معرض المشاريع الإبداعية بجامعة صنعاء.. ابتكارات ومشاريع مذهلة!
المهندس رشيد الأشول مع فريقه قدموا مشروعاً ابتكارياً عبارةً عن طائرة مسيَّرة تستطيع اكتشافَ الألغام والقنابل العنقودية
مشروع المهندس الأحمر وزملائه عبارة عن جهاز لضبط جودة المياه في أمانة العاصمة بحيث تخضع كُـلُّ محطة تحلية للرقابة من وزارة المياه
اختراع جهاز قياس الحرارة عن بُعد من ابتكار المهندس أحمد إسماعيل وزملائه والذين اخترعوا كذلك جهاز للتنفس الصناعي وجهاز قياس الحرارة عن بُعد
المهندسة سمية ابتكرت جهازاً غير موجود في اليمن ويتمّ شراؤه من الخارج بأكثر من 3 آلاف دولار
تنوعت ما بين مشاريعَ طبية وهندسية وبرمجة وغيرها
المسيرة- محمد الكامل
يقدّم الطالبُ المهندس رشيد الأشول مع فريقه مشروعاً ابتكارياً رهيباً، وهو عبارةٌ عن طائرة مسيَّرة تتحكّم من كشف الألغام والقنابل العنقودية، حَيثُ تحتوي الطائرة على 3 أجزاء، وهي طائرة مصغرة وحساسة، وتتمكّن من كشف الألغام وشبكة لإرسال مواقع الألغام.
وعرض رشيد مع أصحابه هذا المشروعَ ضمن معرض المشاريع الإبداعية الذي أقامته الهيئة العامة للعلوم والتكنولوجيا والابتكار خلال يومَي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وحوى المعرِضُ على عدد من المشاريع الابتكارية لعدد من خريجي الهندسة والحاسوب وغيرها والذين شاركوا من جامعات يمنية مختلفة.
ويوضح المهندس رشيد الأشول آلية مشروعه وفكرة عمله وهي كالتالي:
“تحلق الطائرة في المنطقة المراد مسحُها، وفي حالة وجود لغم ترسل الطائرة إشاراتٍ إلى شبكة الكمبيوتر، وباستخدام برنامج اليوسنتر وتصديرها الي Goggle Earth يقوم برسم خريطة لمواقع الألغام، وبالتالي تسهل عملية نزع الألغام وتكون أكثر أمناً”.
ويشير المهندس الأشول إلى أنه استوحى الفكرةَ بعد مشاهدة الإحصائية بوجود 6 ملايين لغم وقنبلة عنقودية جراء العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على بلادنا، وهو على أعتاب العام السابع؛ ولهذا قرّر إيجادَ آلية سريعة وآمنة لإيجاد القنابل والألغام بدل الآلية التقليدية والخطرة.
ويشيد الأشول بتعاوُنِ المركَز التنفيذي لنزع الألغام، مؤكّـداً أنه تم تجهيزُ الحسَّاس بالتعاون معهم، ويوجه شكرَه كذلك للهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار وتوجّـههم لدعم العلوم والتعليم والابتكار والتي هي أَسَاس نهضة الوطن، بحسب تعبيره.
إقبالٌ كبير
وخلال الأسبوع الماضي، توافد الكثيرُ من الزوار إلى معرض المشاريع الإبداعية، والذي يعد من أهم الإنجازات التي تحقّقها بلادنا في ظل استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعودي لما يقارب سبع سنوات، حَيثُ يوصل رسالة بأن الشعب اليمني قادر على تجاوز العقبات والإشكاليات، وبأنه قادر على صناعة الصواريخ والمدرعات المصفحة وكل شيء إذَا ما وجدت الإرادَة الحقيقية.
وخلال تجولنا بالمعرض، التقينا بالمهندس “عمر الأحمر”، والذي قدم لنا شرحاً مختصراً عن فكرة مشروع تخرجه هو وفريقه، وهم من طلاب كلية الهندسة -قسم الكهرباء حاسبات وتحكم-.
ومشروع الأحمر وزملائه هو عبارة عن نظام مراقبة جودة المياه عن طريق ما سموه بحسَّاس الأملاح وَالذي يقيس الرقم الهيدروجيني ونسبة التحكم في المياه، وهل الماء صافي أم عذب؟
ويقول الأحمر لصحيفة “المسيرة”: إن هذا الجهاز هو أولُ ما يتم تشغيلُه تستطيعُ من خلاله التحكم بالمحطات الموجودة في الجمهورية بالكامل، عبر رابط موقع الجهاز -رفعناه على الانترنت- وأول ما تدخل للموقع؛ باعتبَارك صاحبَ محطة تسجل اسمك واصرف لك “أي بي” واعتباري جهةً حكومية أستطيع التحكمَ بكل المحطات الموجودة.
