تعز.. ثورة جياع وليست ثورة حرية!!
دينا الرميمة
منذ أن بدأ العدوانُ الغاشم على اليمن، تصدّرت تعز المركَزَ الأول في الارتهان للعدو، إلا قلة ممن هم وطنيون ومحبون لليمن وَأحرارٌ، وكانت فئةٌ ممن يسمون أنفسهم “ناشطين وناشطات تعز” دائماً ما يطلقون حملات دعائية (تعز تنزف.. تعز تستغيث.. تعز تحرق)، ويخرجون مسيرات، حاملين شعارات الشكر والامتنان لأسيادهم “سلمان وإمارات الخير” كما أسموهم.
حملاتٌ كانوا من خلالها يستعطفون دولَ العدوان، ليس لأجل تعز، وإنما حتى تزيد أرصدتهم البنكية، متسلقين على أكتاف الناس البسطاء الذين كانوا قد ضاقوا ذرعاً من بطش عفاش وزبانيته، ووعودهم الكاذبة لهم بالخير والتحرير، وأيضاً لا ننسى حملات التشويه التي طالما غرسوها في قلوبهم تجاه أنصار الله بأنهم روافض وأنهم يسبون الصحابة وأنهم يسترجعون عصر السيد والعبيد!!
الآن ها هي تعز تنعمُ بخيرات سلمان!!
أصبحت تعز حَلَباً أُخرى بتواجد داعش ونسخة للموصل من الدمار والاقتتال والرعب، وعلى يد أبنائها الذين تدعمهم دول العدوان، كُـلّ فئة ضد أُخرى، وهكذا أُريدَ لها أن تكون..
فهاجر نحوها السلفيون بعد هزائم كتاف ودمّاج، وجمع فيها الإصلاح قواعده بعد عمران الأحمر والقشيبي وفرقة العجوز وعلوج إيمان الزنداني وصعتر وجحافل اليدومي والديلمي، مضافاً إليهم صعاليك السجن المركزي وعرابيد الأسواق والحواري فيها.
تشتدُّ المعاركُ في جهة فيوقد الحذاء فيها ناراً لجذب الانتباه، ترتكب المجازر فينفخ عواهر البترودولار أبواقهم في أرجائها لإحداث الضجيج اللازم لحرف الأنظار عن أنين الضحايا.
هكذا أرادوها ملتقى سيل لكافة القاذورات والوحل المتجمع من كُـلّ المدن، فتلقتهم أيدي أمثالهم من أبناء تعز، في حين هم تركوا أهلَهم وَمدنَهم هناك في كنفِ أنصار الله ينعمون بالأمن والسلام وتجمّعوا هنا، حَيثُ الحاضنة الأولى للفكر الوهَّـابي لمنع المد الإيراني الذي هو فقط مُجَـرَّدُ شماعة يتعلقون فيها لتنفيذ أوامر أرباب النفط وأحذية الصهاينة وترامب.
وهناك حيث الملتقى نُفذت عمليات الدعشنة ومورست كُـلّ الأساليب القذرة التي جعلت من تعز حلب اليمن، فتنطلق النداءات بالاستغاثة بالوقت الذي يستدعي، وتنطلق بالتهديد للبسطاء حتى يرفعوا أيديهم وأصواتهم بالشكر لأربابهم سلمان وابنه الدب الداشر، حتى يوصلوا لهم رسالة أن قد نفذنا ما أمرتم ومنتظرين الأوامر الجديدة.
وعلى حين غفلة من أهلها الذين الآن هم تحت ضرب السياط يعانون الأمَــرَّين، مر الاقتتال بين هؤلاء الشواذ المرتزِقة والذين هم ضحية هذه الأحداث، ومر ظلم البقية ممن ينظرون لكل أهل تعز دواعش، متناسين أن هناك الكثيرَ ممن وقفوا ضد هذه الأفعال ووقفوا بصفِّ اليمن ودفعوا أرواحَهم فداءً لهذه الأرض.
ونحن هنا بُحت أصواتنا ونحن دائماً ننادي أهالي تعز بالانتفاض ضد هؤلاء الأنذال الذين دمّـروا تعز وأحالوا ثقافتها ومثقفيها إلى عنوانين براقة للثقافة الداعشية، هَـا هي اليوم تعز وأهلها يعانون الأمرين جراء ما تفعله الأيادي المتنفذة من أبنائها، أمثال غزوان وغدر أطفال وخلائف حمود المخلافي سلحتهم السعودية والإمارات لارتكاب أبشع المجازر والجرائم من القتل بدم بارد والاغتصابات والسرقة والسطو على ممتلكات الناس وبث الرعب وإقلاق السكينة، إلى جانب ما فعلته بهم الحرب الاقتصادية من مآسي الجوع والفقر، خَاصَّة بعد ارتفاع الدولار إلى ما يقارب الألف ريال يمني، ما جعل الناس تخرج عن صمتها معلنة ثورة ولكنها ماذا؟!
ثورة الجياع ثورة تطالب بإشباع بطونهم، ولم تكن ثورة تطالب باسترجاع كرامتهم وحريتهم المنهوبة وأمنهم وأمانهم، وشتان بين الثورتين.
أقولُ لكم أنا كبنت هُــوِيَّتها يمنية تعزية:
تلك الأيادي التي ارتفعت بالشكر لسلمان، هي تلك الأيادي التي تقبض ثمن الخيانة وثمن دمائكم.
وهي تلك الأيادي التي تضغط اليوم على الزناد لتقتل أطفالكم ونسائكم في معاركها العبثية؛ مِن أجلِ المال والنفوذ داخل المدينة.
وهي تلك الأيادي التي يجب أن تكسروها بقبضاتكم وصرخاتكم المدوية بمواقفكم التي طالما كانت جزءا من تاريخكم الطويل ضد الظلم والظلام.
نصيحتي لكم بأن تخرجوا إلى الميادين كعادتكم العزيزة، رافضين ما يحاك ضدكم وضد مدينتكم الجريحة، قولوا لا لكل هذا القبح وهذه الأفعال الدنيئة، اخرجوا مطالبين بالتحرّر لاسترجاع كرامتكم المفقودة، عليكم أن تضعوا نصبَ أعينكم أنه متى جاء المحتلّ ليزرع شتلة الحرية في الأرض المغتصبة، وليكن شعار ثورتكم الحرية لليمن والمناهضة للعدوان، وكفوا عنكم شعارات الشكر والامتنان لأعداء اليمن وعدم استجدائهم لإشباع بطونكم.
أشبعوا أرواحَكم بالكرامة قبل كُـلِّ شيء، ولتمدوا أيديَكم لتضعوها بيد من أسمى مدينتكم تعز العز، فبالتأكيد أنها لن تعود إلا محملة بغيث الحرية والكرامة والتحرير.