المسيرة | عباس القاعدي: ثلاثة ملايين شهيد من المسلمين ضحايا الحملات الصليبية الفرنسية.. قرنٌ من الدموية والإجرام
20 دولة ما بين إسلامية ومسيحية ارتكبت فيها فرنسا أبشع الجرائم والمجازر وأبادت فيها الملايين
مذبحة “معرة النعمان” إحدى جرائم الفرنسيين في الشام حيث قتل الاحتلال أكثر من 100 ألف مسلم من سكان المدينة
استشهاد أكثر من مليونَي مسلم في إفريقيا بجرائمَ مروعة أثناء مطالبتهم بالاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية
الاحتلال الفرنسي قتل في دول القارة الإفريقية 400 عالم دين إسلامي في التشاد في مجزرة عُرفت باسم مجزرة كبكب
فرنسا عمدت إلى عمليات الإبادة الجماعية والقضاء على جميع “التوتسيين” الذين يعيشون في رواندا حيث قتلت 800 ألف رواندي أغلبهم من التوتسيين
القوات الفرنسية والإسبانية قتلت 30 ألف مواطن مغربي في مجزرة الدار البيضاء
الاحتلال الفرنسي ارتكب أكبر مجزرة على التراب الأُورُوبي حيث قتل ثمانية آلاف مسلم من البوسنة في مذبحة سربرنيتسا
عرض عن جانب آخرَ من مجازر فرنسا التي ارتكبتها في حملاتها على الدول الإسلامية والمسيحية:
إنَّ الباحثَ في تاريخ فرنسا لا يجد فيه إلا حقداً دفيناً وتعصباً دينياً بغيضاً ووحشيةً بشعةً ضد البشرية جمعاء سواءٌ أكانوا جيرانها أَو حلفاءها، أَو أصدقاءها أَو كانوا من شعوب البلاد التي احتلتها، منها الشعوب الإسلامية التي نالت الحظَّ الأوفر من جرائمها فهي ارتكبت المجازر تلو المجازر، التي أوقعت ملايين الشهداء من المسلمين، خلال مئات السنين، ابتداءً من الحروب الدينية المقدسة (الحروب الصليبية) مُرورًا بـ حروب الاستعمار، وُصُـولاً إلى يومنا هذا، حَيثُ ما زالت فرنسا تسيئُ للإسلام وَالمسلمين وتحتل العديد من دول العالم الإسلامي بشكل مباشر، أَو من خلال دُمى تنصبهم رؤَساء لنهب ثروات وخيرات بلادهم وقتل شعوبهم، بالإضافة إلى أن الاحتلال الفرنسي كان دمويًّا استئصاليًّا يعمل على (فَرْنَسَة) الشعوب الإسلامية المحتلّة بالقوَّة، وذلك من خلال (فرض تعليم اللغة الفرنسية والعادات والتقاليد الفرنسية، وإلغاء التعليم الديني، الحد من تعليم اللغة الأم للدول المحتلّة)، كُـلّ ذلك لمحو هُـوِيَّة الشعوب الإسلامية المحتلّة وصبغها صبغة فرنسية خالصة.
ولهذا فَـإنَّ الكثير من التقارير الدولية والمواقع الإخبارية تطرقت إلى مجازر وجرائم فرنسا في الشعوب الإسلامية التي ما زالت تعاني منها إلى اليوم، حَيثُ كانت البداية من الحروب الصليبية.
الحملاتُ الصَّليبيَّة على العالم الإسلامي
يؤكّـد موقع صيدا أن الحروب الصليبية انطلقت من مدينة “كليرومونت” الفرنسية، 1095م عندما وقف “البابا أُورُوبان الثاني” الفرنسي الجنسية، في جمع حاشد من الناس يدعو أمراء أُورُوبا إلى حرب المسلمين وتخليص الأرض المقدسة من سيطرتهم، ونجدة إخوانهم في الشرق، ودعا المسيحيين في غرب أُورُوبا إلى ترك المشاحنات فيما بينهم، وتوحيد جهودهم إلى قتال المسلمين في الشرق.
