رسائل من نار توجّـهها إيران إلى إدارة ترامب المنتهية والإدارة الأمريكية الجديدة
المسيرة / خاص
وجّهت الجمهوريةُ الإسلامية الإيرانية رسائلَ عدة خلال الأيّام الماضية إلى إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايتها دونالد ترامب، وإلى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن من خلال تكثيف المناورات العسكرية للجيش الإيراني على مختلف الجبهات براً وبحراً وجو.
فحينما استطرد السيدُ علي الخامنئي قائلاً: إنه “عندما تتمكّنُ صواريخُ الجمهورية الإسلامية من إسقاط الطائرة الأمريكية المعادية، أَو من دك “قاعدة عين الأسد” عندَها سيكونُ العدوّ مجبراً على أن يأخُذَ قدرةَ إيران في حساباته الخَاصَّة”، وَأَضَـافَ خامنئي في تغريدة على صفحته على تويتر أنه “يجب ألا تترك إيران من دون قدرات دفاعية وهذا واجبُنا”.
فما أن أنهت القواتُ البحرية الإيرانية مناوراتِها التي جاءت بعنوان “اقتدار-99” حتى أعلن الحرسُ الثوري، صباحَ أمس الأول، انطلاقَ المرحلة الأولى من مناورة الرسول الأعظم 15 الصاروخية في الصحراء الوسطى الإيرانية.
ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية فَـإنَّ المناورات الجديدة اشتملت على ما يلي: “إطلاق مكثّـف للصواريخ الباليستية (أرض – أرض) من نوع (ذو الفقار وزلزال ودزفول)، وتنفيذ عمليات بطائرات مسيّرة هجومية في عموم منطقة الصحراء الوسطى الإيرانية.
الصواريخ التي استخدمت في المناورة تم تجهيزُها برؤوس حربية قابلة للفصل والقدرة على التوجيه خارج الغلاف الجوي، فضلاً عن القدرة على تعطيل الدرع الصاروخية للعدو والمرور من خلاله.
قائد القوات الجو – فضائية في الحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده، كشف أن “الصواريخ التي استُخدمت اليوم هي جيل جديد من الصواريخ الباليستية”.
قائدُ الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي في تصريحٍ له، أمس، على هامش المرحلة النهائية لمناورات حرس الثورة قال إن: “تدمير حاملات الطائرات عبر استهدافها بشكل مباشر هو جزء من استراتيجياتنا الدفاعية”.
وتؤشّر سلسلةُ المناورات الأخيرة إلى أن إيران، على رغمِ حملةِ الضغط الأقصى الأمريكية التي مارستها عليها إدارة ترامب خلال السنوات الماضية في إطار ما يسمى آلية الزنادِ، لم تتراجعْ عن تطوير ترسانتها الصاروخية، وفق ما كانت تهدف إليه تلك الحملة.
كما أنها تستبطن رسائلَ إلى إدارة ترامب، مفادها التحذير من خطورة أي إجراء عسكري قد يستهدف الجمهورية الإسلامية خلال الأيّام القليلة المتبقّية من ولاية الأخير.
وهي رسائل لم تتردّد طهران في التصريح بها علناً، خلال الأسابيع الماضية، على لسان مسؤوليها السياسيين والعسكريين، أَو ضمنياً عبر التدريبات التي شملت تقريبًا كُـلّ القطاعات المسلّحة الإيرانية.
على أن توقيتَ المناورات الصاروخية، تحديداً، يشي بأن الرسائلَ الإيرانية لا تستهدفُ الرئيسَ الأمريكي الذي شارفت ولايته على الانتهاء فقط، بل تُطاول أَيْـضاً الرئيسَ المنتخَب جو بايدن، الذي يستعد للدخول إلى البيت الأبيض بعد أَيَّـام قليلة.
وفي هذا السياق، يبدو أن طهران تحاولُ، بما كشفته في هذه المناورات، أن تستكملَ أمام إدارة بايدن المقبلة رسمَ إطار التفاوُض الذي يناسبها، وذلك بعدَما بدأت على لسان المرشد علي خامنئي، الأسبوع الماضي، وضع خطوط عريضة لهذا الإطار، تَمثّلت في طلبِ “رفع العقوبات قبلَ العودة إلى الاتّفاق النووي، وعدم التخلّي عن القدرات الصاروخية والدفاعية للبلاد”، لتُواصل توضيحَ تلك الخطوط في مقابلات منفصلة أجراها موقع المرشد مع عدد من المسؤولين، كان من ضمنهم الشخصيات التي قادت المفاوضات النووية خلال المراحل السابقة، حَيثُ شرح هؤلاء المسؤولون أهميّة الشروط التي طرحها خامنئي، كما أكّـدوا عدم القبول بربط الاتّفاق النووي بالملفّ الصاروخي للبلاد.
