إسرائيل لن تحارب إيران
عبد المنان السنبلي
ليس لأَنَّها وأمريكا لا تريدان الدخول في حرب مع إيران وكسر شوكتها ولكن لأَنَّهما تعلمان جيِّدًا ماذا يعني أن تدخلا في حربٍ مع إيران!
في الحقيقة ورغم تمكّنهم من ترويض مصر مبكراً وتفكيك وإضعاف العراق وتدمير سوريا واليمن وكذلك الدفع بقطار التطبيع سريعاً نحو الأمام حاملاً معه أكثر من نصف الدول العربية إلا أن الأمريكيين والإسرائيليين ومع ذلك يدركون جيِّدًا أنه لا يمكن أن يتحقّق لإسرائيل وكذلك المصالح الأمريكية في المنطقة الأمن طالما وهنالك دولةٌ يرونها تتعملق أمامهم كُـلّ يوم وتسير في اتّجاه مغايرٍ ومعاكسٍ لسياساتهم ومصالحهم اسمها إيران خَاصَّة بعد أن فشلت كُـلّ محاولاتهم السابقة في ترويضها كمصر أَو إضعافها وتركيعها بالعقوبات والحصار كالعراق أَو إدخَالها في حالة من الفوضى والاقتتال الداخلي كسوريا وليبيا واليمن.
وعليه فَـإنَّ كُـلّ المؤشرات قد أصبحت تشير اليوم إلى أن أمريكا وإسرائيل قد قرّرتا في كواليس اللعبة على ما يبدو المواجهة العسكرية المباشرة مع إيران.
ولأن الأمريكيين والإسرائيليين يعلمون جيِّدًا ما قد يترتب على ذلك الأمر من كلفةٍ باهظةٍ قد تجرها عليهم هذه المواجهة نظراً لما باتت تمتلكه إيران من ترسانة عسكرية وصاروخية ضخمة ومتطورة قادرة على إلحاق الأذى بإسرائيل والقوات الأمريكية المنتشرة في هذه المنطقة، فقد قرّروا المواجهة ولكن عن طريق طرفٍ ثالث!
يؤكّـد هذا الكلام طبعاً قرار الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن بالعدول والتراجع عن مهاجمة إيران في اللحظات الأخيرة قبيل مغادرته البيت الأبيض طبعاً وذلك بناءً على نصائح الخبراء الاستراتيجيين والعسكريين الذين نبهوه بخطورة الإقدام على ذلك الأمر في حينه.
فمن هو هذا الطرف الثالث الذي سيواجه به الأمريكيون والإسرائيليون إيران ويعتقدون أنهم به سينالون منها ويحقّقون أهدافهم فيها دون أن يلحق ذلك بهم الأذى يا تُرى؟
من المؤكّـد أن هذا الطرف الثالث هو أعوانهم وأزلامهم من العرب، فكل المعطيات والمؤشرات منذ أن غادر بوش الابن البيت الأبيض في 2008 إلى اليوم تقول بأنهم فعلاً ماضون في هذا الأمر، حَيثُ عمل الأمريكان والإسرائيليون في آنٍ معاً خلال هذه الفترة كُـلّ ما في وسعهم لتوسيع الهوة بين هؤلاء الصنف من العرب وبين إيران وذلك من خلال إبرازها وتصويرها لهم وإقناعهم بأنها هي الخطر الحقيقي الداهم الذي يتربص بهم ويريد في لحظةٍ أن ينقض عليهم والذي يتحتم عليهم وبمساعدتهم التصدي له ومواجهته بكل حزم وقوة وَ…!
ابتلع أصحابنا هؤلاء الطعم طبعاً بكل سهولة كما لو أنهم ما صدقوا قالوا لهم هذا الكلام إلا وأصبحوا من اليوم الثاني يوجهون سهام حقدهم وعداوتهم صوبَ إيران ويتوعدونها ويتآمرون عليها لدرجةِ أنهم وفي لحظةٍ لم يتردّدوا في مدِّ جسورِ العلاقةِ وتطبيعها علناً مع إسرائيل، بدعوى مواجهة إيران سوياً غير مدركين ولا واعين من أنهم إنما يُدفع بهم لمواجهة إيران وحيدين في سياسةٍ الهدف منها في الأخير هو ضرب المسلم بالمسلم ليس أكثر!
يؤكّـد هذا الكلام طبعاً موافقة الكونجرس الأمريكي مؤخّراً على بيع الإمارات مقاتلات إف 35 الأحدث والأكثر تطوراً في العالم في انتهاك واضحٍ للقانون الأمريكي الذي يحصر امتلاك مثل هذا النوع من الطائرات على الجيشين الأمريكي والإسرائيلي فقط ومن المؤكّـد أنهم سيزودون بها أَيْـضاً السعودية وربما مصر والأردن والبحرين.
والسؤال هنا:
ألا يعد تزويد هذه الدول بمثلِ هذه الأسلحة يأتي في إطار تشجيعها والدفع بها إلى الإقدام على مواجهة عسكرية محتملة ووشيكة مع إيران؟!
من يدري؟!
أما إسرائيل وما قيل عن تحالف عربي إسرائيلي، فإسرائيل وإن أوهمتهم بذلك لن تجازف بنفسها في خوض حربٍ مباشرة ومدمّـرةً مع إيران وذلك لاعتباراتٍ أمنيةٍ ووجوديةٍ لديها كما أسلفنا حتى وإن ادعت تحالفها كُـلّ العرب!
كذلك أمريكا إذَا ما دفعت بهؤلاء القطيع من العرب إلى مواجهة إيران فَـإنَّ دورها لن يتعدى ذلك الدور الذي لعبته إبَّان الحرب العراقية الإيرانية والذي لم يعد يجهله أحد من العالمين اليوم طالما وهي تحقّق بذلك هدفها الاستراتيجي الأعلى والمتمثل بضرب الإسلام والمسلمين بعضهم ببعض.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.