انعقاد مؤتمر افتراضي لبرلمانات الدول المدافعة عن القدس بمشاركة 20 دولة إسلامية وعالمية
قاليباف: قضية فلسطين هي قضية عام 2021م وما يؤسفنا أن جرائم العدوّ الصهيوني تجري وسط صمت قادة بعض الدول
النخالة: يجب أن يكون لدينا برنامج واضح لمواجهة أية صفقات
هنية: علينا تفعيلُ خيار المقاومة؛ لأَنَّها كفيلة بطرد المحتلّين
المسيرة / عبدالقوي السباعي
انطلقت، أمس الاثنين، أعمالُ مؤتمر برلمانات الدول المدافِعة عن القدس، والذي ضمَّ 20 دولةً عربية وإسلامية، منها (تركيا، ماليزيا، إندونيسيا، اليمن، باكستان، الجزائر، قطر، تونس، لبنان، بوليفيا، فنزويلا، العراق، سوريا، جنوب إفريقيا، فلسطين، وبرعاية إيرانية لهذا المؤتمر الدولي)، حَيثُ عُقدت قمةٌ افتراضية بالتزامن مع يوم “غزة رمز المقاومة”، اليوم العالمي لدعم القدس وفلسطين، تحت شعار “القدسُ تجمعنا – معاً ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني”، بمناسبة ذكرى انتصار المقاومة الفلسطينية على الاحتلال الصهيوني في العدوان على غزة الذي استمر 22 يوماً.
هذا المؤتمر جاء مِن أجلِ أن يصيغَ تقييماً أكثرَ وضوحاً لمسارات الوضع الراهن الذي تعيشُه الأُمَّــة العربية والإسلامية، ومواقفها المتباينة من القضية الفلسطينية سلباً أَو إيجاباً، والتأكيد على أن إيران ومحور المقاومة سيظلون في طليعةِ المدافعين عن القضية الفلسطينية ونطاقها الجغرافي والمعبرين عنها، بغضِّ النظر عن متغيرات الأيديولوجيا والأمن القومي والمصالح الاستراتيجية، فهذه المتغيراتُ والمفاهيم تتحكّم بها عواملُ تاريخية ودينية وثقافية وسياسية حاسمة عملت وتعملُ على تكريس ثابتين أيديولوجيين واستراتيجيين يتمثلان في رفض الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة “لإسرائيل” من ناحية، وفي قدسية القضية الفلسطينية من ناحية أُخرى.
وفي اجتماع رؤساء لجان العلاقات الدولية في برلمانات الدول الداعمة لفلسطين، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف: إن “اجتماعَنا اليوم؛ مِن أجلِ تأكيدِ أن قضيةَ فلسطين هي قضية عام 2021م، وما يؤسفنا أن جرائمَ العدوّ الصهيوني بحق الفلسطينيين تجري وسط صمت وتجاهل قادة بعض الدول”.
وَأَضَـافَ قاليباف: “مسؤوليتنا هو الصراخ بصوتٍ عالٍ وإيصال صوت مظلومية الفلسطينيين إلى أسماع العالم”، مشدّداً: “إن لم يمنع العالم الإسلامي تحقيق المؤامرة الأميركية الخطيرة سيتخذون الخطوة التالية لتفكيكه”، مؤكّـداً على أن “صفقة القرن فشلت والشعوب واعية ومتيقظة ولن تسمح للصهاينة بالسيطرة على المنطقة”.
من جهته، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية: “ليس غريباً على الجمهورية الإسلامية استضافةُ هكذا مؤتمرات للتأكيد على قضية فلسطين الجامعة”.
وَأَضَـافَ هنية أن “صفقة القرن تستهدفُ ركائزَ القضية الفلسطينية وتبعت الصفقة خطة الضم تلاها التطبيع، وأمام هذا الخطر الداهم يجب أن نتوافق على خطة استراتيجية متكاملة، ويجب تفعيلُ خيار المقاومة؛ لأَنَّها كفيلة بطرد المحتلّين وقد جربناه في غزة وفي تحرير أسرانا”.
وأكّـد أن “المقاومة مستمرة والسلاح موجود والإرادَة والشعب المحتضِن لها، ولا بد من بناء كتلة صلبة تتوافق على خيار الانتفاضة ودعم صمود الشعب واستمرار المقاومة”.
ولفت إلى أنه “يجبُ الانفتاحُ على كُـلّ أحرار العالم الذين يرفضون الاحتلالَ والعربدة الأميركية”، معتبرًا أن “العالم ضجَّ من الاحتلال الذي لم يعد بإمْكَانه تسويقُ روايتِه لدى دول العالم”.
بدوره، قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة: إن “الكيان الصهيوني لم يستطع فرضَ شروطه، والمقاومةُ الفلسطينيةُ فرضت معادلة جديدة عبر صمودها في قطاع غزة، والشعب الفلسطيني لن يستسلم للقادة المهزومين الذين يطلقون الشعارات الفارغة”.
وَأَضَـافَ النخالة: “يجب أن يكون لدينا برنامجٌ واضحٌ لمواجهة أية صفقات تريد القضاء على حقوق الشعب الفلسطيني، ونحن في المقاومة الفلسطينية نسعى لإبقاء الراية مرفوعة حتى تحرير القدس المحتلّة”.
وعلى صعيد متصل، أكّـد رئيس مجلس الشعب السوري، حمودة الصبّاغ، الوقوفَ إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يواجه منذ عقودٍ التحديات التي فرضها وعد بلفور المشؤوم.