ويوضح أن فرنسا كانت هي الراعي الأكبر للحملات الصليبيَّة على الدول الإسلامية، حَيثُ بدأت إشارة الحملات الصليبيَّة من البابا الفرنسيِّ الأصل، وكانت هذه الإشارة أمام ثلاثمِئة من الأساقفة، وكذلك انطلقت الحملة الصَّليبيَّة الثانية من مجمع كنسيٍّ في مدينة (فيزولاي) الفرنسيَّة.
بالإضافة إلى أن فرنسا كانت ثالث ثلاثة من مثلث الحقد الصليبي الذي قام بالحملة الصليبيَّة الثالثة التي انطلقت من كنيسة “نوتردام” الفرنسية، ولم ينتهِ بها الأمر حتى الحملة الصليبية السابعة التي قادها لويس التاسع ملك فرنسا الذي كان كاثوليكيًّا مُتَعَصِّبًا، حَيثُ كانت نتائج الحملات الصليبية على المسلمين حوالي 3 ملايين شهيد.
وبحسب التقارير الدولية، فَـإنَّ هدفَ الحروب الصليبية في الأصل كان الاستيلاء على القدس والأراضي المقدسة التي كانت تحت سيطرة المسلمين، وكانت تلك الحملات استجابة لدعوة من الإمبراطورية البيزنطية الأرثوذكسية الشرقية لوقف توسع الإمبراطورية الإسلامية.
الحملة الفرنسية على مصر:
بالرغم من أن الحملة الفرنسية على مصر لم تستمر سوى 3 سنوات (1798-1801م)، إلا أنها كانت دمويَّةً إلى أبعد الحدود، حَيثُ تؤكّـد التقارير الدولية أن فرنسا شنت حملة عسكرية قام بها الجنرال نابليون بونابرت على مصر والشام؛ بهَدفِ إقامة قاعدة في مصر تكون نواة لإمبراطورية فرنسية في من ناحية الشرق، وفور دخولهم القاهرة اقتحم الفرنسيون مسجد الأزهر بخيولهم، واستمرت الحملة 3 سنوات وفشلت وأسفرت عن عودة القوات الفرنسية إلى بلادها.
وبحسب الصحف المصرية، فَـإنَّ كُـلّ محافظات مصر عانت الويلات من الاحتلال الفرنسي، بالإضافة لما حدث للمصريين بعد ثورتَي القاهرة الأولى والثانية، فقد استشهد عشرات الآلاف من المصريين؛ نتيجةً لما قاموا به من مقاومة للمحتلّ، مؤكّـدة أن جرائم الاحتلال الفرنسي ضد المصريين كانت كثيرة، منها أنهم كانوا يقومون بذبح السجناء ويلقون بجثثهم في النيل ليلاً.
ولم تتوقف وحشية الفرنسيين عند هذا الحد، بل تعمدوا إهانة المشاعر الدينيَّة للمصريين، فاتَّخذوا من صحن الجامع الأزهر إصطَبْلًا لخُيُولِهم، وداسوا المصاحفَ بأقدامهم، بحسب المصادر، مؤكّـدةً أن تعمد إهانة وتدنيس المقدسات الإسلامية كانَ من أهم أهداف الاحتلال الفرنسي ، فعندما استولى الصليبيون بقيادة زعيمهم الفرنسي “جان دي برين” على مدينة دمياط عام 1219م تم تحويل جامع دمياط إلى كنيسةً، ولما خرج الصليبيون من دمياط عام 1221م تم إعادته إلى مسجدٍ كسابق عهده، كان ذلك أَثناءَ حملة لويس التاسع.
بلادُ 100 ألف شهيد:
يقول المؤرخُ الغربي، غوستاف لوبون، في كتابه “حضارة العرب” (ص396): يكفي أن نتحدث عن “مذبحة معرة النعمان” التي حدثت في عام 1098م، حَيثُ قتل الجيش الصليبي المكون بأكثريته من الفرنسيين، 100 ألف، والتهموا (أكلوا) الكثير من سكان المدينة!!.
