العدوّ الصهيوني متخوف من قدرات صنعاء العسكرية: “عين إسرائيل على اليمن”
المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني لجريدة “إيلاف” السعودية:
– يتم في اليمن تطوير صواريخ وطائرات تستطيع الوصول إلى إسرائيل
– هجوم 14 سبتمبر تم بأسلحة لم يستطع أحد كشفها وهذا يدل على قدرات كبيرة
– “إسرائيل” تتوقع خطراً قادماً من اليمن والعراق
تصريحات عسكرية تؤكّـد مشاركة “إسرائيل” في العدوان وتقر بالفشل السعودي
المسيرة | تقرير
مع ظهورِ العلاقاتِ بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية العميلة إلى العلَن، بات ارتباطُ العدوان على اليمن بالمشروع الإسرائيلي الأمريكي في المنطقة أكثرَ رسمية ووضوحاً، خَاصَّةً أن دولَ العدوان بالذات كانت هي السباقةَ إلى “التطبيع” وما زالت تقودُ قطيعَ الخيانة العربية وتعملُ على توسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة على كُـلّ المستويات، ولم يعد ارتباطُ العدوان على اليمن بإسرائيل مُجَـرّدَ تحليلٍ لهذا الواقع، إذ لا زالت مواقفُ الكيان الصهيوني المعلَنةُ من اليمن تتصاعدُ مؤكّـدةً على هذه العلاقة الوثيقة، الأمر الذي يؤكّـد أن المشاركة الإسرائيلية المباشرة في العدوان تمضي هي الأُخرى نحو الإعلان الرسمي توازيا مع “التطبيع”.
“عينُ إسرائيل على اليمن والعراق”.. هكذا صرّح المتحدثُ باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، هيداي زيلبرمان، لجريدة “إيلاف” السعودية ضمنَ مقابلةٍ أجرتها معه الجريدة ونشرتها، أمس السبت، في إطار التوجّـه الرسمي المتصاعد للنظام السعودي نحو إزالة الحواجز إعلاميًّا وسياسيًّا أمام إعلان “التطبيع” مع الكيان الصهيوني.
المتحدثُ العسكري الصهيوني قدم تفاصيلَ أُخرى حول طبيعة النظرة الصهيونية تجاه اليمن، معبِّراً عن تخوف “تل أبيب” من تعاظم القدرات العسكرية اليمنية، حَيثُ أقرَّ بوجود “صواريخ ذكية وطائرات مسيَّرة تستطيع الوصول إلى إسرائيل”، وتوقع قدومَ الخطر على الكيان الصهيوني من اليمن والعراق، مُشيراً إلى احتمالية تعرض الكيان الصهيوني إلى هجوم مشابه لعملية الرابع عشر من سبتمبر 2019 النوعية التي نفذتها قوات الجيش واللجان ضد مصافي أرامكو السعودي، والذي أثبت أن اليمن بات قادراً على استخدام عشرات الطائرات المسيّرة والصواريخ الموجهة عن بُعد “بدون أن يكشفها أحد”.
هذا الحديثُ العسكري يرقى إلى مستوى اعترافٍ رسميٍّ بارتباطِ العدوان على اليمن بأمن ومصالح الكيان الصهيوني ومشاريعه، وبالتالي المشاركة الإسرائيلية المباشرة في هذا العدوان، وليست تصريحات “زيلبرمان” الدليل الوحيد في هذا الملف، فالإعلام العبري تناول سابقًا العديدَ من تفاصيل مشاركة تل أبيب في العدوان ووصفها بـ”عضو غير رسمي في التحالف”، إضافةً إلى تصريحات “نتنياهو” الواضحة بخصوص اليمن.
