في مواكب الشهداء
عبدالقوي السباعي
ونحن نعيشُ الذكرى السنوية للشهيد 1442هـ، لا يمكن لنا أن ننكرَ حقَّ وفضلَ شهدائنا الأبرار، الذين ارتقت أرواحُهم الطاهرة، وهم يجالدون تحالفَ البغي والعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني، فدماؤهم الزكية هي التي منحتنا العزةَ والكرامةَ والشموخ والحرية، وهي الأرواحُ الطاهرةُ نفسُها التي تجعلنا نقفُ اليومَ في مقاومةٍ شرسةٍ أمام الشيطان الأكبر والثالوثِ المتغطرس الذي يحاولُ النيلَ من عزتنا وكرامتنا واستقلالنا.
فعندما نتحدَّثُ عن الشهداء، فَـإنَّنا نتحدثُ عن هاماتٍ استثنائيةٍ للرجولة والأنفة والإباء، عندما نستذكر اليوم رجالاً مضَوا في سبيل الله نُصرةً للدين والعقيدة، للأرض والوطن، وحملوا أمتهم وقضاياها المصيرية، فَـإنَّنا نستلهمُ منهم كُـلَّ مبادئ الشرف الكرامة، كُـلَّ معاني التضحية والفداء، وتعلمنا منهم كيفَ نخطو بنُكران ذات؛ مِن أجلِ أن يعيش الآخرون.
في موكبِ الشهداء الأبرار، نستذكرُ ذلك النهرَ الخالدَ الذي يتدفقُ بالخير فارتوت منه الأرضُ، تلك المشكاةُ من النور التي أضاءت عتباتِ التاريخ بوهج تألُّقِها.
نعم إن الهواءَ الذي نستنشقه اليوم، والحياة الكريمة التي ننعمُ بها رغم العدوان والحصار، هي بفعلِ تضحية هذه الدماء الزكية، وبفضل أرواحهم الطاهرة المبتسمة عند مليك مقتدر في عليين، ومن حق الشهيد علينا اليوم وكلَّ يوم أن نستذكرَه ونخلدَ تاريخَه؛ لأَنَّه الامتدادُ الأزلي والبُوصلة الحقيقية، لرسالات السماء، وتوجّـهات الأنبياء، ونداءات الصالحين والأتقياء، وثورات الصديقين والأولياء، والدليل القاطع على استمرار تلك الثورات المباركة، والتي حملوها إلى الأجيال المتعاقبة عبرَ العصور والأزمنة.
ومن هنا كانت الشهادةُ حياةً للأمم، فالأمة الحية هي التي تقدِّسُ الشهيدَ وتُعلِي الشهادةَ، وتعتبرها قيمةً إنسانيةً وثقافة إلهية تفهم أن الموتَ قتلاً في سبيل الله هو الحياةُ الأبدية، وأن الحياةَ من دونِ ثقافةِ الشهادة هي الموتُ، وقد تجلت هذه الحقيقة بقول الإمام الحسين (عليه السلام): “إنِّي لا أرى الموتَ إلَّا سعادةً والحياةَ مع الظالمين إلَّا برما).
واحتفاؤنا بذكرى الشهيد هو أقلُّ واجبٍ يمكنُ أن يقدمَه كُـلُّ يمني شريف، بل هو واجبٌ بأن تستذكرَه كُـلُّ الأمم والشعوب التي تتطلع للكرامة والحرية؛ لما لهؤلاء الشهداء من فضلٍ على الأُمَّــة؛ كونهم الأحياءَ ونحن مَن يعيشُ حياةً زائفةً.