عدن المحتلّة.. مدينة طاردة للاستثمارات يحكمها العنف وتعبث بها المليشيات العنصرية
جرائم نهب وابتزاز وسطو مسلح تستهدف تجار المحافظات الشمالية بشكل ممنهج
المسيرة| تقرير- رشيد قائد
تصاعدت الانتهاكاتُ الموجَّهةُ ضد القطاع الخاص اليمني في محافظة عدن التي تمارسُها مليشيات موالية لدول تحالف العدوان إلى أعلى المستويات خلال الفترة الماضية من العام الجاري، فأكثر من جريمة ابتزاز ونهب وسطو مسلح بقوة السلاح، وإغلاق للمحال التجارية ومصادرة للأموال تعرض لها تجار من أبناء المحافظات الشمالية في عدن خلال العام المنتهي 2020.
وتواصلاً لمسلسل الانتهاكات التي يتعرض له رأس المال الوطني في المحافظات المحتلّة ومحافظة عدن تحديداً، تعرض مالك معرض النصر لتجارة السيارات الذي ينحدر إلى المحافظات الشمالية للنهب والاعتقال في العاشر من الشهر الجاري، حَيثُ أكّـدت مصادر محلية وناشطون في عدن قيام مليشيات ما تسمى باللواء الثالث دعم وإسناد إحدى المليشيات التابعة للإمارات باقتحام معرض سيارات في جولة سوزوكي بمدينة عدن، وتهشيم الكاميرات الخَاصَّة بالمراقبة التي يستخدمها المعرض، والاعتداء على مالك المعرض بالضرب المبرح ومن ثم اقتياده إلى مكان مجهول مع اثنين من العاملين في المعرض.
وبعد قيام عناصر المليشيات بالعبث بوثائق ومحتويات المعرض، أقدموا على نهب 53 سيارة كانت معروضة للبيع في المعرض، بالإضافة إلى نهب 55 مليون ريال سعودي ومبلغ 64 ألف دولار.
هذه العملية لم تكن الوحيدة التي يتعرّض لها تاجر من أبناء المحافظات الشمالية، أَو مشروع استثماري خدمي تابع لأحد أبناء المحافظات الشمالية، بل أكّـدت مصادر أن قيادة مليشيات الانتقالي تتعامل وفقَ قانون الغاب مع الاستثمارات التابعة لأبناء المحافظات الشمالية في عدن، فمن نفّذ عمليةَ السطو والنهب التي أثارت استياء معظم الناشطين، هو ما يسمى قائد اللواء الثالث دعم وإسناد المرتزِق نبيل المشوشي، وهو ما يؤكّـد أن الانتهاكات التي يتعرض لها التجار والمستثمرون وأصحاب المشاريع الخدمية والإنتاجية بمختلف أنواعها من قبل مليشيات الانتقالي ناتج عن نهج يتخذه الانتقالي، وِفْــقاً لتوجيهات دول العدوان.
المصادر أكّـدت أن مالكَ معرض النصر والذي يملك معرضاً في صنعاء، هو تاجرُ سيارات يمارسُ نشاطَه منذ سنوات في استيراد السيارات من عدة دول والقيام ببيعها في السوق اليمني، ولكن بحكم الأمر الواقع فقد منع تحالف العدوان وصول سفن الحاويات إلى ميناء الحديدة منذ مطلع العام 2017، وحوّل مسارها إلى ميناء عدن بشكل قسري، وهو ما تسبب بانتقال تجار السيارات المستخدمة إلى ميناء عدن لاستقبال وارداتهم من السيارات، فلجأ عددٌ من تجار السيارات إلى عدن، لإنشاء معارض سيارات كمقرات مؤقتة للبقاء فيها واستقبال وارداتهم وممارسة نشاطهم فيها إلى جانب أعمالهم في المحافظات الحرة، فتعرّض الكثيرُ منهم للابتزاز والنهب، وفرض قادة المليشيات في عدن على تجار السيارات من أبناء المحافظات الشمالية إتاوات مالية كبيرة ويتم استلابهم سيارات عند وصول أية دفعة دون مقابل وبقوة السلاح.
وَوِفْــقاً لمصادر مطلعة، فَـإنَّ مالكَ معرض النصر رفض منحَ قائد عسكري تابع للمليشيات سيارة بتوجيه من قائد اللواء الثالث دعم وإسناد المرتزِق نبيل المشوشي، وجّه فيه مالك المعرض بمنح أحد قادة المليشيات في اللواء سيارة فرفض العاملون بالمعرض التوجيه، مبرّرين ذلك أنهم لا يملكون القرار، فكان الرد باقتحام معرض السيارات ونهب كافة السيارات فيه وكافة الأموال التي تتواجد في خزنة المعرض.