ويشير أنه بعد انتهاء الحرب العالميَّة الأولى، عزمتْ فرنسا على اتّباع سياسة أي محتلّ وهي “فرِّق تسُد”، فعمدت إلى تقسيم بلاد الشام إلى خمس دول، وهي (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين والكيان الصهيوني)؛ لذلك فرضت الانتداب الفرنسيِّ على المنطقة بالقوة، وقامت بتسريح الجيش السوريّ، وأصر قائد القوات الفرنسيَّة “هنري جورو” على زيارة قبر صلاح الدين الأيوبي الذي أذاق الفرنسيين والصليبيين الويلات وهزمهم هزيمة منكرة، ووقف أمام قبره بدمشق قائلاً: “ها نحنُ عُدْنَا يا صلاح الدين”.
ويضيف المؤرخ الغربي غوستاف لوبون في كتابه “حضارة العرب” (ص396)، أن الصليبيون عملوا مثل ذلك في مدن المسلمين التي اجتاحوها، ففي المعرة قتلوا جميع من كان فيها من المسلمين اللاجئين في الجوامع والمختبئين في السراديب، حَيثُ وصل عددهم إلى مِئة ألف شهيد في أكثر الروايات، وكانت المعرّة من أعظم مدن الشام بعدد السكان بعد أن فرّ إليها الناس بعد سقوط أنطاكية وغيرها بيد الصليبيين.
لكن المؤرخ الفرنسي جان كلود جويبو في كتابه “على خُطى الصليبيين” ينقل صورة مفصّلة لبعض ما حدث، فيقول: “تحت ضغط الصليبيين الذين يقصُدون بيت المقدس للحج ـ قرّر رايموند دي سال محاصَرة معرة النعمان”، ثم يمضي فيصف دخولها: “في جهنم معرّة النعمان المتروكة للرعب وللجوع والعطش، فجُثَثُ المسلمين التي طُرحت في الخنادق قُطِّعت والتُهمت بشراهة”!!.
ومن نماذج الإجرام الفرنسي، الماريشال الفرنسي (القديس) بيجو (توماس روبير بيجو دولا بيكونيري / المعروف بالدوق دي زلي): الذي ارتكب المجازر في إسبانيا (المسيحية)، حَيثُ أطلقوا عليه المجرم العنيف، قبل أن يتم تعيينه حاكماً في الجزائر، حَيثُ مارس فيها سياسة القتل والإبادة والقهر والعنف والتدمير والتهجير والنفي.
وعندما فُضح ما قام به بيجو من مجازرَ، وخُصُوصاً “الخنق بالدخان” في جنوب مستغانم الجزائرية، اعترف بالمسؤولية، وبرّر أفعالَه بمقولته: “وهل لي أن أعتبرَ أن احترامَ القواعد الإنسانية تجعل الحربَ في إفريقيا من المرجح أن تستمر إلى أجلٍ غير مسمى”.
وهنا تسرُدُ التقاريرُ الدولية أسماءَ بعض الدول التي ارتكبت فيها فرنسا مجازر (دول إسلامية ومسيحية) ويمكن مراجعة تاريخ هذه الدول للوقوف على بشاعة هذه المجازر، من هذه الدول: الجزائر (1830-1962)، كمبوديا (1863-1953) الكاميرون (1914-1960) جمهورية إفريقيا الوسطى (1893-1960) تشاد (1900- 1960) جزر القمر (1886- 1975) مصر (1798-1801) غينيا (1849-1958) الهند الفرنسية (1673- 1954) جيبوتي (1862- 1977) مالي (1880- 1960.. ثم قامت باحتلالها بقرار من الحكومة التي جاءت بها إلى سدة الحكم) غابون (1839- 1960) ساحل العاج (1843- 1960) لبنان (1918- 1946) مدغشقر (1896- 1960) موريتانيا (1903- 1960) الكونغو الوسطى (1880- 1960) السنغال (1626- 1758، 1779- 1809، 1817- 1960) سوريا (1918- 1946) توغو (1914- 1960) تونس (1881- 1956) وغويانا الفرنسية، كلدونيا الجديدة ما زالتا تحت الاحتلال الفرنسي..
