الفساد يحتضر
محمد الضلعي
هل أدرك الفاسد أنه فاسد؟!
وهل أدرك مَنْ حوله مضمون فساده وعوائد عبث الفاسدين على المجتمعات؟!
كُـلُّ ما جاء به الحاكم سينطبق على المحكومين، إصلاحاً أَو فساداً، هكذا هي طبيعةُ الفطرة البشرية.
الفساد قتل المجتمعات والشعوب بفساد نظام الحكم، الفساد هو إجهار للظلم، ولا تعلوا الأُمَّــة ولا ترى نورا بوجود شيء اسمه الفساد.
ما هاج بالوطن لعقود من الزمن من فساد مالي وإداري، كان من الطبيعي وجودُه في ظل أنظمة هشة ومترهلة تعيش وتبقى بقوام هزيل بوجود الفساد، وكأنه ثمن لبقاء الأنظمة العميلة الفاسدة التي قتلت الشعوب وأكلت مدخراتها، وقد نخر الفساد كُـلَّ مفاصل الدولة في الأنظمة السابقة دون رادع أو مانع، تنافس المفسدون على تحقيق الأفضلية دون مراعاة وضع الشعب القائم على كُـلّ خطوط الفقر جوعا وتضرعا بحثا عن لقمة العيش، فحرص المفسدون في أرض الوطن على نقل استثماراتهم خارج البلد دون مراقبة الله جل وعلا فيما يقومون به.
وعلى خلفية هذا الفساد الممنهج، حرصوا على الاستماتة بالبقاء في الحكم ليتمادوا في غيهم ويحافظوا على ما كان بحوزتهم، ورغم أن للدولة إيرادات تعد بالممتازة حينها، فلم يجد أبناء هذا الشعب نفسا للنهوض من عتمة المستوى المعيشي المتدني، ولم نسلم أيضًا من ديون خارجية للبنك الدولي، إضافةً إلى مبالغ المانحين.
كان الفساد مستفحلا في كُـلّ مفاصل الدولة، فساد مالي وإداري ليس له مثيل، ولكن بفضل الله وتوفيقه جاءت ثورة التحرير من العبودية والعمالة والفساد بـ21 سبتمبر، ليحرصَ المفسدون ومن إليهم للعمل على دفن هذه الثورة التي ستكشف محتواهم وتعريهم وتُعْلِمَ الشعبَ من الدولة الفاسدة ومن الدولة العميقة الصالحة للحكم في وطن نحن فيه في أمس الحاجة للمخلصين.
فكان الله المعين، وكنا بفضل الله على أمل أن الحق لا بُـدَّ أن يكون، وأن الباطل لا بد أن يزول، فحين يدرك المتابع والمعايش لوضعنا الحالي، حربا وحصارا وشراء ذمم ومفسدين متعمدين لتفكيك هذا الحكم الرشيد، يجدون أنفسهم في المستنقع المكشوف، ونجد أنفسنا في وضع المنتصر وأفضل بكثير مما كنا عليه، فحكومة تعمل بـ7 بالمِئة من ميزانيتها لمدة خمس سنوات من الحرب والحصار والدمار، ونلمس ذَلك بإصلاحات وخدمات بعثت في نفوسنا أن الخير قادم بإذن الله، وليس هذا فحسب، فهناك جهاز رقابي ولجنة مكافحة فساد تحيل مسؤولين في الحكومة للتحقيق بتهم فساد، أيّة قوة وأية صرامة وأية عدالة بهذا الحجم من الثبات والصمود لا تجدها إلَّا في ثوار 21 سبتمبر الأبطال الأحرار الذي سينهض الوطن اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا وعسكريًّا؛ نتيجة إخلاص هؤلاء الثوار المخلصين.
هذه زاويتنا، والأوضح فيها أن الحق شاع بريقُه، وأن الباطل يأكل بعضه، وأن المجاهدين في الميدان بالبندقية وبالقلم على قدم وساق للنهوض بهذا الشعب على كُـلّ المستويات، وللعلم من يجد في نفسه هذا الريب مما سبق ذكره فعليه أن يعود إلى طاولة الحق، ومن تسوّل له نفسه أن يلعب بذيله نخبره أن القافلة تمشي في الاتّجاه الصحيح، وستطبق كُـلّ بنود السؤال والجواب والعقاب للمفسدين في أرض الوطن، كانوا من كانوا، فالثورة ثورة ضمائر حية سنجني ثمارها عما قريب، وستذكرون ما أقول لكم..