تطهير مأرب حسم قبل دخولها
منير الشامي
بمرور الوقت يزيد الخناقُ أكثر فأكثر على مأرب، وما من منطقة يُطّهرها أبطالُ قواتنا المسلحة واللجان الشعبيّة من دنس قوى العدوان ومرتزِقته باتّجاه مأرب إلّا ويصبح محرماً عليهم دخولُها، ومن الملاحظ أن تقدم قواتنا المسلحة في مأرب يتم بأُسلُـوب النفس الطويل والطويل جِـدًّا، وَهذا الأُسلُـوب مفروض على قواتنا المسلحة فرضا من السيد القائد لحكمة تخفي وراءها الكثير من الأهداف، وليس لعجز منهم عن تحقيق تقدم سريع، وعلى ما يبدو أن هذه الأهداف تتحقّق تباعا.
على ضفاف الجانب الآخر، نرى قوى العدوان ومرتزِقته يتقهقرون أمام تقدمات الجيش واللجان الشعبيّة في كُـلِّ خطوط المواجهة المباشرة، كما أنهم لاقوا ضربات قاسية بالأسلحة النوعية في أكبر معسكراتهم المساندة لخطوطهم الأمامية، وسقط فيها العشراتُ من أفرادهم وضباطهم، سعوديين ويمنيين، وتم السيطرة على بعضها كمعسكر ماس على سبيل المثال، إضافة إلى ذلك فقد تلقّى المرتزِقةُ ضربات قاسية أُخرى لم يكونوا يتوقعها بأسلحة نوعية طالتهم في أماكنَ اعتقدوها سرية لا تعلم قواتنا عنها شيئاً، وبسبب هذه العمليات فقدوا الثقة بينهم وتراشقوا بالتخوين واتّهم بعضهم بعضا وتمخض عن ذلك خلافات حادة بين أوساط قياداتهم على مستوى المعسكر الواحد أَو على مستوى الألوية والمناطق، مما أَدَّى إلى هروبهم بشكل مجموعات تلو مجموعات بين كُـلِّ حين وآخر، فرَّ بعضها خارج مأرب باتّجاه المحافظات الجنوبية وعاد البعضُ منها إلى صف الوطن.
تغريدة الأُستاذ حسين العزي -نائب وزير الخارجية- التي كشف فيها عن وجودِ آلافٍ من أفراد وضباط المرتزِقة يوالون سلطةَ صنعاء ومنتظرين الإشارة منها هي الأُخرى حقيقة مؤكّـدة، ولم يطلقها على سبيل الهرج العسكري أَو الخداع الحربي أبدا، بل تكلّم عن واقع مؤكّـد ومعلوم فيه أُولئك الأبطال أفراداً وضباطاً في كُـلّ معسكر من معسكراتهم تمكّنت الاستخبارات العسكرية من استقطابهم إلى صف الوطن خلال السنوات الماضية بصورة مباشرة وغير مباشرة، وكلفتهم باستقطاب كُـلّ من يروه يعاني من قيادة المرتزِقة واقتنع بالتوبة العملية، وقرّر عدم العودة إلّا بعد التكفير عن ما كان منه تجاه وطنه وشعبه في ما مضى، وهم مصدرُ المعلومات التي يتم الاعتماد عليها في عمليات القوة الصاروخية، وقد تم تدريبهم جيِّدًا بكيفية الحفاظ على أنفسهم وكيف يجعلون اكتشافهم مستحيلاً ويعملون وفق توجيهات الاستخبارات العسكرية، ولا يمكن بأيِّ حال من الأحوال لقوى العدوان كشفهم أَو حتى مُجَـرّد الشك فيهم، وقد بلغت أعدادُهم في كُـلّ موقع يتواجدون عليه بما يكفي لتنفيذ مهمات كبيرة بنجاح وإلا لما كشف العزي عنهم؛ لأَنَّهم بدورهم يعتبرون أقوى عامل من عوامل القوة والترجيح لكفة قواتنا المسلحة، ولسقوط ما تبقى من المرتزِقة وأقوى عامل في تطهير مدينة مأرب بأقل خسائر ممكنة، وما طَبْعُ شعار الصرخة في أحياء المدينة إلّا أكبر دليل على ذلك، وما طباعته إلّا رسالة لجميع المرتزِقة في مأرب لدفعهم نحو العودة لصف الوطن، وهو ما انعكس على الواقع بعودة ألوية كاملة إلى حضن الوطن، وما لقاء العميد سريع بأكثر من ثلاثمِئة عائد، يوم أمس الأول، إلّا للتأكيد وليس للحصر، فهم لا يمثلون إلّا عينة صغيرة للعائدين.
كل هذه الأحداث تؤكّـد أن تطهيرَ مأرب حسم قبل دخول أبطالنا في القوات المسلحة واللجان الشعبيّة، وأن التأخير في دخولها يهدفُ إلى إتاحة الفرصة وإطالة مدتها أكثر لمن تبقى من المرتزِقة، لعلَّ وعسى يعودون إلى صف الوطن، وهذه الحقيقة تجعلنا على يقين أن قرارَ العفو العام سيلغى قريبا جِـدًّا، وهو الأمرُ الذي يجب على المرتزِقة المتأخرين أن يعلموه علم اليقين؛ لكي ينجوا بأنفسهم وأسرهم، فلا فرصة لنجاتهم غير العودة، أما هروبهم إلى المحافظات الجنوبية فتلك مجازفة لن يحمدوا عقباها في ظل الأوضاع التي يعرفونها، وأهمُّها أنهم غيرُ مقبولين وغير مرحب بهم فيها الشماليين منهم والجنوبيين، لكنهم جميعاً مرحب بهم من قبل سلطة صنعاء، فلا تفرقة لديها بين اليمنيين، والطائفية بمختلف أشكالها ليست واردة في قاموسها ولا تؤمن بأي نوع من أنواعها، لا المناطقية ولا القبلية ولا المذهبية ولا الحزبية ولا العصبية ولا السلالية، بل تنظر لجميع اليمنيين بعين المساواة وعين الحلم والعفو، وتراهم جميعاً كمجني عليهم ومستهدفين من قبل تحالف العدوان، سواءٌ أكانوا معه أَو ضده؛ ولذلك فهي حريصة على إنقاذ حياة المرتزِقة كما هي حريصة على حماية حياة الشرفاء المناهضين للعدوان.
وهذا ما يجب أن يدركَه كُـلُّ أبناء الشعب اليمني ويؤمنوا به؛ لأَنَّها الحقيقة التي لم تعد خافية على أحد بعد ست سنوات من العدوان، وأكّـدها العدوان يوميًّا طوال أيامها في تعامله الإجرامي مع الطرفين المناهض له والموالي له.