وقال الصبّاغ: إن “المقاومة حق والقدس هي جوهرة هذا الحق، وجبهةُ المقاومة تؤكّـد على تحرير كامل الأراضي الفلسطينية من البحر إلى النهر”.
وأشَارَ إلى أن “ما تتعرض له سوريا من حصار سببُه الرئيسي رفضُها التخلي عن دعم فلسطين، وموضع فلسطين في سياسة سوريا كموضع الجولان، والقضية الفلسطينية كانت ولا زالت القضيةَ المحورية بالنسبة لسوريا”.
وَأَضَـافَ الصبّاغ أن “تضامُنَنا مع الشعب الفلسطيني لا مِنّةَ فيه ولا تراجُعَ عنه، ومعركتُنا معه واحدةٌ والتصدي يجب أن يكون واحداً”، مؤكداً أن “سوريا في خندق مشترك مع إيران، فعدوُّنا مشترك ومصيرنا مشترك ونصرنا مشترك، وشعوبنا تؤكّـد دائماً أن ثمنَ المقاومة مهما كلّف من تضحيات هو أكثرُ جدوى مهما قست الظروف”.
من جهته، قال رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب: إن تركيا “لن تعترفَ بخارطة الطريق غير العادلة التي يراد فرضها على الفلسطينيين والمسلمين، وما يمارس اليوم ضد الشعب الفلسطيني هو أبشعُ الجرائم وعلى المجتمع الدولي احترام مواقفه”.
وَأَضَـافَ شنطوب أن “المجتمعَ الدولي ضَلَّ طريقَه في ما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية”، مؤكّـداً “مواصلة تركيا دعمَها لاستقلال الدولة الفلسطينية ووقوفها بكامل إمْكَانياتها إلى جانب الشعب الفلسطيني”.
ومن لبنان، قال رئيسُ مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، في كلمة له خلال المؤتمر: إن: “غزة هي وجه القدس وكل فلسطين والزمان فيها يجعل الأطفال رجالاً في أول مواجهة مع العدو”.
وَأَضَـافَ بري أن “لبنان يرزح تحت حصار غير معلَن من جراء التزامه بثوابته والمقاومة وحقوقه السيادية”، مؤكّـداً رفض لبنان “أية محاولة لفرض التوطين تحت أي عنوان من العناوين”، إلى ذلك حذّر “من خطورة وتدهور الوضع الصحي على نحو خطير في قطاع غزة والذي يفاقمه الحصار الجائر”.
ومن العراق، أكّـد نائب رئيس البرلمان العراقي، بشير حداد “رفض القرار الأمريكي اعتبار القدس عاصمةً للكيان الإسرائيلي”.
وقال: إن “القدس الشريف هو المفتاح للسلام في المنطقة، ونحتاج اليوم إلى إجراءات عملية وواقعية لمساندة الشعب الفلسطيني والتصدي لمحاولة تهويد القدس”.
وَأَضَـافَ حداد أن “العراق يستنكر أعمال العنف والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال في غزة وغيرها”.
رئيسة البرلمان الإندونيسي، بوان مهاراني، قالت بدورها بأن بلدها “ستواصل دعم القضية الفلسطينية حتى حصول الفلسطينيين على دولتهم المستقلة وحقوقهم المشروعة”.
وتابع رئيس البرلمان البوليفي قوله: إن “من ارتكب جرائم ضد الفلسطينيين يجب أن يحاكم”.
لا شك أن العلاقاتِ الوثيقةَ التي تربط بين الجمهورية الإسلامية وحركات المقاومة ورفضها لما يسمى عملية السلام وصفقة القرن وتطبيع العلاقات، تجعلها عرضة للمكائد التي تحيكها واشنطن وتل أبيب، وذلك إذَا ما تم تناولها في سياق تاريخ الدسائس التخريبية للولايات المتحدة لأميركية في إيران، والشواهد على ذلك لا يمكن حصرها في هذه المساحة، إلاّ أنها جاءت تنفيذاً للمخطّطات الصهيو أمريكية.
ولا يشكّل التزام إيران بالقضية الفلسطينية تهديداً لاستقرارها السياسي فحسب، وإنما يعرّض مصالحها الاستراتيجية للخطر، فعلى الرغم من تركيز الولايات المتحدة على برنامج إيران النووي، ومحاولاتها العقيمة لتوجيه الضربات المتكرّرة إليها؛ بهَدفِ إخضاعها بواسطة العقوبات، إلا أنه لولا دعم طهران لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان، فَـإنَّه يرجّح أن تغضّ واشنطن الطرف عن برنامج تسليح نووي إيراني، بل إنها قد تساهم في أحد هذه البرامج كما تفعل مع حلفائها، (ألمانيا وبلجيكا وكندا واليونان وايطاليا وهولندا وتركيا) ضمن إطار سياسة التبادل في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ما يخص الأسلحة النووية.
ويظهَرُ هذا الاستنتاج جليًّا لدى إصرار إدارة الرئيس ترامب المنتهية ولايته المستمر على الربط بين البرنامج الإيراني المزعوم لأسلحة الدمار الشامل من جهة، وتحالف إيران مع حركات المقاومة العربية الفلسطينية، وهو التوجّـه الذي لا تزال إيران تواصل المضي فيه وجاء احتضانها لمؤتمر البرلمانات الداعمة لفلسطين، لتقول لإدارة الرئيس الجديد بايدن: “سنظل على العهد لفلسطين، شاء من شاء وأبى من أبى”.