تزامن التوقيت.. وتباين الرسائل
سند الصيادي
رحلتان مختلفتان في العناوين وَالأهداف ومكان الانطلاق، وَمتفقتان في التوقيت وَنقطة الوصول، الأولى انطلقت من اليمن الحر وَالثائر، وَالثانية انطلقت من الأراضي العربية المحتلّة، وَفي مجملهما مثلتا رصاصة الرحمة التي أصابت جسد النظام السعودي المترهل وَالمشلول بالفضيحة وَالعار.
وفي الأولى، زائر صباحيّ لم يعلن مجهزوه عن ميلادِه بعدُ، غير أنه وفي هجيع الأسحار عقد السفر ثم استغفر وسبّح وَتوضأ وصلّى، زائر يماني الجنسية إيماني الهوى إسلامي المسمى وَالنزعة، صريح الزيارة لا يمكن أن تغفلَ عن وقع حضوره الآذان والأعين، صاروخ قدس 2 المجنح الذي أبطل سحر أنظمة الدفاعات وكذبة الصفقات، وَاستقر بدقة في أحد مفاصل الاقتصاد السعودي والمتمثل بمحطة توزيع أرامكو في مدينة جدة، وَهو بهذه الزيارة ينذر بمن سيأتي من بعده وَيعزز الحقائق التي تعالت تفاصيلها والتي تحكي عن تنامي قوة الردع الدفاعية والهجومية للجمهورية اليمنية في ظل استمرار العدوان والحصار.
وفي دوافع هذه الزيارة، مظلومية متراكمة لشعب محاصر وَمعزول عن عالم فاقد لآدميته، وَلم يعد لهذا الشعب من سفراء يمثلونه وَيحملون همَّه، وَليس أمامه من متنفس سوى كسر الحصار والعزلة بمثل هكذا سفراء وَزوار لا ينتظرون فتح المطارات وَلا يخضعون للتفتيش أَو انتظار الحصول على تأشيرة، كما أن فاعليةَ هذه الزيارات تضاهي كُـلَّ جهود الدبلوماسية في عالم لا يتقن سوى لغة القوة وَيمضي في سياساته وَنزعاته وفق نظرية “السيف أصدق إنباءً من الكتب”، وَكذلك أصدق من هزلية المفاوضات والمعاهدات.
وَفي الثانية، زائر مارق عن كُـلّ القيم والأديان، ملعون في جميع كتب الله المنزلة، استباح الأرض ودنس المقدسات، عاهد مضيفيه الجاثمين على أرض الحرمين أن يحيط زيارته بالكتمان بعد أن توسلوه أن لا يفشي عن حالة العشق المتبادل والوظائف المشتركة التي تجمعهم في حضرة الشيطان، غير أن هذا الزائر الملعون لا يحفظ عهدا ولا يصدق وعدا حتى لأتباعه، وَلم تطأ قدمه القذرة بلاط الأنجاس في الأرض الطهور إلَّا وَقد عرف العالم كلُّه هذه الفضيحة التي لم تكن مفاجئة، غير أنها كانت تتداول من قبل خلف الستائر.
ومع أنه بات معروفا أن النظام السعودي من مهّد للتطبيع بسبق بعض الدول لتصبح خطوتهم مقبولة، إلَّا أنهم كانوا يعانون من معضلة محاولاتهم لإقناع شعوب المنطقة بأنهم من يحمي مقدسات الأُمَّــة، غير أن المطبع معه لم يعد يرى لهؤلاء من مكانة تحفظ، مقابل تبجحه بما يحقّقه من انتصارات معنوية على رؤوس هؤلاء الأعراب.
شتانَ ما بين زيارة قدس 2 التي تأتي دفاعًا مشروعًا عن الأرض والإنسان اليمني، وَتضع حجرا في بناء تطهير المقدسات من الصهاينة وَأدواتهم في المنطقة، وَبين زيارة مَن دنَّس القدسَ بمساندة وَدعم هذه الأدوات التي استحقت الزيارة الثقيلة للصاروخ اليماني، كنتيجة حتمية لجرائمها الكبرى بحق الشعب اليمني وَخياناتها المستمرة للقضية المركزية للأُمَّـة، وَجميل هذا التزامن الذي حدث بين الزائرين، وفيه عبر وَدلالات لكل من أراد أن يقف على الحقائق التي يبنى عليها، وَينطلق منها هذا العدوان على اليمن وَكُـلّ الصراع الحادث في المنطقة عُمُـومًا.