دبابات الميركافا.. تحت أقدام فرسان اليمن
في الذكرى الـ20 للشهيد الفلسطيني الطفل فارس عودة قاهر سلاح المحتل الصهيونية
منصور البكالي
لم تكن قصةً خياليةً دارت في مخيلة كاتب سيناريوهات محترف ولا مشاهد من أفلام بوليود الهندية أَو هوليود الأمريكية التي تصدّر للأجيال رموزاً ونماذجَ زائفةً في الشجاعة والاستبسال وقوة التضحية في سبيل الدفاع عن الأوطان والوقوف في وجه الغزاة والمحتلّين.
بل هي ترجمةٌ حقيقيةٌ للإرادَة الصلبة والعزيمة الفتية التي كان يحملها الطفل الفلسطيني، فارس عودة، ترجم من خلالها حجم الغضب المدفون في صدره ومقدار الشوق إلى الحرية والتحرّر من الهيمنة والغطرسة الصهيونية.
فارس عودة الذي استشهد قبل 20 عاماً برصاصة دبابة اخترقت رقبتَه الشامخة برأسه القاسي وشجاعته الأبية وهو يرمي بالحجارة فخر الصناعات الصهيونية دبابة الميركافا، ليمنعها عن العبور نحو حيه السكني وهدم البيوت في قطاع غزة.
صورة الشهيد عودة التي تصدرت صفحات المجلات والصحف العالمية وكشفت غطرسة المحتلّ الصهيوني وصمود الشعب الفلسطيني المقاوم في وجه بسلاح الحجارة الذي لم يملك غيره، أسّست لجيل جديد حطّم كُـلّ حواجز الخوف في وجه السلاح، واستحدث سلاحاً جديداً لا يمكن للعدو امتلاكُه ما لم يكن من وراء جُدُرٍ أَو في قرىً محصَّنة مصداقاً لقول الله فيهم.
وبعد العدوان على الشعب اليمني لم تعد صورة الطفل عودة وحدها من تصدرت وسائل الإعلام العالمية بل صدّر مجاهدي الجيش واللجان الشعبيّة في اليمن مشاهدَ وصوراً أقشعرت منه الجلود والأبدان، أمام ذات السلاح وأمام آخر ما توصلت إليه الدول الكبرى من الصناعات الحربية على المستوى البري والجوي والبحري أَيْـضاً.
ومن يبحث في الإعلام الحربي اليمني سيجد الكثير والكثير من شواهد شجاعة وإباء الشعوب في مواجهة الغزاوة والمحتلّين ولنا في صمود مجاهدينا أمام طائرات الأباتشي ومختلف أنواع الطيران الحربي والمسيّر ومختلف الدبابات والمدرعات تعيد إلى الذاكرة أن شعبَنا اليمني يقفُ في ذات الخندق الذي وقف فيه الطفل فارس عودة قاهراً دبابة الميركافا.
ولن ننسى المشهد الأُسطوري الذي سطّره الشهيد أبو قاصف وانتصاره على تلك المجموعة الكبيرة من الدو اعش المدججين بالسلاح في إحدى جبهات محافظة البيضاء، بحجارة ألقاها عليهم فولوا الأدبار تاركين أسلحتهم ليأخذها ويبدأ في رسم مسارات جديدة لمعركة تكللت بالانتصار.
كما هو مشهدٌ آخر لأحد المجاهدين وهو بالبندقية الموجهة صوب دبابات الغزاة التي استسلمت وتوقفت عن السير ليخرج منها أحد افراد جيش العدوّ السعودي وقد نزل البول على ملابسه؛ خوفاً من رهبة المشهد الشجاع لشخص يجبر دبابة على الاستسلام بجوار مجزرة كبيرة من الدبابات المحترقة في وادي آل أبو جبارة.
كثيرة هي المشاهد الأُسطورية التي سطّرها مجاهدو الجيش واللجان الشعبيّة وكثيرة هي الصور المماثلة لصورة الطفل فارس عودة وهو في موقف التحدي لدبابات العدوّ.
ففارس رماها بالحجارة وذهب إلى الله شهيداً وشعبنا اليمني أخذ له بثأر منها حين أحالها إلى مجازر ومحارق بالولاعة والكرتون في مختلف الجبهات.
والشهيد عودة نموذج يتكرّر على مختلف جبهات المواجهة في اليمن منذ بدأ العدوان، فيما دبابات الميركافا لم تعد قادرة على الصمود لوهلة واحدة أمام فوارس اليمني الذين اعتلت أقدامُهم عليها ووضعت خشوم بنادقهم في فوهاتها وكانت ولاعاتهم المستخدمة لحرق السجارة لها بالمرصاد.
وبين صورةِ الشهيد الطفل عودة قاهر دبابات العدوّ الصهيوني في فلسطين ومشاهد وصور بطولات الجيش واللجان الشعبيّة في اليمن، تتلاشى قيمةُ السلاح وتتبخر قدراته في المواجهة، وتبقى إرادَة الشعوب الحرة هي اليوم سلاحَ من لا سلاح له للدفاع عن أوطانهم وحرياتهم وكرتمتهم، فيا فارس عودة نم قريرَ العين، فدبابات قاتلك لم تعد قادرةً على الصمود أمام ولاعة وقطعة كرتون، فللقدس والقضية الفلسطينية رجالٌ الثقافةُ القرآنية زادُهم والتجارة مع الله سباقُهم المربح وأعلام الهدى أولياؤهم، وعاش كُـلّ الأحرار، وهنيئاً لكل الشهداء على درب الحرية.
فالشهيد عودة جمع بين الحرية والإباء واستشعارِ المسؤولية في تحرير الأراضي الفلسطينية من المحتلّ الصهيوني فيما جمعت تلك الدبابة ومن يختبئ بداخلها بين ذات العدوّ الصهيوني على أرض الشعب الفلسطيني وعلى أرض الشعب اليمني اليوم، وَلا مفرَّ للغزاة من غضب الشعوب وتحرّرها، كما لا نجاة للدبابة من الحرق والتحول إلى برميل للقمامة على الأرض اليمنية.