الرئيس المشاط في خطاب بمناسبة العيد الـ57 لثورة الـ14 من أُكتوبر المجيدة:
المسيرة: متابعات
أكّـد الرئيسُ المشير مهدي المشَّـاط، أمس الثلاثاء، في خطاب بمناسبة العيد الـ 57 لثورة الرابع عشر من أُكتوبر المجيدة، أن “من أَهَـمِّ ما ينبغي أن نستحضرَه ونركِّزَ عليه في هذه الذكرى هو ضرورةُ التخلص من التعاطي المشلول والفهم الخاطئ لمناسباتنا الوطنية”.
وقال الرئيس المشَّـاط: الفهمُ العقيم الذي حنط الثورات وعزل مبادئها وأهدافها السامية عن واقع الأجيال المتعاقبة حوّل الاحتفاءَ بها إلى مُجَـرّد شكلٍ بلا مضمون..
وَأَضَـافَ الرئيس المشَّـاط “أعداء الاستقلال دأبوا على ترسيخِ الأساليب السطيحية لفهم الثورة؛ لكونهم يدركون بأنهم لن يحصلوا على مقعد في سلطة في ظل انتشار الوعي السليم بثقافة 14 أُكتوبر”.
وأشَارَ الرئيس إلى أن “أخطر ما في الأمرِ هو الوصول إلى حَــدِّ الفوضى في المفاهيم نفسها حتى صار المرتزِقة يجمعون اليومَ بين الاحتفاء بثورة 14 أُكتوبر والاحتفاء بالمحتلّ الأجنبي”.
وأكّـد أن “الواجبَ الوطني يحتمُّ علينا جميعاً أن نخوضَ معركةَ الوعي على نحوٍ جاد، وأن نجعل منها واحدةً من أَهَـمِّ وأقدس المعارك في حربنا التحرّرية الشاملة”.
وتابع حديثَه “علينا أن نعيد الاعتبار لثورة 14 أُكتوبر من خلال الثبات والصمود على موقفنا الوطني المناهض بالقول والفعل لكل أشكال التبعية والارتهان والاحتلال”.
وعبّر الرئيس المشَّـاط “عن عميق الفخر والاعتزاز تجاه ما نشعُرُ به من انسجامِ مواقفنا الوطنية المناهضة للعدوان الأجنبي مع مواقف الرابع عشر من أُكتوبر”.
وقدَّمَ الرئيسُ “التهانيَ لشعبنا اليمني الصابر بهذه الذكرى المجيدة، وأباركُ للجميع ما تزامن معها من انتصارات أبنائهم وإخوتهم في الجيش واللجان الشعبيّة والأمن ومؤسّسات الدولة”.
وقال: “ربما نكشفُ الستارَ عن مفاجآت فعالة، وخُصُوصاً في مضمار الدفاع المشروع عن أرضنا وشعبنا بحسب ما تقتضيه المصلحة وما تستدعيه طبيعةُ الظروف والمتغيرات”.
وأهاب القائدُ الأعلى للقوات المسلحة “بكل أبناء شعبنا مواصلة الصمود والصبر وإحياء خصائص التكافل والتعاون، والثقة بنصر الله وتوفيقه، واليقين بأن هذه الشدة سيتلوها فرج ونصر كبيرين”.
وبارك “الخطواتِ الإيجابيةَ والمتقدمة فيما يتعلقُ بإنجاز التوقيع على تنفيذ المرحلة الأولى من اتّفاق الإفراج عن الأسرى”.
واستطرد “أشُدُّ على أيدي الجميع في استكمال ما تبقى من الإجراءات لإحراز الإفراج الفعلي عن هذه الدفعة من الأسرى والانتقال دون مماطلة إلى المراحل والدفعات التي تليها”.
ودعا رئيسُ المجلس السياسي الأعلى “الجهات المسؤولة إلى مواصلة الاهتمام بالأسرى وتحسين أوضاعهم، وتنفيذ ما يتم الاتّفاقُ عليه أَوَّلاً بأول، وُصُـولاً إلى الإفراج الكلي عن جميع الأسرى”، مباركاً “ما أنجزه مكتبُ المبعوث ومكتب المشاريع التابع للأمم المتحدة وفريقنا الوطني الفني من تفاهمات ومن خطواتٍ متقدمة بخصوص موضوع سفينة صافر”.
