في يوم مولده.. اليمنيون شقوا درب عزة الأُمَّــة وكرامتها
منير الشامي
في مشهد تاريخي هو الأول من نوعه في العالم، نعجز عن وصفه، وتعجز اللغةُ بكلِّ ما فيها من بلاغة وبيان أن تصف مشاهده الحقيقية وصفا واقعيا بحشوده المليونية في مختلف الساحات من ضيوف الرسول الأعظم سيدنا محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، التي توافدت على ساحات الاحتفاء بذكرى مولده الشريف في أكثر من ثلاثة عشر ساحة.
قصدها ضيوفُ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- فأكرم وفادتهم، وأحسن ضيافتهم، وأجزل من عطائه عليهم، ومنحهم من الشرف أسماه، ومن العزة أنفسها، ومن الكرامة أطهرها، ووسمهم بوسم أخلاقه العظيمة، ومحامد خصاله الرفيعة، وأضفى عليهم من بهاء نوره ووهج سراجه، فرسموا في كُـلّ ساحة لوحة مليونية من أنوار النبوة الزاهية النقية، وصنعوا من تلك الساحات أعظمَ حدث وقع في هذه المناسبة العظيمة منذ فجر الإسلام.
قصدوا تلك الساحات ليعظموا محمداً فعظمهم، وليعلوا ذكره فأعلى ذكرهم، وليشرحوا صدره فشرح صدورهم، وليرفعوه إلى منزلته فرفع منزلتهم، وليظهروا هيبته العظيمة ومقامه المحمود فأظهر هيبتهم وحمد مقامهم –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقلّدهم العزة دون كُـلّ المسلمين.
ولا غرابة في ذلك، فالعزة هي سلعة الله ورسوله، ولا توجد أبدا عند سواهما رغم وفرتها، ولا يملكها أحد من الخلق غير رسول الله، والله ورسوله هما من يهبونها للمؤمنين من عباد الله وللذين يستحقونها بجدارة في كُـلّ زمان ومكان، واليمنيون هم أكثرُ الناس حظوة بها من عهد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- وحتى اليوم، وما أصاب العالم منها بقدر العشر مما أصابه اليمنيون منها.
لقد شقَّ اليمنيون بهذه المناسبة العظيمة درب العزة والكرامة للأُمَّـة وعبّدوه بحشودهم المليونية، ذلك الدرب الذي ما توقفوا عن رسمه لها كُـلّ يوم منذ قرابة ستة أعوام خلت وهي تتدعي العمى الكاذب وتتظاهر بأنها لا ترى ما يرسمه اليمنيون لها بحبر الدماء والدمار والأشلاء والغبار في كُـلّ شبر من أرض اليمن، فأزاحوا الغشاوةَ عن جفونها ونفضوا تراب الذل عن رموشها وشقوا أمامها هذا الدرب، وهي تراهم هي والعالم كما ترى شمس منتصف النهار في كبد السماء، فأكملوا حجّـةَ اللهِ عليها في لحظةٍ من تاريخها المخزي، وهي ترى أنظمة النفاق والخيانة فيها تترامى تحت أقدام اللوبي الصهيوني، طلبا للعزة عند من لا يملك إلّا الذل والمسكنة، وتعري شعوبها مما بقي فيها من ذرات العزة والكرامة، فتتساقط قبلها كأوراق الخريف تحت أقدام الماسونية وتنجرف لتكون مسوخا خادمة لأراذل الخلق وأذلها.
لقد أصبحَ دربُ العزة والكرامة ظاهرا للأُمَّـة وواضحا لشعوبها، وغدى مفهوما لكل مسلم ومسلمة بطول العالم وعرضه، وصار له صوت جوهري يسمعونه في كُـلّ لحظة من ليل أَو نهار وهو يناديهم عودوا قبل أن لا تعودوا، عودوا عن مساركم المنحرف، عودوا إلى رشدكم قبل أن تصبحوا أنعاما عند مجرم مستكبر وجزار مستهتر، لا تنخدعوا بكثرة الدروب التي ترونها أمامكم، فجميعها دروب هلاككم، فالعزة والكرامة ليس لها سوى درب واحد فقط هو درب الله، ودرب رسوله ودرب عترته الطاهرة، وهو الدرب الذي انتهجه اليمنيون ومضوا عليه.