أهم القضايا في حوار المهندس حمزة الحوثي، عضو المجلس السياسي لأنْصَـار الله مع المسيرة.. “النص بتصرف يسير”
صدى المسيرة/ خاص
في لقاءٍ خاصٍّ ومهمٍّ عبر قناة المسيرة، تحدّث المهندسُ حمزة الحوثي، عضو المجلس السياسي لأنْصَـار الله، مكاشفاً الرأي العام بكل وضوح وشفافية، كشف فيه الكثيرَ من القضايا الهامة والمفصلية التي تشغل إجاباتها رأيَ الشارع اليمني، وطرق أبواباً مغلقة ونقاطاً ساخنة ليفصح لجماهير الشعب اليمني عن أسباب تأخُّر ملء الفراغ السياسي في البلد ومن يقف خلفه، والمهمة الاستثنائية للجان الثورية في حفظ مؤسسات الدولة من التلاشي ومخططات العدوان بأدوات محلية لإدخال البلاد في أتون الفوضى، تحدث حمزة عن توصيف الحالة القائمة في البلد، مؤكداً “أنْصَـار الله ليسوا في موقع الحكم”، داعياً القوى السياسية لتحمُّل المسؤولية وملْء الفراغ أَوْ سيتم اتخاذُ خطوات أُخْــرَى لسد الفراغ، مسارات الثورة وما قبل الثورة وحالة المؤسسات ولوبيات الفساد وحيثيات الإعْـلَان الدستوري ومشاورات موفنبيك واستقالة هادي وبحاح، وقضايا أُخْــرَى تجدونها بالتفصيل في هذا الحوار الشيق.
في ما يتعلق بالعُدوان السعودي الأمريكي على اليمن والعملية السياسية القائمة في البلد، قال المهندس حمزة الحوثي:
في الحقيقة إن ما يحدُثُ اليومَ هو عدوانٌ على إرَادَة أبناء الشعب اليمني وعلى طموحات وآمال أبناء الشعب اليمني، عندما تَحَـرّك أبناءُ الشعب اليمني تَحَـرُّكاً جاداً وصادقاً في المضي نحو بناء دولته اليمنية والعادلة والتُّحَـرّر من الهيمنة والوصاية الخارجية، تَحَـرّكت قوى العدوان وقوى الهيمنة وقوى الاستكبار العالمي وعملاؤه ومرتزقته في الداخل، في محاولة إجهاض هذا الطموح وإجهاض مسار الدولة اليمنية العادلة.
مسار ثورة 11 من فبراير والمرحلة الانتقالية:
ولذلك عندما نتحدَّثُ اليومَ عن العملية السياسية في البلاد لا يمكن أن نتحدثَ عن مسار العملية السياسية دون أن نتحدَّثَ عن المشروع الثوري، إذَا ما استعرضنا مسارَ العملية السياسية ومسار المرحلة الانتقالية فهي عندما بدأت كانت نتيجةَ فعل ثوري في 2011م، وخلال فترة ما قبل 2011م كان بدأ ينمو في أعماق أبناء شعبنا اليمني الوعيُ الثوري بشكل فردي ومبعثراً في أعماق أبناء الشعب اليمني؛ نتيجةً للوضع قبل 2011م، لم يكن هناك مفهوم دولة أَوْ بناء لدولة بكل ما تعنيه الكلمة أَوْ بمفهومه السليم أَوْ مفهومه الطبيعي، كان هناك مراكز نفوذ تحكم البلد، وكان يعاني البلد على كُلّ المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ويتجه في اتجاهات وفْق أجندات مراكز النفوذ هذه، مراكزُ النفوذ كانت تتقاسم النفوذَ في مؤسسات الدولة لصالحها، والخارجُ كان يمارس الوصاية على هذا البلد، ولهذا بدأ ينمو وعيٌ ثوري فردي لدى أبناء شعبنا اليمني، على كُلّ المستويات، وهو من صنعَ أهداف الثورة الشعبية المباركة والمشروع الثوري القائم اليوم في البلد الذي يقف اليوم في مواجهة هذا العدوان الغاشم، إذا كان كُلّ أبناء شعبنا اليمني في عام 2011م، وما زالوا حتى اليوم يحلمون في بناء دولة يمنية عادلة يحلمون في القضاء على الفساد، يحلمون في التَـحَـرّر من الهيمنة والوصاية الخارجية، يحلُمون في أن ينعموا بثرواتهم وخيراتهم التي في البلد والتي يمنعُهم الخارجُ وبعض قوى الخارج من استخراج هذه الثروات ومن الاستفادة منها، لذلك عندما جاءت ثوراتُ ما سُمّي بالربيع العربي في المنطقة بغض النظر عن التأثير الخارجي الذي كان حاصلاً، آنذاك تَحَـرّك أبناء شعبنا اليمني واندفع إلى كُلّ الساحات وكان أنْصَـار الله في مقدمة من ذهب إلى هذه الساحات، ودعا السيدُ عبدالملك بدر الدين الحوثي للخروج في هذه الثورة المباركة في كُلّ الساحات والميادين، صحيحٌ لم يكن هناك النضج الثوري الكامل، وَكان اندفاع الجماهير في نطاق وعي ثوري فردي، مبني على طموحات فردية في أعماق كُلّ مواطن يمني، ولم يكن قد وصل النضوحُ إلى مرحلة أن يكون التَحَـرّك الثوري في إطار تَحَـرُّك جمعي منظم، ولذلك حاول أحدُ شقَي النظام الذي كان يحكُمُ البلد قبل 2011م أن يركَبَ موجة الثورة؛ ولِأَن النضوج الثوري لم يكن قد اكتمل إلى حدّ ما، بالإضافة إلى الامكانات الضخمة التي كان يمتلكها هذا الجناح المتمثل في آل الأحمر وعلي محسن ونخب الإصْــلَاح، حاول أن يتحكم بمسارات الثورة ويوجهها باتجاهات نحو أجنداته، طبعاً هو ركب موجة الثورة من أجل تصفية خصومته مع الجناح الآخر من النظام، وبالفعل عاد إلى مربعه التقليدي وانتقل من مربعه الثوري إلى مربعه التقليدي من خلال بوابة التسوية السياسية (المبادرة الخليجية)، هنا نستذكر أنه عندما خرج أبناء الشعب اليمني في هذه الثورة اندفعت قوى الخارج والتي تنظر إلى اليمن كحديقة خلفية أَوْ محمية طبيعية لها وفي مقدمتها السعودية، وحاولوا على أن يعملوا على احتواء هذا التَحَـرُّك الثوري والتعاطي معه كأزمة سياسية للتوصل إلى تسوية سياسية بين طرفَي النظام، والمتمثلة في المبادرة الخليجية، هنا كانت الثورة أمام تَحَدٍّ صعب واستطاعت بإصرار على المُضي في المسار الثوري والبقاء والمكوث في الساحات، هذا ما أصرَّ عليه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة، الاستمرار في الفعل الثوري والعمل وُصُــوْلاً إلى تحقيق آمال وطموحات أبناء الشعب اليمني بشكل كامل.
