القوات البريطانية تنهي ما بدأت به القوات اليمنية لنسف عرش آل سعود
د. يوسف الحاضري*
إذا الأرض لم يصمد عليها رجالها
فلا ترجو أن يحمي ثراها الأجانب
بهذا البيت للشاعر القرآني معاذ الجنيد، أزيّن بها مقالي هذا الذي يتحدث عن هذه النفسية الموصوفة في هذا البيت لأكبر فضائح القرن الواحد والعشرين، والذي لن يأتيَ بعدها فضيحة تضاهي هذه الفضيحة والمتمثلة في جلب جيش يحمي جيشي وثرواتي وأرضي.
استجلب النظامُ السعوديُّ الهش قوات عسكرية بريطانية لتحمي ما تسميه المنشئات النفطية، وهذا الأمر يأتي استمرارًا لما قامت به من قبل من استجلاب جيوش ومرتزِقة لقتال اليمنيين، ثم استجلبت قوات عسكرية أمريكية لحماية حدودها الجنوبية مع اليمن، ثم استجلبت مرتزِقة يمنيين وسودانيين لحماية قواتها العسكرية المقاتلة، وهكذا تستمرُّ مملكة الرمال الهشة في إنفاق ثرواتها في استجلاب ما لم تستطع صناعته به من أبناء بلادها، ليس لنقص في رجولة أهل تلك الأرض، ولكن لنقص في رجولة القيادة السعودية ونقص في معرفتها وسوء إدارتها وسياستها، والذي جاء نتيجةً لارتهانها للأنظمة الأمريكية المتناوبة على البيت الأبيض، فتارة تتموضع في الحضن الديمقراطي وتارة ترتمي في أحضان الجمهوريين؛ لذا يأتي هذا التوجّـه ليكشف عورتها أكثر وأكثر، ويفضحها فوق فضائحها، حَيثُ تدلُّ هذه التحَرّكات السعودية على ما يلي:-
1- استجلاب قوات أجنبية لحماية أهم مصادر ثرواتها القومية (النفط)، يعكس مدى عدم ثقتها بأبناء تلك المناطق التي تحكمها من نجد والحجاز، سواء ثقة من ناحية القدرة العسكرية والرجولة القتالية أَو من ناحية الثقة الأمنية والإحساس بالمسئولية، فلا يلجأ أحد لغريب على حساب أهل الأرض إلَّا لتلاشى كُـلِّ مقومات الثقة بين القيادة والشعب.
2- جلب القيادة السعودية لقوات بريطانية لتحلَّ محلَّ القوات السعودية يدل دلالة واضحة على تلاشي ثقة القيادة بقدرات الجيش السعودي ووزارة دفاعها وهي الجهة الأهم في أية دولة؛ لأَنَّها عمود الدولة وقوامها، وهذا يعني أن قائد الجيش السعودي ووزير دفاعها (محمد بن سلمان) لا يثق في المؤسّسة التي يديرها.
3- صحيح أننا في يمن الإيمان وكل دول العالم نعرف تمام المعرفة أن جيش مملكة الرمال هو جيش رخو ضعيف مهترأ؛ كونه جيشا لا يملك عقيدة قتالية حقيقية ولا يستندون على ولاء لله ولا للأرض والانتماء، بل إنه تم نزع عوامل الحق والرجولة من نفوسهم من خلال عقيدة الوهَّـابية المغشوشة المزورة، غير أن هذا الاعتراف عندما يأتي من قيادة هذا الجيش وقيادة هذه الدولة، فهذا أمر كارثي لا يفضح فقط عورة جيشه ويجعله محط سخرية الجميع واستهانة العالم به، بل أَيْـضاً يجعله مهزوزا هشّا أمام أبناء شعبه الذي يحكمهم ويديرهم، ويؤكّـد حقيقة أن كرسي الحكم معرض في أية لحظة للانهيار.
4- عندما يُقال للجندي السعودي سوف نعزز دفاعاتنا على شريان حياة المملكة من النفط ونجعله أكثر قوة ومنعة، وذلك من خلال جنود بريطانيين، فماذا سيولد هذا الأمر في نفوس الجنود السعوديين؟! بطبيعة الحال سيجعل الجندي السعودي إما يعتقد أن الجندي الخواجة ذا الملامح الصفراء الشقراء لا يقهر ولا ينهزم وأنه المخلص، مما يزرع في قلبِه انهزاماً سلفاً فيما إذَا حصلت مواجهة عسكرية بينهم في أية محطة قادمة في الصراع الإقليمي والعالمي في المنطقة، أَو أن هذا الأمر سيعقد ويؤزم أكثر من نفسية الجندي السعودي؛ كون قيادته لا تثق به وتجده ليس موضع ثقة في أداء مهمته هذه، وهذا سينزع عامل الانتماء؛ لذا لا عجب أن نجدَ في النهاية ضعفَ وهشاشةَ هذا الجيشِ رغم ما يملك من إمْكَانيات على المستوى المادي والتسليحي والتدريبي في كُـلّ أنحاء العالم.
