اعتراف جديد بوجود “المارينز” في المهرة.. يافطة أمريكية سعودية لتثبيت الاحتلال
تواجد عسكري أمريكي وفق التوزيع الجغرافي في عهد الاستعمار البريطاني
سفير واشنطن يكرّر الحديث عن “الإرهاب” لتبرير استقدام المزيد من القوات
ردود فعل غاضبة وتساؤلات حول المزاعم الأمريكية وانتشار قوات “المارينز”
انتشرت القوات عقب تدشين الفارّ هادي لـ “برنامج الإعمار” السعودي في زيارته الوحيدة للمهرة
السفير الأمريكي بشكل مفاجئ في الغيضة ونغمة “الإرهاب” تعود للواجهة:
اعتصام “المهرة” يصف الزيارة بالسابقة الخطيرة والفاضحة
المسيرة: تقرير
تداولت وسائلُ إعلام موالية للعدوان، أنباءَ زيارة السفير الأمريكي لدى اليمن كريستوفر هنزل، بشكل مفاجئ إلى محافظة المهرة المحتلّة، وسط الحديث عن مرافقة السفير السعودي محمد آل جابر له خلال الزيارة.
وقالت وسائلُ الإعلام الموالية للعدوان: إن السفير الأمريكي زار مطار الغيضة فور وصوله، مبينة أن سببَ الزيارة كان للقاء بقيادة وأفراد قوة عسكرية أمريكية تتبع وحدات المارينز المنتشرة في الشرق الأوسط، الأمر الذي يكشف لأول مرة وجود قوات أمريكية في المهرة لتنفيذ أهداف العدوان الذي يشنه التحالف السعودي الإماراتي على اليمن منذ مارس 2015.
وبالكشف عن وجود عسكري أمريكي في المهرة، يتبين أن القوى الغربية تنفذ المخطّط ذاته الذي كانت تنفذه بريطانيا إبان الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن خلال القرنين الماضيين عبر تقسيم وتفتيت الجغرافيا اليمنية، الجنوبية تحديداً، وعزل المهرة عن حضرموت وعزل المحافظتين عن باقي المناطق الجنوبية وإبقاء عدن مستعمرة خاضعة للسيطرة السياسية والعسكرية الكاملة للكومونلوث، والذي يمثله اليوم الرياض وأبوظبي اللتان تسعيان لتنفيذ ما يسمى اتّفاق الرياض الذي يمكنهما من فرض هذا المخطّط وإعادة تشكيله وفرضه جنوب اليمن، بعد 53 عاماً من خروج آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن.
وبالحديث عن الاعتراف الأمريكي بوجود “المارينز” في المهرة، وربط ذلك بنغمة “الإرهاب”، تعودُ للأذهان السيناريوهات الأمريكية التي بدأت منذ عشرين عاماً، والتي عملت جميعُها على تبرير تواجد قوات عسكرية لواشنطن –متعددة الأشكال– لاحتلال اليمن، حَيثُ تبين أن تصريحات بوش بوجود “الإرهاب” في اليمن آنذاك وخطوات واشنطن في استقدام العناصر التكفيرية من أفغانستان، واختلاق أضحوكة “المدمّـرة كول” كانت جميعُها عناوينَ زائفة وذرائعَ مختلقة لتمكين الولايات المتحدة من التواجد العسكري على بلادنا؛ تمهيداً لاحتلالها كليًّا للوصول إلى السيطرة على السواحل والمنافذ الاستراتيجية، ونهب الثروات المعدنية والنفطية التي تملأ بلادنا، في حين يكشف جوانب هذه الخيوط الاستعمارية، ما يحدث في سوريا والعراق وأفغانستان من نهب وعبث أمريكي للثروات عبر العناصر الإجرامية.
كما أن إحياءَ ذكرى ما يسمى “المدمّـرة كول” منتصف أُكتوبر الماضي من قبل قوى العدوان في عدن لم يكن محضَّ صدفة، بل رسالةٌ أمريكيةٌ مفادُها أن “نغمات الإرهاب” ستظل حية حتى تمكين واشنطن من تحقيق هدفها بالانتشار العسكري، وقد صعدت بعدها من استقدام قوات “المارينز” إلى شبوة وحضرموت، وتحديداً في مطار الريان، الذي تحول إلى قاعدة عسكرية بيد العدوان بعد أن تم منع المواطنين من استخدامه كمطار مدني، كما تزامَنَ ذلك مع إعلانٍ إماراتي أمريكي مشترك عن نقل ما يقارب 15 تكفيرياً من معتقلي غوانتانامو إلى اليمن، وهو ما يؤكِّـدُ أَيْـضاً التوجّـه الأمريكي الواضح لإعادة انتشار قواته العسكرية في السواحل اليمنية وتكثيف تحَرّكاتها، بالتعاون مع النظامِ الإماراتي “الوضيع” الذي يمثل الذراعَ الأُخرى للتواجد الأمريكي إلى جانب الأدَاة السعودية.