ويوضح الأحمر أن الفائدةَ من هذا الجهاز هو ضبطُ جودة المياه في أمانة العاصمة، بحيث تخضعُ كُـلُّ محطة مياه لرقابة وزارة المياه، وذلك بزراعة هذا الجهاز في كُـلّ محطة وتتصل به الوزارة وتراقب المحطات عن بُعد.
ويوجه المهندس الأحمر الشكرَ للقائمين على المعرض ويطالبهم بالاهتمام أكبر على تشجيع المواهب والمبتكرين الشباب وإعطائهم فرصةً لكل الموهبين الموجودين في أغلب الكليات من هندسة وحاسوب وغيرها.
خط إنتاج تعبئة السوائل
وتتعدد المواهبُ والاختراعات في المعرض، فهذا جاد الأغبري -الطالب في كلية الهندسة بالجامعة الإماراتية- يقدم هو وزملاؤه مشروعَ تخرج عبارة عن خط إنتاج تعبئة السوائل المساوية كثافته لكثافة الماء، والتي يتم التحكم فيه كهربائياً باستخدام المتحكم الذكي”pts” وهو أحدثُ المتحكمات في هذا المجال.
ويعتبر هذا النوع من المتحكمات غير موجود إلى الآن في أغلب مصانع الإنتاج، وبنظام أوتوماتيكي من حَيثُ التعبئة والتغطية وفحص الجودة.
ويوضح الأغبري لصحيفتنا أن الفكرةَ جاءت بعد أن لاحظ أن خطوطَ الإنتاج باهظة الثمن في شرائها الذي يتجاوز سعرها 3000 دولار عبر الاستيراد، فحاولنا أن نقومَ بنفس الفكرة وذلك بصنع خط إنتاج متكامل كما هو أمامك وبإنتاج محلي وثمن أرخص.
ويواصل جاد قائلاً: أستطيع أن أقومَ بإنتاج كُـلّ ما هو سائلٌ عبر خط الإنتاج هذا والتحكم بحجم العبوة حسب رغبتك، وَإذَا ما أردت إنتاجَ سوائل كثيفة نقوم بتغيير الصمام فقط في الجهاز والذي يعتبر المتحكم في كثافة السوائل من ماء وشعير أَو عصائر تزيد كثافتها عن كثافة الماء مثل المانجا علينا فقط تغيير صمام الهيدروليك فقط.
ويرى جاد الأغبري أن إقامةَ المعرض للمشاريع الإبداعية يعد خطوةً جميلة، مُشيراً إلى أنهم كمبتكرين أخيرًا وجدوا مكاناً لعرضِ مشاريعهم وأفكارهم، آملاً أن يكون يوماً ما حقيقة بتصنيعه واستخدامه في المصانع وخطوط إنتاجها.
والتقينا كذلك بطلاب هندسة ميكاترونكس بمشروعهم Eazy Control”” التقنية المبتكرة.
ويقول رئيس الفريق مؤمن عدنان القصوص وفريقه المكون من أربعة طلاب: إن المشروع عبارة عن إدارة مصادر الطاقة، حَيثُ يوجد أكثر من مصدر للطاقة مثلا الكهرباء العمومية والمولد والطاقة الشمسية.
ويوضح القصوص في حديثه لصحيفة “المسيرة” فكرة الجهاز وتشغيله حين يبدأ بقياس احتياج المبنى أَو المؤسّسة للطاقة بواسطة شاشات الكمبيوتر فيعمل علي التنظيم بين المصادر الطاقة المختلفة، مُشيراً إلى أن فكرة المشروع جاءت من معاناة البلاد؛ بسَببِ العدوان والحصار واحتياجات المؤسّسات والمنشآت الخدمية لمصادر الطاقة البديلة، وأن الجهاز سيساهم في معالجة الكثير من مشاكل انقطاع الكهرباء وانعدام الديزل.