ثورةُ 11 من فبراير استطاعت أن تنقلَ البلد إلى المرحلة الانتقالية؛ لأنه في أي ثورة في الوقت المعاصر، يأتي بعدها مباشرة مرحلة انتقالية، وخلال المرحلة الانتقالية تقوم قوى الثورة بإجراءات عدة تكون عبارة عن تنفيذ طموحات التغيير الذي خرج من أجلها الشعب وثار، وُصُــوْلاً إلى الوضع الجديد، يتم صياغة دستور جديد تتم فيه بلورة الطموحات التي أرادها الشعب ومن ثم الاستفتاء عليه، ويتم إعداد التشريعات اللازمة ومن ثم بناء مؤسسات الدولة الجديدة عبر الانْتخَابات وفقَ التنظير الذي تم في الدستور الذي تم الاستفتاء عليه والذي يلبّي طموحات التغيير، ثورة 2011م، استطاعت أن تدخل البلد إلى المرحلة الانتقالية ولكن كان هناك عمل منظم على إفراغ هذه المرحلة من مضمونها وكان أول اختلال إدَارَة سلطة المرحلة الانتقالية التي ستكون هذه السلطة مؤتمنة على إحداث التغيير وتلبية طموحات وآمال أبناء الشعب اليمني، اؤتمنت وأعطيت لنفس مراكز النفوذ التي حكمت البلد سابقاً والتي خرجت الثورة ضدها، وبالتالي هذا كان بدفع خارجي، للأسف مراكز النفوذ السابقة عندما أتوا إلى سلطة المرحلة الانتقالية عادوا بتموضع جديد لكلٍّ منهما وفي نية كُلّ طرف الانتقام من الآخر وهذا تسبب في إدخال مؤسسات الدولة وإدخال البلاد في عملية صراع مدمر، وهذه نقطة مهمة للوصول إلى توصيف الوضع القائم بالتحديد اليوم.
وضع مؤسسات الدولة قبل وبعد 2011:
مؤسساتُ الدولة قبل عام 2011م، كانت مراكز النفوذ تستخدمها كالديكور وكانت تبنيها بعقلية المحسوبية، وهذا البناء اللامؤسسي مّكن الفساد منها، ولذلك كانت تقدّم الخدمات لأبناء شعبنا اليمني في حدود، ولكن فيما لا يتعارَضُ مع أجندات ومصالح مراكز النفوذ التي كانت تحكم، وبعد 2011م عندما عادت نفسُ مراكز النفوذ إلى السلطة بتموضع جديد أدخلت هذه المؤسسات الهشة في صراع مدمر على النفوذ وفي إطار التعيينات وغيرها، فجناح آل الأحمر وعلي محسن بعد المبادرة الخليجية عادوا ووجدوا أنهم حقّقوا الحد الأدنى مما كانوا يطمحون إليه في السلطة، على نية أن يستكمل تصفية خصومتهم مع صالح وجناحه مع مرور الوقت وهو (صالح) في نفس الوقت عندما قبل بالتسوية السياسية اعتبر أنه استطاع أن ينقُلَ مربعَ الخصومة من الثورة إلى المربع التقليدي وفي نفس الوقت بصفته يمثل السلطة العميقة في البلد وبإمكانه أن يعمل على إفشالهم.
صراع المؤسسات وتدمير الدولة بين جناحي السلطة بعد 2011:
الصراعُ الذي بدأ في البروز قبل 2011م، عاد بتموضع جديد لكلٍّ منهما وبصورة أشد، طبعاً للأسف كان هناك بروز خلال هذه المرحلة لمركَز نفوذ ثالث يتمثل في هادي بالركون على المجتمع الدولي وبمزايدته بمظلومية أبناء المحافظات الجنوبية وبالقضية الجنوبية، هنا أصبحت مؤسساتُ الدولة في المرحلة الانتقالية تتعرض لصراع ثلاثي مدمر، وكل طرف يسعى لبسط نفوذه على هذه المؤسسات، وبالتالي دخل البلد في مرحلة صراع مدمر، تدهورت الأوضاع على كُلّ المستويات، السياسي والأمني والاقتصادي، فالمستوى الأمني عمليات الاغتيالات، كانت أمانة العاصمة لا يمر أسبوع إلى بعمليتي اغتيال أَوْ ثلاث عمليات أَوْ أربع، كذلك في حضرموت وكان هناك استهدافٌ ممنهج لأبناء المؤسسة العسكرية والأمنية بحكم أن أبناء الجيش والأمن كانوا ممَّن يحملون هواجس التغيير لبناء الدولة اليمنية العادلة وكانوا جزءً من هذه الثورة، ولذلك الخارج كان يلعب دوراً سلبياً ويعمل على تعميق الصراع بين مراكز النفوذ الثلاثة، ويلعب عليه؛ من أجل أن يعيد تمركزه وأن يتحكم بمسار القرار السياسي، وبالفعل التدخل الخارجي وصل إلى مرحلة عميقة جداً، وكان يتحكم ويرسم تفاصيل القرار السياسي والمشهد السياسي في البلد، إلى حد التفاصيل وليس في الأطر العامة كما كان قبل عام 2011م، وكان السفراء يمكثون في القصر الجمهوري أكثر من مكوثهم في سفاراتهم، فكان الوضع الأمني هشاً ووصل إلى حد خطير، ونمت القوى الإجرامية المتمثلة في القاعدة وداعش وبدعم خارجي، طبعاً كان الخارج يدفع نحو تدمير مؤسسات الدولة ليتمكنوا من التدخل المباشر والسيطرة المباشرة على أبناء هذا البلد بعد أن يكون قد وصل أبناء شعبنا اليمني إلى حالة من الانهيار وأصبحوا ينظرون إلى أي تدخل خارجي عسكري كمنقذ ومخلّص من هذه الجماعات، ويمكن أن ننظُرَ إلى المشهد في أكثر من دولة في المنطقة يتم استهدافُها بهذه الجماعات الإجرامية بدعم وتمويل من قبل دول الاستكبار العالمي ومن قبل دول العمالة كالسعودية وغيرها في المنطقة، يتم دعم هذه الجماعات ومن ثم إحداث الفوضى في هذه البلدان وبما يمكّن الخارج من التحكم والهيمنة في قرار ومصير شعوب أبناء هذه المناطق، فكان الخارج يلعب على صراع مراكز النفوذ الثلاثة.