وفي سياق متصل، دعا الرئيسُ المشَّـاط “إلى شجب وإدانة استمرار تحشيد عناصر القاعدة وداعش في مأرب، وجلب ألوية جديدة من المرتزِقة الأجانب لغايات تصعيدية واضحة”.
كما دعا “إلى إدانةِ مواصلةِ حجز قوى العدوان لسفن الوقود، واستئثارهم بثروات الشعب، وعدم التجاوب العملي لضبط موارد النفط والغاز والموانئ”.
وفي ختام كلمته، جدّد الرئيسُ المشير المشَّـاط التأكيدَ على “حرصنا الكبير والدائم على السلام العادل والشامل والمستدام، وانفتاحنا على كُـلّ الجهود الرامية إلى ما يضمنُ إنهاءَ الحرب العدوانية والرفع الكلي للحصار”.
فيما يلي نص الخطاب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله محمد وعلى آله الطاهرين وارضَ اللهم عن صحابته المنتجبين وبعد:
باسمي ونيابةً عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى، أُبارِكُ لشعبنا اليمني العظيم حلولَ الذكرى السابعة والخمسين لثورة الرابع عشر من أُكتوبر، وبهذه المناسبة الخالدة أتقدمُ بخالصِ التهاني والتبريكات إلى قائد الثورة المباركة السيد عبد الملك بدرالدين -حفظه الله-، وإلى كُـلِّ رفاق السلاح وشركاءِ الموقف الوطني على امتداد تراب الوطن الغالي، والتهاني والتبريكاتُ موصولةٌ أَيْـضاً لكل الشرفاء والأحرار من أبناء وبنات اليمن العزيز في الداخل والخارج.
أَيُّـهَا الشعبُ اليمني العظيم:
إنَّ من أَهَـمِّ ما ينبغي أن نستحضرَه ونركِّزَ عليه في هذه الذكرى المجيدة هو ضرورةُ التخلُّصِ من التعاطي المشلول والفهم الخاطئ لمناسباتنا الوطنية، ذلك التعاطي المغلوط، والفهم العقيم الذي حنّط الثورات، وعزَلَ مبادئَها وأهدافَها السامية عن واقعِ الأجيال المتعاقبة، وحوّل الاحتفاءَ بها إلى مُجَـرّد شكل بلا مضمون، ونظرية بلا واقع، وأن ندركَ بأن أعداء الثورة، وأعداء الحرية والاستقلال قد دأبوا على مدى عقود في ترسيخ هذه الأساليب التسطيحية؛ لكَونهم يدركون بأنه من المستحيل أن يحصلَ مثلُهم على مقعدٍ في سلطة، أَو مكانة في مجتمع في ظل انتشار الوعي الشعبي السليم والصحيح بثقافة الرابع عشر من أُكتوبر، وبكل أسفٍ فقد نجح أعداءُ الثورة في تحقيقِ اختراقات متقدمة لوعينا الجمعي، بدليلِ ما آلت إليه الأوضاعُ على مدى ما يقارب الستين عاماً مضت، وبدليل ما نراه اليومَ من الارتزاق والارتهان على حساب مصالح الشعب وعلى حسابِ سبتمبر وأُكتوبر، وأخطرُ ما في الأمر هو وصولُ الأمر إلى حَــدِّ الفوضى في المفاهيم نفسها حتى صار بمقدور المرتزِقة أن يجمعوا اليومَ بين الاحتفاء بثورة الرابع عشر من أُكتوبر وبين الاحتفاء بالمحتلّ الأجنبي والتسبيح بحمده، هكذا وبكل جُرأة وفي وضَحِ النهارِ ومن دون أن يخشوا ردةَ فعل من أحد، في مبالَغةٍ غير مسبوقة، وإصرارٍ مستفز على إهانة التاريخ، والاستخفاف بتضحيات شعبنا، ودماء ونضالات أُولئك الآباء والأجداد الذين عانوا وسهروا ونزفوا الأحمر القاني في كُـلِّ سهل وجبل ووادي؛ مِن أجلِ أن يرَوا شمسَ الحُرية والاستقلال تشرق على أرضهم وعلى نفوس أجيالهم من بعدهم.
إنَّ مثلَ هذا التعاطي أَو السماحَ به هو في حَــدِّ ذاته جريمةٌ لا ينبغي لشبابنا وحمَلة الأقلام من مثقفينا ومتحدثينا، ولا لأي يمني أَو يمنية أن يسكتوا عليها، فالواجبُ الوطني اليومَ يحتمُّ علينا جميعاً أن نخوضَ معركةَ الوعي على نحوٍ جادٍّ، وأن نجعلَ من هذه المعركة واحدةً من أَهَـمِّ وأقدس المعارك والمسارات البارزة في حربنا الوطنية التحرّرية الشاملة.