ورغم وضوح جريمة الابتزاز التي تعرض لها مالك معرض النصر وعملية النهب الجماعي لمحتويات المعرض من سيارات، إلا أن وسائل إعلام مرتزِقة العدوان حاولت تغطية الجريمة بتجاهلها رغم أنها مقدمة لظاهرة سطو جماعي ونهب منظم لكافة ممتلكات المستثمرين من أبناء المحافظات الشمالية في مدينة عدن، وزعمت أن أحد تجار السيارات في مدينة القاعدة بإب تعرض للنهب والقتل من قبل أحد المحسوبين على “أنصار الله”، وهو خبر كيدي يراد به لفت أنظار الناس عن جريمة نهب معرض سيارات بكامل محتوياته من قبل قائد عسكري موالٍ للاحتلال الإماراتي في عدن، بالإضافة إلى أن عدداً من وسائل إعلام المرتزِقة اختلقت أخبارا كاذبة زعمت تعرّض تجار في صنعاء للابتزاز والنهب، وهي أخبار كيدية ولكن العدوّ أمعن على ترديدها بشكل شبة يومي.
ويتضح من خلال عملية النشر، أن هناك غرفاً ومطابخَ إعلامية متخصصة في بث الشائعات الهادفة إلى بث الخوف والرعب في نفوس أصحاب رؤوس الأموال من الاستثمار في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ بصنعاء، وتهدف تلك المطابخُ إلى ضربِ بيئة الأعمال في العاصمة صنعاء من خلال إيصال رسائل مغلوطة عن الوضع الأمني في المحافظات الحرة، فاعتقال واختطاف وقتل رجال المال والأعمال ونهب ممتلكاتهم في المناطق المحتلّة عملية روتينية تتكرّر دون توقف، فمثلاً: اختطف قائدٌ في مليشيات الإمارات قبل أَيَّـام يدعى مختار فضل علي سعيد رجلَ الأعمال الشاب وليد السقاف وأخاه عبدالعزيز؛ بسَببِ خلافات مادية نشبت بين مختار والأخوين السقاف، وتم نقلهما على متن طقم عسكري من عدن إلى الصبيحة ولا يزالان مخفيين قسراً، ومع ذلك تسوق وسائل إعلام العدوان فبركاتٍ كيديةً لإسقاط تلك الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها قطاع الأعمال في المحافظات المحتلّة على صنعاء.
وخلال العام الجاري، تم رصد العشرات من الانتهاكات والجرائم التي تمارسها المليشيات الموالية للعدوان على المستثمرين والتجار من أبناء المحافظات الشمالية في مدينة عدن ومحافظات لحج والضالع، ففي مارس الماضي، رفض رجل الأعمال الحبيشي في منطقة السيلة بالشيخ عثمان بمدينة عدن منح مليشيات مسلحة إتاوات غير قانونية، فتعرضت مخازنُه للهجوم من قبل عناصر مسلحة تستقل طقماً تابعاً لمليشيات الإمارات بعدن.
وأفَادت المصادر، بأن تلك المليشيات أحرقت مخازن التاجر الحبيشي وفتحت نيران أسلحتها على الحراسات الخَاصَّة بالمخازن التي كانت تحتوي على ما قيمته 100 مليون من مواد البناء، وأشعل المهاجمون النارَ فيها وغادروا المكانَ دون أن يتم ضبطهم من أية جهة أمنية أُخرى، وكذلك أقدمت عناصر مسلحة في محافظة عدن مطلع العام الجاري على اغتيال اثنين من رجال الأعمال اليمنيين، هما «محمد عبده ثامر من أبناء العاصمة صنعاء في مدينة إنماء؛ بسَببِ رفضهما تسليم إتاوات بقوة السلاح، وبعد اختطافهما على متن أطقم عسكرية، لتتم تصفيتهما بطلقات نارية على أنحاء متفرقة من جسديهما ونهب قاطرة التاجر ثامر المحملة بالبضائع، وقبلها اختطفت مليشياتُ المجلس الانتقالي الموالية للاحتلال الإماراتي رجل الأعمال، سمير القطيبي، بعد مداهمة منزله في عدن، ونهب جزء من محتوياته، واقتادته لجهة مجهولة.
يضاف ذلك إلى تصاعدُ جرائم الابتزاز التي يتعرّض لها التجار في عدن، والتي دفعت تجارَ عدن إلى اللجوء إلى شركات الأمن الخَاصَّة لتعزيز الأمن للشركات والمتاجر الخَاصَّة ببيع الذهب وتبادل العُملات والتجار العاملين في سوق الجملة في مدينة عدن خشية تعرضهم للاقتحام والنهب من قبل المليشيات الموالية للإمارات، ومع ذلك تتعرض أموالهم وممتلكاتهم للنهب والسطو المنظم بشكل مستمر في ظل غياب الدولة وحضور المليشيات، فعلى مستوى البنوك لم تسلم من الاقتحامات، وآخر عملية رُصدت، الأسبوع الماضي، حَيثُ قامت مجموعة مسلحة بمحاولة اقتحام البنك الأهلي في عدن ونهب أموال منه بقوة السلاح.