وَيأتي الاعترافُ الأمريكي المفاجئ عن وجود قوات مارينز في المهرة، ليؤكّـدَ مصاديقَ ما قاله قائد الثورة في خطابات سابقة، والذي تحدث عن تواجد أمريكي عسكري موسَّع في المحافظات المحتلّة، الأمر الذي يجعلُ التحَرُّكَ الثوري المناهض لقوى الاستكبار هو الخيار الوحيد أمام أبناء الشعب اليمني.
وفي السياق، قال ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الثلاثاء: إن السفير الأمريكي عقد مؤتمراً صحفياً فور وصوله إلى مطار الغيضة، في حين أكّـدت مصادر محلية، أن هنزل التقى بقيادات المرتزِقة في المهرة دون مخاطبة حكومة الفارّ هادي.
ويأتي وصول السفير الأمريكي في الوقت الذي تشهد فيه المهرة توتراً بين القبائل وقوات الاحتلال السعودي المسيطرة على أهمِّ المناطق والمواقع الاستراتيجية في المحافظة.
ولفت الناشطون، إلى أن واشنطن ظلت مهتمة بالمهرة، حَيثُ بعثت سفراءَها إلى المهرة في زيارات غير مرتبة مع حكومة الفارّ هادي، كما هو الحال في تعاملها مع حضرموت، حَيثُ تتعامل واشنطن مع المهرة وحضرموت كمناطق منفصلة عن باقي المناطق المحتلّة.
وسبق أن قام السفير الأمريكي لدى حكومة المرتزِقة بزيارة لمحافظة المهرة في أُكتوبر العام الماضي، كما زارها السفير الأمريكي السابق في نوفمبر 2018 وزارها قبل ذلك في مارس من العام ذاته.
وقد أثارت الزيارة المفاجئة للسفير الأمريكي كريستوفر هنزل، أمس الأول الاثنين، إلى محافظة المهرة المحتلّة، التساؤلات عن توقيتها وأبعادها، والدلالات التي تعكسها، خَاصَّةً مع الرسائلِ التي وجّهها خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده في ختام تلك الزيارة التي جاءت بعد خمسة أَيَّـام على لقاء الفارّ هادي بنائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان الذي يتولى إدارةَ ملف اليمن، في سياق العدوان المفروض على اليمن، ويبدو أن اللقاء كان تمهيداً لزيارة السفير الأمريكي للمهرة، وتركز النقاش حولها، والترتيب لها.
ومن خلال حديث السفير الأمريكي في المؤتمر الصحفي الذي عقده في نهاية الزيارة، تتضح أبعاد كثيرة لتلك الزيارة، فقد ركّزت على قضايا ذات طابع أمني، كالتهريب للسلاح والمخدرات والإرهاب، ودور القوات الأمريكية في السواحل، حَيثُ يتطابق الكلام مع ما تطرحه الرياض من أجندة في محافظة المهرة، كمزاعم التهريب.
وخلال الزيارة المفاجئة، شكر السفير الأمريكي قواتِ الاحتلال السعودي، على ما وصفه بالمساعدات التي قدّمتها الرياض للقوات “الأمنية” المرتزِقة في المهرة.
ويعكس الحديث عن ما يسمى “المنطقة العسكرية الثانية” التابعة للمرتزِقة في حديث السفير الأمريكي المساحة الجغرافية التي ينشط فيها الدور الأمريكي، الممتد من حضرموت إلى المهرة، وهي محور اهتمام واشنطن خلال السنوات الماضية، وقد لخص هنزل زيارته بأنها “جاءت لمناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك”، ولكنَّ حقيقةَ الأمر، فالزيارة هي استكمال لاهتمام أمريكي بتلك المنطقة بدأ يتشكّل منذ منتصف العام 2018م، وهو التوقيتُ الذي وصلت فيه قواتُ الاحتلال السعودي ذروتها عقب زيارة الفارّ هادي الوحيدة للمهرة في الأول من أغسطُس 2018م، ودشّـن فيها ما يسمّى الإعمار السعودي الذي يرأسه آل جابر، وينشط بشكل كبير في محافظة المهرة، وهو الأمر الذي يؤكّـد حقيقةَ دور البرنامج السعودي المزعوم في تنشيط الوجود الأجنبي الممهد لدخول القوات الأمريكية وتمكينها من السيطرة على السواحل الاستراتيجية في البحر العربي والبحر الأحمر وخليج عدن.
