جريمة الصالة الكبرى.. جريمة يتجدد ذكرُها
إكرام المحاقري
عندما تُقيد الجريمةُ ضد مجهول يتمادى المجرم ويخلق الكثير من الجرائم الوحشية، ويسفك الكثير من الدماء البريئة، ويتفنن فيها غير مبالٍ بقوانين دولية وثوابت إنسانية وشرائع سماوية، وما جريمة “الصالة الكبرى” في العاصمة صنعاء إلَّا خير شاهد على ذلك، وما تبعها وسبقها من جرائم وحشية يندى لها الجبين.
في يوم 8 أكتوبر 2016م نفّذت طائرات العدوان غارات عدوانية وحشية على صالة عزاء بالعاصمة صنعاء حسب تصريح “الأمين العام للأمم المتحدة”، سقط إثرها 115 شهيداً، 610 مصابين حسب تقرير وزارة الصحة، نفذ الجريمةَ تحالفُ العدوان واعترف بذلك ناطقهم الرسمي آنذاك “العسيري”، بعد تخبط وإنكار انتهى بكشف الحقيقة على شاشة الـ بي بي سي، وأجمع المجرمون على أنه خطأ تقني وليست المرة الأولى ولا الأخيرة، فهذا عينه ما حدث في محافظة صعدة بحق طلاب مدرسة ضحيان، وكأن هذا الخطأ لا عقاب عليه في القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية؟!
من ينظر إلى بشاعة الموقف يقر بأن من يقف خلف تلك الجريمة المروعة هي أمريكا نفسها، لكن من خلف ستار تحالف العدوان، ولم يكن سلاح الموت المستخدم في تنفيذ الجريمة إلَّا سلاحاً أمريكيَّ الصنع كما هو حال السلاح المستخدم في مجزرة سنبان ومجزرة ضحيان، فأمريكا تصدر الموت للشعب اليمني من كُـلِّ الجهات، وبغطاء أممي شرعن لهم سفك الدم اليمني وكأنه لا حرمة له.
ومن أجل التستر والتنكر للجريمة، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستعيدُ النظرَ في دعمها لتحالف العدوان بعد هذه الضربة الجوية، وذكرت هيومن رايتس ووتش أن الذخيرة المستخدمة كانت القنبلة الموجهة بالليزر جي بي يو-12 بايفواي 2 أمريكية الصنع.
والعجيب في كُـلِّ ذلك هو اعتراف “الأمم المتحدة” بأن السعودية هي من قام بالجريمة التي تعد جريمةَ حرب، لكن وبعد سنوات قليلة تقوم هذه الأمم بإزالة اسم المملكة السعودية من قائمة العار الخَاصَّة بالمجرمين، فالدم اليمني لا يعني شيئاً للمسميات الإنسانية والعناوين الحقوقية، خَاصَّة ومن يقف خلف هذه الحرب هي أمريكا مهما اختلفت العناوين والتبريرات.
فمثل هذه الجرائم لا تسقط مع تقادم الشهور والسنين، بل إن لها أجلاً مسمى سيعُلن فيه القصاص من الجرمين، كُلٌّ باسمه وصفته، فالقانون الإلهي قضى الأمر، حيث لا وجود “لأمم متحدة” ومجتمع دولي ومحكمة جنايات جنت على نفسها حين غضّت الطرف عن سفك الدم اليمني في كُـلّ يوم وكلِّ ساعة.
ولتكن هذه الجريمة نقطةَ وعي لشرفاء المؤتمر الشعبي العام، والذين كانوا هم المستهدف في الأول والأخير، وكان المجلسُ خاصًّا بهم لا بسواهم، حتى وإن أدعت قوى العدوان عن وجود قيادات حوثية رفيعة المستوى في ذاك المجلس، وجعلوها ذريعةً قذرةً لتبرير جريمتهم وتمريرها.
فهم أحق بالثأر وأخذ القصاص من المجرمين، والصامت ليس له حقٌّ حتى وإن امتلك الدليلَ.