوثائق الخطيرة والفضائح المخزية”.
ويتابع عبد الغني بقوله: “نحمد الله على ثورة 21 سبتمبر الذي لولاها وقائدها بعد الله السيد العلم/ عبد الملك بدرالدين الحوثي، لكان اليمن انزلقت منزلق اليهود، بل لكانت ستصبح منطقة تابعة لإسرائيل بجزرها وسواحلها”.
أما المواطن حسين النهمي، فيتساءل عن دور ما يسمى بسفير اليمن في الإمارات “أحمد علي” وعلاقته بالإمارات التي أعلنت التطبيع مع كيان العدوّ الصهيوني؟!
ويبيّن اختلاق النظام السابق الأكاذيب والادِّعاءات بأن المذكورَ محتجز في الإمارات، مؤكّـداً أنه لولا فضل الله وفضل ثورة الحادي والعشرون من سبتمبر واستئصالها الوصاية على اليمن، لكانت اليمن من أولى الدول المطبعة مع الصهاينة، وأن ثورة 21 سبتمبر جاءت للقضاء على التبعية للأعداء، معتبرًا ذلك نعمةً عظيمةً من الله وفضلاً لكل اليمنيين.
ويقول النهمي: إن الأمر واضح وجلي لكل الأحرار في أن النظام السابق كانت له علاقة واضحة مع العدوّ، وأن اليمن كان سيذهب إلى الهاوية لولا عناية الله وحفظه، متابعاً: ‘‘إن اليمنيين على موقفهم من القضية الفلسطينية، ولا يقبلون بالتنازل للعدوِّ الصهيوني الغاصب”.
ضحايا للصهاينة
المتحدّث باسم الأحزاب اليمنية المناهضة للعدوان عارف العامري، يقول من جهته: إن الانفراد بالحكم، والاستقواء بالسلطة، والاعتماد على الفاسدين، سواءٌ أكانوا من الأسرة الحاكمة أَو من خارج إطارهم، جعل من المقبور صالح ديكتاتوراً في حكمه.
ويضيف العامري بقوله: “ولم يكن يرتب إلَّا لبقائه ومن يخلفه من أبنائه، فما كانت هناك أية حسابات لقضية الأُمَّــة الإسلامية والعربية سوى من باب البقاء فقط”.
ويشير العامري لصحيفة المسيرة، إلى أننا كنا نسمع عن اعتقال أَو إلقاء القبض على جواسيس يهود إعلاميًّا، ولم نشاهد أَو نتابع محاكمة أي جواسيس أَو عملاء أَو خونة، بل على العكس من ذلك استطاع صالح عفاش أن يخدع الشعبَ اليمنيَّ عن طريق الخطابات الرنانة والوعيد بمحاربة اليهود.
ويقول العامري: وتأكيداً لما قاله قائد الثورة السيد القائد / عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-، وَما ورد على لسان العميد يحيى سريع من فضائح وتسريبات خَاصَّة عن تواصل النظام السابق وتطبيعه مع الكيان خفية، فهو دليل قاطع على فساد ذلك النظام البائد قوميًّا وإسلاميًّا وعربيًّا”.
ويذكر أنه لطالما كان هناك تواجد صهيوني في بلادنا عبر شركاء الفاسدين في النظام السابق من بداية هرمه وحتى أصغر أبنائهم الذين كانوا يعيثون الفساد في الأرض، وكذا وجودهم المباشر في جزيرة ميون وغيرها من الجزر اليمنية.
لقد كانت علاقةُ الكيان الصهيوني مع رموز النظام السابق تتنامى بشكل كبير، رغم عدم الإعلان عن ذلك، إلَّا أنه كانت هناك عدد من الدلائل تطفو على السطح وإن لم يكن هناك التفات إليها؛ كون السلطة والتسلط كانت بيد الحاكم العميل كما يقول العامري.
ويوضح العامري أن كَثيراً من اللقاءات تمّت بشكل سري، سواء في واشنطن أَو دبي أَو الدوحة أَو مسقط أَو غيرها من الدول العربية، عبر وزير الخارجية أَو دبلوماسيين معتمدين أَو القيادات العسكرية، وإما عن طريق تسليم المشاريع الاستراتيجية لشركات تُدار من قبل الصهاينة وتعتمد على ترويج وإدارة أعمالها من دبي أَو الدوحة، وبالتالي حوّل أُولئك النفرُ بغبائهم اليمنَ إلى وطن مسلوب الحرية، وجعلوا من الوطنية فعلاً ماضياً، وأبقوه في خبر كان.
