تراتبية أطماع العدوان الكوني على اليمن
خالد العراسي
خطّط تحالفُ الشر والظلام بدقة لاحتلال اليمن ونهب ثرواته، وكانت مارب تشكل عائقاً؛ نظراً لاستحواذ سلطة الإخوان على مقدراتها وخيراتها، فعمل المحتلُّ على تغيير الناهب من خلال خطوتين:
الخطوة الأولى: تتمثل في تغيير وجهة تصدير النفط من خط (صافر – رأس عيسى)، والتصدير عبر البحر الأحمر إلى (صافر – شبوة)، والتصدير عبر ميناء النشيمة في بحر العرب، وذلك حتى لا يمر نفط صافر من مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى، وتم العملُ في هذا المجال بوتيرة عالية جِـدًّا حتى تم إنجازُ شبكة أنابيب جديدة تربط مارب بشبوة.
الخطوة الثانية هي: ربط البنك المركزي في مارب بمركزي عدن تحت مسمى البوتقة الواحدة للإيرادات، ولكن ذلك لم يتسنّ لهم؛ نظرا للخلاف حول حصص الناهبين، وفشل حماية مركزي عدن من السطو والسرقات والفوضى الأمنية التي تعاني منها عدن.
أما بالنسبة لعائدات مارب المتراكمة والمكدسة في بدروماتها منذ أكثر من خمسة أعوام، فهي تشكل العائدات الرسمية، وعلى رأسها قيمة الغاز والنفط المباع رسميًّا، ويُقال بأن سلطات مارب قامت بنقلها إلى شبوة بعد اقتراب الجيش واللجان من مركز المدينة، أما العائدات والمبالغ المنهوبة مثل قيمة النفط الخام (الذي يفترض أن يتم إعادةُ حقنه) والمقدر بحوالي عشرة آلاف برميل نفط يوميًّا فقد تم تهريبها خارج اليمن أولا فأول عبر بعض الشركات، أبرزها شركتان، أحدهما تابعة للخراز والأُخرى تخصُّ الخضر، وكانت تركيا صاحبة الحظ الأوفر، إذ أقام الناهبون فيها عدة مشاريع، أهمها مصنع الحديد والصلب التابع لمحافظ مارب وفنادق ومطاعم واستثمارات أُخرى تابعة لقيادات إخوانية.
تهريب الأموال المنهوبة خارج اليمن ليس بالأمر الجديد، إلّا أن عملاء وخونة اليوم استفادوا من تجربة عملاء وخونة الأمس الذين تم تجميدُ أرصدتهم، وباتت منفعة لسويسرا ودبي وبعض الدول التي يوجد لهم فيها أرصدة بنكية، فتوجّـه خونة اليوم إلى الاستثمار وشراء العقارات ظنا منهم أنها الطريقة المثلى لحماية الأموال المنهوبة.
ما تحدثنا عنه هنا مُجَـرّد عينة بسيطة لما يمارسه الخونة من عمليات نهب واستنزاف للثروة بدرجات متفاوتة، كلٌّ بحسب قدرته واستطاعته، فالناهب الأكبر لثروة اليمن هي الدول العظمى الداعمة للعدوان (أمريكا، بريطانيا، فرنسا)، ثم الأدوات (السعودية والإمارات)، ثم أدوات الأدوات بكل فئاتهم وفصائلهم، وهم أنفسهم ناهبو ثروة اليمن سابقًا.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك دراسات تتحدّث عن نهب السعودية لنفط الجوف منذ عقود، وذلك بعلم النظام السابق، والشركة المنفذة لاستخراج النفط في شمال الجوف هي شركة أمريكية، ولا يمكن لأمريكا أن تتركَ السعودية تنهب نفط اليمن دون أن يكون لهـا النصيب الأكبر منه؛ ولذلك سمعنا ترامب يتحدث عن أن الحرب سببها النفط الموجود على الحدود السعودية اليمنية.
كما أن بريطانيا استمرت لأكثر من 40 عاماً تنهب الفحم الحجري من جزيرة ميون، ومنذ 2008 وشركة “زنكو” البريطانية (القادمة إلى اليمن عن طريق شاهر عبدالحق) تنهب منجم جبل صلب في نهم، وعندما حرّر رجالُ الجيش واللجان المنطقة وجدوا المنجم وكافة معدات الشركة البريطانية، وسرعان ما أغار العدوان على المنطقة ودمّـر المعدات، وهناك أخبار شبه مؤكّـدة بأن ذلك المنجم ينتج “فضة” و”رصاص” و”زنك”، وتحدث البعض عن وجود مادة اليورانيوم.
كما أن فرنسا نهبت ثروات اليمن بشكل مخيف عن طريق شركة “توتال” منذ أكثر من 20 عاماً تقريبًا، ولا يخفاكم أن الإمارات تنهب ذهب اليمن منذ أكثر من 15 عاماً في أكثر من 24 منجماً.
أما الكيان الصهيوني فله مصالح مشتركة مع جميع الدول الراعية للعدوان والأدوات المنفذة، فمثلا خط الملاحة الدولي والبحر الأحمر يشكل مصلحة كبرى للكيان الصهيوني؛ باعتبَاره المنفذ البحري الوحيد للكيان، ومنه تمر بارجاته الحربية وسفنه وناقلاته التجارية.
لم تكن حماية ما تسمى “الشرعية” هي السبب وراء ما نتعرض له من عدوان كوني منذ أكثر من خمسة أعوام، في ظل صمت عالمي مخزٍ لم يسبق وأن حدث من قبل بهذا الشكل، لقد كانت وما زالت حرباً اقتصادية بامتياز، سببُها أطماعُ دول عظمى بثروات بلد لطالما عانى شعبُه آفاتِ الجوع والمرض والفقـــر والبطالة والجهل؛ بسَببِ عمالة النظام السابق والحقبة الدنبوعية الكارثية.
ونتذكر قائد الثورة (سلام الله عليه) في أحد خطاباته عندما قال: “ثرواتنا في أحجارنا”، لم تكن هذه الجملة مُجَـرّد كلمات عابرة، وإن دلت على شيء فَـإنَّما تدل على إلمام السيد القائد واطلاعه على أدق التفاصيل، وقد كانت عبارة اختزلت الكثير.
ومن ناحية المخطّط فيشمل الاستيلاء على أهمِّ موانئنا وجزرنا والمناطق المطلة على خط الملاحة الدولي، ولم يكن ذلك لحماية الملاحة كما يروجون له؛ لأَنَّنا لا نشكل أي خطر عليه، وإنما للسيطرة على أكبر نسبة من التجارة العالمية، وكإجراء يصبُّ في إطار محاربة الصين وغيرها من دول محور الضد.
من خلال ما سبق والأمثلة المذكورة التي لا تشكل إلّا عينةً بسيطةً مما تم نهبُه من ثروات اليمن، نجد أن هناك تراتبية في الأطماع، ذروتها ورأسها أمريكا، وذيلها وأرخــص ما فيها هو المرتزِق اليمنــي، جمعتهـم المصالحُ وستفرقهم المصالحُ وسينهيهم بأسُ رجال اليمن.