اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي.. وجع تاريخي لا ينساه اليمنيون
مسؤولون وسياسيون في الذكرى الثالثة والأربعين لرحيله:
المسيرة- محمد الكامل- أيمن قائد
تحلُّ ذكرى استشهاد الرئيس إبراهيم الحمدي الذي اغتيل، ظهرَ يوم الحادي عشر من شهر أكتوبر سنة 1977، لتضع معها الكثيرَ من الأسئلة حول ملابسات اغتياله، ومن الجهة التي تقف وراء ذلك، ولماذا تم اغتياله وغيرها من الأسئلة.
ويجمع اليمنيون بأن النظامَ السعوديَّ يقف على رأس قائمة المتهمين باغتيال الرئيس الحمدي من خلال أدواته في الداخل اليمني وتجنيده لمرتزِقة يمنيين، كان من أبرزهم علي عبدالله صالح الذي حاول خلال فترة حكمه لليمن (33) سنة طي هذه الجريمة ومحوها من الوجود.
وتدّعي السعوديةُ أكثرَ من مرة بأنها لا تتدخلُ في شؤون اليمن، غير أن هذا الادِّعاءَ مثير للسخرية، وهي التي تشن عدواناً سافراً على بلادنا للعام السادس على التوالي، ومن قبله كانت تعتبر اليمن بمثابة الحديقة الخلفية لها.
ويؤكّـد عضو الفريق الوطني المفاوض الأُستاذ عبد الملك العجري، أن النظام السعودي قد قتل اثنين من رؤساء اليمن، الشهيد الحمدي والشهيد الصماد، وأن العالمَ يعرف أشكالاً من التدخل السافر، إلَّا أنها لم تصل لحد الجرأة على تعمد قتل هرم السلط، مُشيراً إلى أن دول الاحتلال تتحاشى فعلها، وَإن فعلت فعبر محاكمات صورية كما فعلت أمريكا مع صدام.
وأدُ المشروع الوطني
لقد كان أُفُقُ الرئيس الشهيد الحمدي واسعاً، وكان يطمح في بناء الدول المدنية المستقلة، لكنَّ النظامَ السعوديَّ كان له بالمرصاد، وعمل مبكراً على إجهاض هذا المشروع، كما يقول عضوُ المجلس السياسي الأعلى الفريق سلطان السامعي.
ويوضح السامعي، أن السعودية كانت تعمد إلى تصفية كُـلِّ من يخرج عن تعليماتها وتوجيهاتها على الفور؛ لذا كانت وراء اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي، والرئيس الشهيد صالح الصماد، وكل الأحرار اليمنيين.
ويرى الفريق السامعي، أن اليمن اليومَ أمام نهضة تحرّرية قام بها الشعبُ اليمني في 21 سبتمبر للتحرّر من قوى الهيمنة والوصاية الخارجية، داعياً إلى ضرورة الاستمرار في رفد الجبهات بالمال والرجال والعتاد، بما يكفل تحقيق النصر وبناء الدولة اليمنية القائمة على النظام والقانون والعدل والمساواة.
وخلال فترة حكمه، حقّق الشهيدُ الرئيس إبراهيم الحمدي، العديد من الإنجازات على صعيد التنمية، وفي مقدمتها تأسيس هيئات التعاونيات الأهلية للتطوير على مستوى اليمن، ووضع الأسس لقيام دولة الوحدة اليمنية ورسم السياسات الخارجية.
وفي غضون ذلك، يؤكّـد رئيسُ تنظيم التصحيح اللواء مجاهد القهالي، أن جريمة اغتيال الحمدي وما سبقها من تحَرّكات من شركاء الجريمة للإيقاع به وأخيه المقدم عبدالله بإشراف وتآمر سعودي كانت لإجهاض حلم وطن يسعى للتحرّر من أية وصاية خارجية.
ويقول اللواء القهالي: “أما آن الأوانُ أن نتداعى إلى حوار يمني ومصالحة وطنية على قاعدة الحفاظ على الوحدة والتعدد السياسي والحفاظ على مكاسب الثورة ومنجزاتها، وأن تكون المصلحةُ العليا للشعب والوطن فوق كُـلّ الاعتبارات”، مشدّدًا على أهميّة تعزيز التلاحم والاصطفاف لتحرير أراضي اليمن من قوى الغزو والاحتلال، والتوجّـه لبناء الوطن وتجنيبه ويلاتِ الدمار والتخريب من قبل دول العدوان وأدواتها.
وَيعتبر منسق الجبهة الوطنية الجنوبية لمقاومة الغزو والاحتلال، وزير السياحة في حكومة صنعاء أحمد العليي، أن الرئيسَ الحمدي يعتبر رمزاً لمشروع دولة النظام والقانون والحرية والاستقلال.
ويبين الوزير العليي، أن الشهيد الحمدي دفع حياتَه ثمناً للمشروع المدني الحضاري، حَيثُ مثّل استشهادُه اغتيالاً للحرية والاستقلال، لافتاً إلى أن حركة 13 يونيو التصحيحية جاءت في ظروف بالغة الصعوبة، واستطاعت خلال فترة وجيزة أن تشكّل مشروعاً نهضوياً وتنموياً يعتمد في الأَسَاس على الجهود الشعبيّة والجماعية، من خلال تبني تجربة التعاونيات التي أحدثت نقلة نوعية في مختلف المجالات.