مذابحُ إفريقيا الوسطى:
ولم تكتفِ فرنسا بحروبها الصليبية، بل جابت دولَ العالم؛ بحثاً عن دول ضعيفة (حروب الاستعمار)؛ لاحتلالها ونهب ثرواتها، وقتل أهلها، فمنذ عام 1524 احتلت فرنسا عدةَ دول إسلامية في إفريقيا، وتوسّع احتلالها ليشمل أكثرَ من ثلث هذه القارة. وبعد الحرب العالمية الثانية طالبت الشعوب الإسلامية في إفريقيا بالاستقلال من الاحتلال الفرنسي الذي ارتكب المجازر فيها، فسقط منها أكثرُ من مليوني شهيد.
ولهذا فَـإنَّ المتابعَ لأوضاع المسلمين في إفريقيا الوسطى وما يتعرضون له هذه الأيّام من مذابحَ وجرائمَ ظالمةٍ على أيدي ميليشيات تَدَّعي انتسابَها للمسيحية، وبتواطؤ من القوات الفرنسية التي مهمتها في الظاهر حفظ الأمن ومنع الاقتتال في تلك الدولة، وفي السرية تساند وَتؤمن عمل الميليشيات المسيحية “انتي بالاكا” ضد جماعة سيليكا التي معظم مقاتليها من المسلمين، مما أَدَّى إلى سقوط آلاف الشهداء من المسلمين.
وإذا تحدثنا عن إفريقيا، فلا ننسى تونس، التي ارتكبت فيها فرنسا المجازر، حَيثُ كانت “الجثث والرؤوس مقطوعة ومعلقة على أوتاد منصوبة لأهالي مدينة غار الدماء التونسية”؛ انتقاماً من التونسيين.
مجزرةُ الدار البيضاء:
أقدمت قواتُ الاحتلال الفرنسية، على اقتراف مجزرة يوم 9 أبريل 1907، وخرج المغاربة ليعلنوا مطالبَهم في نيل الاستقلال وتحقيق وحدة أراضيه وتمسكه بهُـوِيَّته العربية والإسلامية، ولكن القوات الفرنسية فتحت نيران مدافعها على المغاربة، وقتلت المواطنين بكل من أحياء ابن مسيك وكراج علال ومديونة ودرب الكبير والأحياء المجاورة دون تمييز بين أطفال وشيوخ ونساء، فسقط المئاتُ من المواطنين بين شهداء وجرحى، واعتقل العديد من الوطنيين والنقابيين والمناضلين. مما أسفر عن مقتل أكثر من 5 آلاف مغربي بواسطة قنابل “الملينيت” التي أطلقتها المدافعُ والبوارج الفرنسية كإحصائية تقديرية.
من جانبه، يقول علال الخديمي في كتابه «التدخُّل الأجنبي والمقاومة بالمغرب»: إن العديدين يتوهمون بأنهم يعرفون أحداثَ الدار البيضاء سنة 1907/1908 «لأَنَّهم قرأوا عنها بعض الأسطر أَو بعضَ الصفحات في المؤلفات التي اهتمت بتاريخ المغرب». ويتعمق الوهم أكثر حين يربط هؤلاء ربطا مباشرا بين مقتل التسعة أُورُوبيين في 30 يوليو 1907، وبين قصف المدينة وتدميرها يوم 5 أغسطس من العام نفسه، حَيثُ حاولت الكتابات الفرنسية، التي تناولت الحدث أن تمرره قصداً لإخفاء المبرّرات الحقيقية لمذبحة الدار البيضاء، لكن تم استرجاع ما حدث في تلك الأيّام العصيبة من تاريخ الدار البيضاء، من خلال شهادات صحافيين عايشوا عن قُرب فجائعَ تلك الفترة أمثال كريستيان هويل وشارل بوردون، ومؤلفات أكاديميين أمثال أندري آدم وعلال الخديمي.