ويؤكّـد القصوص أن المشروع جاهز وقد تمت تجربتُه في أحد سنترالات المؤسّسة العامة للاتصالات، وأثبت فعالية ونجاح عالٍ، مُضيفاً: “كما حصل المشروع على المركَز الثاني في الأتمتة والتحكم والذكاء الاصطناعي في المسابقة الوطنية لرواد المشاريع”.
ويناشد القصوص الجهاتِ المختصةَ بالعمل على دعم المشروع والاستفادة منه من خلال إعادة تصنيع الجهاز وبيعه في السوق، بالإضافة إلى الاهتمام أكثر بالمبتكرين والعقول الجبارة لخدمه البلاد ووُصُـولاً إلى الاكتفاء الذاتي الذي يطمح إليه الجميع.
جهازُ قياس حرارة عن بُعد
جهازُ قياس الحرارة عن بُعد من ابتكار المهندس أحمد إسماعيل والذي يقول:
“مع بداية جائحة كوفيد 19 الذي غزا دولَ العالم العام الماضي، هنا بدأت فكرة اختراع الجهاز على مراحل من حتى وصل إلى آخر مرحلة متطورة، حَيثُ وصلت دقةُ الجهاز في منافسة كبيرة للمستورد الخارجي، مُضيفاً أن تصميمَ الجهاز وتصنيعه محلي في الهيئة العليا للعلوم والابتكار والتي ساعدت في توفير أدوات صناعة الأجهزة”، بحسب كلام المهندس أحمد.
ويوصلُ المهندسُ أحمد كلامه لصحيفة المسيرة: وبالتالي فقمنا بعمل جهاز للتنفس الصناعي وَجهاز قياس الحرارة عن بُعد في البداية، حَيثُ استخدمنا (طابعة) ثلاثية الأبعاد ثم انتقلنا إلى مرحلة صناعة القوالب لتصميم الغلاف الخارجي للجهاز، مُشيراً إلى أنه تمت تجربةُ الجهاز في مستشفى الكويت والذي أثبت كفاءةً عاليةً، واشتغل بكفاءة أكثرَ من الأجهزة المستوردة.
أفكار وابتكارات إبداعية
أبو بكر على محسن السلمي -طالب مختبرات كلية الطب جامعة صنعاء- جاء إلى معرض المشاريع الإبداعية والذي أقامته الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار على مدى اليومين الماضيين، تزامناً مع تدشين وإطلاق أعمال الهيئة بشكل حقيقي، والذي يوحي بأفكار إبداعية وتشجيع الشباب للتخلص من الإحباط، وتحدي الإعاقات والصعوبات لأجل إظهار مشاريعهم وأهدافهم، كما يقول أبو بكر.
ويؤكّـد أبو بكر لصحيفة المسيرة أن الحاجةَ أُمُّ الاختراع، ويجب علينا أن ننظرَ إلى الواقع بنظرة إيجابية، وأن نهتم بقوتنا للظهور بشكل أفضل وأن نتحدى جميعَ الصعوبات، رغمَ العدوان وآثاره إلَّا أننا أمام معجزة تتمثل بمعرض مشاريعَ إبداعية للشباب، يمني عزم على تحدي كُـلّ ذلك بصمود وخلق فرص للحياة من تحت الركام.
ويضيف: وهنا أتمنى من الجميع أن ينظرَ للشاب اليمني نظرةً إيجابيةً، وأن يُقدَّمَ الدعم لهم، وأن تكون هناك يدٌ تدفع الشباب للاستمرار في إبداعاتهم وصقل مواهبهم وتبني ابتكاراتهم للاستفادة الفعلية بما يقدمونه من نماذج وابتكارات تسر الزائرين.
أما المهندسة سمية الحسوسة جاءت هي وفريقها المكون من ست طالبات بكلية الهندسة قسم الميكاترونكس إلى معرض المشاريع الإبداعية بمشروع وابتكار تحدثت عنه قائلة:
مشروع محاكي لأول مراحل فصل النفط، الوحدة المبتكرة تقوم بفصل النفط الخام عن الماء وبقية الغازات، بحيث يصل إلى مكوناته الأَسَاسية؛ مِن أجلِ أن يدخل في الوحدات الثانية التي هي المعالجة والتكرير وما إلى ذلك.
مشيرة إلى أن النظام يعمل بنظام الأسكادا، وهو النظامُ المتحكم الرائد في المصانع من شركة سيمنز، منوّهة أن هذا المشروع يعتبر كمشروع اسكادا لا يقتصر استخدامُه وتصميمُه على النفط وإنما يمكن استخدامه لكل خطوط الإنتاج بطريقة أتوماتيك أَو يدوية.
