قراءةٌ للفعاليات النسوية المحتفية بالمولد النبوي الشريف
أمة الصبور المروني
المرأةُ اليمنيةُ ككل عام أعطت لمناسبة المولد النبوي الشريف حقَّها من التبجيل والتقديس، فبرغم العدوان والحصار وكل الظروف والصعوبات والتحديات، إلا أنها استقبلت هذه المناسبةَ الجليلة بحفاوة لا نضيرَ لها، واحتفلت بها احتفاءً جسّد محبتَها ووفاءَها لرسولها الأعظم، متحديةً بذلك الاحتفال كُـلَّ القوى الدخيلة على التاريخ والدين، كالوهَّـابية المقيتة التي حاولت طمسَ المولد النبوي وإغراقه بآلاف النصوص والفتاوى التي كفّرت الاحتفالَ به، وجعلت منه بدعةً؛ لفصل الأحفاد عن أجدادهم الأنصار، ولفصل الإيمان عن اليمن، ولكن يأبى الله إلا أن يتمَّ نورَه ولو كره الكافرون.
نساءُ اليمن أظهرن قدراتٍ مذهلةً من التحدي والصمود وتحمل المسؤولية خَاصَّة المرأة المجاهدة في الهيئة النسائية لأنصار الله للأمانة، لا سِـيَّـما وأنها استلمت المكان المعد للاحتفال بالمولد النبوي الشريف (ملعب الثورة) وهو منهار مهدم جراء قصف العدوان الغاشم عليه، فالمبنى كان جله مخربا والأرصفة والكراسي مكسرة حتى الحمامات مخربة ومتسخة، ولكن المرأة اليمنية المجاهدة في ظل تلك الظروف القاسية والتحديات نهضت من بين الركام والدمار ولعبت دورا أُسطوريا من ترميم وإعادة تأهيل المكان ليكون صالحاً للاحتفاء بالمولد النبوي الشريف برغم إمْكَانياتها البسيطة والموارد المحدودة بنفقاتها الخَاصَّة، ولكنها أخذت على عاتقها ترميم وتأهيل ما دمّـره العدوان في وقت وجيز ما يقارب النصف شهر فقط، فوقفت وواجهت الصعاب والتحديات وعقبات الطريق وأنجزت مالا يمكن إنجازه لعدة شهور، خمسة عشر يوما ظلت مثابرة بعمل دؤوب ليلَ نهارَ بإرادَة وعزيمة عظيمة، فمهما وصفنا، فالقلم يعجز عن رسم ووصف تلك المعاناة والتعب التي حملتها على كاهلها لإحياء ذكري المولد النبوي الشريف حباً وإجلالاً وتعظيماً لصاحب المناسبة محمد المصطفى-صلي الله عليه وآله وسلم، فكانت بالفعل أُسطورة وايقونة عصرها، فكل التحية والإكبار والإجلال للمرأة اليمنية العظيمة أيقونة هذا العالم وهي تواصل طريق الواجب والثبات وتحدي الصعاب.
كان للمرأة اليمنية المجاهدة دور بارز وكبير في نجاح فعاليات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف -على صاحبها وآله أزكى الصلاة والتسليم، حَيثُ شاركت آلاف النساء المجاهدات المنتميات للهيئة النسائية في تنظيم الاحتفال وتأمينه واستقبال ضيفات رسول الله، فقسمت إلى لجان عدة نظامية وأمنية واستقبالية وفنية وإعلامية وَلوجستية وغيرها من اللجان النسائية التي ساعدت في نجاح الفعالية، كذلك تم إقامة بازار خير كبير يحتوي على كُـلّ ما جادت به المرأة وما صنعت من أطيب المأكولات، وكان عائده دعماً للمجاهدين من الجيش واللجان الشعبيّة المرابطين في ميادين القتال، وهذا أقل ما تقدمه المرأة اليمنية للمجاهدين في المولد النبوي.
المرأة اليمنية ضربت أروع الأمثلة في العشق المحمدي، فبرغم العدوان والحصار والظروف الاقتصادية الصعبة وكل التحديات خرجت بزخم كبير وحضور مشرف أذهل العالم، وببهجة عارمة لساحة الاحتفال بملعب الثورة الرياضي لإحياء فعالية المولد التي اعتادت أن تحييه في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كُـلّ عام لتجدد العهد والوفاء والولاء لرسولها الأعظم بالسير على نهجه والاقتدَاء به قولاً وفعلاً واستلهام منهجه والتحلي بأخلاقه العظيمة، فأثبتت للعالم باحتفالها وعيها وارتباطها العميق برسولها الأعظم، ورسمت بزخم حضورها مشهد مهيب يشهد لهن بأنهن حفيدات الأنصار.
نساء اليمن عظيمات سيخلدهن التاريخ بما قدمن من تضحيات، وما سجلن من مواقفَ مشرفة كان لها الأثر الكبير، ففي حضرة المصطفى من ساحة الاحتفال بملعب الثورة قدمن حفيدات المصطفى رداً قاصماً لهرولة أنظمة الخليج للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، ولتصريحات المعتوه ماكرون رئيس فرنسا العدائية للإسلام، ونشرهم صور مسيئة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وجددن ولائهن لرسولهنّ الأعظم، وهتفن فداك الروح والدم والأهل والولد يا رسول الله، فدماؤنا وأرواحنا وأولادنا ترخص لك يا رسول الله، فكانت الأولى في العالم والأرقى في حبها وتمسكها بسبيل نبيها الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، فاحتفالنا اليوم هو امتدادٌ لملحمة صمودنا الأُسطوري وانتصاراتنا الباهرات في ميادين المواجهات أمام عدوان كوني وحشي غاشم.
وكلنا ثقة بأننا سننتصر بنُصرتنا لله ورسوله وبركة ولايتنا واحتفالنا بميلاد النور.