لذلك من اليوم وكل يوم علينا أن نعيدَ الاعتبار لثورة الرابع عشر من أُكتوبر من خلال الثبات والصمود على موقفنا الوطني المناهض بالقول والفعل لكل أشكال التبعية والارتهان وَالرافض والمقاوم لكل أشكال الاحتلال والاستعمار والوصاية والهيمنة الخارجية، ومن خلال مواصلة الكفاح المسلح ضد أي وجود عسكري غير يمني على الأرض اليمنية، والتمسك الصلب بحريتنا واستقلالنا، وسيادة شعبنا، وأمن واستقرار بلدنا، ووَحدة وسلامة أرضنا، وأن ننظر إلى ثورة الرابع عشر من أُكتوبر المجيدة، ونحتفي بها ونحتفلُ بها على هذا الأَسَاس؛ باعتبَار هذا هو المعنى الصحيحَ والواقعي والموضوعي لهذه الذكرى الوطنية المجيدة، مثلما هو الفهمُ الصحيحُ للاحتفاء بها وبأمجادها ورموزها، والمعنى الحقيقي للموقف الوطني الذي يتسم بالصدق والوفاء تجاه مبادئها وأهدافها السامية.
أَيُّـهَا الإخوةُ والأخوات:
لقد آن الأوانُ لأَنْ نُرسِّخَ فهماً جديدًا لمعنى الاحتفاء بهذه الذكرى وأن نقول لكل الزائفين، بأنَّ هذه الذكرى المجيدة – من اليوم وصاعداً – لم تعد تعني مُجَـرَّدَ أغنيةٍ نستدعيها من الأرشيف، أَو حكاية يتشدق بسردها أَو التغني بها كُـلّ من هب ودب وإنما تعني المزيد من العمل الوطني، والمزيد من الممارسة التحرّرية على أرض الواقع، وبذل الجهد المضاعف لاسترداد ما تذكِّـرُنا به من معاني الإخاء والانسجام والتعاون الشعبي ووحدة الضمير والموقف اليمني ضد المحتلِّ الأجنبي والمرتزِق العميل وهي معانٍ جسّدتها هذه الثورة المباركة بالأمس ويجب أن تجسِّدَها اليومَ من جديد في كُـلّ ربوع اليمن الواحد من شمال الوطن إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه.
ومن المهم في هذا السياق أن نعرِبَ عن عميق الفخر والاعتزاز تجاه ما نشعُرُ به من انسجامِ مواقفنا الوطنية المناهضة للعدوان الأجنبي مع مواقف الرابع عشر من أُكتوبر، في دلالة تمنحُنا اليقينَ على سلامة رؤيتنا وأحقية موقفنا، وتسلبُ من خصومنا معنى الانتماء الحقيقي لروح هذه الثورة حتى يعلنوا حالةَ الطلاق البائن مع الأجنبي المحتلّ ومع مواقفهم الارتزاقية المنحازة لحطام الدنيا الرخيص على حساب الدم والأرض، وعلى حساب مصالح وكبرياء الشعب.
وأختمُ بما يلي:
أَوَّلاً- أُجَدِّدُ التهانيَ لشعبنا اليمني الصابر بهذه الذكرى المجيدة كافة، وأباركُ للجميع ما تزامَنَ معها من انتصارات أبنائهم وإخوتهم في الجيش واللجان الشعبيّة وما تحرزه المؤسّسة العسكرية والأمنية وكافة مؤسّسات الدولة المتعددة من نجاحات وإنجازات ملموسة سواءً في مجال العمل الميداني وتأدية المهام، أَو على مستوى البناء والتطوير والتحديث المتسارع والمتنامي وربما نكشفُ الستارَ عن مفاجآت فعَّالة، وخُصُوصاً في مضمار الدفاع المشروع عن أرضنا وشعبنا، ولكن يبقى كُـلُّ ذلك ولا شك مرهوناً بحسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية، وبحسب ما قد تستدعيه طبيعةُ الظروف والمتغيرات المحتملة.