وتوضح المهندسة سمية لحصيفة المسيرة: ومن خلال نظام الأسكادا وبعملية متكاملة لمحاكاة العملية الواقعية التي تحدث في حقل النفط كما هي “صمامات الأمان وصمامات التحكم في الضغط”، مع مراعاة اعتبارات الأمان وليتمكّن المنقِّب من مراقبة العملية عن بُعد.
وتضيف سمية والعمل أَيْـضاً لاستخراج جميع التقارير التي تمت خلال العملية بأدق التفاصيل والقياسات.
وقالت سمية إن المشروعَ واجه الكثيرَ من الصعوبات في إيجاد المواد الخام لعدم توفرها في السوق المحلية، وبالتالي تم طلبها من الخارج، كما أن هناك مشكلة الدعم المالي والتشجيع من الجهات المختصة في الدولة، خَاصَّة وأن بلادنا لا تملك مثل هذا الجهاز التي تبلغ تكلفته 3 آلاف دولار.
وتزيد بالقول: من هنا جاء الفكرة وكذلك تأتي الفائدة، فقد استطعنا توفيرَ الجهاز بحكم أنه غير موجود في اليمن ويتم شراءُ الجهاز من الخارج بأكثر من 3 آلاف دولار، وكذلك يمكن استخدامه في عملية استخراج النفط أَو على أقل تقدير إتاحة الفرصة للطلاب التطبيق العملي عليه خلال دراستهم بدلاً عن التعليم النظري فقط.
تَحَــدٍّ آخر
وفي السياق، مسؤول المعرض باسل رمضان، يقول: إن إقامة المعرض جاء كتحدٍّ آخر في ظل الأوضاع التي تشهدها بلادنا من عدوان وحصار وصعوبات، رافقه تدشينُ أعمال الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار.
وَأَضَـافَ أنه تم التنسيقُ لهذا المعرض بعدة خطوات وعدة مراحل من خلال النزول إلى الجامعات، منها كلية الحاسوب وكلية المجتمع وكلية الهندسة، وعن طريق إنزال استبيان يستهدفُ الخريجين فقط، حَيثُ تم وضعُ مجموعة من المحدّدات، بحيث تنعكس أعمال الخريجين الذين قضوا فيها من 6 أشهر إلى 12 شهراً بالعمل على مشاريعهم.
ويشير رمضان إلى أن الخريجين هم الواجهة الرئيسية للمعرض الذي جاء كمحاولة لربطهم بسوق العمل ومساعدتهم لتسويق مشاريعهم وإمْكَانيتهم لرجال المال والأعمال، حَيثُ أن اختلاطَهم مع فئات مختلفة من مريدي المعرض سيؤدي إلى صقل مهاراتهم وقدراتهم إلى معرفة احتياجات السوق.
ويضيف أن هناك تنوعاً في المشاريع المشاركة بالمعرض ما بين مشاريع طبية ومشاريع ميكانيكية وخدمية وتنموية، إلى جانب دمج المعرض بمشاريع من كلية الحاسوب ومواقع التواصل الاجتماعي ومشاريع هندسة معمارية، وهو ما أعطى المعرض بيئةً للزخم وحضور كثيف وجماهيري.
ويواصل رمضان حديثه بالقول: “فترة إقامة المعرِض كانت مع بداية تدشين عمل الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في اليوم الأول ويستمر حتى مساء اليوم التالي، ونحن بصدد عمل حفل ختامي لتكريم أصحاب المشاريع المشاركة بعد تقييم المشاريع واختيار أفضل 3 مشاريع من قبل لجنة مختصة من الأكاديميين والمختصين، وذلك عبر مسابقة خلال الـ6 الأيّام اللاحقة يتم إطلاقُه على مواقع التواصل الاجتماعي من خلالها إعلان الفائزين بالمعرض”.
ويضيف: مع التذكر أنه كُـلّ ما تم للآن هو في صدد تدشين الهيئة، وهذا المعرض هو بداية لممارسة الهيئة أعمالها التي تساعد في رعاية ودعم المبدعين والمبتكرين وتوجيه البحوث، وبالتالي نحث الشباب المبدع المبتكرَ على تطوير أنفسهم والعمل والمشاركة في تطوير ونقل التكنولوجيا وتقديم المشاريع ذات الجدوى لخدمة بلادهم في الواقع العملي والتطبيقي.