لكن من موقعها في المسار التصاعدي للمواقف الإسرائيلية العدائية المعلنة تجاه اليمن، تحمل تصريحات “زيلبرمان” مؤشرات مهمة توضح الكثير عن حاضر العدوان ومستقبله وموقعه في المعادلة الإقليمية، فثبوت حقيقة العدوان على اليمن كخط دفاع عن الكيان الصهيوني يفرض نفسه على أبجديات الحرب والسلام، وتحَرّكات الكيان الصهيوني في المنطقة تشير كلها إلى عدم وجود أية رغبة لدى الكيان الصهيوني للتخلي عن خط الدفاع هذا، وهو ما ينعكس بوضوح على استمرار السعودية بالعدوان والحصار بالرغم من تفاقم تداعياتهما عليها عسكريًّا واقتصاديًّا.
والحقيقةُ أن هذا المأزِقَ السعودي يعكسُ بدوره المأزِقَ الصهيوني، فاستمرارُ العدوان على اليمن، ووفقاً لكلام المتحدث باسم جيش الاحتلال، لا يوفر في الحقيقة أي دفاع حقيقي عن “تل أبيب”؛ لأَنَّ القدرات اليمنية تتطور بشكل مستمر، وقد استطاع هذا التطور أن ينتزع اعترافًا عسكريًّا بأن خطراً كَبيراً يهدّد الكيان الصهيوني من اليمن، الأمر الذي يعني أن خطَّ الدفاع قد فشل، بل أسهم في مضاعفة التهديد الذي كان يُفترَضُ به أن يقضيَ عليه.
ووفقاً لذلك، فَـإنَّ تصريحاتِ “زيلبرمان” التي أطلقها كـ “تهديد” لإيران، لم تكن في الواقع إلا إقراراً بتعاظم أهميّة وموقع اليمن السياسي والعسكري على الساحة الإقليمية كقوة مقاومة للمشروع الإسرائيلي الأمريكي، الأمر الذي لا يمكن أن يُعتبَرَ إلا إنجازًا تاريخيًّا يؤكّـدُ على صوابية الموقف المناهض للعدوان.
وفي هذا السياق لا بد من استذكار التحذير التاريخي الذي وجّهه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب المولد النبوي العام الماضي، باستهداف المنشآت الحساسة للعدو الصهيوني حال إقدامه على أية “حماقة” تستهدف الشعب اليمني، إذ تؤكّـد تصريحاتُ متحدث الجيش الإسرائيلي اليوم أن هذا التحذير لم يكن مُجَـرّدَ “دعاية” بل حقيقة تستندُ إلى واقع ثابت بات اليمن فيه قوة فاعلة تمتلك الإمْكَانيات اللازمة والصوابية الكاملة في مواجهة الكيان الصهيوني، وتؤكّـد التصريحات على أن الأخير يدرك ذلك جيِّدًا.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن احتمالاتِ تجسُّدِ تحذيرات قائد الثورة على الواقع ليست بعيدةً، فالإصرار الصهيوني على إعلان اهتمامه باليمن، بالتوازي مع تحَرّكاته الواضحة لتشكيلِ معسكر واحدٍ من الأنظمة العميلة تحت شعار “مواجهة إيران” قد يفتح بالفعل أبوابَ النيران اليمنية على الكيان الصهيوني، ويبدو أن صنعاءَ تضعُ ذلك في حسابات المعركة، إذ كان وزيرُ الدفاع قد أكّـد قبلَ عام في حوار مع صحيفة المسيرة أن بنكَ أهداف القوات المسلحة يتضمَّنُ مواقعَ إسرائيليةً، كما صرَّحَ مؤخّراً بأن “أمنَ اليمن من أمن المنطقة”، في تحذير لا يبدو الآن أنه كان موجهاً لدول العدوان فقط.
من جهة أُخرى، يشيرُ بعضُ المحللين إلى أن تصريحاتِ المتحدث باسم الكيان الصهيوني لجريدة إيلاف، قد تشكّل مؤشراً على أن دول العدوان ستجر مرتزِقتها في اليمن إلى مستنقعِ التطبيع أَيْـضاً، وهو ما ينسجمُ مع تحَرّكات الكيان الصهيوني في المنطقة والأبعاد الإقليمية للعدوان، كما أن بعضَ فصائل المرتزِقة قد عبّرت مسبقًا عن استعدادِها لاتِّخاذ خطوة “التطبيع”.