5- وجود جيش أجنبي لا تربطه أيّةُ علاقة بالدولة التي يحمي أهمَّ ممتلكاتها، لا علاقة دين ولا علاقة جغرافيا ولا علاقة لغة ولا علاقة جنس عوضا عن أن هذا الجيش جاء من أكثر الدول المشهور عنها بالجشع والطمع والاستغلال والاحتلال لثروات الشعوب الأُخرى عبر تاريخها ومن أكثر الدول الأشد عداوة للذين آمنوا، فماذا تتوقعون نتيجة هذا القرار؟! وهل تتوقعون أنه سيجد آل سعود جيشا من أبناء بلده سيساندهم فيما إذَا فكر هؤلاء البريطانيون نهب هذه الثروات؟! بل إنه سيكون هناك نهبٌ سريٌّ لهذه الثروات بعد أن يجردوا هذا النظامَ من كُـلّ عوامل بقائه وقوته، ولعل آخر هذه العوامل ما يسمى (الجيش السعودي).
6- أثبت النظامُ السعودي أنه لا يمتلك أدنى مقومات الهيبة الوجودية والإدارية، حَيثُ تلاشى حتى عامل المكابرة أمام بقية حكام وجيوش دول العالم وذلك باستجلابه قوات أجنبية لتحميَه وتحمي ممتلكاته، وهذا عار بكلِّ ما تعنيه الكلمة من عار، سينظر إليه بهذا المنظور ويوصف بهذا الوصف ويوصف بعجز دولته في صناعة جيش يستطيع حماية الأرض والإنسان للمملكة التي يحكمها منذ أكثر من قرن على تواجدهم في هذه الأرض وإنفاقهم لتريليونات الدولارات في هذا الجانب، وهذا الذي ظهر به النظام السعودي بمثل هذا القرار سيجعل منهم يتمادون أكثر في اتِّخاذ قرارات قادمة ربما تصل إلى إعلان أن حمايةَ القصر الملكي أمريكيون، وأن حمايةَ الملك وولي عهده فرنسيون، وأن حمايةَ قيادة القوات البرية ألمان، وقيادة القوات الجوية والبحرية إيطاليون وإسبانيون وهكذا، ولم يبق لهذا النظام وأهل الأرض إلَّا الاسم والثياب البيضاء التي يرتدونها مع العقال.
7- لن يكتفيَ البريطاني ببضعة ملايين من الدولارات تدفع له ليقوم بمهمة حماية مصادر ثروات أبناء عبدالعزيز آل سعود وأبناء أبنائه لكي يتنزهوا في أفخر المنتزهات العالمية ويتعربدون سكارى في مراقص أُورُوبا وغير أُورُوبا بدخل هذه الثروات، فالأمرُ يتجاوز هذا التوصيف وربما سيصل إلى محاصصتهم، وهذا ما هو حاصل، وكل هذا على حساب الإنسان السعودي الضحية لثقافة الوهَّـابية الهزيلة التي تستعر في رفع صوتها هذه الأيّام بضرورة طاعة ولي الأمر وإن جلد ظهرك وأخذ مالك للبريطاني والأمريكي.
خلاصةُ الكلام، عار ما قام به هذا النظامُ وتصريح عملي وواضح وفاضح أمام العالم بهزالة الجيش السعودي وانعدام الثقة بالجندي السعودي من قبل قيادته المتمثلة في الملك وولي عهده، وهذا الأمرُ لم يكن ليتضح ويفتضح للعالم لولا عزةُ وبأس وشدة وقوة الإنسان اليمني الذي أجبر هذا النظام ليعلن للعالم أجمع بأنه عاجز بكل ما تعنيه الكلمة من عجز على حماية حتى نفسه عوضا عن قدرته عن حماية شعبه وثرواته وأرضه، فبوركت السواعد اليمانية العظيمة وسلاحها الجوي والصاروخي والبري، وندعو لضربات أشد وأعنف وأقوى، فكل ضربة قوية تسقط قطعة قماش تغطي سوءة ابن سلمان فيتعرى أكثر وأكثر.
* كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية