صنعاء تنذر “تل أبيب وأصدقاءها”: سنشعل البحر الأحمر
الخارجية: أية حماقة للعدو الإسرائيلي ستؤدي إلى حرب شاملة وسنستهدف مصالحه وشركاءَه في البحر الأحمر
الرويشان: الكيان الصهيوني يحاول طمأنة الدول “المطبعة” ونحن قادرون على تنفيذ تحذيرات قائد الثورة
النعيمي: قادرون على تلقين العدوّ الإسرائيلي دروساً قاسية وسنتقدم الصفوف في معركة تحرير فلسطين
رداً على تصريحات ناطق جيش الاحتلال بخصوص مخاوف “إسرائيل” من القدرات العسكرية اليمنية:
المسيرة | ضرار الطيب
جاءت ردودُ صنعاء الرسمية على تصريحات ناطق جيش العدوّ الصهيوني بخصوص اليمن، شديدةَ اللهجة، لتجددَ التأكيدَ على المضي عسكريًّا في تنفيذ تحذير قائد الثورة باستهداف مصالح كيان الاحتلال في حال إقدامه على أي عمل عدائي يستهدف اليمن، وأشَارَت مهدّدة إلى طبيعة تلك المصالح وحجم الرد العسكري اليمني، متحدية بذلك “الفزاعات” الإعلامية التي يحاول العدوّ ورعاته استخدامها لتهديد صنعاء مثل مسألة “أمن البحر الأحمر”، الأمر الذي يحمل رسالة تأكيد على موقف “القوة” الذي باتت تمتلكه صنعاء بعد ستة أعوام من العدوان، وهو الموقف نفسه الذي أقرت تصريحات المتحدث الإسرائيلي بخطورته على “تل أبيب”.
وزارة الخارجية بحكومة الإنقاذ، أكّـدت في تصريح صحفي، أمس الأحد، على أن “أي عمل متهور لكيان العدوّ يمس اليمن سيشعل حرباً شاملة وسيكون هذا الكيان أول من يخسرها”، وأن “مصالح العدوّ وشركائه في البحر الأحمر ستكون هدفاً مشروعاً”، وهذا ما أكّـده أَيْـضاً نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن الفريق جلال الرويشان بقوله: إن صنعاء “مع حرية الملاحة البحرية لكن تحالف العدوان يدرك أن جبهة البحر الأحمر إذَا اشتعلت فالتصعيد سيكون كبيراً”، مذكراً بالتحذير التاريخي الذي وجهه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي للعدو الإسرائيلي بضرب منشآته الحساسة في حال ارتكب أي حماقة ضد اليمن، وهو التحذير الذي يعود إلى صدارة المشهد اليوم مصحوباً بالمزيد من التفاصيل.
وفي السياق نفسه، أكّـد عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد النعيمي، على أن “الشعب اليمني قادر على تلقين العدوّ الإسرائيلي دروساً لن ينساها” وأن “أية حماقة يرتكبها ستدفعُ نحو المعركة الحاسمة والنهائية لتحرير الأراضي الفلسطينية وسيكون اليمن في مقدمة معركة التحرير الكبرى”.
في هذا الجزء ذي الطابع العسكري من الردود الرسمية على التصريحات الصهيونية، توجّـه صنعاء رسائل مهمة تنطلق من قاعدة “القوة” التي أبدى ناطق العدوّ قلق “تل أبيب” منها، وهو القلق الذي يقر بجدية تهديدات صنعاء التي لا تشكل اليوم تحدياً للعدو الإسرائيلي فحسب، بل تقدم له صورة تقريبية عن الخطر العسكري الذي يثير قلقه من اليمن.
صورة تبرز بُعدين رئيسيين للرد اليمني: الأول يخص ملف البحر الأحمر، الملف الحساس الذي لا زال تحالف العدوان ورعاته في “إسرائيل” وفي الغرب، يحاولون صنع “فزاعة” دولية منه الملاحة، سواء من خلال الادِّعاءات السعودية المستمرة حول تهديد صنعاء لحركة الملاحة فيه، أَو من خلال محاولات استثمار أزمة السفينة “صافر” التي ثبت بالدلائل القاطعة أن العدوّ هو من صنعاء ويصر على إبقاءها، والحقيقة أن هذه الفزاعات ما هي إلا انعكاس للأطماع الجيوسياسية للعدو وحلفائه في البحر الأحمر، والتي باتت مهدّدة بسَببِ فشلهم العسكري.
قيام صنعاء بتحديد هذا الملف ضمن إنذارات الرد على العدوّ الإسرائيلي يؤكّـد على فشل الفزاعات الدولية وسقوط محاولات الضغط الناتجة عنها، ويرسل رسالة مهمة بأن صنعاء قادرة على عكس الضغوطات المتعلقة بالبحر الأحمر نحو العدوّ وحلفائه وبقوة أكبر؛ لأَنَّ صنعاء اليوم تلوح بردود أثبتت القدرة على تنفيذها وأثبتت أنها تمتلك عنصر المفاجأة فيها دائماً من حيث التوقيت والأسلحة والمدى، وَأَيْـضاً من حيث الحجم الذي تؤكّـد صنعاء اليوم أنه سيكون كَبيراً.
البعد الرئيسي الثاني للرد العسكري الذي تنذر به صنعاء العدوّ الإسرائيلي يتعلق بما وصفته التصريحات السابقة بـ”الحرب الشاملة” التي ستكون اليمن في مقدمتها، وهو ما يوجه رسالة أُخرى للعدو الإسرائيلي بأن الخطر الذي يتوقعه لن يمس مصالح محدودة بل سيستهدف وجوده كله، في إشارة واضحة تؤكّـد على تعاظم دور اليمن في محور المقاومة وعلى الساحة الإقليمية، الأمر الذي يقدم ما يشبه توضيح لرسائل عسكرية سابقة وجهتها صنعاء تفيد بأن اليمن لم يعد معزولاً عن معادلة الصراع الشامل، وأن “أمن اليمن من أمن المنطقة”، وبالتالي ستكون طبيعة الرد منسجمة مع هذا البُعد الإقليمي.
بدا واضحًا أن ردودَ صنعاء تدركُ بدقة طبيعة “القلق” الصهيوني الذي عبر عنه ناطق جيش الاحتلال، فتصريحات الأخير كشفت أن هذا القلق يتعلق بتعاظم قوة اليمن وتأثيره السياسي والعسكري المقاوم في المنطقة، وهو الأمر الذي جاءت ردود صنعاء لتؤكّـده وتقدم المزيد من التفاصيل حوله.
وإلى جانب الإنذارات العسكرية، قدمت ردودُ صنعاء قراءةً سياسيةً لتصريحات ناطق جيش الاحتلال، إذ أوضحت الخارجية أن “تل أبيب” تحاول من خلال تلك التصريحات “تشجيع أي فرص تطبيع فاشلة مع مرشحين جدد” وهو ما أوضحه أَيْـضاً الفريق جلال الرويشان الذي قال إن العدوّ يحاول “طمأنة الدول المطبعة” من خلال إعلان تشارك المصالح والمخاوف بينه وبينها، مُشيراً إلى أن “الصهاينة يحاولون إيجاد مبرّرات وتهديدات لتلك الدول؛ كي يتمكّنوا من التوغل العسكري فيها والذي بدأ بعد حفلة التطبيع الأخيرة مع الأنظمة الخليجية”.
بدوره، أوضح النعيمي أن تصريحات ناطق جيش الاحتلال تكشف توجّـه العدوّ نحو نقل دوره في العدوان من السر إلى العلن، وأن “التماهي السعودي مع الموقف الإسرائيلي يؤكّـد طبيعة المعركة التي يخوضها اليمن منذ ست سنوات”.
هذه القراءة تعكس في الواقع، قوة ردود صنعاء على التصريحات الإسرائيلية، فهي تذكر العدوّ بواقعه الذي يحاول الهروب منه بالدعايات الإعلامية وحفلات “التطبيع” التي لا تضيف أي جديد إلى موازين المعركة، في نفس الوقت الذي تهدّده بما هو أكبر من مخاوفه التي أعلنها بنفسه، الأمر الذي يحكم بفشل أي هدف دعائي كان يأمل تحقيقه من خلال تلك التصريحات؛ لأَنَّها لم تفعل شيئاً في الحقيقة سوى أنها أكّـدت المأزق الذي يعيشه.
أما بالنسبة لصنعاء، فلم تكن تصريحاتُ ناطق جيش الاحتلال سوى شهادة على صوابية موقفها المبدئي في المقام الأول، ثم على نجاحها المتميز في إدارة معركة مواجهة العدوان بالشكل الذي كشف حقيقة واجهته العربية، وأسقط “سمعتها” ومخطّطاتها، وتجاوز ذلك إلى إثبات فشل الإدارة الأجنبية للعدوان، فيما صنع قوة عسكرية تهدّدهم جميعاً.