وفي ما يتعلق بالوضع الاقتصادي في المرحلة الانتقالية قال المهندس حمزة الحوثي:
كان الفسادُ قد تفشّى وانتشر أكثر مما كان في الماضي، ووصل بهم الحدُّ إلى إصدار قرار الجرعة، وبدأوا بمعاقبة الشعب اليمني نتيجة سياساتهم الفاشلة ونتيجة هذا الصراع الذي دخل في مؤسسات الدولة.
وكان بعد المبادرة الخليجية بدأ بما يسمى ثورة المؤسسات التي قام عليها الإصْــلَاحُ وعلي محسن وآل الأحمر، إذن كان هناك استهداف ممنهج لمؤسسات الدولة وتدميرها، أما بالنسبة لمسار الثورة حينها كان في عملية نضوج واستمرار، جراء الوضع والتدهور الذي يحصل في البلد، وفي المسار السياسي كانوا قد وصلوا إلى مرحلة الانقلاب بالكامل على مسار العملية السياسية وعلى أكبر عملية سياسية وأهم عملية سياسية قامت في البلد وهي مؤتمر الحوار الوطني، حيث أن مراكزَ النفوذ التي كانت تحكم حينها استخدمت (مخرجات مؤتمر الحوار الوطني) كأداة لتمزيق البلد وتفتيته وإدخاله في عملية صراع؛ لتمزيق البلد إلى كانتونات صغيرة تتصارع فيما بينها.
في ما يتعلق بمؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته يقول المهندس حمزة:
بالنسبة لأنْصَـار الله عندما شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني شاركوا بذهنية التغيير وطموح التغيير، وأيضاً لم يشاركوا في مؤتمر الحوار الوطني بحكم أن هذا المؤتمر مفردةٌ من مفردات المبادرة، بل لِأَن الفكرة العامة لهذا المؤتمر أن يلبيَ طموحات التغيير، بحيث يتم الاتفاقُ على موجّهات دستورية جديدة تحقق طموحات وآمال الشعب اليمني وتتم معالجة إفرازات الماضي بالانتقال إلى الوضع الجديد بعد تطبيق العدالة الانتقالية والمصالَحة الوطنية أَوْ ما كان يُطرح حينها، ودخل أنْصَـار الله وكان هاجسُ وطموح التغيير يسيطر على كُلّ تصرفاتهم وعلى الدور الذي قاموا به وفي رؤاهم التي قدموها في مؤتمر الحوار، وكان من الانجازات التي حصلت حينها أن من ضمن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني أن سلطة المرحلة الانتقالية لم تُترك لمراكز النفوذ التي حكمت سابقاً وَفُرض دخول قوى الثورة كأنْصَـار الله والحراك الجنوبي في هذه السلطة ووجودهم في السلطة بحيث يكون وجودهم ضامناً لعدم انحراف مسار بناء الدولة اليمنية العادلة، ولهذا السبب كان هناك تمنع وعرقلة بعد انتهاء مؤتمر الحوار في تشكيل المؤسسات الحاكمة في المرحلة السابقة، وكذلك أنها خرجت بمؤسسة مهمة جداً وهي الهيئة الوطنية للإشراف والمتابعة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وهذه الهيئة كان دورها سيادياً فوق الرئاسة وفوق مجلس النواب، وفوق بقية المؤسسات التنفيذية والتشريعية وضبط العملية السياسية، وأي انحراف تجده في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني من حقّ هذه المؤسسة أن تقول: “قف عند حدك” حتى لو كان رئيس الجمهورية، ولذلك كان هناك تأخير في تشكيلها وَبعد أربعة شهور شُكّلت بشكل مخل وبما أفرغها من مضمونها؛ لِأَن هادي كان يرى أنها تزاحمه.
ولهذا وجد أنْصَـار الله عندما شاركوا في مؤتمر الحوار ممانعةً من قبل القوى التقليدية وانزعاجاً، وعملوا على استفزاز أنْصَـار الله ليخرجوا من المشاركة في هذه الفعالية الكبرى، ولذلك تعرض كثير من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني لأنْصَـار الله، لعمليات اغتيال متعددة لإبعادهم عن الحوار، وفي أول أسبوع تعرض الشيخ عبدالواحد أبو رأس لعملية اغتيال، وعندما وصلت النقاشاتُ إلى نقطة مهمة وحسَّاسة كموضوع الأقاليم والتقسيم، ومن اللافت أن من نقاط التوافق القليلة في مؤتمر الحوار الوطني ما بين التجمع اليمني للإصْــلَاح والمؤتمر الشعبي هي رؤية التقسيم إلى خمسة أقاليم حينَها، التي قُدِّمت إلى فريق القضية الجنوبية، وعندما وصلت النقاشات إلى هذه النقطة، تم استهدافُ أنْصَـار الله وتم إثارة أكثر من مشكلة لهم في الميدان، سواءٌ في دماج أو في غيرها من المناطق.
مرحلة ما بعد مؤتمر الحوار:
وبعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، لم تُشكّل المؤسسات الحاكمة، وكان هناك فرضٌ لرؤية معدة سلفاً فيما يتعلق بـ”الأقاليم”، تقسيم البلد وتمزيقه إلى 6 أقاليم وبعناية، وكانت رؤيةً بالتنسيق مع قوى الخارج، وفي ذلك الوقت كان مسار العميلة السياسية يسير بشكل منحرف تماماً عن الهدف والسكة للوصول إلى بناء الدولة اليمنية العادلة، وكان للخارج تأثير كبير، حينها تَحَـرَّك النشاط الثوري؛ لِأَن مسار العملية السياسية كان قد وصل إلى طريق مسدود، وكانت القوى السياسية لم تعد حاملةً لآمال وطموحات أبناء الشعب اليمني، وبعض القوى السياسية أصبحت متواطئةً ومنخرطة في إطار المشروع الخارجي الذي يُرادُ لهذا البلد وبعض القوى السياسية عاجزة وضعيفة ولا تستطيع أن تتَحَـرّك أَوْ تقفَ على أقدامها لوقف المشروع، لذلك كان لا بد من تَحَـرُّك المسار الثوري ولم يأتِ تَحَـرّك المسار الثوري كترف، وإنما أتى كضرورة يتطلبها البلدُ في إطار تحقيق طموحات وآمال الشعب اليمني، ولو لم يتَحَـرّك المسار الثوري لكان وصل البلد إلى حالة من الفوضى والتمزيق والتفتيت، والتي ستخلق حالة صراع مدمرة، ومن ثم تكون مهيئةً وبيئة خصبة لتمكين القوى الإجرامية المتمثلة بالقاعدة وداعش وتمكين الخارج من التدخل العسكري المباشر للهيمنة والسيطرة عليه خلال المرحلة القادمة، هنا تَحَـرّك المسار الثوري والفعل الثوري في الحادي والعشرين من سبتمبر، وبدأ بالتَحَـرّك إلى الأمام، وكان قد تولّد نضوجٌ ثوري، وفي 21 سبتمبر تقدمت الثورة بخطوة إلى الأمام لتصحيح مسار بناء الدولة اليمنية العادلة.