ويضيف الخديمي: طيلة تلك الثلاثة أَيَّـام تُركت الدار البيضاء للقتل والنهب، حتى لم يبق فيها ما يُسرق أَو يُقتل أَو يُغتصب، حَيثُ كانت مدينة تضج بالحياة والحركة، وبها ثلاثون ألف نسمة. لكن فرنسا وإسبانيا ستحولانها إلى مدينة مهجورة، يحاصرها الموت والدمار من كُـلّ جهة.
وإلى حدود اليوم ما تزال حصيلة المجازر التي ارتكبتها فرنسا وإسبانيا في حق أهالي البيضاء مجهولة. إذ كُـلّ ما كُتب حول تلك المجازر لا يتجاوز حدود التوقعات، وقد استغرب علال الخديمي كيف أن «مختلفَ المصادر الفرنسية، سواءٌ أكانت رسائلَ أَو مذكراتٍ أَو حتى بعض الرسائل قد ضربت صفحاً عن الاهتمام بتقدير عدد القتلى». ويضيف الخديمي في كتابه «التدخل الأجنبي والمقاومة بالمغرب»: «إذا كان موقف تلك المصادر مفهوما، يتلخص في التغطية على حجم الكارثة ومحاولة نسيانها، فَـإنَّ المصادرَ التاريخية المغربية، على قلتها، لم تحاول، فيما يبدو، حتى الاهتمام بالإشارة إلى عدد الذين نُكبوا بالدار البيضاء».
حسب تلك المصادر الأجنبية، فقد تراوح عددُ القتلى بين 600 و3000 ضحية. فيما حدّد مانجان، قائدُ البوليس، في تقرير قدّمه إلى قائد الجيش الفرنسي الجنرال درود، عددَ الجثث المدفونة في 300 مغربي مسلم و30 يهودياً، وهو رقمٌ يبقى ضئيلاً جِـدًّا مقارنة بحجم الدمار الذي ألحقته قنابل «الميلينت» بالمدينة، التي كان سكانها في حدود 30 ألف شخص، معظمُهم من المسلمين الذين كانوا زُهاءَ 23 ألف شخص، أغلبهم كان يقطن بحي التناكر، الذي كان الهدف الرئيس للقصف، دون أن ننسى مجزرة السور الجديد، وكذا عمليات التقتيل التي مارسها البحارة الفرنسيون والإسبان وفرقة اللفيف الأجنبي.
وإذا أخذنا بهذه المعطيات كلها، فَـإنَّ العدد الحقيقي للضحايا، كما يقول الخديمي، «يتعدى بكثير التقديرات السابقة المتواضعة». تدل على ذلك رسالة بعثها محمد بن عبد الكبير، الوزير الأكبر للمولى عبد الحفيظ، إلى رئيس الهيئة الدبلوماسية بطنجة؛ احتجاجاً على مجزرة الدار البيضاء. وقد حدّدت تلك الرسالة عدد القتلى في 6000 قتيل. فيما كتب ملاحظ إنجليزي: «من ثلاثين ألفاً من السكان، تبعاً لشاهد عيان كان موجودا إبان المذابح، لم يتبقَّ إلا حوالي مِئتين بالمدينة.. آلاف من الرجال الأبرياء ونساء وأطفال صغار، يهود ومغاربة سيان، مزقوا إرباً إرباً بواسطة قنابل «الملينيت»، وبُقروا بالحراب، وأُردوا بالرصاص بينما كانوا يفرون من الموت. وبعد أن استنفدت القنبلة أسوأ ما عندها كانوا يخرجون من مخابئهم ويقتلون بكل هدوء بواسطة أعوان اللفيف الأجنبي الذين أطلقوا على المدينة».
رغم تضارب هاته الرواياتُ بخصوص عدد القتلى في مذبحة الدار البيضاء، «فالذي لا شك فيه، يقول الخديمي: إن سكان الدار البيضاء الذين كان عددهم يبلغ حوالي 30 ألف نسمة، لم يبق منهم إلا عدد قليل، والباقي قتل أَو تشتت في البوادي المجاورة».