ويشدّد العامري، أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة قضت على رموزِ العمالة والخيانة والارتهان، وفرضت هيبة الدولة وعنفوان الشعب في مواجهة مشاريع أمريكا والكيان في المنطقة، وسد كُـلّ الطرق التي كانت ستؤدي إلى تسليم فلسطين على طبق من فضة، والقضاء على أية مقاومة تُذكر.
ويضيف: لقد وأدت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ٢٠١٤م مشروع صفقة القرن الجديد ومخطّط الشرق الأوسط الجديد في رحمه، وأطفأت ضوئه وأخفته إلى ما لا نهاية، منوِّهًا بأننا الآن في مواجهة ما لم يستطع الصهاينة تنفيذه عبر الطرق السياسية والثقافية والاجتماعية، وتحاول فرضه بالقوة العسكرية والحصار الاقتصادي على الأرض والإنسان.
ويتبع بقوله: “وذلك بعد أن فرضت وجودها في معظم الإقليم، إلَّا أن الكيان يجد نفسه عاجزاً أمام قوة وصلابة وصمود الشعب اليمني، وثباته على موقفه المناهض للتواجد الإسرائيلي على أية بقعة من أرضنا الإسلامية والعربية”.
بدوره، يوضح الناشط السياسي زيد الغرسي، أن ظهورَ هذه الوثائق تؤكّـد علاقةَ عفاش بكيان العدوّ الإسرائيلي، وأن هذه العلاقة كانت من تحت الطاولة، بينما كان يحاول أن يقدم نفسه للشعب بأنه مع القضية الفلسطينية وضد كيان العدوّ، ونتذكر كيف طلب من مصر فتح حدودها لإرسال مقاتلين يمنيين لتحرير فلسطين وكانت؛ بهَدفِ امتصاص سخط الشعب اليمني ومحاولة لتقديم نفسه كزعيم قومي، موضحًا أن الوثائقَ كشفت عمالة عفاش على عكس ما كان يعلن في الإعلام، وأنها كشفت حجم الانحطاط والذل والانبطاح وكيف كان يحاول تقديم نفسه لليهود كمخلص وعبد طائع.
ويقول الناشط الغرسي إن اليمن كان مرتهناً للعدوِّ الإسرائيلي في عهد علي صالح، وكان النفوذ الإسرائيلي موجوداً في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والثقافي، ولكن بفضل الله جاءت ثورةُ ٢١ من سبتمبر وقطعت الطريق أمام النفوذ الإسرائيلي، ولولا هذه الثورة لكان اليمن أول المطبعين حتى قبل دول الخليج، وقد لمسنا ذلك في حفلة وارسو عندما وضعوا وزيرَ خارجية الخونة بين نتنياهو والأمريكي، لكن ثورة سبتمبر أنقذت اليمن؛ لأَنَّ الموقع الطبيعي لليمن تاريخيًّا وحاضراً هو الوقوف في صف الحق ضد أعداء الأُمَّــة وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل.
ويضيف أن من ضمن ما كشفته الوثائق هو دور الإمارات الذي ما زال نفس الدور اليوم في محاولة احتلال سقطرى والساحل الغربي لصالح كيان العدوّ الإسرائيلي، كما أن الأدوات في السابق هي نفسها أدوات اليوم وهم العفافيش وأحمد علي المتواجد في الإمارات، وفي هذه المناسبة ندعو المؤتمرَ الشعبيَّ العام جناح صنعاء إلى أن يكون له موقف مما تم الكشفُ عنه، وأن لا يرتهن لقرار الإمارات عبر أحمد علي، وأن يعلنَ بكلِّ وضوحٍ إدانة تطبيع عفاش ونظامه مع كيان العدوّ الإسرائيلي، ما لم فسيخسر مستقبله وجماهيره؛ لأَنَّ الشعبَ اليمنيَّ معروف أنه معاد للكيان الإسرائيلي ومعروف موقفه المتميز مع القضية الفلسطينية بغض النظر عن انتمائه لأي حزب سياسي داخلي.