ثانياً – نُهِيبُ بكل أبناء شعبنا مواصلةَ الصمود والصبر وإحياء خصائص التكافل والتعاون، والثقة بنصرالله وتوفيقه، واليقين بأن هذه الشدة سيتلوها فرج ونصر كبيرَين من الله، ونهيبُ بعلمائنا ومثقفينا وكل المتعلمين والإعلاميين بمواصلة العمل على تحصين الوعي الشعبي، وتجلية معاني ودلالات الرابع عشر من أُكتوبر، وامتدادها الحقيقي والطبيعي المتمثل في الحادي والعشرين من سبتمبر سواء من حَيثُ واحديةِ الهدف في تحرير الأرض ورفض الوصاية والاحتلال، أَو من حَيثُ واحدية الخصوم، وهو الخارج المعتدي وأدواته الارتزاقية في الداخل وواحدية النسخة القديمة والحديثة.
ثالثاً – أباركُ الخطواتِ الإيجابيةَ والمتقدمة في ما يتعلقُ بإنجاز التوقيع على تنفيذ المرحلة الأولى من اتّفاق الإفراج عن الأسرى، وأشد على أيدي الجميع في استكمال ما تبقى من الإجراءات لإحراز الإفراج الفعلي عن هذه الدفعة والانتقال دون مواربة أَو مماطلة إلى المراحل والدفعات التي تليها، وأدعو الجهاتِ المسئولةَ إلى مواصلة الاهتمام بالأسرى وتحسين أوضاعهم، وتنفيذ ما يتم الاتّفاقُ عليه أَوَّلاً بأول وُصُـولاً إلى الإفراج الكلي عن جميع الأسرى من الجانبين؛ باعتبَار إنسانية هذا المِـلَـفِّ وما توجبُه على الجميع من مواصلة ومضاعفة الجهود، وفي هذا السياق لا يفوتني أن أشكُرَ الجهودَ التي بذلها وما يزالُ يبذلُها كُـلٌّ من المبعوث الأممي والبعثة الدولية للصليب الأحمر.
رابعاً – أباركُ ما أنجزه مكتبُ المبعوث ومكتب المشاريع التابع للأمم المتحدة وفريقنا الوطني الفني من تفاهماتٍ ومن خطوات متقدمة بخصوصِ موضوع سفينة صافر، وأشُدُّ على أيدي الجميع بمواصلة هذه الروحِ الإيجابية من التفاهم والتعاون لإنجاح المهام المتفق عليها لصيانة السفينة العائمة في أسرعِ وقتٍ ومنع حدوث أية مخاطر لا سمح الله.
خامساً- ندعو إلى شجبِ وإدانةِ استمرار الخصوم في تحشيد عناصر القاعدة وداعش في مأرب، وجلب ألوية جديدة من المرتزِقة الأجانب لغايات تصعيدية واضحة ومستمرة، كما ندعو إلى إدانة مواصَلة حجزهم لسفن الوقود، واستئثارهم بثروات الشعب، وعدم التجاوب العملي لضبط موارد النفط والغاز والموانئ وتخصيصها لصرف المرتبات، ونؤكّـدُ ونُجَـدِّدُ حرصَنا الكبير والدائم على السلام العادل والشامل والمستدام، وانفتاحنا على كُـلّ الجهود والمساعي الرامية إلى ما يضمنُ إنهاءَ هذه الحرب العدوانية والرفع الكلي للحصار عن بلدنا وشعبنا، ومعالجة كُـلّ آثار الحرب وتداعياتها، وُصُـولاً إلى استئناف علاقات طبيعية بين اليمن ومحيطها وبلدان المنطقة والعالم، على أَسَاسٍ من احترام سيادة بلدنا، ووقف التدخل في شؤونه، واحترام قراره واستقلاله، وأمنه واستقراره، ووحدة وسلامة مياهه وأراضيه، مع التأكيد على أن كُـلّ ذلك يستدعي توفر إرادَة السلام لدى الجميع، وسرعة اتِّخاذ قرارات شجاعة وملموسة لرفع الحصار عن الميناء والمطار، ووقف حجز السفن، وضبط الموارد النفطية والغازية وتوفير المرتبات، وُصُـولاً إلى خلقِ أجواءٍ مطمئنةٍ وداعمة للحل الشامل في اليمن، وهو ما ندعو قيادةَ الحرب في الطرفِ الآخر إليه.
المجدُ والخلودُ للشهداء.. الشفاءُ للجرحى.. الحريةُ للأسرى..
تحيا الجمهورية اليمنية..
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..