ثورة 21 سبتمبر “الثورة مستمرة”:
يمكنُ القولُ بالنسبة للمسار الثوري والمشروع الثوري وهو يحمل أهدافَ الثورة التي تجسَّدت في تحقيق طموحات الشعب اليمني، وكما تحدثت، الوضع قبل الحادي والعشرين من سبتمبر كان قد وصل إلى مرحلة خطيرة ولم يعد ممكناً السكوت عنها، وسيكون التغاضي عنها انهياراً على كُلّ المستويات الأمني والسياسي والاقتصادي، وصل إلى فرض الجرعة على أبناء الشعب اليمني بعيداً عن إصْــلَاحات اقتصادية متكاملة، فقط لسد نَهَم القوى المتحكمة والفاشلة، وكان نتيجة فساد، ولولا المسار الثوري لما عاد البلدُ إلى المسار السليم والصحيح من جديد، وما توّج به يوم الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد هو اتفاق السلم والشراكة، وهنا نقطة مهمة، الثورة كانت تحرص على ترسيخ مبدأ الشراكة الوطنية بين كافة القوى السياسية اليمنية لإدَارَة البلد خلال المرحلة الانتقالية وتنفيذ طموحات التغيير، كانت تحرص على ترسيخ مبدأ الشراكة والتي انتجت اتفاق السلم والشراكة الذي كان منصفاً حتى مع القوى التي وقفت ضد هذه الثورة، ولكنهم كانوا لؤماءَ تجاه هذا التسامح، فأُنتج اتفاق السلم والشراكة وكان هذا الاتفاق انجازاً وطنياً بامتياز وَحمل في طياته ثلاثة محاور، السياسية: تصحيح مسار العملية السياسية في الانحرافات الخطيرة، والأمنية: ترتيب الوضع الأمني وفي مواجهة عناصر القاعدة وداعش التي كَانت تتوسع حينها في البيضاء وأبين وشبوة وأكثر من منطقة، والاقتصادية: مساعدة الفقراء والمحتاجين، وإضافة إجراءات إصْــلَاحات اقتصادية متكاملة، لذلك أتى اتفاقُ السلم والشراكة ليثبت أن الثورة وَالمشروع الثوري يأتي لكل أبناء الشعب اليمني بكل فئاته ويحمل أهدافاً سامية تتجاوز فئةً أَوْ تياراً أَوْ طائفة أَوْ حزباً، ويأتي ليلبي طموح التغيير لكل أبناء هذا البلد ويرسخ الشراكة بين أبناء هذا البلد في تحقيق التغيير المنشود في البلد وُصُــوْلاً إلى اليمن الجديد.
دخل البلدُ مرحلةً جديدة ورغم أنها كانت خطوةً في المسار الصحيح في تصحيح مسار العملية السياسية إلا أن بعض قوى الخارج تعاملت معها بشكل سلبي ولم ترُقْ لها هذا الخطوة؛ لأنها أتت من خلال فعل شعبي خالص.
ما بعد اتفاق السلم والشراكة:
مجلسُ التعاون الخليجي والسعودية ومجلسُ الوزراء السعودي كلهم أيَّدوا “اتفاق السلم والشراكة” والذي أتى برعاية الأمم المتحدة، لكن للأسف ما لبث أن بدا الانحراف من جديد في مسار البناء، وكنا نطالبُ بأن يتم الالتزام بتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الذي هو امتدادٌ لمخرجات مؤتمر الحوار والالتزام بالمسار السليم للعملية السياسية وَبناء الدولة اليمنية العادلة، وللأسف كان هناك تمنُّعٌ وتعنت في تنفيذ هذه الالتزامات، لم يتم تحقيقُ شراكة كما نص عليه اتفاق السلم والشراكة الوطنية على كُلّ المستويات، حتى لم يتم تنفيذ شيء من اتفاق السلم والشراكة سوى موضوع الحكومة، وعندما شُكّلت الحكومة شُكّلت بشكل بعيد عن ضوابط اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وتجاوَزَ أنْصَـار الله ذلك من أجل تجاوز الإشكال خلال تلك المرحلة وللتأكيد على أن أنْصَـار الله وعلى أن الثورة ليس لديها هواجس للقفز على السلطة والاستحواذ ولو كان لديهم هواجس للقفز على السلطة لاستحوذوا عليها في 21 سبتمبر وكان الوضع حينها مهيئاً؛ نظراً للصدمة والذهول التي كان فيها العالم حينها ونظراً للوضع غير المهيّأ في الإقليم الذي كان الانقسام في أوجُّه في مواجهة مشروع ما نسمّيها ثورات الربيع العربي، وبالذات في مصر والاختلافات التي كانت هناك حينها، وبالتالي لم يكن الوضع مهيئاً لتدخُّل عسكري مباشر في اليمن، ولو أراد أنْصَـار الله أن يستحوذوا على السلطة لاستحوذوا عليها، ولو أرادت الثورة وقوى الثورة وقوى الشعب اليمني بشكل عام المختزلة في قوى الثورة أن تستحوذَ على السلطة لاستحوذت عليها وقفزت إليها.
وفيما يتعلق بالانقلاب على اتفاق السلم والشراكة قال حمزة الحوثي:
تم الانقلابُ على اتفاق السلم والشراكة الوطنية ووصل الانحراف إلى مرحلة لا يجوز السكوت عليها أَوْ التغاضي، خاصة عندما ذهب أحمد بن مبارك إلى أبو ظبي إلى لجنة صياغة الدستور وهيئة صياغة الدستور وعمل على فرض الستة الأقاليم ونص على الستة الأقاليم في مسودة الدستور الجديد، رغم أن اتفاقَ السلم والشراكة الوطنية في البند العاشر ينُصُّ على أن تقومَ الهيئة الوطنية للإشراف والمتابعة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني بعد تصحيح الاختلالات فيها – في التشكيل والانشاء – بمعالجة هذه المهمة وهي شكل الدولة، وللأسف فرضت في مسود الدستور، ثم أُتي بهذه المسودة وأريد تمريرُها عبر الهيئة الوطنية قبل أن يتم إصْــلَاحُ الاختلالات فيها والمضي في مشروع التنفيذ، وتجاوز اتفاق السلم والشراكة الوطنية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وطموحات وآمال أبناء الشعب اليمني وتضحيات أبناء الشعب اليمني واستحقاقات ثورته المباركة؛ لذلك المسار الثوري تَحَـرّك من جديد في يناير.