تذكيرُ إيران بمبادئها للتفاوُضِ ومناوراتها الصاروخية جاء بعدما ربطَ جاك سوليفان، المرشّح لشغل منصب مستشار الأمن القومي في الحكومة الأمريكية الجديدة، العودة إلى الاتّفاق بالتفاوض على البرنامج الصاروخي الإيراني، وإشراك أطراف جدد في المفاوضات، وما تبعه من بدء لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في مفاعل فوردو النووي، والتهديد بالانسحاب من البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، في حال لم تُرفع العقوبات عن إيران في 21 فبراير المقبل، ما سيقود إلى تحجيم عمل مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وهذا المشهدُ يؤكّـدُ أن طهران تريد أن تقول لإدارة بايدن: “لدينا من الأوراق ما يكفي لحصر التفاوض في الملف النووي”.
في السياق، أكّـد قائدُ القوة الجوفضائية في حرس الثورة الإيراني، أمير علي حاجي زادة، أمس السبت، أن “القوات الإيرانية قادرة على ضرب جميع القواعد الأمريكية في المنطقة وتدميرها خلال لحظة واحدة”.
وفي مقابلة له مع التلفزيون الإيراني، قال حاجي زاده إنه “رغم امتلاك الأمريكيين للقوة إلا أن حرسَ الثورة تعلموا كيف يحاربونهم وبإمْكَانهم ضربهم وتدمير دفاعاتهم، وتوجيه ضربة شديدة لهم، عبر إطلاق 500 صاروخ في آن واحد بنحو لا يمكن تعويض خسارتهم”.
وَأَضَـافَ أن “قوة جديدة تولدت اليومَ في حرس الثورة من خلال الجمع بين القدرات الصاروخية الجديدة والطائرات المسيّرة واستخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي”.
وتناول حاجي زادة “مناورات الرسول الأعظم” التي انطلقت، أمس الأول، في مرحلتها الأولى، وأشَارَ إلى أن “المرحلة الأولى لمناورات في نسختها الـ15، هي بمثابة عمليات محاكاة للهجوم على نقاط القوة والتحصينات الدفاعية للعدو”.
ولفت إلى أنه “في هذه المرحلة من المناورات التي جرت تمّ تدمير الدفاعات الجوية للعدو بواسطة منظومة الطائرات المسيّرة، وبعد لحظات تمّ إطلاقُ الصواريخ لتدمير مواقع العدوّ الأَسَاسية”، موضحًا أن “الصواريخ التي استخدمت في المرحلة الأولى من المناورات هي طراز جديد من الصواريخ البالستية المزودة برؤوس حربية منفصلة ورادار، كما أنها تستغرق وقتاً أقل من سابقاتها في التحضير والإطلاق”.
واستطرد قائلاً: إن “هذه الصواريخ وبعد استقرارها في المكان المطلوب تحتاج لأقل من خمس دقائق للتوجيه والإطلاق، كما أنها تحلّق على ارتفاعاتٍ مختلفةٍ نحو الأهداف المحدّدة، ولها قدرة اختراق الدرع الصاروخية للعدو”، مؤكّـداً أن تصميم هذه الصواريخ وإنتاجها يتم على أيدي شباب الثورة الإسلامية”.
من جانب آخر، تسعى إيران، عبر الخطابِ والفعلِ اللذين ما زالت تقدّمهما منذ أسابيع، إلى قطع الطريق على إمْكَانية استفادة بايدن من إرثِ الضغوط والحصار الذي خلّفه سلفه على الواقع الإيراني، إذ إنها، بحسب كثير محلّلين، تنتهج ثلاثة مسارات لتحقيق هذه المساعي، أهمها: “حثّ الرئيس الإيراني ومساعديه العسكريين، الرئيس الأمريكي الجديد “بايدن” على التحَرّك قبل بحذر فالقدرات العسكرية الإيرانية في تنامي مستمر، والتعامل مع إيران بندية، وهو ما قد يجعل الفرصة سانحة للتعامل معها على أَسَاس القوانين الدولية التي تحدّد العلاقات الدولية الكبرى، وهي الطريقة الصحيحة للخروج من شرنقة العداء التي زرعتها الإداراتُ الأمريكية السابقة.