بالنسبة إلى الخسائر المادية، هي الأُخرى لم يُعرف حجمُها. لكن الأكيد أنه سيكون كَبيراً ما دام ثلثا الدار البيضاء قد دمّـر جراء القصف الذي تعرضت له. إحدى الرسائل حدّدت هاته الخسائر في مليارَي فرنك. وكيفما كان الحال، فقد بلغت درجة بشاعة ووحشية الجرائم التي ارتكبتها القوات الفرنسية والإسبانية في الدار البيضاء حدًّا لا يتصور، لدرجة أن مراسلَ جريدة «الفيغارو» شارل بوردون، الذي كان منحازاً في كتابته للجانب الفرنسي، قال إن جرائم فرنسا بالدار البيضاء كانت «الأكثر فظاعة والأكثر بشاعة»، وإنه «لا يمكن للخيال أن يتصورها».
مذبحة سربرنيتسا:
وتشيرُ التقاريرُ إلى أن فرنسا سارعت إلى التدخل في البوسنة من بداية الحرب بين الصرب والمسلمين قبل أن يتخذ مجلسُ الأمن قراراً بإرسال قوات دولية إليها، وساعدت الصرب على ارتكاب أبشع جرائم الإبادة بقتل المسلمين في البوسنة وما صاحبها من اغتصاب وتهجير، حَيثُ استولت في الحادي عشر من يوليو 1995، وحدات من صرب البوسنة على منطقة سربرنيتسا في البوسنة والهرسك.
وفي أقل من أسبوعين، قامت هذه الوحدات بقتل أكثر من ثمانية آلاف رجل وطفل من مسلمي البوسنة (البوشناق)، حَيثُ عُرفت هذه المذبحة بـ (مذبحة سربرنيتسا) في أبشع جرائم قتل جماعية على التراب الأُورُوبي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
مجازرُ الطوارق في مالي:
وفي سياق منفصل، فَـإنَّ الطوارق “المسلمين” يعيشون بين كماشتي القوى الإفريقية والقوى الفرنسية التي جاءت لتغطي على جرائم كُـلٍّ من البمبارا والهاوسا المتواجدين في النيجر، والبمبارا طبعاً المتواجدون في مالي. وسبق لفرنسا أن قامت عام 1893 عندما دخلت تمبكتو عن طريق السنغال وتسلحت بالجيش السنغالي والمالي وارتكبت أكبر مجزرة في تاريخ المنطقة، حَيثُ قُتل الآلافُ في مجازر تمبتكو، وهي الآن تعود من نفس البوابة التي خرجت منها، وبعد 120 سنة هي تعود اليوم لتوفر نفس الحماية للماليين وللنيجريين والأفارقة الذين لديهم مشاكلُ انتقاميةٌ مع كُـلّ سكان هذه المنطقة منطقة الصحراء بصفة عامة.
ولهذا يقول موقعُ نواة عن الجرائم التي تُرتكب ضد المسلمين الطوارق: يوماً بعد يوم يتكشف للعالم حجمُ الجرائم ضد الإنسانية وَجرائم الحرب التي يقترفها الجيشُ المالي وَالقوات الفرنسية في شمال مالي. وكعادة فرنسا في حروبها الاستعمارية، فهي تقوم بعملية مناولة الجانب القاتم من الحرب للمرتزِقة من أبناء البلد، حتى تتجنب المساءلة الإنسانية والقانونية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فيما تشرف هي على جانب التخطيط والدعم وَقصف التجمعات المناهضة لها لتتخلص منها بالجملة.
ويضيف: فرنسا كلفت الجيش المالي وَالمرتزِقة بالإعدامات على الهُـوِيَّة، وَبالتطهير العرقي للطوارق المسلمين في وسط مالي وَبعض مدن الشمال، فيما قامت على هدم بعض القبور وَالأضرحة بقصف مساجد تاريخية على رؤوس المصلين بدعوى تحصن مسلحين بها.