على العموم عندما وصل الانحراف إلى هذا المستوى كان هناك تَحَـرّك شعبي لتصحيح هذا الانحراف، هذا التَحَـرّك رفع أربعة مطالب وأعلنها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في من خطاب حينها، متمثلة في:
- تصحيح الاختلالات في مسودة الدستور والاضافات المخالفة لاتفاق السلم والشراكة الوطنية
- إصْــلَاح الاختلالات في الهيئة الوطنية.
- وكذلك ما يتعلق بالوضع الأمني ومعالجته ومواجهة عناصر القاعدة وداعش
- وكذلك فيما بتعلق بتحقيق الشراكة، أن يتم تحقيق الشراكة وفق آلية واضحة ومحددة كما نص اتفاق السلم والشراكة.
الاستقالة والدفع بالبلاد إلى الفوضى:
أثناء ما كنا نناقِشُ كيفية تنفيذ الأربع النقاط، وكان هناك جوٌّ عام لتنفيذها، فوجئ جميع القوى السياسية، حتى بن عمر، بتقديم الاستقالة حينها، وكان هناك سعي ومحاولة من بعض القوى السياسية لإثنائهم عن الاستقالة دون جدوى، وكذلك جمال بن عمر حاول جاهداً لكن دون جدوى، طلب منهما أن يقوما بتصريف الأعمال، لكي لا يُترك البلد في حالة الفراغ المدمر والخطير التي أصابت مؤسسات الدولة جميعاً بالشلل نتيجة للاستقالة، ولكن وللأسف رفضا أن يقوما بتصريف الأعمال، وهنا أوضّح نقطةً في أحداث يناير، لو نلاحظ أن هذه الخطوةَ كانت الخطوة الأولى للعدوان على أبناء الشعب اليمني عندما تم إدخال البلد في حالة الفراغ المدمر والخطير والشامل وتعطيل مؤسسات الدولة، ولم تكن في ليلة 26 من مارس باختراق أول طائرة حربية للأجواء اليمنية وقصف مطار صنعاء الدولي، وإنما كانت بداية العدوان في دفع البلد نحو هذا الفراغ المدمر والخطير على البلد وعلى مؤسسات الدولة، ولو نرجع قليلاً إلى الوراء للاحظنا أنه مع بدء أحداث يناير في التَحَـرّك الشعبي حينها توفي الملك عبدالله فجأة وصعد خلفاً له سلمان وقام بعمل الإجراءات والتغييرات العميقة التي لم يسبق لها مثيل في تأريخ نظام آل سعود، واتضح في الأخير أن هذه التغييرات والاجراءات هي كانت تهيئةً وفي إطار الترتيب والتحضير لشن العدوان العسكري على أبناء الشعب اليمني، كما كان واضحاً أيضاً أنه كان هناك ترتيب وتحضير، بعد إحداث هذا الفراغ ورفض القيام بمهمة تصريف الأعمال من قبل معظم الوزراء ومن قبَل هادي لم يكن للبلد إلا خياران رئيسيان، الخيار الأول متمثل في أن تجتمع القوى السياسية بصفتها هي مَن أعطت الشرعية لهادي ولحكومة بحاح في التواجُد في سدة هذه السلطة؛ لأنه لم يكن طموح الثورة السيطرة والاستحواذ والقفز على السلطة؛ لأنها لم تقفز في 21 سبتمبر ولا في أحداث يناير، وكان ما تهدف إليه هو تصحيح مسار الدولة اليمنية العادلة وتحرص على تحقيق وترسيخ مبدأ الشراكة الوطنية في إدَارَة المرحلة الانتقالية.
لذلك كان أمامها خياران إما تحقيق التوافق السياسي بين القوى السياسية والتوصل إلى اتفاق سياسي يفضي إلى سلطة انتقالية جديدة وتصحيح مسار المرحلة الانتقالية وُصُــوْلاً إلى الانْتخَابات، وهذا المسار كان الأنسب لقوى الثورة.
لكن للأسف أن هذا المسار كان يمر بعملية تعطيل ممنهجة وعملية عرقلة واضحة من قبل بعض القوى السياسية المتواجدة على الطاولة، بدفع من بعض قوى الخارج التي كانت توحي وتوعز إلى هذه القوى بعرقلة التوصل إلى اتفاق سياسي بهدف الوصول إلى نقطة الانهيار؛ لِأَن البلد لا يحتمل البقاء في حالة الفراغ الشامل ومن أجل انتهاء التحضير للعدوان العسكري المباشر على أبناء الشعب اليمني؛ لذلك في ظل التعطيل الذي كان حاصلاً على الطاولة وجدنا أن التوصل إلى التوافق قد يتطلب وقتاً طويلاً في حالة توفرت النية من قبل بعض القوى السياسية ومن قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حينها، ولم يعد الوقت يسمَحُ ببقاء الوضع كما هو عليه، لذلك لم يكن من بُدٍّ للثورة إلا أن تتَحَـرّك في أن تقوم بدورها واستخدام ما لديها من نفوذ بسيط في مؤسسات الدولة؛ لِأَن مؤسسات الدولة لا يمكن القول بأنها في يد قوى الثورة؛ لِأَن مؤسسات الدولة أصلاً الفساد متمكن من بعض منها ومراكز النفوذ التقليدية هي تمثل سلطة عميقة بالنسبة لها، وموضوع مكافحة الفساد كان هدفاً رئيسياً من أهداف الثورة بعد الواحد والعشرين من سبتمبر، ولذلك كان قائد الثورة يحرصُ على أن تحقق الشراكة فيما بعد اتفاق السلم والشراكة لقوى الثورة في الأجهزة والمؤسسات الرقابية والدوائر الرقابية على مستوى مؤسسات الدولة.
وفي ظل حالة الشلل الكامل في مؤسسات الدولة والدفع بالبلاد نحو الانهيار كان على قوى الثورة وعلى أنْصَـار الله في مقدمتهم أن يتَحَـرّكوا للاضطلاع بمسؤولية وطنية مهمة استثنائية ضرورية خلال تلك المرحلة وهي استخدام ما لديهم من نفوذ بسيط في مؤسسات الدولة للحفاظ على مؤسسات الدولة من التلاشي والانهيار، وهنا أؤكد نفوذ بسيط؛ لِأَن القوى التقليدية هي من تمتلك السلطة العميقة فيها، وهي من أدخلت مؤسسات الدولة في صراع مدمر وحاد طوال الفترة الماضية؛ ولأنه لم يعد بالإمكان تسليم المرتبات للدولة هذا بالنسبة للمسائل الاقتصادية، وهذا بالتأكيد دفع قوى الثورة إلى الإعْـلَان الدستوري.