حي في قلوب كُـلّ اليمنيين
ويرى القياديُّ عبدالله سلام الحكيمي، أن مسلسلَ المخطّط التآمري للعدوان على اليمن بدأ في 11 أكتوبر 1977، مُضيفاً بقوله: “لقد تم وأدُ مشروعه الوطني ببناء الدولة الوطنية الحديثة الموحدة، ذلك المشروع الذي أقلق الدوائر الإمبريالية والرجعية الساعية إلى الهيمنة على الوطن العربي الكبير”.
وواصل الحكيمي قائلاً: “من قال إن الموتى لا يضحكون، إبراهيم الحمدي يضحك في قلوب اليمنيين واليمنيات على هذا النحو منذ 43 عاماً لاغتيال وطن على مأدبة غداء استخدم فيها المجرمون كرمَ الضيافة وتلبية الدعوة لتنفيذ أبشع جريمة بحقِّ اليمن بأكمله”.
من جهته، يقول عضو مجلس الشورى نايف حيدان: إن 11 أكتوبر هو يومٌ نفّذ القاتل والعميل جريمته، ليس بحق شخص بل بحق شعب ووطن، وعندم أراد قتل الحمدي لم يعلم أنه أحياه في قلوب كُـلِّ اليمنيين إلى الأبد”.
ويشير حيدان في تغريدة له على توتير، إلى أن “جريمة اغتيال الحمدي ومحاولة طمس اسمه وَكُـلّ تاريخه، لا يعلم بأنه في كُـلِّ كذبة وفي كُـلّ عملية تزوير للتاريخ وللأحداث يخدم الشهيد الحمدي، حتى أصبحت اليوم الحقيقة على الواقع، وهي التي تتحدث وتفرض نفسها”، مُضيفاً بقوله: “ونحن نعلم من الذي يعيش في قلوب اليمنيين اليوم، ومن الذي تحت نعالهم ورهنوا أنفسهم للذل والإهانة، وهذا ما ستتذكره الأجيالُ القادمة”.
وأقيمت في صنعاء، يوم أمس، فعالية تحدّثت عن مناقب الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، حضرها عدد من المسؤولين في حكومة الإنقاذ الوطني والمجلس السياسي الأعلى بصنعاء.
وطالب عصام علي قناف زهرة، بكشف المتورطين بجريمة الاغتيال ومعرفة مصير المعتقلين من حركة التصحيح.
يُذكَرُ أن عدداً من قيادات التصحيح الناصري تعرّضوا للاعتقال والإخفاء القسري بعد عملية اغتيال الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي، ومن بينهم قناف زهرة أحد قادة حركة 13 يونيو التصحيحية، وقائد اللواء السابع مدرع.
وكان تقرير سابق قد نُشر عن دائرة التوجيه المعنوي بصنعاء، أكّـد أن ما حدث بعد ظهر الثلاثاء الموافق 11 أكتوبر 1977م ليس مُجَـرّد عملية اغتيال لرئيس الدولة، بل انقلاب دموي مكتمل الأركان.
وورد في التقرير أن النظامَ السعوديَّ ضالع في المؤامرة الانقلابية الدموية على الرئيس الحمدي، وكذلك قيادات عسكرية يمنية، حَيثُ قام باستقطاب قيادات عسكرية وأمنية ومدنية يمنية من خلال الأموال والامتيازات الأُخرى، مُشيراً إلى أن السعوديةَ استخدمت الأدوات العميلة في تنفيذ مخطّط اغتيال الرئيس الحمدي، وتحت إشراف مباشر من الملحق العسكري السعودي بصنعاء، وقامت بشراء صمت القيادات العسكرية والأمنية الغير مشاركة بشكل مباشر في الانقلاب الدموي؛ وذلك لضمان عدم إفشال خطة الانقلاب.
وأكّـد التقرير أن للسعودية حضوراً مباشراً ومشاركة فعلية في التنفيذ، وإدارة ما يشبه غرفة عمليات قبل وأثناء وبعد جريمة اغتيال الرئيس الحمدي.
وذكر التقرير، أن أبرزَ الضالعين من القيادات السعودية في جريمة اغتيال الحمدي هو علي بن مسلم -مسؤول الملف اليمني في الديوان الملكي بدرجة مستشار-، وأن الدورَ الأبرزَ في اغتيال الرئيس الحمدي كان للملحق العسكري السعودي بصنعاء صالح الهديان برتبة عقيد، مُشيراً إلى أن الاتصالات بين الهديان وبن مسلم تشير إلى أن الأخيرَ كان يشرف على الملف اليمني في القصر الملكي، ومرتبط بالأمير سلطان بن عبدالعزيز.
وأوضح التقرير أن أبرز القادة العسكريين الضالعين بجريمة الاغتيال، نائب القائد العام ورئيس هيئة الأركان وقتها المقدم أحمد الغشمي، وكذلك قائد لواء تعز الرائد علي عبدالله صالح، وغيرهم.