ليس مفاجئاً
من جانبه، يشير المحلل السياسي خالد العراسي، إلى أن ما تم كشفه من وثائق بشأن ما قدّمه النظام السابق للكيان الصهيوني لم يفاجئ منها؛ لأَنَّه أَسَاساً نظام مدعوم من الكيان وحلفائه منذ نشأته ولم يخرج يوماً عن هذا الإطار.
ويراهن المحلل العراشي أن ما كشف عنه ليس إلَّا جزءاً يسيراً جِـدًّا من مجموعة خدمات قدمها النظام السابق، نظير ضمان ديمومته واستمراريته، وكان للكيان الدور الأبرز في إيصال رأس النظام السابق إلى دفة الحكم، بعد تنفيذ مهمة اغتيال الرئيس الشهيد الحمدي.
ونوّه بأن تلك الخدمات لا تعد إجراءات تطبيعية مع الكيان، فالتطبيع هو عودة العلاقات إلى طبيعتها بعد أن كانت متوترة، بينما ما قدمه النظام السابق عبارة عن خنوع ورضوخ كامل وتنفيذاً لتوجيهات الوالي والحامي له، وأن العلاقة هنا كانت تابعاً ومتبوعاً وليست مُجَـرّد تطبيع.
ويقول العراسي: كنت قد نشرت قبل أكثر من عام مقالاً قلت فيه بأن اللحظة التي شعر فيها الكيانُ الصهيوني بأن جماعة الأنصار ومسيرتهم القرآنية تشكّل خطراً على الكيان، هي اللحظة التي وجهوا فيها عميلهم (عفاش) بشن الحرب الأولى على صعدة، بمعنى أن الستة الحروب الظالمة التي شنها النظام السابق على صعدة لم تكن إلَّا تنفيذاً لتوجيهات الكيان الصهيوني وحلفاءه وإرضاءً لهم؛ ولهذا سبقها برنامج متكامل لتدمير منظومة الدفاع الجوي عبر مراحل تحت مبرر التخوف من وصول هذه الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية، بينما كان التخوف الحقيقي هو توسع وتمدد الأنصار وتنامي مناصريهم وانتشار مشروع المسيرة القرآنية.
ويواصل القول بأن الجماعات الإرهابية لم تكن تشكّل أيَّ خطر على محور الشر والظلام؛ كونها جماعات تابعة لهم وتنفذ أجندتهم في تشويه الإسلام وتقسيم وتفتيت الدول، وأن ما تخوفهم إلَّا من جماعة تدعو إلى استقلال اليمن ونيل الحرية وإلغاء التبعية، وهذا ما كان ولا يزال يقلقهم؛ لأَنَّ ذلك يعني انتهاءَ مصالحهم الاستحواذية المتمثلة في نهب ثرواتنا والتحكم في موقعنا الجغرافي المتميز؛ ولهذا شارك الكيان الصهيوني في العدوان على اليمن، وقد تحدثت التقارير عن أن أول تجربة لطائرات الإف 35 المملوكة حصريًّا في منطقة الشرق الوسط للكيان الصهيونية كانت في اليمن، وبالتحديد في قصف جبل نقم بالقنبلة النيترونية.
ويرى العراسي أن ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر كانت بمثابة المنقذ لليمن أرضاً وإنساناً.
يا للخزي والعار
أما الإعلامي عبد القوي أبو هاشم يضيف قائلاً: “خُدعنا عقوداً من العمر والتطبيع السري بين عفاش وإسرائيل، وكنا ما بين مصدق ومكذب، لكن اليوم كشفت لنا قناةُ المسيرة عن الكارثة والجريمة بحق اليمن يندى لها جبين التاريخ، وهي طعنات في قلب كُـلّ يمني غيور، يا للخزي والعار حينما كان عفاش بهذا الانحطاط والدونية وبهذه الوضاعة والسفالة، رحل بخاتمة مخزية ومهينة حاملاً فوق رأسه عارَ العمالة”.
ويتساءل أبو هاشم “أين كان يتجه اليمن، تخيلوا معي العواقب الوخيمة والفادحة التي كانت ستحدث لليمن دينيًّا وفي كُـلّ المجالات لو لم تحدث ثورة 21 سبتمبر”.