الإعلان الدستوري كضرورة لمنع انهيار البلد:
وتحدث الأستاذ حمزة الحوثي عن السياق الذي جاء فيه الإعْـلَان الدستوري قائلاً:
عندَما لم يكن أمام قوى الثورة سوى التَحَـرّك في إطار توافق سياسي عبر القوى السياسية على الطاولة أَوْ عبر المسار الثوري الذي بالتأكيد لا بد من أن يكون هناك إعْـلَان دستوري وعبر هذا الإعْـلَان يتم ملء الفراغ واستكمال مسار العملية السياسية.
وكان الخيار الأمثل هو الإعْـلَان الدستوري ومن خلال هذا الإعْـلَان أُعطي الغطاء لقوى الثورة في التَحَـرّك للحفاظ على مؤسسات لدولة في إطار ما لديهم من نفوذ بسيط للحفاظ على مؤسسات الدولة من التلاشي والانهيار هذا بالدرجة الرئيسية، وفي نفس الوقت أعطى القوالب العامة للقوى السياسية التي على الطاولة للاتفاق السياسي وللعلم الإعْـلَان الدستوري عندما أتى هو أتى مجسداً للتوافقات الأولية التي كانت قد توصلت إليها الطاولة: المجلس الرئاسي وحكومة شراكة وطنية وبالنسبة للمجلس الوطني هو أعطى الحق لكل أعضاء مجلس النواب حق العضوية في هذا المجلس للسلطة التشريعية الجديدة
تدشين العدوان على اليمن وسد الفراغ السياسي:
العدوان بدأ بدفع البلد إلى حالة الفراغ لإحداث الانهيار الشامل وقتها، لذلك جاء الإعْـلَان الدستوري في هذا الإطار وقطع الطريق أمام الآمال التي ما زالت أمامَ قوى الخارج في محاولة إعادة المشهد إلى الماضي وإلى نفس الأجندات والمخططات التآمرية التي كانوا يريدونها.
لذلك في اليوم الثاني من الإعْـلَان الدستوري ظهر قائدُ الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ووجّه خطاباً لأبناء الشعب ومن ضمن ما أكد فيه أنه فتح المجالَ أمام القوى السياسية لاستكمال الحوار السياسي في إطار جاد للتوصل إلى اتفاق سياسي على سلطة انتقالية جديدة والمضي في تصحيح انحرافات مسار العملية السياسية الانتقالية وُصُــوْلاً إلى تحقيق طموحات وآمال أبناء الشعب اليمنية، وهنا الثورة ظلت في مربعها بعد أن اتخذت خطوة متقدمة بالإعْـلَان الدستوري، لم تقفز على السلطة وظلت تقوم بالمهمة الاستثنائية التي تنصلت القوى السياسية عن القيامِ بها، بعض القوى السياسية رفضت أن تمضيَ في اتفاق سياسي لملء هذا الفراغ حتى بعد العدوان، وكانت هناك محاولات جادة لمحاولة ملء الفراغ عبر التوافق بين القوى الرافضة للعدوان وبذل أنْصَـار الله جهوداً كبيرة في محاولة التوافق بعض القوى السياسية وقدّمنا التنازُلات اللازمة والمطلوبة في محاولة التوصل إلى توافق سياسي لملء الفراغ السياسي بعض القوى السياسية وكان السيد عبدالملك الحوثي، والثورة وقوى الثورة لم تمضِ لملء هذا الفراغ في إطار العمل الحكومي نظراً لأنه لا زالت هناك مطبات كبيرة في الواقع وزادت هذه المطبات والتعقيد مع العدوان الذي أدخلنا في مرحلة جديدة ومنعطف هام ووضع لنا أولويات ومسؤوليات أمام الثورة وأمام الشعب اليمني، هذه الأولويات بالدرجة الرئيسية هي في الهدف الأول للثورة وهو التَـحَـرُّر من الهيمنة والوصاية الخارجية وتحقيق الاستقلال وهو يخوضُ معركته اليوم والثورة تخوض هذه المعركة وبقية أبناء الشعب اليمني استطاعت أن تخوض هذه المعركة بجدارة بعد حوالي تسعة أشهر من هذا العدوان وأبناء الشعب اليمنية يقفون على أقدامهم في مواجهة هذا التحالف الدولي الكاسح، وبالتالي الثورة تحقق إنجازاً وتقدماً في إطار معركتها لتحقيق الاستقلال لهذا البلد والتَـحَـرّر من الهيمنة والوصاية الخارجية؛ لذلك بذل أنْصَـار الله جهوداً مع بداية العدوان مع بعض القوى السياسية الرافضة للعدوان وقدموا التنازلات المطلوبة في محاولة ملء هذا الفراغ السياسي في إطاره الحكومي، ولكن للأسف لم تُفضِ إلى الخروج باتفاق كامل وملء هذا الفراغ، ولأن السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لا يريدُ للمسار الثوري تعزيز الانقسام، حرص على عدم تعميق الانقسام السياسي، وكان يدعو القوى السياسية لملء الفراغ السياسي القائم في البلد، ومع كُلّ خطاب كنا نتَحَـرّك كمجلس سياسي مع بقية القوى الرافضة للعدوان في محاولة تقريب وجهات النظر وملء هذا الفراغ، وكنا نحاول أن نقدم التنازلات المطلوبة واللازمة الممكنة وللأسف لم تصل إلى نتيجة، ولولا الجهودُ التي بذلت في الحفاظ على مؤسسات الدولة من الانهيار في ظل تنصُّل القوى السياسية قبل العدوان وبعد العدوان لكانت قد تلاشت المؤسساتُ ولكانت قد انهارت.
