الأسرى بين مشهدين.. صنعاءُ تتزيَّنُ لاستقبال أبطالها الأسرى وعدن تبدي وجهَها الشاحب
المسيرة: خاص
أدّت عمليةُ تبادل الأسرى بين حكومة المرتزِقة وحكومة صنعاء، إلى تعرية وفضح حكومة المنفى وتعاطيها مع هذا المِـلَـفِّ الإنساني، ولتثبت مجدّدًا أنها تقف حجرَ عثرة أمام السلام، ولا تبحث عن أية حلول حتى لإنقاذ مقاتليها الأسرى.
لكن يبدو أن ثمة ضغطاً دوليًّا أَدَّى إلى نجاح أول صفقة تبادل أسرى بين الطرفين، والتي ظلّت متعثرةً منذ توقيع اتّفاق السويد بينهما قبل عامين.
وأظهرت سلطاتُ المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، صورة فريدة في استقبال الأسرى بعكس سلطة المرتزِقة، الأمر الذي أَدَّى إلى استياء جمهور حكومة المنفى، وأثار السخطَ تجاهها، وهو الأمر الذي يؤكّـد أن صنعاء بذلت كُـلَّ الجهود لإتمام الصفقة من البداية حتى النهاية التي توجت بحفاوة الاستقبال، فيما أظهرت الطرف الآخر بأنه غير مستعد لإنجاح الصفقة؛ نظراً لتناقض كشوفاته وتأخره في إعدادها على طاولة المفاوضات، وانتهاءً بالاستقبال الذي أغضب الأسرى الذين قاتلوا في صفوفه.
لقد وصل أسرى الجيش واللجان الشعبيّة إلى مطار صنعاء الدولي، مرتدين ملابسَ موحدة، وحاملين على رؤوسهم “شيلان” فلسطينية، تأكيداً على حرص واهتمام القيادة السياسية والثورية على القضية الفلسطينية، وأنها تقفُ في سلم الأولويات وتحضر في كُـلّ المناسبات حتى عند إطلاق سراح الأسرى، وكأن من يشاهد ذلك يشعر بأن هؤلاء المفرج عنهم فلسطينيون وليسوا يمنيين، في حين وصل أسرى قوات المرتزِقة وهم في حالة ضعف وازدراء.
الصورة في صنعاء كانت مختلفةً تماماً، فقد تم الاستقبالُ بمراسيمَ وبروتوكولاتٍ رسمية، وفرشوا البساط الأحمر واصطف القادة السياسيون والعسكريون والمسؤولون والوزراء وغيرهم بقيادة محمد علي الحوثي، ووجّهوا التحيةَ الجمهوريةَ الوطنية للأبطال العائدين، فيما كان استقبال أسرى حكومة المنفى عبثياً وعشوائياً، وكأن هؤلاء ليسوا بشراً.
ومن المفارقات أَيْـضاً أن سلطة صنعاء استقبلت الأسرى بالموسيقى العسكرية، واستقبال حاشد في مطار صنعاء من قبل المواطنين، وبالسجد والشكر لله جماعياً، فيما استقبلت حكومةُ الفنادق أسراها بالشكاوى والبكاء وكأنهم فارّون من السجن، كما استقبلتهم بالمعقمات وكأنهم جاؤوا عالة وحملاً على المرتزِقة.
القنوات الفضائية التابعة لصنعاء والموالية لها كانت تنقل الحدث عالمياً وتغطية مباشرة، وفتحت الهواء للمتصلين وكذلك الإذاعات المحلية؛ باعتبَار أن هذا حدث كبير لا يمكن المرورُ أَو القفزُ عليه، وكأن اليمن يحتفل بتحقيق الانتصار، في حين منعت قوى العدوان السعودي أيةَ قناة يمنية موالية للعدوان تغطية هذا الحدث، واكتفت بقناة العربية الحدث فقط، وفي هذا إهانة سعودية أُخرى توجّـه لهادي.
في المشاهد أَيْـضاً تظهر حافلاتُ النقل الجماعي، وقد زُينت باللون الأخضر ابتهاجاً بميلاد الرسول الأعظم، وظهرت الشوارعُ في كامل أناقتها، واصطف المواطنون مرحبين بالقادمين الأبطال، وبرزت المعنوياتُ العاليةُ في وجوه الأسرى، ليطلقوا صرخة الموت لأمريكا، بينما أسرى قوات هادي في وضعية بائسة جِـدًّا؛ نظراً لسوء الاستقبال والتنظيم.
الأسرى التابعون للجش واللجان الشعبيّة وصلوا إلى محافظاتهم وبيوتهم ومواطنهم ومسقط رأسهم، واستقبلهم أهاليهم وجيرانهم وأحبابهم في حين كان أسرى قوات المرتزِقة أشبه بالنازحين وفي أرض بعيدون عنها وعن أهاليهم، وفرق كبير بين من يعود إلى بيته وحارته وقريته، وبين من يهجر وينزح إلى أرض صحراوية يتوجب معه لحاق أسرته به إلى أرض غير أرضهم.
وفي سياقٍ متصل، عبّر نشطاء سياسيون وإعلاميون موالون للعدوان، عن سخطِهم الكبير إزاء الاستقبال الميّت لأسرى الطرف الآخر، مؤكّـدين أن القيادة في صنعاء أثبتت اقترابَها من أسراها، وحرصها على تقدير تضحياتهم العظيمة.
وأكّـدوا أن مراسيمَ استقبال الطرف الآخر أوضحت انشغال قيادات الارتزاق بمشاريعها الخَاصَّة، وتجاهلها للعناصر التي تقاتل في صفوفها، فيما أشاروا إلى أن المراسيم الاحتفائية في صنعاء هي التي ترسم الصورةَ الحقيقية عن التقدير والاهتمام البالغين بأسراها، وسعيها الحثيث والكبير لتحريرهم، بعكس الطرف الآخر.
ونظراً لكلِّ المعطيات الموجودة، يمكن القول بأن القيادية الثورية والسياسية في صنعاء حقّقت نجاحاً على كافة المستويات، بدءاً من الإفراج عن 680 من الأسرى ومن الأسماء التي يريدونها هم، ونجحت كذلك في عودة 240 من الجرحى العالقين الذين كانوا يتلقّون العلاجَ في خارج اليمن.
وبقراءة فاحصة للحدث، نجدُ أن المستقبلَ يحمل في طياته انتصاراً كَبيراً لصنعاء، بقيادة قائد ثورتها الفتية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ورائد سلطتها السياسية المشير الركن مهدي محمد المشَّاط، فهي التي أظهرت أنها أهلٌ للمسؤولية وجديرة على البقاء، بعكس حكومة المرتزِقة التي تتخذ من الرياض مقرًّا لها وهي أشبه بمطية يقودها الاحتلالُ السعوديُّ والإماراتي كيفما شاء.