من جانبها، كشفت تقارير بعض منظمات حقوق الإنسان على قرار العفو الدولية وَهيومن رايتس واتش، حجمَ المأساة الإنسانية للمسلمين وما يتعرضون له من قصف بالطائرات لتجمعات بدوية وَقصف لبيوت طينية يسكن فيها قرويون من الطوارق وَالعرب، وقتل نحو 150 من المسلمين، واعتقالات لشيوخ طاعنين في السن ومعاملتهم بطرق لا إنسانية مهينة، وَتجريد شباب الطوارق من ملابسهم وَالإلقاء بهم في شاحنات كالأغنام. هذا ناهيك عن أعمال النهب وَالتخريب وَالحرق التي طالت ممتلكات العرب وَالطوارق، كُـلّ ذلك تحت أنظار وَإشراف قوات المستعمر الفرنسي، (فرنسا) عدو الطوارق بتاريخها الاستعماري وَالدموي المعروف.
مجزرةُ كبكب:
ويؤكّـد موقع النون بوست في التقرير الذي نشره ضمن مِلف جرائم فرنسا في إفريقيا، والذي تطرق لإحدى المجازر التي ارتكبها الاحتلالُ الفرنسي في دول القارة الإفريقية، وهي مجزرة “كبكب” التي طالت علماءَ المسلمين في التشاد وراح ضحيتها 400 عالم دين إسلامي.
موضحًا أنه في يوم الـ15 من نوفمبر 1917م، جمعت القوات الفرنسية ما يقارب 400 عالم من علماء الدين الإسلامي في المنطقة وتم القضاء عليهم عبر ذبحهم بدم بارد في مرة واحدة، ودُفن هؤلاء العلماء في مقبرة جماعية بمنطقة “أم كامل” وهو وادي داخل أبشة والمقبرة موجودة حتى الآن، بالإضافة إلى قتل العديد من الزعماء والنخب المثقفة.
ويشير إلى أن فرنسا مارست أنواعاً كثيرة من التعذيب ضد المسلمين هناك، حَيثُ ألغت القوانينَ الإسلامية ومنعت استخدام اللُّغة العربية ودمّـرت الآثار الإسلامية، التي خلفتها الإماراتُ والسلطناتُ والممالكُ الإسلامية في المنطقة، وأحرقت المساجد والجوامع والمدارس القرآنية؛ بهَدفِ عزل إفريقيا عن الدين الإسلامي وتحويل شعوبِ القارة إلى النصرانية حتى تسهُلَ السيطرةُ عليها.
يقول المؤرخ والأديب (محمود شاكر) في كتاب (التاريخ الإسلامي): “أراد الفرنسيون من خلال هذه المجزرة، امتلاكَ المعرفة والسلطة الروحية في المنطقة وترسيخ سلطتهم بشكل أفضل، فالنخبة الفكرية والدينية كانت ستمثل حجر عثرة أمام مساعيهم لإدخَال البعثات المسيحية في البلاد وفرض نظام الوصاية على سكان البلاد” اهـ.
مجازرُ الإبادة الجماعية في رواندا:
حدثت مجازرُ الإبادة الجماعية في رواندا بدعم فرنسي في الفترة من 7 إبريل 1994م، واستمرت حتى منتصف يوليو من نفس العام.
ويؤكّـد موقع القدس العربي، أن الشرارة الأولى كانت لهذه المجازر هي سقوط طائرة الرئيس الرواندي آنذاك “جوفينال هابياريمانا” والذي ينتمي لجماعة “الهوتو” في 6 أبريل 1994، وبعد نحوِ ساعة من سقوط الطائرة بدأت عملياتُ الإبادة بحق جماعة “التوتسي”.
ويضيفُ: إن فرنسا قامت بتقديمِ سُبُلِ الدعم العسكري والسياسي التي تكفل استمرار المجازر في رواندا، كما شمل الدعمُ إرسالَ المرتزِقة والأسلحة بغطاء دبلوماسي وإعلامي، وحسب الإحصائيات فَـإنَّ عدد القتلى وصل إلى 800 ألف رواندي، أغلبُهم من “التوتسيين”، حَيثُ عمدت المجازرُ إلى القضاء على جميع “التوتسيين” الذين يعيشون في رواندا، كُـلُّ ذلك بدعم من فرنسا.