توصيف الحالة القائمة:
لا يمكنُ القولُ بأن أنْصَـار الله في موقع الحكم أَوْ أن هذا النموذج هو نموذج أنْصَـار الله أَوْ تجربتهم ولا مقارنة؛ لِأَن البلد دخل مرحلة العدوان بعد أن تنصلت القوى عن القيام بمسؤوليتها بملء الفراغ، ولذلك لم يقدم أنْصَـار الله على هذه الخطوة إلا في إطار مهمة وطنية؛ لِأَن إدخالَ البلد ودفعه إلى حالة الفوضى كان هو بداية العدوان وبعد أن بدأ العدوان الخارجي وهذا التحالف الخارجي في مواجهة هذا البلد استطاعت الثورة ومن ضمن الانجازات التي حققتها أن تقود هذا البلد مع بقية القوى وبقية فئات الشعب اليمني للصمود أمام هذه الآلة التدميرية الهائلة والتحالف الدولي الهائل، ولم يكن بالمقدور حتى لو كان هناك مؤسسات دولة لديها من القوة بعيداً عن الالتفاف الشعبي لما تمكنت من هذا التحالف الدولي الكاسح ولولا أن هناك ثورة حقيقية في البلد وهذا مما يبرهن أن هناك ثورةً شعبية حقيقية واسعة في اليمن ولولا هذه الثورة لما استطاعت أن تصمد أمام هذه العدوان؛ ولأن هناك ثورة استطاعت أن تصمد وأن تحقق هذه الانتصارات والانجازات في كُلّ ميادين الشرف والبطولة، والآن قوى العدوان أصبحت في موقف صعب خلال هذه المرحلة وهناك إنهاك على كُلّ المستويات على المستوى الاقتصادي وغيره، ولذلك هنا يبرز ويتجلى أهمية المشروع، وهنا أؤكد أنه في حال طال تنصل القوى السياسية ووصل البلد إلى مرحلة من الخطورة أصبح معها من الضرورة، وقد يكون قريباً، المضيُّ في ملء هذا الفراغ عبر المسار الثوري، فإن الثورة بالتأكيد ستتَحَـرّك وسيتم المضي في ملء هذا الفراغ الدستوري أَوْ غيره.
اليوم هناك معركة ذات أولوية وهي مواجهة العدوان والتَـحَـرّر من الوصاية والهيمنة الخارجية ودليل إضافي على أن القوى الثورية ليست في موقع الحكم أنه لا توجد حكومة حتى الآن ولم تشكل حكومة لتمضيَ عبر هذه الحكومة، على الإطلاق، وبالتالي في ظل هذه الوضع وهذا المشهد وفي ظل قيام الثورة وبقية أبناء الشعب اليمني بمسؤوليتهم في تحقيق هذا الانتصار وهذا الانجاز على الميدان في مواجهة العدوان وفي ظل ما قامت به من دور جبَّار، في إطار الحفاظ على مؤسسات الدولة يمكن القول إن الثورة كانت الضامن لمسار بناء الدولة في سياق تحقيق طموحات وآمال أبناء الشعب اليمني، وما يحدث مثلاُ من ضجيج هنا أَوْ هناك خلال هذه المرحلة، في محاولة لحرف الانظار عن المعركة ذات الأولوية وحرف الأنظار عن السياق الصحيح الذي جاء فيه هذا الواقع، وفي الحقيقة يأتي إما في سياق استهداف الثورة واستهداف طموحات وآمال أبناء الشعب اليمني ومحاولة عودة الوضع إلى ما قبل 21 من سبتمبر أَوْ ما قبل 2011، بعيداً عن طموحات وآمال أبناء الشعب اليمني، فقط عودة الوضع لمجرد الاستحواذ على السلطة فقط، هناك عمل حثيث من قبل قوى العدوان خلال هذه المرحلة في محاولة هز ثقة الجماهير بالثورة والمشروع الثوري الذي لولا هذا المشروع لما كان هذا الصمود على الميدان ولما كان هناك مؤسسات دولة موجودة خلال هذه المرحلة ولكان مَضَى البلد نحو التمزيق والتفتيت وتقسيمه إلى كانتونات وخلق صراعات مدمرة فيما بين أبنائه وتمكين القاعدة وداعش، والنموذجُ الذي يحصُلُ اليوم في بعض المحافظات الجنوبية خيرُ دليل على ذلك، ماذا عملت قوى التحالف العدواني على البلد؟ وماذا عملت أدوات العدوان التي كانت على سُدَّة الحكم في البلد؟، الآن تُمَكَّنُ جماعات القاعدة وداعش من المحافظات الجنوبية ويتم حتى تصفية القضية الجنوبية، وهذا ما لا يمكن أن يرضى به أبناء الشعب اليمني ككل.
أي ضجيج يحصل هو يأتي بدفع من قوى العدوان في محاولة إرباك المشهد وإضعاف الجبهة في مواجهة قوى العدوان أَوْ من بعض خصوم الثورة الذي لديهم مكاسبُ سياسية خاصة أَوْ طموحات سياسية خاصة بعيداً عن طموحات وآمال أبناء الشعب اليمني، والمعركة ذات الأولوية التي يخوضها أبناء البلد خلال هذه المرحلة اللجان الثورية الرقابية تضطلع بدور هام وتبذل جهوداً جبَّارة في مؤسسات الدولة على كُلّ المستويات.
وموضوع الفساد والحديث والضجيج حول الفساد خلال هذه المرحلة، كُلّ البنود تم إيقافها ولم يبقَ إلا البند الأول فيما يتعلق بالميزانية، كثير من أبواب الفساد تم إغلاقها عبر هذه الخطوة، والآن فَلتأتي القوى السياسية الرافضة للعدوان لنصل إلى اتفاق سياسي، هذا الاتفاق السياسي يضمن الاتفاق على سلطة انتقالية جديد وعلى تصحيح مسار العملية السياسية، وفقَ مرجعيات العملية السياسية: مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، وهذا الاتفاق فَليكن بمثابة مرجعية سياسية، واستناداً إلى هذه المرجعية يتم ملء الفراغ القائم في هذه السلطة؛ لِأَن المرجعية السياسية هذه يمكن أن تكون بمثابة الإعْـلَان الدستوري وبالاستناد إليها يمكن بناء الفراغ.
اللجان الثورية في مواجهة الفساد:
على كُلّ حال قوى الثورة تقومُ بجهود جبارة واستطاعت أن تضبط الكثير من أبواب الفساد، مع هذه الخطوة أضف إلى أنه اليوم موارد البلد متعطلة ومتوقفة، الموارد النفطية ليست تحتَ سيطرة الثورة، سواءٌ في مأرب أَوْ في حضرموت أَوْ غيرها وكثيرٌ من موارد البلد ليست تحتَ سيطرة الثورة، حصار اقتصادي خانق يتعرض له البلد، لكن البلد يتعرَّضُ لوضع استثنائي، وهل يطلب من بشار الأسد اليوم أن يتَحَـرَّكَ في إطار سياق بناء؟، إذا كانت القوى السياسية تنصلت في أن تأتيَ وتشارك قوى الثورة وأن تتحمل مسؤوليتها في إدَارَة شؤون البلد، والحفاظ على كيان الدولة ومؤسسات الدولة من التلاشي والانهيار عبر اتفاق سياسي، المجال مفتوح أمامها من بعد الإعْـلَان الدستوري ومن بعد العدوان، وحتى يومنا هذا بعض القوى السياسية تنصلت من أجل أن لا تأتي لتشارك في هذه المهمة الوطنية الاستثنائية التي لا تمثل تجربة ولا تمثل نموذجاً، إذا كانت رفضت فكيف يمكن أن نَصِفَ الوضع الراهن اليوم، ولذلك هي تأتي في إطار المزايدة وتأتي في إطار دفع من قوى العدوان؛ لأن المعركة التي يخوضها البلد اليوم هي في إطار الثوابت الوطنية، اليوم لم يتعدوا الخلافات في إطار التفاصيل السياسية في إطار الخلافات السياسية، الآن هناك معركة في إطار الثوابت الوطنية، وهناك غزو، هناك احتلال للبلد، هناك السيادة الوطنية تتعرض للغزو، وهناك تضحيات كبيرة تقدمها الثورة وقوى الثورة وبقية أبناء المجتمع اليمني، وفي مقدمتهم أنْصَـار الله، تضحيات في كُلّ الساحات وفي كُلّ الميادين على الحدود وفي كُلّ الجبهات، في مواجهة عناصر القاعدة والمرتزقة، تضحيات جبارة وكثير من كوادر الثورة مستغرَقة في إطار هذه المواجَهة.