ذلك الوجود السعودي المبكر في محافظة المهرة رافقه حضور أمريكي، وهو ما كشفه تحقيقٌ لموقع بوست عن وجود قوات أمريكية في مطار الغيضة الذي حوَّلته قواتُ الاحتلال السعودي لقاعدة عسكرية لها، وهو ما يفسر أَيْـضاً مساندة الولايات المتحدة للنشاط السعودي ذي الأطماع التاريخية بمحافظة المهرة.
وفيما تحدث السفير الأمريكي عن ما وصفها بالأنشطة المزعزعة للأمن والاستقرار –وهي عناوين فيها إيحاءات لخلق المبرّرات الواهية لتواجده كما يفعل عادةً في سوريا والعراق وأفغانستان واليمن–، أكّـد أن هذا الوضع في المهرة يتطلب استمرار الانتباه والالتزام والشراكة المستدامة بين المرتزِقة وواشنطن، في إشارة إلى توجّـه صريح لديمومة التواجد الأمريكي السعودي.
كما أظهر السفير الأمريكي اهتمامه بقوات ما يسمى “خفر السواحل” التابعة للعدوان وأدواته، وهذا الاهتمام الملفت يأتي تأكيداً للدور الأمريكي المتزايد بحريًّا في مناطق شرق وجنوب اليمن، وَإذَا ما تم إضافة ملف “الإرهاب” إلى الزيارة، يتضح أن هناك المسار الأمريكي الأهم هو الحضور العسكري بحريا، مع التأكيد هنا أن الولايات المتحدة –وفقا لتقارير صحفية– تسعى لبناء مركز رئيسي لقواتها في مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة.
وفي السياق، فَـإنَّ تكرار الحديث الأمريكي عن ما يسمى “الإرهاب” في المهرة، يعيدُ للأذهان حديث إدارة جورج بوش عن ما أسمته آنذاك “الإرهاب” في اليمن، والذي استخدمته لتبرير تواجدها واحتلالها للسواحل والأجواء اليمنية، الأمر الذي يكشف عن التوجّـه العلني والصريح للإدارة الأمريكية القادمة بنشر قواتها في المحافظات المحتلّة.
كما تثير هذه التصريحاتُ التساؤلاتِ عن حقيقة وجود الجماعات التكفيرية في المهرة، فالمحافظة التي تحتفظ بوضع خاص على المستوى الاجتماعي والسياسي لم تظهر فيها طوال السنوات الماضية أية تنظيمات، وظلت ساكنة بعيدة عن مجمل الأحداث والتطورات في اليمن، لكن هذا الوضع تغيّر منذ مجيئ قوات الاحتلال السعودي إليها، وتمركزه فيها –وهو الحدث الذي قُوبل برفض شعبي واسع عجزت الرياض عن احتوائه والسيطرة عليه–، ليتبين للجميع الوجْهُ الآخر من التحَرّكات السعودية في المهرة.
وأمام الصمود الذي أبداه سكان المهرة في مواجهة الأجندة السعودية، عبر الاعتصامات الشعبيّة التي نفذوها أكثر من مرة، بدأ منعطف جديد يتشكل في المهرة، من خلال يافطة “الإرهاب” وهي الذريعة التي ترفعها الرياض وواشنطن لاحتلال المحافظات الشرقية والجنوبية لليمن.
وفي سياق الغضب الشعبي والثوري في محافظة المهرة، اعتبرت الاعتصامات المناهضة للاحتلال السعودي زيارةَ السفير الأمريكي بالخطيرة، مؤكّـدةً أن الخيانة التي يمارسها الفارّ هادي وحكومة المرتزِقة لا يمكن الصمت تجاهها.
وقال رئيس لجنة اعتصام المهرة حميد زعبنوت: “نستنكر زيارة السفير الأمريكي إلى المهرة والتي تعد سابقة خطيرة في العلاقات الدولية وأن تأتي الزيارة برفقة السفير السعودي”.
وأكّـد أن ما يمارسه الفارّ هادي وحكومة المرتزِقة “من تنازل فاضح للسيادة الوطنية لم يعدْ مقبولاً”.