نهب ممنهج بحقد دفين
خالد العراسي
لا صحوة الضمير ولا الوطنية هي التي جعلت بعض المرتزِقة يتحدثون عن نفطنا المنهوب، إنما هي المصالح الشخصية والحزبية التي غلبوها على مصلحة الوطن، فنفطنا وكل ثرواتنا تُنهب منذ بدء العدوان، لكن كان للمرتزِقة منها نصيب (فتات)، ومقابل هذا الفتات صمتوا بل وبرزوا كمدافعين عن الناهبين في كُـلِّ مرة كنا فيها نتحدث عن نهب النفط، وعندما انقطع المخصصُ الشهري وقرّرت دول العدوان الاستحواذ الكلي على الثروة بحجّـة تعويض خسائرهم وتغطية تكاليف العدوان وصرف مخصصات المرتزِقة بالريال اليمني المطبوع بدون غطاء، هنا فقط ظهر الاستياءُ وبدأوا الحديثَ عن النهب، كذلك الأمر نفسه عندما يصرحون بأنهم كانوا على خطأ، ويبدو الاعترافُ وكأن سببه المصداقية، بينما هم في حقيقة الأمر يعرفون أنهم على خطأ منذ الوهلة الأولى، ولم يكونوا بحاجة إلى ما يزيد عن 5 أعوام مليئة بالدماء والخراب والدمار والجوع والمرض وآفات وكوارث تسبب بها العدوان، لم يكونوا بحاجة إلى كُـلّ ذلك ليعلموا أنهم في الجانبِ الخاطئ.
لاحظوا معي موقف كُـلّ شخص منهم، ستجدون أنه قبل إعلان موقفه بفترة تم إقصاؤه أَو إيقاف مخصصاته.
صحوة الضمير وإن جاءت متأخرة قد تأتي كأبعد تقدير بعد عام من أبشع عدوان كوني شهدته البشرية، أَيْـضاً لاحظوا أنها مُجَـرّد كلمات لا يتبعها أي عمل يصب في إيقاف العدوان أَو دعم مناهضيه؛ لذلك عند هروبهم والتحاقهم بالعدوان وعندما شعر البعضُ بالحزن من مواقفهم قلت بأن علينا أن نفرح لا أن نحزن، وعبّرت حينها عن موجة الهروب بأنها عملية كنس تخلص اليمن خلالها من القمامة التي كانت جاثمةً على صدور الشعب منذ عقود، وبهروبهم بات اليمنُ أكثرَ نقاء وصفاء وطهارة.
أما عن موضوع النهب، فالألم الأكبر هو أن العدوَّ يستخدم طرقاً تدميرية واستنزافية، فمثلاً يتم نهبُ النفط بطريقة تدمّـر الآبار النفطية من خلال إنتاج كميات أكبر بكثير من الكميات التي يفترض إنتاجها بحسب الدراسات، وبما يحافظ على المخزون النفطي، فكلُّ بئر تم تحديد قدرتها الإنتاجية لتستمر كذا عام، والاستنزاف يدمّـر البئر ويجعلها تنضب قبل انتهاء الفترة المحدّدة بكثير جِـدًّا، مع أن الكميات التي كان يعلن النظامُ السابق عن إنتاجِها هي أقلُّ بكثير من الكمية الحقيقية التي تنتجها البئر في الحالات الطبيعية بحسب القدرة الإنتاجية.
والشيء نفسه يتم في نهب الثروة السمكية باستخدام الجرف والتفجير، وعند الانتهاء من نهب منطقة بحرية يجعلونها مكباً لنفاياتهم الكيميائية وزيوت السفن والناقلات، حتى الشعب المرجانية والثروة المعدنية تُنهب بغجرية، فالعدوانُ من ناحية يعبّر من خلال تصرفاته عن حقده الدفين، ومن ناحية أُخرى يعرف أن مسألة طرده وإخراجه من اليمن وإجباره على وقف العدوان أصبحت قريبة جِـدًّا، إلا أن العدوَّ لم يدرك حتى الآن أننا لن نتركَ كُـلَّ ذلك يمرُّ بسلام، وسنثبت كُـلَّ عمليات النهب والتدمير وسنأخذ حقَّنا بأي شكل من الأشكال.