في ما يتعلق بمجلس النواب:
في الحقيقة كما قلت إن الطريقة التي قُدِّمت بها الاستقالة من قبل هادي وبحاح، الاستقالة المزدوجة، كانت تؤكد على أن هذه الخطوة كانت تأتي في إطار العدوان على أبناء الشعب اليمن من قبل الخارج، عندما قدم بحاح استقالته إلى هادي قام قدم استقالته بنفس الوقت الذي قدمت به استقالة بحاح، وكان من المفترض أن يقبل استقالة بحاح ومن ثم يكلفه بتصريف الأعمال وإذا أراد أن يقدم استقالته فَليقدمها، لكن قدمت الاستقالة بشكل مزدوج وفي نفس الوقت؛ لِأَن الهدف هو إحداث انسداد في المشهد وعمل تعطيل وإحداث شلل في مؤسسات الدولة، هذا بالنسبة لبحاح، بالنسبة لهادي قدم استقالته إلى مجلس النواب، وهو يعرف أن مجلس النواب لم يعد يمتلك للقيام بهذه الخطوة بقبول استقالته، لماذا أولاً لِأَن مجلس النواب أصبح محكوماً بالتوافق، وهذا التوافق وهذه الآلية وهذا الضابط وهذا القيد للأسف أنه تم التوقيع عليه بين الأطراف الموقّعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، هذه الأطرافُ الموقعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقّعت على أن يكون مجلس النواب محكوماً بالتوافق وأعطت الحَقَّ لسلطان العتواني أن يعطّلَ الثلاثمائة صوت الأخرى في مجلس النواب إذا اعترض كونه أمينَ عام حزب.
وفي حال لم يحصل توافق وهو غالباً لم يحصل توافق في ظل هذا الضابط، يعود الأمر إلى هادي ليحكم كما أراد في المسألة، وأصبح هو السلطة التشريعية والتنفيذية وكل شيء، وأعطي هذا الحق عبر المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وأقر هذه المسألة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وأصبح مقراً أيضاً في مرجعية العملية السياسية وفي قرارات مجلس الآمن، وبالتالي هو يعرف أن موضوعَ التوافق في قبول الاستقالة كان مستحيلاً، أولاً لِأَن الكتلة الجنوبية التي كانت خمسة وستين عضواً كانوا يرفضون أن يبتوا في الاستقالة، وكتلة المشترك كانوا يرفضون البت في مسألة الاستقالة، وكان أيُّ إجراء خارج إطار التوافق كان سيعتبر إجراء غير مقبول من قبل المجتمع الدولي ومن قبل بعض القوى السياسية الداخلية في البلد، وتسبب انسداد وتسبب تعزيز وتعميق الانقسام، لكن لو افترضنا جدَلاً أنه تمَّ إعادة مجلس النواب ووضعه إلى ما قبل عام 2011م وتم تجاوز مرجعيات العملية السياسية وتم تجاوز قرارات مجلس الأمن وتم تجاوز ما انتجته الثورة في محطاتها المتعددة ومرجعياتها المتعددة، وعُدنا بالوضع إلى ما قبل 2011م وأصبح محكوماً بضوابط الدستور، كان أيضاً هذا المسار منسداً وكان متعذراً أَوْ لا يمتلك القدرة في أن يعالج الإشكالية التي كانت حاصلةً في البلد، لماذا؟؛ لِأَن هذا المسار أَوْ ما سُمّيَ بالمسار الدستوري كان سيعطي، وهو يعطي، الحق لهيئة رئاسة مجلس النواب بعد قبوله للاستقالة مثلاً في إدَارَة شؤون البلد لمهمة واحدة وَرئيسية وهي التحضير لانْتخَابات مبكرة، وهذه المهمة من المعلوم والمعروف أنها مهمة متعثرة ولا يمكن البدءُ بانْتخَابات، لأنه البلد محكومٌ بعملية سياسية وهذا العملية السياسية ما زالت تتطلب استكمالَ صياغة الدستور وعمل استفتاء وعمل الاعدادات اللازمة ومن ثم التحضير لانْتخَابات، أضف إلى أنه يجب أن تكون هناك معالجات في انسياق قوانين قضية الجنوبية وقضية صعدة وبعض التحضيرات و…، ولكن تعذر حدوث اجراء انْتخَابات مبكرة خلال شهرَين، من المستحيل، وأيضاً بعد الشهرين سيصبح بقاء هيئة رئاسة مجلس النواب على سدة الحكم أَوْ في إدَارَة شؤون البلد غير شرعي بالنسبة للدستور لأنه لا يعطيها الحق إلا للقيام بهذه المهمة خلال شهرين وسيضطرُّ الناس إلى إصْــدَار إعْـلَان دستوري في حال أراد يشرعن لاستمرارها، ستظهر العملية أشبه بالانقلاب أكثر منها فعلاً ثورياً، هذا في حالة تجاوزنا ضابط أَوْ قيد التوافق الذي وقّعت عليه أطراف المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وحكمت المجلس بهذا الضابط، ولذلك الخطوة التي تَحَـرّكت بها الثورة كانت ضرورية أجبرتها على التَحَـرّك بها في إطار مواجهة العدوان.
ويقول المهندس حمزة الحوثي في الحلول لهذه المرحلة:
الحلُّ هو أن تقفَ كُلّ القوى الوطنية والمجتمعية والقوى السياسية جميعاً في خندق واحد لمواجهة هذا الغزو وهذا العدوان الغاشم الذي يمارَسُ بحق أبناء الشعب اليمني وأن يكون هناك حرصٌ وأن يتسلح أبناء شعبنا اليمني بالوعي وأن يكون هناك تمسُّك أكثر بالثورة الشعبية المباركة وبالمشروع الثوري الذي حقّق هذه الانجازات، ولولاه لما استطاع البلد أن يحقق هذه الانجازات حتى يومنا هذا.