وقفاتٌ من ساحة الاحتفال الكبير
سند الصيادي
امتلأت ساحة وَجنبات ميدان السبعين وسط العاصمة صنعاء وَالشوارع المؤدية إليه على آخرها، وكثير من ضيوف الرسول الأعظم لم يتمكّنوا من الوصول إلى وسط الساحة المخصصة للاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة، غير أنهم لم يفوتوا سماع كُـلّ الكلمات التي ألقيت فيها، بما فيها الكلمة الختامية الهامة التي ألقاها قائد الثورة في الجموع التي احتشدت بمختلف محافظات البلاد حبا وتعظيما وتعزيرا وتوقيرا بسيد المرسلين.
وعلى امتداد طريقنا إلى ميدان السبعين، أدهشنا مستوى الترتيبات الأمنية المتخذة وَطريقة التفتيش والتعامل التي أبدتها اللجان المختصة مع الحشود الوافدة رغم كثرتها وَازدحامها، فخُيِّل لنا أننا ضيوفهم شخصيًّا المكرمون لديهم ونحن نلمس تلك الحفاوة والوجوه البشوشة لحظة الترحاب بنا رغم عناء وقوفهم المستمر على أقدامهم طوال ساعات الفعالية.
ولحظة الوصول إلى الساحة المخصصة التي نظمت بشكل جميل الطريق إليها لتخفيف التدافع، أُعجبنا بطريقة تقسيم الساحة إلى مربعات تفتح أمام الجموع تباعا بعد امتلاء كُـلّ مربع عن آخره، وبما يضمن استثمار كُـلّ مساحة شاغرة وَعدم حدوث أي فوضى قد يخلقها الجلوس العشوائي للحاضرين.
الآلاف من الشباب الملتزم والمسؤول كانوا على مقربة من الضيوف يقابلون التصرفات بحكمة وحنكة دون نزق أَو امتعاض، فيما الطواقم الطبية تمر من بين الجموع لتمنح من أراد حبة الدواء التي يحتاجها، وحَمَلَةُ الأعلام الخضراء الملبية لرسول الله يمنحون إياها من لم تسعفه الظروف على شرائها، فيرفعها الجميع في فرح ومشاعر متدافعة لا يضاهيها أي شعور آخر.
وعلى خلاف المناسبة في العام الماضي، شهدنا هذا العام تحسنا فنيا في خدمات الصوت، وَتمكّنت مسامع جميع الحضور من تلقيه واضحًا وَنقيا، كما كانت الصورة المنقولة أكثر قربا من المشاعر وَالوجوه، فزادها انسجاما وَهتافا بالصلاة والتسليم وَالبراءة من أعداء الله وَرسوله.
لوحة فنية رُسمت بذات الإبداع في ساحة ملعب الثورة وَساحات صعدة وَإب وَالجوف وَعمران وتعز، وحفلت من بدايتها إلى نهايتها بالفقرات والمشاهد التي انعكست على مشاعر الشيوخ والأطفال، وَرسمت في ذاكرتهم فرحة تليق بمن أفرح البشرية يوم ميلاده العظيم، ومن أضاء بنور تعاليمه ومنهاجه وسلوكه عتمة وجه هذا العالم البائس، وَبدا وكأن اليمن اليوم تؤصل من جديد لثقافة وَموروث تعرض عبر المراحل والقرون إلى أخطر استهداف ممنهج، غير أن كُـلَّ تلك المساعي قد انصدمت بجدار الوعي اليماني الذي أعادت بناءَه قيادتُنا الإيمانية الربانية المباركة.
وَيمكن لمن حظر في هذه الفعالية أن يلمس في حديثه الجانبي لأي مواطن يجاوره بالميدان حالة السخط وَالغضب من الإساءَات المتكرّرة للرسول وللإسلام، وَحالة الموقف العربي والإسلامي الذي هيئت لهذه الإساءَات وَدفعت أعداء الأُمَّــة إلى التمادي فيها، والثناء والإشادة لدى العامة لموقف القيادة والشعب اليمني الذي لو تم تجسيدُه لدى كُـلّ شعوب الأُمَّــة لما تجرأ أحد على أن ينال من رسولنا وَديننا وَأوطاننا.
ولنا مع مضامين خطاب السيد القائد وَارتدادات هذه المناسبة على المستوى الديني والثقافي والسياسي وقفة قادمة، غير أن رسالة شكر وتقدير وَامتنان لكلِّ من ساهم في إنجاح هذه المناسبة على كافة المستويات الأمنية والفنية وَالإعلامية وَالتحضيرية والتنظيمية، هي أقل ما يمكن أن يقال نظير هذه الجهود العظيمة والنجاحات النوعية، وهم لا ينتظرون منا ذلك بقدر ما يرون في ما عملوه واجبا يفرضه عليهم حُبُّهم وَولاؤهم للرسول الأعظم، كتب اللهُ أجرَ الجميع، ونصرنا وَأعزنا وأكرمنا بمحمد وَآله الأطهار.