أبطالُنا الأحرار أولُ بشائر الانتصار
منير الشامي
في لحظات استثنائية من زمن سنوات أسى ومعاناة الشعب اليمني، لاحت بارقةُ أمل قبل أسبوعين من اليوم باتّفاق تم التوقيعُ عليه في سويسرا بخصوص مِلَـفِّ الأَسْرَى، نص على عملية تبادل شملت 1081 أسيراً، منهم 681 من أبطالنا الأَسْرَى، و400 من أَسْرَى العدوان ومرتزِقته، منهم 15 أسيراً سعودياً و4 سودانيين، ومنذ ذلك اليوم وحتى اليوم ونحن ندعو اللهَ تبارك وتعالى أن يكتبَ لهذا الاتّفاق النجاح، ندعوه وثقتنا به كبيرة ولا ثقة بالعدوان ومرتزِقته من تكرار تنصّلهم عن تنفيذ الاتّفاقات السابقة بشأن الأَسْرَى، فكان اليأسُ سيّدَ المشهد في جوانحنا حتى لحظة وصول أول طائرة تابعة للصليب الأحمر إلى مطار صنعاء، فزادت خفقاتُ القلب وهاجت عبراتُ النفس وتدفقت الدموعُ من المقل، معلنةً فرحةَ القلوب المكلومة والنفوس المألومة، والعيون تشهد لحظات نزول أول دفعة من الطائرة بمشاهد غير واضحة شوشتها دموعُ الفرح بعودة أبطال أباة ورجال صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه، فمنهم من قضى خمساً ومنهم من قضى أدنى من ذلك في سجون ومعتقلات العدوان ومرتزِقته، عانوا فيها كُـلَّ أنواع التعذيب والأذية والإهانة، عاشوا لياليها جحيماً وضحاها سعيراً.
لم يداووا جريحهم وجرحوا سليمهم بأبشع طرق التعذيب وأشنع أساليب الانتهاك.
رأيناهم ينزلون من الطائرة الأولى والثانية وحتى الرابعة، منهم السليم الظاهر وفيهم العليل العاجز عن السير جراء التعذيب الذي لم يتوقف، ومنهم المرهق، ومع كُـلِّ ذلك فقد لاحت على وجوههم قوةُ الإرادَة، وصلابةُ العزيمة، وبأسُ المؤمنين وشجاعةُ الفرسان الثابتين بشموخ وعزة لا تلين.
مشاهد زلزلت المشاعر، وَجعلت القلوب تبلغ الحناجر، ومزجت بين الفرحة والدموع، ورسمت البكاء بالبسمات، ولحظات برزت فيها إرادَةُ الأبطال وحكمة القيادة، ولاحت نسائمها ببشائر النصر الموعود.
وفي أعظم استقبال رسمي وشعبي لأبطالنا الأَسْرَى المحرّرين داخل ساحة المطار وخارجه، توافد عشراتُ الآلاف من أبناء الشعب اليمني لاستقبالهم وانتظار قدومهم، وكأنهم جميعاً أَسْرَى كُـلّ بيت يمني، وأَسْرَى كُـلّ أسرة يمنية، وتلك حقيقة فهم لجميع الأسر أبناء وإخوة وآباء، وفرحة كُـلّ أسرة هي فرحة بعودة 470 بطلاً من أبنائها.
وَفرحتنا اليوم عظيمة لم تكتمل، وكبيرة لم تتم، فلن تكتمل إلا بوصول بقية أَسْـــرَانا الذي شملهم الاتّفاقُ، ولن تتم إلا بتحرير كُـلِّ من تبقى من أَسْـــرَانا حتى الأسير الأخير.
أصدق التهنئة لجميع أبطالنا المحرّرين ولأهلهم وذويهم، وعظيم شكرنا لله تبارك وتعالى على هذه النعمة التي منَّ اللهُ بها علينا ثم لقائد ثورتنا وعلم مسيرتنا -يحفظه الله-، ولقيادتنا السياسية ووفدنا المفاوض ولرئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأَسْرَى وجميع أعضائها.